قرار نزع سلاح «حزب الله» يربك بيئته: من قوة «منتصرة» إلى نقمة

خوف من غياب المساعدات وتمويل الإعمار

TT

قرار نزع سلاح «حزب الله» يربك بيئته: من قوة «منتصرة» إلى نقمة

مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتلين ببلدة الطيبة جنوب لبنان يوم 6 أبريل (أ.ف.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتلين ببلدة الطيبة جنوب لبنان يوم 6 أبريل (أ.ف.ب)

بعد مرحلة طويلة من الإحباط والإرباك اللذين سيطرا على بيئة «حزب الله»، وبالتحديد منذ اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله في سبتمبر (أيلول) الماضي، أعاد الخطاب الجديد لقيادة الحزب مؤخراً بثّ بعض النبض في أوساط مناصريه ومؤيديه.

فقد خرج مسؤولو الحزب في الأيام الماضية بحملة مكثفة لإعلان رفض تسليم السلاح أو حتى مجرد الحوار والنقاش بالاستراتيجية الدفاعية قبل تحقق عدد من الشروط، أبرزها الانسحاب الإسرائيلي من النقاط اللبنانية المحتلة، وإعادة الإعمار. وتم ربط هذا الخطاب الجديد بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، وسعي طهران إلى قبض ثمن تسليم سلاح «حزب الله».

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (رويترز)

وقبل ذلك، كانت بيئة الحزب تشعر بأن قرار نزع السلاح قد اتخذ، وأن التنفيذ قد يحصل خلال أسابيع أو أشهر معدودة، على أساس أن قيادة الحزب كانت تعتمد خطاباً هادئاً أوحى بأنها ستكون متجاوبة ومتعاونة مع تسليم السلاح شمال الليطاني تماماً كما يحصل جنوب النهر.

وتجنّد مناصرو الحزب، بعد إطلالة أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الأسبوع الماضي، على وسائل التواصل الاجتماعي ليرفعوا عناوين مثل «لن نسلّم سلاحنا»، و«نحن سلاح المقاومة»، ما بدا أنه خطاب في إطار خطة لاستنهاض بيئة الحزب عشية الانتخابات البلدية التي يتجند لها «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) للتوصل إلى التزكية، وتجنب المعارك في المناطق الخاضعة لسيطرته.

ويبدو واضحاً أن بيئة الحزب تعيش حالة من الضياع في مقاربة مسألة السلاح. فهي وإن كانت تؤكد بالعلن تمسكها به، إلا أنها تتفق في مجالسها المغلقة على أن هذا السلاح لم يحمها، بل أدى إلى دمار القرى ومقتل معظم القادة. إضافة إلى ذلك، تدرك هذه البيئة تماماً أنه لا إمكانيات لدى الحزب لإعادة إعمار آلاف المنازل المدمرة، وأن المساعدات الدولية مشروطة بتسليم السلاح.

بيئة منكوبة... ولكن

وفي السياق تعد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس في الجامعة اللبنانية في بيروت منى فياض أن «بيئة الحزب منزعجة ضمنياً، وتدرك أن كل ما تقوم به القيادة لا يخدمها بشيء»، مشيرة إلى «أن هناك اعتراضات واسعة على أداء طهران حتى قبل انتهاء الحرب».

لكن ما يمنع هذه البيئة من التخلي عن الحزب، بحسب فياض، عوامل كثيرة، أبرزها الشك في قدرة الدولة على تقديم المساعدات، والتعويل على إمكانية أن ينجح الحزب بطريقة أو بأخرى في إدخال أموال آتية من طهران.

وتقول فياض لـ«الشرق الأوسط»: «في النظام السياسي القائم على الطائفية في لبنان تشعر المجموعات المختلفة بالأمان بالانتماء السياسي - الطائفي وهو ما ينسحب بشكل أساسي على بيئة (حزب الله)».

ويصف الكاتب السياسي ورئيس تحرير موقع «جنوبية» علي الأمين بيئة «حزب الله» بـ«البيئة المنكوبة»، لافتاً إلى أنها «تشعر بأن سلاح (حزب الله) لم يوفر لها الأمان أو الاستقرار، وبالتالي فإن النظرة للسلاح بوصفه حامياً من إسرائيل تغيّرت لدى فئة واسعة، فيما الذين يرتبط عيشهم ورزقهم بالحزب هم غير معنيين بهذا التحول ويلتزمون بتوجيهات الحزب وأوامره».

ويقول الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «بيئة (حزب الله) عموماً تعيش صدمة مستمرة. فالصورة التي رسخها الحزب في وعيها أنه القوة المنتصرة دائماً، وأن نصر الله قائد لا يهزم... هذه الصورة سقطت وانهارت وبدت أنها وهم بعدما تبين أن إسرائيل اخترقت بنية الحزب، وتعرف أكثر مما تعرف البيئة عن الحزب، ونجحت في قتل النخبة القيادية فيه».

لبنانيون يتحدرون من بلدة ميس الجبل يحملون أعلام «حزب الله» بعدما منعهم الجيش الإسرائيلي العودة لبلدتهم بجنوب لبنان في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

ويرى الأمين أن «هذه البيئة تشعر اليوم بما يشبه اليتم بعد النكبة التي سببتها الحرب الأخيرة، خصوصاً مع كل الاغتيالات المستمرة من قبل إسرائيل من دون أي رد من الحزب»، مضيفاً: «لذا باعتقادي أن عصب السلاح في البيئة ارتخى وإلى مزيد من الارتخاء ويفقد كل المسوغات التي بررته في السابق»، عادّاً أن «البيئة تريد وقف الحرب وتريد الاستقرار، مدركة أن إمكانية الاستقرار وإعادة بناء ما دمرته الحرب تكمن في العودة إلى الدولة وتسلم الجيش مسؤولية الدفاع والحماية».

مستقبل السلاح واستراتيجية الدفاع

في المقابل، لا ينفي الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير المطلع عن كثب على مواقف «حزب الله» أن «هناك اتصالات بدأت من أجل بحث الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية ومستقبل السلاح». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «يوافق على الحوار الوطني من أجل وضع استراتيجية دفاعية، ولكنه لا يتحدث عن نزع السلاح. فحالياً لا يمكن الحديث عن نزع السلاح في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي».

ويشير قصير إلى أن الحزب «يقدم قراءة جديدة لدوره ومواقفه بعد الحرب الأخيرة وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ونحن لا شك اليوم أمام رؤية جديدة للحزب، لكن مستقبل السلاح مرتبط بالاحتلال الإسرائيلي، وبالحوار الوطني».

يأتي ذلك في وقت لا تزال مواقف كل من رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام متمسكة بقرار نزع سلاح «حزب الله»، وهو ما أكد عليه عون قبل أيام بالقول إنه «مقتنع تماماً بأن اللبنانيين لا يريدون الحرب، ولذلك نؤكد ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية فقط». وأضاف: «اتخذنا قرار حصر السلاح في خطاب القسم وسننفّذه، ولكن ننتظر الظروف لتحديد كيفية التنفيذ».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)

أعلن الجيش اللبناني، اليوم (السبت)، القبض على 6 أشخاص اعتدوا على دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بطريق الطيري-بنت جبيل جنوب البلاد.

وذكر الجيش، في بيان منشور على منصة «إكس»، أن الاعتداء على قوة «اليونيفيل» تسبب في أضرار بآلية «اليونيفيل»، من دون وقوع إصابات بين أفرادها.

وشدد الجيش على خطورة أي اعتداء على «اليونيفيل»، مؤكداً عدم التهاون في ملاحقة المتورطين.

كما أكد على دور «اليونيفيل» الأساسي في منطقة جنوب الليطاني، والتنسيق الوثيق بينها وبين الجيش، ومساهمتها الفاعلة في إعادة الاستقرار.

وكانت «اليونيفيل» أعلنت أمس في بيان أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرضت لإطلاق نار، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية تجاه الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».


قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت)، في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

وأضاف التلفزيون أن القوات الإسرائيلية دخلت سرايا عسكرية سابقة في محيط بيت جن، وفجرت ذخائر قديمة.

كما توغلت القوات الإسرائيلية مجدداً اليوم (السبت)، في منطقة الكروم الغربية بمحيط بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «قوة للاحتلال مؤلفة من 3 دبابات و5 آليات توغلت في التقاطع المعروف باسم مفرق باب السد وسرية الدبابات، على الطريق الواصل بين مزرعة بيت جن بريف دمشق، وكل من قرى حضر وجباثا الخشب وطرنجة بريف القنيطرة».

وأشارت إلى أن «قوات الاحتلال أطلقت النار في الهواء بشكل متقطع، بهدف ترهيب رعاة المواشي وإبعادهم عن محيط المنطقة، كما أقامت حاجزاً في الموقع ومنعت المارة من العبور».

ولفتت الوكالة إلى أن «قوات الاحتلال شنت مؤخراً عدواناً على بلدة بيت جن، ما أدى إلى استشهاد 13 مدنياً وإصابة العشرات، بينما توغلت قوات الاحتلال أمس، في بلدات صيدا الحانوت وبئر عجم وبريقة بريف القنيطرة الجنوبي».

وطبقاً للوكالة، «تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها لاتفاق فض الاشتباك عام 1974، عبر التوغل في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين»، مشيرة إلى أن «سوريا تطالب باستمرار بخروج الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات الاحتلال العدوانية».


سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
TT

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)

التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الرئيس السوري أحمد الشرع، في مستهل «منتدى الدوحة»، اليوم (السبت).

وبحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة، فإنه خلال اللقاء تم التركيز على سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويأتي لقاء سلام مع الشرع ضمن جهود دبلوماسية متواصلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويُعد «منتدى الدوحة» منصة إقليمية مهمة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية، حيث يشارك فيه مسؤولون كبار لمناقشة آليات التعاون المشترك وتعزيز الروابط بين الدول العربية.