في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية، والأطباق الشرقية الأصلية، مقدماً تجربة منزلية تشرف عليها 3 سيدات، هن أمهات مؤسسات المطعم الثلاث.
يقول أرنست فايز، أحد مؤسسي المطعم، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت فكرة مطعمنا عندما اقترح أحد أصدقائي، الذي تتميز والدته بمهاراتها العالية في إعداد أصناف المحشي، أن نفتتح مطعماً متخصصاً بتحضير هذا الطبق المصري الأصيل. وبالفعل درسنا الفكرة وتبلورت سريعاً، وانطلقت رحلتنا بخبرة و(نَفَس) أمهاتنا لتحقيق هذا الحلم».
ويرى أن «ما يميز مطعمهم هو أن الأمهات هن المشرفات على كل تفاصيل العمل، بدءاً من اختيار ثمار الخضراوات، وصولاً إلى إعداد التسبيكة، ثم الإشراف على عملية الطهي بأكملها، ليكون المنتج النهائي حقاً (محشي ماما) بكل ما تحمله الكلمة من معنى».
ويضيف أحمد مصطفى، شريك آخر بالمطعم : «ما اكتشفناه خلال التأسيس أن المحشي طبق مظلوم في المطاعم، فهو يُقدم عادة كطبق جانبي أو فاتح شهية، رغم أنه طبق أساسي ومحبوب لمختلف فئات المصريين، لذا قررنا اتخاذ خطوة جريئة بتحويل طبق المحشي إلى طبق رئيسي، حيث أردنا أن نمنح هذا الطبق التقليدي مكانته التي يستحقها، وأن نجعله نجم المائدة، إلى جانب استعادة نكهات الماضي، من خلال قائمة طعام مستوحاة من المطبخ المنزلي المصري الأصيل».
يقدم المطعم جميع أصناف المحشي الشهيرة، من الكرنب وورق العنب إلى الكوسة والباذنجان والطماطم والبصل والفلفل والبطاطس. وتضم قائمته تشكيلة واسعة من الطواجن الشرقية، منها طاجن ورق العنب باللحم الـ(ستيك)، وطاجن الكرنب بالكوارع، وطاجن الفريك بالكبد والقوانص، وطاجن الدجاج بالبطاطس، وفتة اللحمة، ومختلف أنواع المشاوي، واللحمة المحمرة بالسمن البلدي، والسجق والكبدة، إلى جانب الملوخية والرقاق.
يتابع مصطفى: «أردنا أن نحافظ على التراث الغذائي المصري، لذلك قمنا بإحياء بعض الأطباق التي توارت ونُسيت في البيوت، مثل العدس والويكا والبصارة، التي تعد جزءاً من هويتنا الثقافية»، ونرى أنه من واجبنا الحفاظ عليها، وهو ما يمتد إلى الخبز الشمسي، وهو نوع من الخبز الصعيدي التقليدي، الذي نخبزه داخل المطعم، لنكون أول مطعم في القاهرة يقدمه، وقد لاقى إقبالاً كبيراً من الزبائن.
«نقدم أيضاً أطباقاً قد لا تتوفر في المنازل دائماً، مثل العكاوي والكوارع، التي يصعب تحضيرها بشكل يومي، حيث نقدمها بجودة عالية وبطريقة منزلية أيضاً، كما نعمل باستمرار على تطوير القائمة وإضافة أصناف جديدة ترضي جميع الأذواق»، يؤكد صاحب المطعم.
«سر خلطة المحشي هو سر»، يقول «أرنست» مبتسماً: «ما يمكنني قوله هو أننا نتبع طقوس تحضير المحشي كما تفعل الأمهات في المنزل تماماً، ونحرص دائماً على استخدام المكونات الطازجة، لأنها أساس النكهة الأصيلة للمحشي، كما نستخدم أفضل أنواع اللحوم البلدية والسمن البلدي».
ويتابع: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي الأصيل يجب أن يقدم بأفضل صورة، ولأننا هنا في منطقة شبرا الشعبية التي تتميز بكثافة سكانية عالية، وبالعلاقات الحميمة بين قاطنيها، أردنا أن نقدم تجربة مصرية أصيلة، تنقل الزائر إلى دفء المنزل ورائحة المطبخ المصري التقليدي، بحيث يشعر الزبون وكأنه يتناول الطعام في منزل والدته تماماً».
يعود مصطفى للحديث، موضحاً أن المطعم يسعى أيضاً إلى تغيير الصورة النمطية للأكلات الشعبية وتقديمها بأسلوب يناسب الحياة العصرية، حيث يقدم المطعم فكرة «محشي تو جو»، بتقديم المحشي في عبوات مبتكرة كوجبة سريعة، سواء بالحصول عليها من المطعم أو عن طريق خدمة التوصيل، كما تمتد لمسة الابتكار إلى طبق المُمبار، الذي نقدمه تحت اسم «ممبار بوبس»، حيث يتم تقديم قطع صغيرة في ورق على هيئة «كونو»، ما يسهل حمله وتناوله كوجبة سريعة أثناء التنقل.
ويعّقب صاحب المطعم على ذلك بقوله: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي يمكن أن يكون عصرياً وجذاباً، لذا نسعى إلى تقديم أطباقنا بأفضل شكل ممكن، مع الحفاظ على الطعم الأصيل، ففكرة المحشي والممبار كوجبة سرعة ليست مجرد تغيير في طريقة التقديم، بل هي رؤية لتجديد التراث وتقديمه للأجيال الجديدة».
خلال شهر رمضان، يقدم المطعم قائمة طعامه دون تغيير، التي يأتي أبرزها أصناف المحشي المفضلة من جانب المصريين على المائدة الرمضانية، كما يُضيف وجبة السحور، التي تضم أبرز المأكولات المصرية، وعلى رأسها الفول والفلافل.
لأن «محشي ماما» يسعى إلى تقديم تجربة منزلية أصيلة بكل تفاصيلها، بحسب القائمين عليه، لذا تمتد التجربة إلى ديكورات المكان، التي اعتمدت على اللونين الأخضر والبيج، وهما لون أغلب أصناف المحشي، وكذلك لخلق راحة نفسية للزبائن، إلى جانب إضافة لمسات تراثية للديكور.