وجهاء القرداحة يسلمون الأمن العام السوري «مسيّرات انتحارية»

جهود حثيثة لحصر السلاح بيد السلطات

إدارة الأمن العام تتسلّم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا)
إدارة الأمن العام تتسلّم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا)
TT
20

وجهاء القرداحة يسلمون الأمن العام السوري «مسيّرات انتحارية»

إدارة الأمن العام تتسلّم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا)
إدارة الأمن العام تتسلّم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا)

ما زال الانتشار العشوائي للسلاح من أبرز التحديات التي تهدد السلم الأهلي في سوريا بعد سقوط النظام، حيث تواصل السلطات الأمنية حملاتها لسحب السلاح؛ إما عبر الحوار والاتفاق مع الأهالي، وإما عبر عمليات تمشيط، ولأول مرة يعلن عن تسلم عدد من المسيرات انتحارية «FPV» من مخلفات النظام السابق في مدينة القرداحة بريف اللاذقية.

وقالت وزارة الداخلية السورية، الثلاثاء، إن الأمن العام تسلمها من الأهالي بعد «جلسة عُقدت بين وجهاء مدينة القرداحة وأعضاء لجنة السّلم الأهلي من جهة، وإدارة الأمن العام من جهة أخرى». وبحسب البيان، فإن هذه الطائرات تسربت إلى أيدي بعض المدنيين بوصفها من مخلفات النظام السابق. وتصل سرعة مسيرات «FPV» الصينية إلى 140 كم/ ساعة، وتتبع الأجسام المتحركة تلقائياً، ويمكن أن تعمل في ظل الرياح.

إدارة الأمن العام تتسلم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا)
إدارة الأمن العام تتسلم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا)

ولا توجد تقديرات لحجم السلاح الفردي والمتوسط الذي تسرب إلى أيدي المدنيين وأيدي عناصر وضباط الأمن والجيش والميليشيات الرديفة في النظام السابق، فخلال الساعات الأولى من سقوط النظام وانهيار قواته، فُتحت المقرات الأمنية والعسكرية، وشهدت عمليات نهب في ظل فوضى عارمة لبضع ساعات.

يقول المحامي محمد صواف الذي واكب أجواء عدة مناطق سورية منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن النظام السابق وميليشيا (كتائب البعث)، وزعا السلاح في مناطق عديدة على عناصرهم قبيل أيام من السقوط». ويشدد على أن هذا السلاح بات منفلتاً، وهناك من يتمسك به ويخفيه لأن الأمن لم يستتب بعد، وهناك من يخفيه لأسباب أخرى، وفي الحالتين، الأمر خطير ويهدد السلم الأهلي، لافتاً إلى وقوع جرائم جنائية يومية بسبب انفلات السلاح، فالمشاحنات والمشكلات التي قد تحل بالحوار، تشهد استخدام سلاح وإطلاق نار أو رمي قنبلة.

إدارة الأمن العام تتسلّم أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في اللاذقية (سانا)
إدارة الأمن العام تتسلّم أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في اللاذقية (سانا)

وتبذل السلطات السورية منذ سقوط النظام جهدها لحصر الأسـلحة والمعدات الحساسة بيد الجهات المختصة، عبر مسارين؛ أمني، وآخر عبر التسوية والتعاون مع وجهاء المناطق ولجنة السلم الأهلي. وما زال هناك آلاف السوريين المسلحين يرفضون تسليم السلاح لاعتبارات عديدة. فيما تدعو إدارة الأمن المدنيين في مختلف المناطق إلى تسليم السلاح ووقف العنف بعد أربعة عشر عاماً أنهكت البلاد.

يشار إلى أنه وبعد الأحداث الدامية التي شهدها الساحل، ركزت السلطات جهودها على التعاون مع الأهالي، في ظل وجود رغبة لدى كثير من الأهالي والسلطة بتجنب تكرار ما حدث؛ سواء في الساحل أو في مناطق أخرى.

وخلال الأيام القليلة الماضية، أعلنت إدارة الأمن العام عن تسليم أهالي ناحية «الحميدية» في ريف طرطوس، عدداً من قطع السلاح بعد اتفاق مع وجهاء المنطقة، كما سلم وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في محافظة اللاذقية، أسلحة خفيفة، دعماً للسلم الأهلي في المنطقة.

وفي ريف حمص، صادرت قوات الأمن العام مستودعاً للأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بالإضافة إلى ذخائر وقنابل ومناظير ليلية عثر عليها في بلدة «العزيزية» غربي حمص. كما تم ضبط كميات من الأسلحة المتنوعة والذخائر كانت مخبأة داخل بئر ماء مهجورة في قرية «المضابع» في ريف حمص الشرقي. وسبق ذلك بأيام قليلة ضبط مستودع ذخائر في منطقة «كفر عبد» في ريف حمص يحتوي على صواريخ ورشاشات ثقيلة، ويُعدّ هذا المستودع الثالث الذي يتم العثور عليه في القرية ذاتها.


مقالات ذات صلة

وقفة العيد السوري: حركة غير مسبوقة عكّرتها تحذيرات غربية

المشرق العربي ازدحام الأسواق في حماة يوم وقفة العيد (سانا)

وقفة العيد السوري: حركة غير مسبوقة عكّرتها تحذيرات غربية

وقفة عيد الفطر في سوريا هذا العام كانت مميزة عن سابقاتها منذ عقود، إذ شهدت البلاد ازدحاماً غير مسبوق وعلى كل المستويات، عكَّرتها تحذيرات دولية من هجمات محتملة.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي عناصر من الأمن العام السوري خلال تنفيذ العملية الأمنية (سانا)

«الأمن العام» السوري يشن عملية أمنية على وكر لفلول الأسد في حمص

نفذت إدارة الأمن العام السوري عملية أمنية ضد أحد أوكار فلول النظام البائد في حي «الوعر» بمدينة حمص، حسبما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي امرأة تمشي أمام المباني السكنية المتضررة في داريا بسوريا (أ.ب)

السفارة الأميركية في سوريا تحذر من تزايد مخاطر وقوع هجمات

حذرت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في سوريا رعاياها من تزايد مخاطر وقوع هجمات خلال عيد الفطر في الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري أكد الجانبان السوري واللبناني خلال «اجتماع جدة» على الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين (وزارة الدفاع السعودية)

تحليل إخباري محللون: الاتفاق السوري - اللبناني في السعودية تصحيح للمسار السياسي

أكد محللون سياسيون أن الاتفاق السوري - اللبناني برعاية سعودية يمثل تصحيحاً للمسار السياسي ومتغيراته التي تطال البلدين

جبير الأنصاري (الرياض)
المشرق العربي مقر «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» في لاهاي بهولندا (رويترز)

مصادر: السماح بدخول مفتشي أسلحة كيميائية لـ«مواقع سورية من عهد الأسد»

قالت مصادر، الجمعة، إن سلطات تصريف الأعمال في سوريا اصطحبت مفتشي أسلحة كيميائية إلى مواقع إنتاج وتخزين لم يزرها أحد من قبل، تعود إلى عهد الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

أجواء باهتة في غزة عشية حلول عيد الفطر

أطفال مع صواني كعك العيد (الشرق الأوسط)
أطفال مع صواني كعك العيد (الشرق الأوسط)
TT
20

أجواء باهتة في غزة عشية حلول عيد الفطر

أطفال مع صواني كعك العيد (الشرق الأوسط)
أطفال مع صواني كعك العيد (الشرق الأوسط)

يعيش سكان قطاع غزة في ظروف شديدة الصعوبة مع حلول عيد الفطر السعيد، خصوصاً مع استمرار القصف الإسرائيلي، وعدم وجود أفق بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم المساعي التي تبذل لمحاولة التوصل إلى اتفاق مؤقت خلال فترة العيد.

ويشعر سكان في قطاع غزة بخيبة أمل شديدة بعد تجدد الحرب وعدم قدرة الوسطاء على التوصل (حتى إعداد هذا التقرير) إلى اتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار، الأمر الذي زاد من صعوبة الظروف التي عاشوها خلال شهر رمضان، والتي سيواجهونها في حال استمرت الحرب خلال فترة العيد.

تحضير كعك العيد في غزة (الشرق الأوسط)
تحضير كعك العيد في غزة (الشرق الأوسط)

يقول المواطن رمزي صلاح (39 عاماً) من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، إنه كان يأمل في أن يقضي عيد الفطر الحالي بعيداً عن القصف الإسرائيلي الذي يطال جميع المناطق، ويثير الرعب في صفوف المواطنين، مشيراً إلى أن هذا ثالث عيد على التوالي، وثاني عيد فطر، يحرم السكان من فرحتهم به.

وقال صلاح لـ«الشرق الأوسط»: «حياتنا كلها تحولت إلى جحيم. لا راحة ولا هدوء، وليس هناك حتى فرحة برمضان ولا بالعيد»، متسائلاً عن ذنب الأطفال في حرمانهم من هذه الفرحة، وعدم قدرة عوائلهم على شراء أي ملابس أو هدايا لهم.

وأضاف بلغة عامية بسيطة: «غالبية الناس هان (هنا) عاطلة عن العمل وما فيه أي فرصة الناس تلاقي حتى أكل تأكله، فكيف بدها تجيب كسوة أو هدايا لأطفالها... منذ بداية الحرب واحنا عايشين في ظروف استثنائية، لكن الأطفال يبحثون عن أي شيء ممكن يفرحهم، وهذا الشيء غير موجود».

نسوة يحضّرن كعك العيد في غزة (الشرق الأوسط)
نسوة يحضّرن كعك العيد في غزة (الشرق الأوسط)

أما الشاب أدهم أبو سليمان من سكان حي النصر، فقال إن فرحة السكان بالعيد ستبقى منقوصة على الدوام، مع استمرار سقوط الضحايا وتواصل القصف الإسرائيلي الذي بالكاد يتوقف، مشيراً إلى أن جميع السكان كانوا يأملون في أن يبقى وقف إطلاق النار مستمراً، وألا تعود الحرب مجدداً بأي شكل كان، إلا أن كل هذه الأماني تبددت.

وأضاف: «كيف بدنا نفرح، وكل عائلة فقدت عزيزاً عليها، سواء كان بشراً، أو حجراً، مثل المأوى»، مشيراً إلى أن الأعياد والمناسبات لا توقف هذه الجروح، لكن أن يعيشها السكان بعيداً عن سماع أصوات القصف، يمنحهم شعوراً بحياة أفضل.

وخلال جولة قصيرة في أسواق قطاع غزة، بالكاد تم رصد توافر بعض الملابس والأحذية القديمة، وإقبال السكان على شرائها، كما بالكاد يتوافر بعض الحلويات، ولكن بأسعار باهظة الثمن.

يقول التاجر رجب اللوح: «إن إقبال السكان على الأسواق معدوم، وغالبية من يأتي إليها يأتي فقط لتغيير المزاج، والاطلاع على ما يتوافر من بضائع، لكن الحركة الشرائية معدومة بشكل كبير جداً، وبالكاد نحصّل مصاريفنا الشخصية».

جانب من عمليات تحضير كعك عيد الفطر في غزة (الشرق الأوسط)
جانب من عمليات تحضير كعك عيد الفطر في غزة (الشرق الأوسط)

وأشار اللوح وهو صاحب محلات لبيع الألبسة، إلى أن ما يتوافر من بضائع جميعها يعود لعامين أو أكثر قليلاً، ولا يتوافر أي بضائع جديدة، وهذا يزيد من انعدام حركة الشراء، مضيفاً أن الاحتلال الإسرائيلي خلال وقف إطلاق النار منع إدخال أي بضائع، من ملابس وغيره، لصالح القطاع.

وذكر اللوح أن عائلات كثيرة فقدت ملابسها ومقتنياتها المختلفة داخل منازلها التي دُمّرت، واضطرت إلى شراء ملابس من البالة أحياناً، أو من بعض المحال قبيل شهر رمضان وحلول عيد الفطر، وهذا الأمر زاد من انعدام الحركة الشرائية التجارية خلال هذه الفترة التي بالعادة تكون أكثر انتعاشاً، لكنها للعام الثاني على التوالي بلا أي تحسن بفعل الحرب الإسرائيلية.

وتقول المواطنة سما أبو جربوع (42 عاماً) من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، إنها مثل الآلاف من سكان قطاع غزة لا تملك المال، لتلبية ما يحتاجه أطفالها من ملابس وحلويات العيد، وغير ذلك من متطلباتهم في مثل هذه المناسبات، مشيرةً إلى أن ما يتوافر من بضائع أسعاره باهظة الثمن.

وتشير سما أبو جربوع إلى أن أطفالها الثلاثة أصروا عليها لشراء بعض الملابس، لكنها واجهت صعوبات في توفير المال من أجل تلبية رغباتهم، قائلةً: «كنا فاتحين بسطة لبيع حاجيات الأطفال وبنعيش منها، لكن الآن ما فيه شغل ولا اشي، فمن وين بدنا نجيب فلوس ونشتري ونعمل اشي».

ورغم كل هذه الظروف، لجأت سيدات في مراكز الإيواء وغيرها لإعداد كعك العيد، في محاولة لإدخال البهجة والسرور على عوائلهن، رغم مرارة الواقع، كما تصفه بثينة أبو شاويش (51 عاماً) من سكان جباليا.

جانب من تحضير كعك العيد في غزة (الشرق الأوسط)
جانب من تحضير كعك العيد في غزة (الشرق الأوسط)

تقول أبو شاويش إنها اتفقت مع نسوة من جيرانها في مركز إيواء «الصمود 3»، واشترين معدات الكعك، بهدف تجهيزه للعيد، مشيرةً إلى أن هذا شجع أخريات في المركز، ودفعهن لزيادة الكمية، ليستفيد منه جميع العوائل الموجودة داخله، التي تقدر بأكثر من 300 عائلة.

وأضافت: «حبينا نعيش أجواء العيد رغم كل الظروف الصعبة اللي بنمر فيها... بدنا نفرح بأي حاجة... إحنا شعب بنحب الحياة وحابين نفرح، وبنبحث عن هذه الفرحة في كل مكان، لكن الاحتلال دايماً بيحاول يخطفها منا».