كابوس زلزال الـ13 ثانية يخيم «نفسياً» على سكان إسطنبول وقلق من المقبل

266 هزة ارتدادية... وآلاف فضلوا البقاء خارج منازلهم على مدى يومين

كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)
كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)
TT

كابوس زلزال الـ13 ثانية يخيم «نفسياً» على سكان إسطنبول وقلق من المقبل

كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)
كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)

لا يزال آلاف من سكان إسطنبول يعيشون حالة الرعب من كابوس الـ13 ثانية للزلزال القوي الذي ضرب المدينة الكبرى في البلاد، وبلغت شدته 6.2 على مقياس ريختر. واختار آلاف الناس قضاء الليل بالحدائق العامة أو أماكن خصصتها السلطات لاستيعاب من لا يرغبون في العودة إلى منازلهم التي فروا منها بعد الزلزال الذي ضرب إسطنبول، الأربعاء. وفضَّل من يخشون انهيار منازلهم، بسبب قِدَمها، أو من يعيشون الهلع النفسي والذكريات الأليمة للزلازل السابقة في تركيا الاستمرار بالشوارع والحدائق، الخميس، لليوم الثاني، متمسكين بفكرة الانتظار لمدة 48 ساعة بعد وقوع الزلزال.

خسائر طفيفة وتحذيرات

قال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إنه تمت تلبية طلبات المأوى لـ101 ألف مواطن في إسطنبول، 51 ألفاً منهم في المساجد، و50 ألفاً في المدارس والمهاجع والمرافق الاجتماعية.

وزراء الداخلية والبيئة والصحة الأتراك خلال مؤتمر صحافي حول زلزال إسطنبول (الداخلية التركية - إكس)

وأضاف يرلي كايا، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيري البيئة والتحضر وتغير المناخ مراد كوروم، والصحة كمال ميميش أوغلو عقب اجتماع للتقييم في مركز الأزمات بمديرية الكوارث والطوارئ (آفاد) في إسطنبول، أن 266 هزة ارتدادية وقعت بعد زلزال إسطنبول الذي بلغت قوته 6.2 درجة، والذي شعر به سكان إسطنبول بشكل أساسي، بالإضافة إلى ولايات تكيرداغ ويالوفا وبورصة وسكاريا وباليكسير.

ولفت إلى أن أكبر هذه الهزات بلعت شدتها 5.9 درجة، وأن عدد الهزات الارتدادية التي بلغت شدتها 4 درجات فما فوق، بلغ 9 هزات، مضيفاً أن مركز الطوارئ (112) تلقى 16 ألفاً و712 مكالمة، منها 995 طلباً للمساعدة الطارئة المتعلقة بالزلزال، وبحسب المسوحات الميدانية والتقارير التي تلقاها المركز، لم تكن هناك خسائر في الأرواح أو إصابات بين المواطنين بسبب الزلزال.

بعض العائلات فضلت البقاء في الحدائق العامة خوفاً من الذهاب إلى المنازل بعد زلزال إسطنبول (أ.ب)

وطالب المواطنين بعدم دخول المباني التي تعد خطرة، والإبلاغ عن المنازل التي تظهر بها أي تصدعات، وعدم التخلي عن الاحتياطات ضد الهزات الارتدادية المحتملة، والاعتماد على تصريحات المؤسسات الرسمية وليس ما ينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من القنوات.

وبدوره، قال وزير البيئة والتحضر والتغير المناخي، مراد كوروم، إن وزارته تلقت إخطارات بشأن 1399 مبنى، معظمها في إسطنبول، وتجري الفرق فحوصاً سريعة لها.

وأضاف: «حتى الآن، تضررت 7 مبانٍ بشكل طفيف، وباستثناء ذلك، لا توجد أي أضرار أخرى، سواء كانت متوسطة أو شديدة، وانهار مبنى مهجور في حي الفاتح، وتم الانتهاء من أعمال إزالة أنقاضه»، مشيراً إلى استمرار العمل الميداني في 963 حياً في 39 منطقة بإسطنبول».

وذكر كوروم أنه تم الانتهاء من مسح مساكن طلاب الجامعات بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، ولم يتم رصد أي أضرار، كما يجري مسح جميع المستشفيات بالتعاون مع وزارة الصحة، وتتم مشاركة النتائج بشفافية مع الجمهور.

واقع زلزالي

ولفت كوروم إلى أن زلزال الأربعاء أثبت مجدداً أن أكبر حقيقة في تركيا، خصوصاً في إسطنبول، هي الزلازل، وأن 66 في المائة من مساحة البلاد و70 في المائة من سكانها موجودون في مناطق زلزالية.

وقال وزير الصحة، كمال ميميش أوغلو، إن هناك 60 مصاباً يتلقون العلاج حالياً في قسم الطوارئ، 55 منهم في إسطنبول، والباقي في سكاريا ويالوفا، وتكيرداغ، وقد أصيبوا جراء القفز من المنازل وقت الزلزال، وجميعهم بحالة جيدة». وحث ميميش أوغلو المواطنين على التصرف بوعي في فترة وقوع الزلزال.

بعض سكان إسطنبول يفضلون الاستمرار في الحدائق لليوم الثاني على التوالي خوفاً من تكرار الزلزال (أ.ب)

وعولج 236 شخصاً على الأقل من الإصابات التي تعرضوا لها أثناء محاولتهم القفز من المباني، أو بسبب نوبات الذعر، ومعظمهم في إسطنبول؛ حيث يعاني السكان من توتر شديد؛ نظراً لأن المدينة تعد معرَّضة لخطر كبير بحدوث زلزال كبير، يجري التحذير منه منذ أكثر عقد كامل. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أكد عقب اجتماع في مركز الطوارئ في إسطنبول، ليل الأربعاء - الخميس، أنه لا يوجد ما يقلق بشأن زلزال إسطنبول، لافتاً إلى أن عمليات المسح لم تُظهر أي وضع مقلق في المدن التي شعرت بالزلزال، ولا وجود لأي خسائر في الأرواح.

إردوغان خلال اجتماع لتقييم زلزال إسطنبول ليل الأربعاء (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان عقب الاجتماع الذي حضره وزراء الداخلية والبيئة والصحة والرياضة ومسؤولون من «آفاد» وولاية إسطنبول: «فليطمئن مواطنونا، نحن كدولة سنظل على أهبة الاستعداد على مدار الساعة طوال الأسبوع بكامل وحداتنا». وفي الوقت نفسه، عَدَّ خبير الزلازل الهولندي المشهور، فرانك هوغربيتس، الهزات الارتدادية لزلزال إسطنبول مقدمة لحدث أكبر، وقال عبر حسابه في «إكس»: «من المحتمل حدوث هزات ارتدادية، وربما تكون أيضاً بمثابة مقدمة لحدث أكبر، كن على أهبة الاستعداد تحسباً لأي طارئ».

وفجَّر زلزال إسطنبول تساؤلات حول وضع سوق العقارات في المدينة التي يقطنها 16 مليون شخص، وتشير بيانات هيئة التنظيم والرقابة المصرفية إلى أن رصيد قروض الإسكان في تركيا بلغ 551.7 مليار ليرة حتى منتصف أبريل (نيسان) الحالي، بزيادة بلغت 24.25 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وهي أعلى زيادة تُسجَّل على الإطلاق. ورغم أن بعض الانخفاضات الطفيفة في معدلات الفائدة أسهمت في تنشيط مبيعات المنازل بالقروض، فإنّ التضخم البالغ 39.1 في المائة جعل من قيمة هذه القروض أقلّ فاعلية، حيث لا يعوض هذا النمو في القروض التآكل في القوة الشرائية للمواطن

سجال سياسي

لم يغب السجال وحالة الاستقطاب السياسي في تركيا والتوتر الذي أعقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، عن مواجهة كابوس زلزال الـ13 ثانية، وفي تصريح حول الزلزال، استهدف رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي الشريك الأساسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، إمام أوغلو، بشكل ضمني، قائلاً: «للأسف، فإن السنوات الأخيرة من حياة إسطنبول كانت ضائعة، إن من أهمل واجباته بوصفه رئيساً لبلدية المدينة مع الجدل السياسي اليومي وهدف الثروة والربح، سلَّم إسطنبول عمداً إلى دوامة المخاطر والتهديد والخط، لدينا الوقت، لكنه يتناقص يوماً بعد يوم. يجب أن يتم تحقيق التحول الحضري بسرعة. إن الوعي العام بشأن الاستعداد للزلازل له قيمة تاريخية». وأضاف: «هناك حاجة ماسَّة إلى التحرك بروح التعبئة للدفاع عن إسطنبول والحفاظ عليها. ومن الممكن التغلب على الكوارث المحتملة من خلال التضامن بين الدولة والأمة، وعلاوة على ذلك، من خلال تسليم إسطنبول إلى أيادٍ كفؤة ومستحقة، ويجب أن تكون الزلازل الآن البند الأول على جدول أعمال إسطنبول».

وبدوره، لفت إمام أوغلو، عبر حسابه في «إكس» الانتباه إلى الخسائر المالية التي نتجت عن اعتقاله في 19 مارس (آذار) الماضي واحتجازه في إطار تحقيقات فساد في بلدية إسطنبول، قائلاً: «إن التحقيقات أدت إلى خسائر اقتصادية كبيرة، وإن الضربة التي تعرضت لها إرادة الشعب صباح يوم 19 مارس كلفت الاقتصاد تريليونات الليرات».

وأضاف: «كان يمكن بهذه الميزانية الضخمة، تجديد ما يقرب من مليون مبنى، أو إنتاج الكمية نفسها على الأقل من المساكن الآمنة، لكن للأسف، فإن التقلبات التي حدثت نتيجة المؤامرة السياسية سوف تتوغل مع مرور الوقت في أسس الاقتصاد، وسوف يتباطأ النمو، وسوف يظل التضخم مرتفعاً، وستصبح الظروف المعيشية للأشخاص الذين يكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم أكثر صعوبة».


مقالات ذات صلة

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
آسيا جانب من الأضرار جراء زلزال ضرب إندونيسيا عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 6.6 درجة جزيرة صغيرة شمال غربي سومطرة في غرب إندونيسيا الخميس.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا منازل متضررة جراء الزلزال في دكا (رويترز)

زلزال في وسط بنغلاديش يوقع 9 قتلى على الأقل

ضرب زلزال بقوة 5.5 درجة، الجمعة، وسط بنغلاديش، موقعاً تسعة قتلى على الأقل وأكثر من 300 جريح، وفق حصيلة أعلنتها الحكومة.

«الشرق الأوسط» (دكا)
آسيا لم ترد على الفور أي معلومات عن وقوع خسائر محتملة أو أضرار ناجمة عن الزلزال (رويترز)

زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب قبالة سواحل اليابان

ضرب زلزال قوي بلغت شدته 5.6 درجات على مقياس ريختر البحر قبالة سواحل اليابان، بحسب ما سجله مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
آسيا أولاد واقفون بجوار حطام المنازل المتضررة في أعقاب زلزال وقع مؤخراً بمنطقة مرمول في ولاية بلخ بأفغانستان يوم 5 نوفمبر 2025 (رويترز)

الناجون من زلزال أفغانستان يواجهون البرد والمطر وسط الأنقاض

كان الناجون من الزلزال القوي في شمال أفغانستان، الذي أودى بحياة أكثر من 25 شخصاً وأصاب ما يقرب من 1000 آخرين، يحفرون الأنقاض في منازلهم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كابل (أفغانستان))

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».