واشنطن تشترط وقف إيران تخصيب اليورانيوم لإبرام اتفاق نووي

المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)
المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)
TT

واشنطن تشترط وقف إيران تخصيب اليورانيوم لإبرام اتفاق نووي

المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)
المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (رويترز)

طالب المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إيران بوقف تخصيب اليورانيوم قبيل جولة أخرى من المحادثات النووية، مشيراً إلى أن أي اتفاق نهائي لا بد أن يتوافق مع شروط الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأكّد ويتكوف، في منشور عبر منصة «إكس»، اليوم (الثلاثاء)، أن «أي اتفاق نهائي لا بد أن يضع إطاراً للسلام والاستقرار والرخاء في الشرق الأوسط، بما يعني أن إيران لا بد أن توقف برنامج تخصيب اليورانيوم والتسلح النووي وتتخلص منه».

وكان ويتكوف لمح أمس(الأثنين) إلى احتمال قبول إدارة ترمب ببرنامج مدني إيراني دون تفكيكه. وقال ، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إن أي اتفاق حول برنامج إيران النووي سيتوقف بشكل أساسي على التحقق من مستويات تخصيب اليورانيوم وقدرات التسلح النووي.

وأضاف ويتكوف، أن «الاتفاق المرتقب سيركّز على تعزيز آليات الرقابة والمراقبة، بدلاً من تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بشكل كامل»، من غير أن يدعو إلى تفكيكه بالكامل.

«الشيطان سيكمن في التفاصيل»

وأكد ويتكوف أن التحقق من قدرات «عسكرة» البرنامج النووي يُشكِّل نقطةً «أساسيةً» في المفاوضات مع إيران، مشيراً إلى أن «هذا يشمل الصواريخ... والصواعق (لتفجير) قنابل». وأضاف: «ليسوا بحاجة إلى التخصيب بأكثر من 3.67 في المائة»، وهي النسبة القصوى المسموح بها بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 2018.

ولفت ويتكوف إلى أنه «في بعض الحالات يصلون إلى 60 في المائة، وفي حالات أخرى 20 في المائة»، مضيفاً أن هذه النسبة تتعدى ما هو ضروري لبرنامج نووي مدني. وقال إن «الاجتماع الأول كان إيجابياً وبنّاءً ومقنعاً»، لكنه رأى أن «الشيطان سيكمن في التفاصيل».

وطالب عدد من النواب الجمهوريين ومسؤولين إسرائيليين بتفكيك البرنامج النووي، على غرار النموذج الليبي.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي، ضرورة منع إيران من حيازة أسلحة نووية، مشدداً على أن «أي اتفاق ينبغي أن يتبع النموذج الليبي»، الذي يتضمَّن تفكيكاً كاملاً للمنشآت والمعدات النووية تحت إشراف دولي مباشر، تقوده الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، أبدى مسؤولون إسرائيليون ودبلوماسيون أوروبيون، في الأيام الأخيرة، قلقاً من أن تسوية محتملة قد لا تتضمن ضمانات كافية تحول دون تطوير إيران قدرات نووية مستقبلاً. وقال مسؤولون إسرائيليون لصحيفة «جيروزاليم بوست»: «مخاوفنا تتمحور حول ضعف محتمل في موقف واشنطن التفاوضي».

ويعدّ قبول إيران وقفاً شاملاً لبرنامجها للتخصيب النووي في إطار إبرام اتفاق أمراً بعيد الاحتمال للغاية.

«إيران تماطل»

واشتكى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، من وتيرة المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تبدأ الدولتان جولةً جديدةً من المفاوضات المحورية، السبت.

وقال ترمب إنه يعتقد أن إيران تؤخِّر عمداً التوصُّل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، وإن عليها التخلي عن أي مسعى لامتلاك سلاح نووي، وإلا فسوف تواجه ضربةً عسكريةً محتملةً لمنشآتها النووية.

وأضاف ترمب للصحافيين، في تعليق على لقاء المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، في سلطنة عمان يوم السبت، وزير الخارجية الإيراني: «أعتقد أنهم (يسعون) لتضييع الوقت».

وعندما سُئل ترمب عمّا إذا كان الرد المحتمل قد يشمل توجيه ضربات إلى منشآت نووية إيرانية أجاب قائلاً: «بالتأكيد». وأضاف أن على الإيرانيين التحرك بسرعة لتجنب رد قاسٍ لأنهم «قريبون جداً» من تطوير سلاح نووي.

وهدّد ترمب مراراً بتعرض إيران لعواقب وخيمة بسبب برنامجها النووي، بما في ذلك هجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية. وصرّح ترمب: «لا يمكن أن يحصلوا على سلاح نووي، ويجب أن يتحركوا بسرعة، لأنهم قريبون إلى حد ما من الحصول على سلاح نووي، ولن يحصلوا عليه».

ناقوس الخطر

وتخشى القوى الغربية من تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني، بعدما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة بات يكفي لإنتاج 6 قنابل، إذا أرادت طهران رفع نسبة التخصيب إلى 90 في المائة المطلوبة لإنتاج الأسلحة.

وتفاقمت مخاوف طهران؛ بسبب إسراع ترمب بإعادة استراتيجية «الضغوط القصوى» حين عاد إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

وفي فترة ولايته الأولى، انسحب ترمب في عام 2018 من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع 6 قوى عالمية، وأعاد فرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية. ومنذ عام 2019، تجاوزت إيران بكثير الحدود التي يضعها اتفاق 2015 على تخصيب اليورانيوم، وأنتجت مخزونات من اليورانيوم المخصب بدرجة تفوق ما تقول قوى غربية إن له مبررات في برنامج مدني، وبدرجة تقترب من المستوى المطلوب للرؤوس الحربية النووية.

ودقَّت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» ناقوس الخطر بشأن زيادة مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة لدى إيران، وأفادت بعدم إحراز أي تقدم حقيقي في حل القضايا العالقة منذ فترة طويلة، مثل وجود غير مبرَّر لآثار يورانيوم في مواقع سرية.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن رئيس «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافائيل غروسي، سيزور طهران، يوم الأربعاء، في محاولة لتضييق الفجوة بين طهران والوكالة بشأن القضايا العالقة. وقال غروسي على منصة «إكس»، الاثنين: «استمرار التواصل والتعاون مع الوكالة ضروري في وقت تشتد فيه الحاجة إلى حلول دبلوماسية».


مقالات ذات صلة

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز) play-circle

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

نقل تلفزيون «العالم» عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

نقل تلفزيون «العالم» الإيراني عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله، اليوم (السبت)، إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا، مشيراً إلى أن هذه البلدان لا تريد لإيران النهوض.

وأضاف بزشكيان أن إسرائيل اعتقدت أن عدوانها على إيران سيؤدي إلى انهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز الضغوط والعقوبات.

وأكد الرئيس الإيراني أن الجيش أكثر قوة الآن عما كان عليه قبل الحرب مع إسرائيل، وتعهد بتلقين إسرائيل والولايات المتحدة درساً «أشد قسوة» إذا تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال، يوم الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيُقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنّت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات.


قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

جاء ذلك في الوقت الذي تجدد فيه التصعيد بين «قسد»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعد ذراع حزب «العمال الكردستاني» في سوريا، عبر اشتباكات في حيي الشيخ مقصود والأشرفية التي تشهد توتراً في الأسابيع الأخيرة، وسط غياب بوادر على تنفيذ «قسد» الاتفاق الموقع مع دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي بشأن اندماجها في الجيش ومؤسسات الدولة السورية.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

اتهامات وتحذيرات

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.


تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
TT

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة، واستخدامهما المتزايد لأدوات مالية غير تقليدية للالتفاف على القيود المفروضة على أنظمتهما المصرفية.

وذكرت صحيفة «تشوسون إلبو» الكورية الجنوبية، في تقرير نشر يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025، أن مصادر متخصصة في تتبّع حركة العملات الرقمية عبر تقنية «البلوكتشين» كشفت عن شبكة معّدة لغسل الأموال، يديرها عنصر كوري شمالي، جرى من خلالها تحويل أموال رقمية إلى جهات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

محفظة عملات

وحسب التقرير، أظهرت تحقيقات أجرتها شركة «تي آر إم لابز» المتخصصة في تحليل الجرائم المالية المرتبطة بالعملات الرقمية، أنه خلال العام الحالي تم تحويل مبالغ بالدولار من محفظة عملات رقمية تعود إلى شخص يُدعى سيم هيون - سوب، وهو كوري شمالي متهم بغسل الأموال، إلى محفظة رقمية يعتقد أنها على صلة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتُشير الصحيفة إلى أن هذه المعطيات تعزز الشكوك حول لجوء طهران إلى العملات الرقمية بوصفها وسيلة للالتفاف على العقوبات الأميركية، سواء لتحويل الأموال إلى الدولار الأميركي، أو لتسوية مدفوعات مرتبطة بتجارة النفط، في ظل القيود المفروضة على القطاع المصرفي الإيراني.

وأكَّدت «تشوسون» أن إيران وكوريا الشمالية -وكلتاهما خاضعة لعقوبات أميركية صارمة بسبب برنامجيهما النووي والصاروخي- اتجهتا خلال السنوات الأخيرة بشكل متزايد إلى استخدام أدوات مالية غير شفافة، وفي مقدمتها العملات الرقمية، لتأمين مصادر تمويل بديلة.

ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن اكتشاف هذه التحويلات الرقمية يُمثل دليلاً إضافياً على تداخل الشبكات المالية للبلدين في محاولات التحايل على نظام العقوبات الدولي.

غاسل أموال مطلوب دولياً

ويلعب سيم هيون - سوب، المطلوب من قبل «مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي» (FBI) بتهم غسل الأموال والالتفاف على العقوبات، دوراً محورياً في هذه الشبكة. وذكرت الصحيفة أن السلطات الأميركية رفعت مكافأة القبض عليه، في صيف العام الماضي، من 5 ملايين إلى 7 ملايين دولار.

وسيم هيون، المولود عام 1983 في بيونغ يانغ، تعاون لسنوات مع بنك «التجارة الخارجية» الكوري الشمالي، وهو بنك مدرج على قوائم العقوبات الأميركية. وتشير التحقيقات إلى أنه كان حلقة وصل رئيسية بين النظام الكوري الشمالي وشبكات مالية غير رسمية في الخارج.

ووفق «تشوسون»، نشط سيم بشكل أساسي في الكويت والإمارات، مستخدماً أسماء مستعارة مثل «سيم علي» و«سيم حاجيم»؛ حيث قدّم نفسه ممثلاً لبنك «كوانغسون»، وضمت شبكته عدداً من عمال تكنولوجيا المعلومات الكوريين الشماليين، الذين كانوا يحوّلون العملات الرقمية المتحصل عليها من عمليات اختراق إلكتروني أو من أجور عملهم، بعد تمويه مصدرها، إلى محافظ رقمية يسيطر عليها سيم.

لوحة إعلانية تحمل صوراً لقادة في «الحرس الثوري» قتلوا خلال القصف الإسرائيلي معلقة على جسر على طريق سريع في طهران 14 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

مسارات غسل الأموال

وتوضح الصحيفة أن الأموال كانت تحول لاحقاً عبر وسطاء في دولة عربية أو الصين إلى الدولار الأميركي، وبعد المرور بسلسلة معقّدة من عمليات غسل الأموال، كانت تودع في حسابات شركات وهمية أُنشئت في هونغ كونغ.

كما أشارت إلى أن عائدات العمال الكوريين الشماليين العاملين في روسيا والصين ودول أفريقية كانت تدخل هي الأخرى إلى شبكة سيم عبر المسار ذاته.

وأضاف التقرير أن جزءاً من هذه الأموال لم يكن يُحوَّل مباشرة إلى كوريا الشمالية، بل كان يُستخدم لشراء سلع ومعدات، وحتى أسلحة، يحتاج إليها نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. ومن بين الأمثلة التي أوردتها الصحيفة، استخدام شركة في زيمبابوي لشراء مروحية من روسيا بقيمة 300 ألف دولار، وتسليمها لاحقاً إلى كوريا الشمالية.

كما كشف التقرير عن إنفاق نحو 800 ألف دولار لتأمين مواد أولية تُستخدم في إنتاج السجائر المقلدة، التي تُعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للنظام الكوري الشمالي في السوق السوداء.

ثغرات في النظام المالي

في جزء آخر من التقرير، أشارت «تشوسون» إلى أن عدداً من البنوك الأميركية الكبرى، من بينها «سيتي بنك» و«جي بي مورغان» و«ويلز فارجو»، فشلت في رصد أنشطة غسل الأموال التي قام بها سيم وشبكته، حيث تم تمرير ما لا يقل عن 310 معاملات مالية عبر النظام المالي الأميركي، بقيمة إجمالية بلغت نحو 74 مليون دولار.

واستناداً إلى بيانات صادرة عن «مجموعة العمل المالي» (FATF) وشركة «تشيناليسيس» المتخصصة في تحليل العملات الرقمية، أفاد التقرير بأن عشرات ما يُعرفون بـ«مصرفيي الظل» الكوريين الشماليين ينشطون خارج البلاد، وقد تمكنوا على مدى سنوات من غسل أكثر من 6 مليارات دولار من العملات الرقمية المسروقة لصالح نظام بيونغ يانغ.

وأشارت الصحيفة إلى أنه، رغم صدور مذكرة توقيف بحق سيم هيون - سوب من محكمة فيدرالية أميركية في مارس (آذار) 2023، فإن اعتقاله لا يزال بالغ الصعوبة، بل يكاد يكون مستحيلاً، نظراً لتعقيدات ملاحقته عبر الحدود.