يواجه مشروع قانون «الإيجار القديم»، المقترح من الحكومة المصرية، معارضة واسعة داخل مجلس النواب المصري، ومطالبات بضرورة إعادة النظر في مواد رئيسية بالمشروع، الذي قدمته الحكومة استجابةً لحكم دستوري ألزمها بتعديل القانون المعمول به حالياً قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي للبرلمان.
ويعد مشروع قانون الإيجار القديم من المشروعات الخلافية التي ترتبط بمصير نحو 6 ملايين مواطن يشغلون وحدات سكنية مؤجرة منذ عشرات السنين بمبالغ زهيدة، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حكماً بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية للأماكن المرخص بإقامتها لأغراض السكن، وعدّته «عدواناً على حق الملكية».
وبموجب مشروع القانون المقترح، ترتفع القيمة الإيجارية عن المتفق عليها عند التعاقد عشرين ضعفاً، بحد أدنى ألف جنيه للمدن وخمسمائة جنيه للقرى (يعادل الدولار الأميركي الواحد 50.67 جنيهاً مصرياً).
ورفض حزب الأغلبية البرلمانية «مستقبل وطن»، عدداً من نصوص مشروع القانون من بينها المتعلقة بالقيمة الإيجارية، وقال المستشار عصام هلال عضو مجلس الشيوخ والأمين العام المساعد للحزب، إن الحزب يعترض على عدم وجود معايير لزيادة الأجرة والمساواة بين السكان بفئاتهم المختلفة.
وطالب هلال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بضرورة «وجود شرائح ومعايير لرفع الإيجار، تتعلق بالبعد الزمني المرتبط بوقت تحرير العقد، والبعد المكاني»، مضيفاً: «لا يمكن المساواة في نسب الزيادة بين المناطق الراقية والشعبية، أو بين المستأجرين منذ الستينات وغيرهم في التسعينات».
وحذر نواب مشاركون في اجتماعات لجنة برلمانية لدراسة المشروع، من الأثر الاجتماعي للتعديلات المقترحة على المواطنين، منتقدين عدم وجود خطة واضحة من الحكومة بشأن تسكين غير القادرين بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي حددها المشروع بخمس سنوات تنتهي بعدها العلاقة الإيجارية.
وتضع المادة الخامسة من مشروع القانون فترة انتقالية لا تزيد على خمس سنوات تنتهي بعدها العلاقة الإيجارية، وهو بند تحفَّظ عليه النائب إيهاب الطماوي، عضو مجلس النواب عن «مستقبل وطن»، ووكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، قائلاً خلال اجتماعات اللجنة «إن «النقطتين الأكثر إثارةً للغضب في الشارع تتعلقان بزيادة الإيجار وإنهاء العلاقة الإيجارية، وهو ما يتطلب التعامل معه بحذر شديد، ومراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي للأسر المتضررة».
ويعترض على مشروع القانون كذلك نواب من أحزاب المعارضة على رأسهم (التجمع، والمصري الديمقراطي، والعدل)، بخلاف اعتراضات من أعضاء بحزب «حماة الوطن» و«الشعب الجمهوري».
وقدم النائب عبد المنعم إمام، رئيس «حزب العدل»، رؤية للتعديل تربط زيادة القيمة الإيجارية بقيمة معاش «تكافل وكرامة» الذي تصرفه الدولة لغير القادرين، وتبلغ قيمته خمسمائة جنيه. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الدولة ارتضت أن يكون هذا المعاش الذي تقدمه للناس، وتراه مناسباً للعيش بكرامة، وبالتالي يجب ألا يزيد الحد الأدنى للقيمة الإيجارية عليه».
ورفض إمام أي نص يُنهي العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر بعد فترة محددة، وقال: «يجب التشجيع على التفاوض، مع التوسع في برامج التمويل العقاري والتأجير التمويلي وتسهيل ضوابطهما لتقديم خيارات أخرى للمستأجرين».
وتمنح المادة السابعة المستأجرين الذين تنتهي عقودهم بعد خمس سنوات، أولوية في الحصول على الوحدات السكنية المتاحة لدى الدولة وفقاً للقواعد والشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من رئيس الوزراء، لكن البعض يرى أن أسعارها لا تناسب جميع الفئات المتوقع تضررها.
وطالبت النائبة ضحى عاصي، عن «حزب التجمع» بضرورة إلغاء المادة التي تُنهي العلاقة الإيجارية بعد خمس سنوات، مضيفةً لـ«الشرق الأوسط»: «على الأقل زيادة الفترة بحيث ينتهي العقد بعد عشرين عاماً من صدور القانون».
وبشأن سيناريوهات مشروع القانون بعد تحفظ «حزب الأغلبية»؛ قال هلال: «إما أن يقدم الحزب تعديلات على المشروع المقدم من الحكومة، وإما أن تسحب الحكومة مشروعها وتعدله وتعيد تقديمه للبرلمان مرة أخرى». وأوضح أن الأمانات المتخصصة في الحزب بدأت مناقشات بشأن مشروع القانون لمحاولة الوصول إلى تصورات تحقق التوازن في العلاقة الإيجارية.
وأبدت الحكومة المصرية انفتاحها على إدخال تعديلات على مشروع القانون. وقال وزير الشؤون النيابية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي، خلال إحدى جلسات الحوار مع اللجنة البرلمانية: «هذا اجتهاد الحكومة»، منبهاً إلى أن المجلس في النهاية «سيد قراره»، داعياً النواب لطرح أفكارهم لحل الأزمة.
ومن المقرر أن تستكمل اللجنة البرلمانية المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق وهيئة مكتب لجنة الإدارة المحلية، وهيئة مكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، جلسات الحوار المجتمعي بشأن مشروع القانون الأسبوع المقبل.
وقال رئيس لجنة الإسكان والمرافق النائب محمد عطية الفيومي، إن اللجنة «ستستضيف الأحد المقبل، المستأجرين للاستماع إليهم، وتستقبل الملاك يوم الاثنين لمعرفة رأيهم»، مؤكداً العمل على استكمال الحوار لتكوين رؤية تؤدي إلى الوصول إلى قانون متوازن.
ونفى الفيومي سحب الحكومة مشروع القانون، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «يمكن العمل على تعديل المشروع، لكن في النهاية هناك إلزامية لصدوره بموجب حكم المحكمة الدستورية».







