«نفس»... نصف المسلسل الفارغ يطغى على نصفه الملآن

ثلاثية دانييلا رحمة وعابد فهد ومعتصم النهار لم تُنقذ العمل

المسلسل لا يحتمل التطويل ولا يملك ما يؤهّله للانفلاش (البوستر الرسمي)
المسلسل لا يحتمل التطويل ولا يملك ما يؤهّله للانفلاش (البوستر الرسمي)
TT

«نفس»... نصف المسلسل الفارغ يطغى على نصفه الملآن

المسلسل لا يحتمل التطويل ولا يملك ما يؤهّله للانفلاش (البوستر الرسمي)
المسلسل لا يحتمل التطويل ولا يملك ما يؤهّله للانفلاش (البوستر الرسمي)

يُساء إلى مسلسل «نَفَس» بإرغامه على ملء أيام الشهر الرمضاني. لا يحتمل التطويل، ولا يملك ما يؤهّله للانفلاش بهذا الشكل. علّةُ بعض المسلسلات جرّها نحو مزيد من الحلقات الفارغة، أو العادية بلا بريق. وهو منها. يدور ويدور قبل أن يقرّر وجهته. وأحياناً لا يحطّ في مكان. فقط يدور ويحوم ويبرع في التأجيل والتسويف.

في المسلسل جهودٌ ينبغي الاعتراف بها. بطلته دانييلا رحمة تكاد ترفعه، شبه وحيدة، على كتفيها وتسير به نحو خلاصٍ ما. تترك لدى المتابع شعوراً بأنها مسؤولة عنه، وعليها تحمُّل المسؤولية. وتفعل ما أمكن لتكون بحجم الحِمْل. شخصية «روح» ليست سهلة. حمَّلتها الكاتبة إيمان السعيد معانيَ لا مجال لإنكارها. فالعمى الحقيقي ليس فقدان البصر. إنه العيش بلا بصيرة. وأحياناً السكوت عمى. والتواطؤ عمى. والظلم والتجنّي والانتقام والكراهية هي أشدّ أشكال الظلمات.

جعل المسلسل الحبّ فريداً إلى أن تدخَّل العامل الخارجي وأفسد النقاء (فيسبوك)

المسلسل لبناني - سوري، لا يعطي سبباً إضافياً، ولا أهمية، لضرورة استمرار الأعمال المشتركة. فنصُّ إيمان السعيد يحمل فكرة، لكنها تبلغ المُشاهد متعثّرةً وبقدم واحدة. لديها ما تقوله عن الأنفاق التي تنتهي بضوء هو قدرُ المؤمنين بعظمة تخطّي العتمة. لكنَّ النيّة شيء وترجمتها على الشاشة شيء آخر. فما نراه مفكَّك أكثر من كونه مترابطاً، وتائه أكثر من استطاعته إيجاد الوجهة. يطغى على العمل انطباع بأنه منهمك بسدِّ 30 حلقة، وبعد ذلك الهَم، تصبح الهموم الأخرى ثانوية. مثل حنكة ربط الأحداث وتجنُّب الإطالة وضخّ العنصر المُحرِّك وطرد الملل. عكسُ هذه الأولويات يتقدَّم المشهد.

في المسلسل جهودٌ ينبغي الاعتراف بها منها دور دانييلا رحمة (فيسبوك)

يُحسب للمسلسل (إنتاج «الصبّاح أخوان») إعلاؤه قيمة المسرح وجَعْل حضوره يتفوّق على مجرّد التوظيف في خلفية. هذه تحية مُقدَّرة. ويُحسب له تناوُل قضية المكفوفين، من دون إحباط؛ بحُب وأمل وقدرات، وإرادة جبّارة.

فضلُه في الشِّعار أكثر من التطبيق. على مستوى الفكرة، يستطيع استعادة الثقة بنفسه، فهو خارج التقليدي، حمَّل بطلته طاقات متساوية مع الآخرين، ولم يحشرها في الزاوية فقط لأنها خسرت النظر. وذهب أبعد من مَنحها رجلاً يحبّها «رغم حالتها الخاصة»، بجَعل هذا الحبّ فريداً، لا يأبه للظروف ولا لِما يُفرِّق؛ إلى أن تدخَّل العامل الخارجي وأفسد النقاء.

رفض العمل حَصْر التمايُل بالقادرين على النظر (فيسبوك)

طاقة أخرى رهيبة، جمَّل بها المسلسل بطلته الضريرة هي التأكيد أنّ شيئاً لا يعوق الإبحار في الأحلام. ملَّكها الرقص، رافضاً حَصْر التمايُل بالقادرين على النظر. وإنما هذه الفضائل لم تُنقذ المسلسل. ذلك مثل النصف الملآن من الكوب وهو يتعثَّر أمام نصفه الفارغ قبل أن يتيح له السيطرة والاستحواذ.

المطلوب من عابد فهد مراجعة خياراته (لقطة من المسلسل)

ولكن لماذا؟ النصُّ أولاً؛ ليس بفكرته ولكن بحواراته ومساراته، بالتطويل والدوران حول النفس، بتأجيل الحدث، بالإيقاع الهادئ حدّ الملل، وبالسير السلحفاتي نحو الحلقات المقبلة. سيُقال الآن، إنّ «غيث» (معتصم النهار) عاد والانتقام وشيك. حلقات مرَّت وقد تردَّد في التقدُّم خطوة نحو الحدث التالي. مشكلة المسلسل في أنه يستثمر بأحداث تفتقر إلى المنطق، أكثر من استثماره بما يُحرِّكه قُدماً. نرى مثلاً كيف تُرسل «ميرنا» (إلسا زغيب بأداء جيد) لـ«روح» (دانييلا رحمة) صوراً تُشعل غيرتها وتوتّر علاقتها بخطيبها «أنسي» (عابد فهد)، رغم أنها مقيمة في منزله بذريعة أنها تواجه مشكلات ولا ملجأ لها إلا هو؛ زوجها السابق. ذلك ربما يُبرَّر، إذ يُصوّرها العمل مهووسة بالماضي، عاجزة أمام التخطّي. أما العَصيُّ على التبرير فهو استعدادها للتحالف مع متحرِّش بها! عند هذا الحد «يُخبِّص» المسلسل ويُسمّي «التخبيص» أحداثاً درامية!

إلسا زغيب لفتت لكنّ تركيبة الدور لم تُقنع دائماً (فيسبوك)

ثم إنّ والد «روح»، «طلال شهاب» (جوزيف بونصار)، اختفى من السياق كأنه اقتُلع! غياب مُستَغرب ننتظر ما يُبرره. وما هو أسوأ من الغياب، الحضور الضئيل لأحمد الزين وختام اللحام. لم يُضف إليهما العمل، كما لم يُضف إلى عابد فهد. المطلوب مراجعة خياراته، والتخلّي عن «الترميش» المبالغ به، و«التأتأة» المُكرَّرة في أدواره كلما أراد التعبير عن وضعية حَرِجة. على هذا الانطباع ألا يترسَّخ عن فنان من وزنه.

جوزيف بونصار ونهلا داوود والدا بطلة المسلسل (فيسبوك)

دانييلا رحمة أرادت النجاح واجتهدت من أجله. وفيما كاميرا المخرج إيلي السمعان حاولت تعويض ما افتُقِر إليه؛ في تركيبة معظم الشخصيات وغياب بعض الحوار النافع، بدا معتصم النهار مصرّاً على الأثر. حضوره جيّد وجهده لم يتبخَّر.

ولم تتبخَّر أيضاً جهود نهلا داوود بشخصية «نوال»، ورانيا عيسى بدور «ثريا» مع وسام صباغ بشخصية «نجيب». في الثلاثة، لُمحَ الأداء المناسب. وإذا كانت شخصية «غنوة» التي أدّتها ميا علّاوي جديرة بالتعمُّق بها أكثر، فإنّ إبقاءها على الهامش بيَّن رسالتها ووجعها (العلاقة برجل متزوج) كما يطفو على السطح. أمكن أن تكون إحدى أبرز الشخصيات.

الشابة التي أدّت شخصية «جنى» (ماريا تنوري) سقطت في المبالغة وسمحت بتسلُّل الافتعال. لم تنجُ روزي الخولي، بشخصية والدتها، من «السكّر زيادة» في الأداء، مما لم يخدم تميُّز قصتهما رغم إشكاليتها ومأساويتها (أُمٌّ ترى رغباتها المبتورة في ابنتها). أما إيلي متري، فبمَشاهد قليلة أكّد عفوية الشخصية. الإبهار الدرامي لم يبلغه أحد.


مقالات ذات صلة

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

يوميات الشرق أتقن جوان رَسْم ملامح «فجر» وقدَّم مشهديات صامتة (مشهد من «تحت سابع أرض»)

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

أتقن الممثل السوري جوان خضر رَسْم ملامح «فجر» في مسلسل «تحت سابع أرض» الرمضاني وقدَّم مشهديات صامتة أغنت الحوار. نطق بعينيه. شخصية مُركَّبة حملت أكثر من تفسير.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق في فيلم «نهاد الشامي» تُجسّد جوليا قصّار شخصية الحماة المتسلّطة (إنستغرام)

جوليا قصّار لـ«الشرق الأوسط»: الكيمياء بين ممثل وآخر منبعُها سخاء العطاء

ترى جوليا قصّار أنّ مشاركة باقة من الممثلين في المسلسل أغنت القصّة، ونجحت نادين جابر في إعطاء كل شخصية خطّاً يميّزها عن غيرها، مما ضاعف حماسة فريق العمل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حسن عسيري خلال استضافته المطرب إيهاب توفيق (الشرق الأوسط)

حسن عسيري يستحضر حسَّه الكوميدي في برنامجه «بروود كاست»

في حواره مع «الشرق الأوسط» تحدّث الفنان والمنتج السعودي حسن عسيري عن كواليس برنامجه «بروود كاست».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

من مصر إلى لبنان وسوريا مروراً بالخليج، جولة على أكثر أغاني المسلسلات جماهيريةً واستماعاً.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق العمل أهلٌ بتصنيفه بين الأفضل (البوستر الرسمي)

«بالدم»... مخاطرةٌ رابحة مع ملاحظات ضرورية

العمل لم ينل التنويه لمجرّد عواطف وطنية، فذلك مُعرَّض لأنْ تفضحه ثغر ويدحضه افتعال. أهليته للإشادة به مردُّها أنه أقنع بكثير من أحداثه، ومنح شخصيات قدرة تأثير.

فاطمة عبد الله (بيروت)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
TT

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)
بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

على امتداد 7 سنوات، عَبَر السعودي بدر الشيباني قارات العالم الـ7 ليعتلي أعلى قممها، لكنّ الفيلم الذي وصل إلى مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لم يكن روايةً عن الارتفاع الجغرافي بقدر ما كان رحلةً داخليةً نحو أكثر مناطق الذات عزلةً وصدقاً. هكذا قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في «إيفرست»، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

بين رؤية المتسلّق، وصنعة المخرج أمير كريم، جاءت الحكاية بلغة سينمائية تمزج الثلج الذي يغطي العدسة بأنفاس ترتجف فوق ارتفاعات الموت، وبسكون البيوت السعودية التي عادت لتُفسّر دوافع المُغامِر حين يعود من القمم إلى العائلة.

قصة لا تُروى من القمة فقط

يقول بدر الشيباني لـ«الشرق الأوسط» إنّ اللحظة الفاصلة وقعت عند أحد المخيمات المرتفعة في «إيفرست». هناك، حين كان الأكسجين شحيحاً وصوت الريح أعلى من دقات القلب، اكتشف أنّ «ما يحدث داخلي أهم مما يحدث حولي». تلك اللحظة، كما يصف، «حوَّلت الرحلة من إنجاز رياضي إلى مشروع إنساني يستحق أن يُروى للعالم».

في الوثائق التي سجَّلها بنفسه، يظهر صوت متقطّع من البرد، وعدسة تُبللها الثلوج، ويد ترتجف وهي تثبّت الحبل قبل الخطوة التالية. لكن بدر يعترف: «كنت أظن أنّ الهدف هو الوصول إلى القمة، ثم اكتشفتُ أن القمة الحقيقية كانت داخلي». هذه اللقطات الخام التي لم تُصنع لأجل السينما بل لأجل النجاة، أصبحت أساس الفيلم، ومرآته الأصدق.

الجبال ليست قمماً بل مسرح للتحوّل الإنساني

حين تسلم المخرج أمير كريم المواد الأولى للقمم التي صوَّرها الشيباني، وجد نفسه أمام صعوبة من نوع مختلف. فاللقطات ليست مأخوذة بكاميرات سينمائية ولا بإضاءة مدروسة؛ إنها لحظات حقيقية لم تعد بالإمكان إعادة تمثيلها. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتعامل مع الفيلم على أنه مغامرة جغرافية، بل رحلة نفسية يسأل فيها بدر نفسه: مَن أنا؟ ولماذا أواصل؟ الجبال بالنسبة إليّ ليست قمماً، بل مسرح يتحوَّل فيه الإنسان».

ويضيف أن أصعب تحدٍّ لم يكن في البيئات الخطرة كما يُعتقد، بل في بناء جسر بصري بين عالمين: عزلة الجبال القاسية، ودفء البيت السعودي مع العائلة.

فرؤية المخرج اعتمدت على مفارقة مقصودة: الجبال خشنة، غير مصقولة، تترك المُشاهِد يشعر بالبرد والعزلة، والمَشاهِد المحلية دافئة، حميمة، تكشف عن الدوافع والإنسان خارج المغامرة.

يقول أمير: «تركت للجبال خشونتها، وللبيت دفئه. وهذه المفارقة هي روح الفيلم وخلاصته الدرامية».

متسلّق الجبال السعودي بدر الشيباني وعودة الروح إلى نقطة البدء (الشرق الأوسط)

لحظة مواجهة الذات في «المنطقة المميتة»

يتّفق كلّ من الشيباني والمخرج على أنّ المشهد المفصلي في الفيلم هو لحظة الصمت على ارتفاع يفوق 8 آلاف متر فوق سطح البحر، في «المنطقة المميتة» لـ«إيفرست»، خلال رحلة استغرقت 38 يوماً من الصعود.

هناك، كما يروي أمير، «تختفي ملامح المدير والقائد، ويظل الإنسان وحده أمام قراره: التراجع أو المضي قدماً». هذا المشهد لا يروي صراعاً مع الطبيعة فقط، بل يكشف الصراع البشري الداخلي: حين يصبح الانتصار الحقيقي هو رفض الاستسلام.

القصة السعودية خلف القمة

يُقدِّم الشيباني عبر الفيلم صورة أوسع من تجربة فردية؛ إنها كما يقول رمز للتجربة السعودية الجديدة. فالقيم التي حملته بين القارات الـ7، من الانضباط إلى الصبر وإدارة الخوف، ليست حكايته وحده، بل انعكاس لرحلة مجتمع كامل يُعيد تعريف طموحه.

يُعلّق كريم: «قصة بدر ليست عن الجبال فقط، بل عن الإنسان السعودي الذي يتخطَّى الحدود التقليدية ليصنع مستقبله».

أما الجوانب الخفية التي عمل المخرج على إبرازها، فهي لحظات الشكّ والتعب والخوف، تلك التي كان يُخفيها المُغامِر خلف الشخصية القوية. وقد ظهر بدر أمام الكاميرا شخصاً يبحث عن ذاته بقدر بحثه عن القمة.

قيمة فكرية تتجاوز التوثيق

يرى الشيباني أنّ الفيلم يتجاوز التوثيق البصري نحو «رحلة تحوّل ذهني وروحي». العزلة في الجبال حرّرته من ضجيج الحياة، ودفعته إلى التأمُّل وإعادة ترتيب حياته.

الفيلم، كما يشرح، يدعو المُشاهدين إلى اختبار حدودهم العقلية والجسدية، ويضعهم أمام سؤال: ما الذي يمكن أن يحدث عندما نخرج من منطقة الراحة؟ ويؤكد أن عرضه في مهرجان «البحر الأحمر» ليس مجرد مشاركة سينمائية، بل رسالة بأن السعودية الجديدة تحتفي بقصص أبنائها وتضع الإنسان في قلب تحوّلها الثقافي.

بين الدبلوماسية الثقافية وصناعة الفرص

يرى الشيباني، بخبرة رائد أعمال، أن الفيلم الوثائقي ليس مجرّد فنّ، بل أصل استثماري يُعزّز رواية المملكة دولياً. ويعتقد أنّ قوة الوثائقيات تتجاوز الحملات التقليدية لأنها تعتمد على السرد الواقعي العميق.

كما يشير إلى أنّ محتوى مثل «سبع قمم» يمكن أن يتحوَّل إلى نماذج أعمال في سياحة المغامرات والتدريب القيادي، وأيضاً المحتوى التعليمي والصناعات الإبداعية. وهو ما ينسجم مع أهداف «رؤية 2030» في تحويل القصص المحلّية إلى قيمة اقتصادية عالمية. «سبع قمم» ليس فيلماً عن الارتفاعات الشاهقة، بل عن الأعماق الإنسانية. وليس عن الوصول إلى القمة، بل عن القوة الذهنية التي تمنع السقوط. إنه عمل يعكس اللحظة السعودية الراهنة: وطن يواجه قممه الخاصة، ويصعد درجاتها بثقة، بحثاً عن نسخة أوضح وأقوى من ذاته.


في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
TT

في حفل استعراضي صُمم خصيصاً له... ترمب يحضر قرعة كأس العالم

عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)
عامل نظافة ينظّف السجادة الحمراء بجوار لافتة كُتب عليها: «قرعة كأس العالم 2026» في مركز كيندي بواشنطن (د.ب.أ)

سيحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرعة كأس العالم لكرة القدم اليوم (الجمعة)، في حفل مليء بالاحتفالات والاستعراضات والعروض الباذخة التي تليق بـ«فنان الاستعراض».

ويقام هذا الحدث في «مركز كيندي» بواشنطن، الذي تولى ترمب رئاسته في وقت سابق من هذا العام، في حين قام بتنصيب رئيس ومجلس إدارة جديدين.

وحضور ترمب قرعة كأس العالم يضعه في صدارة المشهد خلال واحد من أبرز الأحداث الرياضية على الإطلاق؛ إذ يبدو أن منظمي الحفل أخذوه في الاعتبار منذ مرحلة التخطيط لهذا الحدث.

وستؤدي فرقة «فيلدج بيبول» أغنيتها الشهيرة «واي إم سي إيه» التي أصبحت عنصراً أساسياً في تجمعات حملة ترمب الانتخابية، وحفلات جمع التبرعات في مارالاغو، حيث شوهد الرئيس السابق يرقص على أنغامها، في حين يخطط الاتحاد الدولي (الفيفا) للكشف عن «جائزة السلام» الخاصة به.

وقام ترمب بحملة علنية للحصول على جائزة «نوبل للسلام»، مستشهداً بمشاركته في إنهاء صراعات متعددة في الخارج، وأسفرت هذه الجهود عن نتائج متباينة.

ومن المقرر أيضاً أن يقدم مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي عرضاً اليوم، وكذلك نجم البوب البريطاني روبي وليامز، وسفيرة الموسيقى في «الفيفا» المغنية الأميركية نيكول شيرزينغر.

واستغل ترمب مراراً امتيازات الرئاسة ليشارك في فعاليات رياضية وثقافية كبرى هذا العام. وحضر نهائي السوبر بول في فبراير (شباط)، وسط هتافات وصيحات استهجان من الجمهور، ويعتزم يوم الأحد حضور حفل تكريم «مركز كيندي»، الذي تجنبه خلال ولايته الأولى.

وستبرز الجغرافيا السياسية في نهائيات كأس العالم؛ إذ يشارك وفد إيراني في مراسم القرعة بعد أن كان أعلن سابقاً مقاطعة الحفل بسبب مشاكل في التأشيرات، وفقاً لتقارير إعلامية. ويأتي ذلك في ظل توتر العلاقات بعد أن قصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي.


مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.