واصل اقتصاد منطقة اليورو تحقيق نمو متواضع للشهر الثالث على التوالي في مارس (آذار)، مدفوعاً بتحسن طفيف في قطاع التصنيع وتوسع معتدل في قطاع الخدمات، وفقاً لمسح حديث.
إلا أن هذا التعافي الجزئي قد يكون مدفوعاً بتسريع المصانع لعمليات الشحن قبل بدء تطبيق جولة جديدة من الرسوم الجمركية الأميركية، بحسب ما أفادت به «رويترز».
وارتفع المؤشر المركب النهائي لمديري المشتريات لمنطقة اليورو، الذي تصدره «ستاندرد آند بورز غلوبال»، ويُعد مؤشراً موثوقاً لصحة الاقتصاد، إلى 50.9 نقطة مقارنة بـ50.2 في فبراير (شباط). وعلى الرغم من تجاوزه التقديرات الأولية التي أشارت إلى 50.4، فإنه لا يزال أدنى من متوسطه طويل الأجل، ويكاد يتخطى عتبة الـ50 التي تفصل بين الانكماش والنمو.
وقال سيروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في بنك «هامبورغ التجاري»: «في نهاية العام الماضي، بدا أن منطقة اليورو تتجه نحو الركود، لكن الأمور استقرت نسبياً مع بداية العام الحالي. مع ذلك، فإن الرسوم الجمركية الأميركية قد تجر الاقتصاد الأوروبي مجدداً نحو الاضطراب».
وكان جزء من هذا النمو الطفيف ناتجاً عن تصريف الشركات للطلبات غير المنجزة، حيث تراجع مؤشر تراكم الأعمال إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 47.1، مقارنة بـ47.3 في فبراير.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في منطقة اليورو إلى 51 نقطة خلال مارس، مقابل 50.6 في فبراير، متجاوزاً التقديرات الأولية البالغة 50.4.
أما معدل التضخم في القطاع، وهو مؤشر رئيسي يتابعه عن كثب البنك المركزي الأوروبي، فقد سجل تراجعاً، حيث انخفضت مؤشرات أسعار المدخلات والمخرجات، مع تراجع الأخيرة من 54.7 إلى 53.6 نقطة.
وفي ظل هذه التطورات، خفَّض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع للمرة السادسة خلال الشهر الماضي، ومن المتوقع أن يجري خفضاً إضافياً بمقدار 25 نقطة أساس في 17 أبريل (نيسان)، ليصل إلى 2.25 في المائة، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز».
نمو معتدل في ألمانيا وتباطؤ في وتيرة الأعمال الجديدة
حافظ قطاع الخدمات الألماني على نموه المعتدل في مارس، ليواصل سلسلة التوسع التي استمرت 4 أشهر، رغم تباطؤ الوتيرة بفعل استمرار تراجع الأعمال الجديدة، وفقاً لـ«ستاندرد آند بورز غلوبال».
وسجل مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع الخدمات 50.9 نقطة في مارس، منخفضاً عن 51.1 في فبراير، لكنه ظل أعلى من مستوى 50 الذي يشير إلى النمو.
وقال دي لا روبيا: «يبدو أن قطاع الخدمات في ألمانيا يفقد زخمه، رغم أنه لم يكن يحقق تسارعاً كبيراً منذ البداية». وعانت الشركات من تراجع تدفقات الأعمال الجديدة بأسرع وتيرة في 6 أشهر، نتيجة ارتفاع حالة عدم اليقين وتأخر قرارات العملاء، إلى جانب انخفاض الطلبات الأجنبية بسبب تحديات السوق، وزيادة المنافسة، وارتفاع قيمة اليورو.
ورغم ذلك، استمر التوظيف في الارتفاع، مع تسجيل تسارع طفيف في خلق الوظائف مقارنة بالشهر السابق، ما يعكس بعض التفاؤل بشأن المستقبل، مدفوعاً بتوقعات التوسع المالي في ألمانيا والتحول نحو الابتكار التكنولوجي.
وأضاف دي لا روبيا: «استمرار التوظيف وزيادة الثقة في النشاط المستقبلي يشيران إلى أننا لسنا بصدد ركود طويل الأجل».
قطاع الخدمات الفرنسي يواصل الانكماش
في المقابل، لا يزال قطاع الخدمات الفرنسي يعاني، مسجلاً انكماشاً للشهر السابع على التوالي خلال مارس، ليحقق أسوأ أداء ربع سنوي منذ نهاية عام 2023.
وارتفع مؤشر «إتش سي أو بي» لمديري المشتريات في قطاع الخدمات الفرنسي إلى 47.9 نقطة، مقارنة بـ45.3 في فبراير، مما يعكس تباطؤاً في وتيرة الانكماش، لكنه لا يزال دون عتبة الـ50 التي تفصل بين النمو والانكماش. وكانت القراءة الأولية قد بلغت 46.6 نقطة.
واستمر تراجع الطلبات الجديدة للشهر السابع على التوالي، مما أدى إلى انخفاض حجم العمل قيد التنفيذ، ودفع الشركات إلى تقليص الوظائف، رغم أن وتيرة تخفيض الوظائف كانت أقل حدة مقارنة بشهر فبراير.
وقال الدكتور طارق كمال شودري، الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ التجاري»: «ينتهي الربع الأول من عام 2025 بأداء مخيب لقطاع الخدمات الفرنسي. فرغم تباطؤ وتيرة الانكماش، لا تزال حالة عدم اليقين الاقتصادي وتراجع الطلب يلقيان بظلال ثقيلة على النشاط الاقتصادي».
وارتفع المؤشر المركب لمديري المشتريات، الذي يشمل التصنيع والخدمات إلى 48 نقطة في مارس، مقابل 45.1 في فبراير، مما يشير إلى انكماش معتدل في القطاع الخاص، متجاوزاً القراءة الأولية التي بلغت 47 نقطة.
كما سجلت الضغوط التضخمية تراجعاً، حيث سجلت تكاليف المدخلات أقل زيادة لها منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدفوعة بشكل أساسي بانخفاض تكاليف الأجور.