أعلن الجيش الباكستاني، الاثنين، إجراء تجربة صاروخية هي الثانية منذ تصاعد التوترات مع الهند على خلفية هجوم كشمير الذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً في أبريل (نيسان) الماضي.
وأكد الجيش الباكستاني في بيان أنّ إطلاق الصاروخ «كان يهدف إلى ضمان الجاهزية العملياتية للقوات، والتحقّق من صحة المعايير الفنية الرئيسية، بما في ذلك نظام الملاحة المتقدّم للصاروخ والدقة المحسّنة»، مضيفاً أنّ الصاروخ أرض - أرض يبلغ مداه 120 كيلومتراً.
وكان الجيش الباكستاني قد أعلن، السبت، أنّه أجرى اختباراً لصاروخ أرض - أرض يصل مداه إلى 450 كيلومتراً. ولم يُحدّد المكان الذي جرى فيه الاختباران.

«أيادٍ قوية»
قال رئيس الحكومة شهباز شريف في بيان إنّ «التدريب الناجح على إطلاق الصاروخ يظهر بوضوح أنّ الدفاع الباكستاني في أيادٍ قوية»، مضيفاً أنّه راضٍ عن «الجاهزية التامة للجيش للدفاع الوطني».
وجاء ذلك بينما أجّل شريف زيارته الرسمية التي كانت مقرّرة، الجمعة، إلى ماليزيا، وفق ما أفاد به رئيس الحكومة الماليزية أنور إبراهيم، الاثنين.
وتحمّل نيودلهي إسلام آباد المسؤولية عن الهجوم الذي وقع في الشطر الهندي من كشمير وأسفر عن مقتل 26 مدنياً؛ ما أدى إلى التصعيد، وأثار مخاوف من مواجهة جديدة بين الدولتين النوويتين المجاورتين.
وأعطى رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي الجيش «حرية التحرّك» للرد على هذا الهجوم الذي نفت باكستان ضلوعها فيه، داعية إلى إجراء تحقيق مستقل بشأنه. وبعد أن حذرت من ضربة جوية هندية وشيكة، أكدت أنها سترد بقوة على أي عدوان.
وساطات دولية
تصاعدت الضغوط الدولية على نيودلهي وإسلام آباد لتخفيف حدّة التوتر بينهما، خصوصاً أنّهما خاضتا عدّة حروب بشأن منطقة كشمير المتنازع عليها.
في هذه الأثناء، قال الكرملين في بيان، الاثنين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ركز خلالها الطرفان على أهمية تطوير التعاون وتعزيز علاقات «الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين.
وبدا أن المكالمة التي جاءت بعد اتصالات على المستوى الوزاري، هدفت إلى فحص مجالات التدخل الروسي للوساطة ومحاولة تخفيف التوتر بين نيودلهي وإسلام آباد، وقال الكرملين إن اتصالات مماثلة سوف تتواصل، مع الطرفين الهندي والباكستاني. وأفاد الكرملين في بيان بأن الزعيمين استعرضا ملفات العلاقة الثنائية والوضع الإقليمي والدولي، وأشارا خلال المكالمة إلى «الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين».
وأكد بوتين ومودي، وفقاً للبيان، الحرص المشترك على تطوير «الشراكة المميزة وذات الأولوية الخاصة» للطرفين. وشددا على أن «العلاقات الثنائية بعيدة عن أي تأثير خارجي، وتتطور باستمرار في جميع الاتجاهات». ونقل بوتين خلال المكالمة تعازي الشعب الروسي للهند في ضحايا الهجوم الإرهابي في كشمير، وأكد الزعيمان خلال المكالمة تطابُق وجهات نظرهما حول «ضرورة مكافحة الإرهاب بكل أشكاله بلا هوادة». وأشاد مودي بدوره، بعمق العلاقات، ووجَّه «التهاني لبوتين والشعب الروسي بأكمله بمناسبة الذكرى الثمانين المقبلة للنصر» على النازية. وهو العيد الذي تحتفل به روسيا خلال أيام، وكان من المنتظر أن يشارك في العرض العسكري التقليدي الكبير المقام في الساحة الحمراء بهذه المناسبة وزير الدفاع الهندي، لكنه ألغى زيارته لموسكو بسبب التوتر مع باكستان. وبات معلوماً، الاثنين، رغم ذلك أن مبعوثاً هندياً رفيعاً سينوب عن القيادة الهندية في هذه المناسبة.
وتحدثت تقارير إعلامية في اليومين الأخيرين عن احتمال تدخل روسيا للوساطة بين الطرفين، ورأت تعليقات أن «موسكو هي الطرف الوحيد القادر بالتعاون مع الشركاء في مجموعة (بريكس) على لعب دور لتخفيف التوتر بين البلدين».
وبدا أن الطرفين الهندي والباكستاني يرحبان بدور روسي محتمل، إذ كان وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف قال لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية إن «موسكو قد تشارك في التحقيق في الهجوم الإرهابي». ودعا خواجة آصف، خلال المقابلة مع «نوفوستي» نيودلهي إلى الاستجابة لمقترح رئيس وزراء البلاد شهباز شريف بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الهجوم الإرهابي في كشمير، مشدداً على أن دولاً أخرى مثل روسيا والصين أو بعض الدول الغربية يمكن أن تساعد في حل الأزمة بين باكستان والهند من خلال إنشاء فريق تحقيقي يعمل على تحديد هوية الجناة في الأحداث الأخيرة.

في سياق متصل، وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى إسلام آباد، لإجراء محادثات مع رئيس الحكومة قبل أن يتوجّه إلى نيودلهي في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وعراقجي أول دبلوماسي أجنبي كبير يزور البلدَين، بعدما عرضت إيران التوسّط بينهما. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي: «لا نريد أن تتصاعد التوترات في هذه المنطقة، ولن ندّخر جهداً للمساعدة في تهدئة الأوضاع بين البلدَين».
وكان نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس قد دعا الهند إلى الرد على الهجوم «بطريقة لا تؤدي إلى نزاع إقليمي أوسع».
كذلك، حثّ باكستان في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» على «ملاحقة الإرهابيين الذي يعملون أحياناً على أراضيها، والتعامل معهم». ولم تعلن أي مجموعة مسؤوليتها عن الهجوم الأخير، غير أنّ كشمير تشهد حركة تمرّد منذ عام 1989. وقال وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار للصحافيين خلال زيارة إلى الشطر الذي تديره بلاده من كشمير، الاثنين، إنّ «باكستان تعرض قضيّتها على الدول الصديقة».
