هل يفتح تعيين مايك هاكابي سفيراً لإسرائيل فصلاً جديداً في الدبلوماسية الأميركية؟

وفد إسرائيلي إلى واشنطن لمناقشة الخطط العسكرية في غزة

أرشيفية لحاكم ولاية آركنسو السابق مايك هاكابي خلال فعالية في بنسلفانيا (أ.ب)
أرشيفية لحاكم ولاية آركنسو السابق مايك هاكابي خلال فعالية في بنسلفانيا (أ.ب)
TT
20

هل يفتح تعيين مايك هاكابي سفيراً لإسرائيل فصلاً جديداً في الدبلوماسية الأميركية؟

أرشيفية لحاكم ولاية آركنسو السابق مايك هاكابي خلال فعالية في بنسلفانيا (أ.ب)
أرشيفية لحاكم ولاية آركنسو السابق مايك هاكابي خلال فعالية في بنسلفانيا (أ.ب)

شهدت جلسة تأكيد تعيين مايك هاكابي، مرشح الرئيس الأميركي لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، يوم الثلاثاء، كثيراً من الجدل والأسئلة حول الدور الذي سيؤديه حال تعيينه، وهو المعروف بتأييده القوي لإسرائيل وإقامة المستوطنات وضمّ الضفة الغربية، ورفضه حلّ الدولتين.

ويخشى كثيرون أن تؤدي تداعيات تعيين هاكابي في المنصب إلى تعقيد مشهد جيوسياسي غير مستقر في الأساس، وتدور أسئلة حول كيفية تعامله مع ما يكتنف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية من معارضة عربية ودولية.

وكرّر هاكابي خلال الجلسة التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ تصريحات سابقة، عدّ فيها أن الضفة الغربية «جزء شرعي من إسرائيل»، وأبدى دعماً لإقامة المستوطنات فيها، لكنه أكد أنه سيتحدث باسم الإدارة الأميركية بصفته سفيراً، دون التعبير عن آرائه الخاصة. وقاطع عدة أعضاء مؤيدين للفلسطينيين حديثه أمام اللجنة، وأخرجهم الأمن من القاعة.

وقال هاكابي إنه سيعمل على التأكد من أن «حماس» لن يكون لها مكان في المستقبل.

وفيما يتعلق بإيران، أشاد بسياسات الرئيس دونالد ترمب خلال ولايته الأولى، التي تمثلت في ممارسة الضغوط القصوى عليها.

من هو هاكابي؟

مايك هاكابي مسيحي إنجيلي معروف بتأييده القوي لإسرائيل، وقد اختاره ترمب لتولي هذا المنصب بعد بضعة أيام من فوزه بالرئاسة.

شغل من قبل منصب حاكم ولاية آركنسو، ومن شأن تعيينه سفيراً لدى إسرائيل أن يزيد الوضع تعقيداً في الشرق الأوسط، فتاريخه وتصريحاته المؤيدة لإسرائيل كثيراً ما تثير الجدل، فهو يعارض فكرة حل الدولتين، ووصف نفسه مراراً بأنه «صهيوني».

أيّد هاكابي سياسات ترمب خلال ولايته الأولى حين اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقرر نقل السفارة الأميركية إليها، وكذلك اعترافه بضم مرتفعات الجولان. وأشاد باتفاقات إبراهيم التي رعاها ترمب لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح مايك هاكابي حاكم آركنسو السابق (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح مايك هاكابي حاكم آركنسو السابق (أ.ف.ب)

ودافع هاكابي مراراً عن حقّ إسرائيل في ضم الضفة الغربية، ويصرّ على استخدام اسمها التوراتي «يهودا والسامرة».

وأصدرت اللجنة اليهودية الأميركية بياناً قالت فيه إنها تتطلع للعمل مع هاكابي ومبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وترسيخ الروابط بين يهود أميركا وإسرائيل.

في المقابل، عارض جيريمي بن عامي، رئيس منظمة «جي ستريت» اليهودية، تعيين هاكابي، وأرسل رسالة إلى لجنة الشؤون الخارجية قال فيها إن تبني هاكابي للضمّ وتأييده المستوطنين المتطرفين «يتناقض بشكل صارخ مع القيم الديمقراطية التي تتمسك بها الغالبية العظمى من مجتمعنا».

وشدّد بن عامي على أن آراء هاكابي يمكن أن تقوض المصالح الأميركية والالتزام المعلن من جانب الإدارة بالسعي إلى تحقيق السلام والأمن الإقليميين على المدى الطويل. وقال: «أحثّ أعضاء مجلس الشيوخ على التصويت بـ(لا) على تأكيد تعيينه».

وفد إسرائيلي إلى واشنطن

تأتي جلسة الاستماع في وقت يجهد فيه الوسطاء العرب والأميركيون للتوصل إلى مسار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما تتزامن مع محادثات وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر مع مسؤولي الإدارة الأميركية حول خطط الجيش للسيطرة على غزة.

ويصل ديرمر مع وفد إسرائيلي من الموساد والجيش ومسؤولين في الخارجية الإسرائيلية إلى العاصمة واشنطن، مساء الثلاثاء. ومن المقرر أن يلتقي مع مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز ومسؤولين في الاستخبارات الأميركية ووزارتي الدفاع والخارجية خلال الأسبوع الحالي.

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد أشارت إلى مخططات إسرائيلية لاحتلال قطاع غزة بأكمله لعدة أشهر، وإجلاء النساء والأطفال والمدنيين إلى أماكن حماية إنسانية، وفرض حصار على من يتبقى داخل القطاع.


مقالات ذات صلة

تحذيرات لإيران من «مجازفة الحرب»

شؤون إقليمية رسام إيراني يرسم إحدى الجداريات المناهضة للولايات المتحدة في طهران (إ.ب.أ)

تحذيرات لإيران من «مجازفة الحرب»

أطلق مسؤولون غربيون تحذيرات جديدة من أن إيران ستتعرض إلى ضربات قوية في حال رفضت عرض التفاوض الذي يقدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب مجتمعاً بأعضاء حكومته في البيت الأبيض 24 مارس (رويترز)

ترمب يقاوم ضغوط إقالة مستشاريه بعد «فضيحة سيغنال»

كشفت «فضيحة سيغنال» عن اختلاف جوهري في مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإدارة حكومته بين ولايتيه الأولى والثانية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حديثه في فعالية بالبيت الأبيض (رويترز)

ترمب يضغط لتصعيد الرسوم الجمركية

حث الرئيس الأميركي دونالد ترمب كبار مستشاريه على اتخاذ موقف أكثر حزماً بشأن الرسوم الجمركية واستعداد الإدارة الأميركية لتصعيد كبير في حربها التجارية العالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري تجمع احتجاجي كبير ضد السلطة في بلغراد (أ.ب)

تحليل إخباري الاحتجاجات في صربيا تحرّك بروكسل... وبلغراد تبحث عن «الركيزة الرابعة»

يرى ساسة ومحللون كثر أن الاتحاد الأوروبي تأخر في التعبير عن موقفه مما يجري في صربيا، الدولة المهمة بمنطقة غرب البلقان.

أنطوان الحاج
أوروبا علَمان لغرينلاند يظهران أمام تمثال في نوك (أ.ب)

الدنمارك منزعجة من طريقة حديث إدارة ترمب عن غرينلاند

أعلن وزير الخارجية الدنماركي اليوم (السبت)، أنّ بلاده «لا تستسيغ نبرة» نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس الذي انتقد بشدّة ما وصفه بتقاعس الدنمارك بشأن غرينلاند.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

ترمب يقاوم ضغوط إقالة مستشاريه بعد «فضيحة سيغنال»

الرئيس دونالد ترمب مجتمعاً بأعضاء حكومته في البيت الأبيض 24 مارس (رويترز)
الرئيس دونالد ترمب مجتمعاً بأعضاء حكومته في البيت الأبيض 24 مارس (رويترز)
TT
20

ترمب يقاوم ضغوط إقالة مستشاريه بعد «فضيحة سيغنال»

الرئيس دونالد ترمب مجتمعاً بأعضاء حكومته في البيت الأبيض 24 مارس (رويترز)
الرئيس دونالد ترمب مجتمعاً بأعضاء حكومته في البيت الأبيض 24 مارس (رويترز)

كشفت «فضيحة سيغنال» أو «سيغنال غيت» كما أصبحت تعرف في الإعلام الأميركي، عن اختلاف جوهري في مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإدارة حكومته بين ولايتيه الأولى والثانية.

فقد كان ترمب في ولايته الأولى حديث العهد بالسياسة، ومحاطاً بجملة من السياسيين المخضرمين وآخرين قادمين من خارج دوائر صنع القرار ومعجبين بخطابه الشعبوي الذي يدعو إلى كسر «تقاليد اتخاذ القرار» في واشنطن. وكان ترمب ينتقد علناً وبحدّة أي «هفوة» أو خطأ صادر من أي مسؤول عيّنه في إدارته الأولى، ولا يتردّد في إطلاق عبارته الشهيرة «أنت مطرود»، التي عرف بها في برنامجه التلفزيوني «أبرنتيس»، لإنهاء خدمة مسؤولين في مناصب رفيعة.

إلا أنه مقاربته في ولايته الثانية تبدو مختلفة، من ناحية تمسّكه بأعضاء حكومته الذين عيّنهم بناءً على مستوى «ولائهم» له ولسياساته.

ترمب يغير مقاربته

اليوم، وبعد الكشف عن تفاصيل «دردشة سيغنال» التي تداول فيها كبار مسؤولي الأمن القومي ووزارة الدفاع خطط العملية العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، على تطبيق غير آمن، توقّع البعض أن يلجأ ترمب مجدداً لعبارة «أنت مطرود»؛ خصوصاً أنه انتقد رفض الرئيس السابق، جو بايدن، إقالة أي مسؤول في إدارته رغم «الفضائح» التي تورطوا فيها.

وخلال المناظرة الرئاسية الوحيدة بين بايدن وترمب العام الماضي، انتقد الرئيس الـ47 سلفه بسبب عدم طرده أي مسؤول عسكري أو مدني بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان. وقبلها انتقده بسبب عدم طرده لوزير الدفاع لويد أوستن الذي تغيب عن مهامه جراء خضوعه لعملية جراحية من دون إبلاغ رئيسه.

وبينما لا تزال تداعيات فضيحة سيغنال مستمرة، يواجه ترمب ضغوطاً متصاعدة لمعاقبة أحد المتورّطين فيها، ولا سيّما مستشار الأمن القومي مايك والتز، الذي أقرّ بإضافة صحافي أميركي بارز يدعى جيفري غولدبيرغ، للمحادثة.

مايك والتز مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض 25 مارس (رويترز)
مايك والتز مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض 25 مارس (رويترز)

ويرى البعض أن أسباباً عدة تقف وراء إحجام ترمب عن طرد موظفي إدارته الثانية، حتى الآن. وبعدما كان فوزه في انتخابات 2016 مفاجئاً له ولفريقه، كان مجبراً على الاعتماد بشكل أكبر على سياسيي واشنطن. لكن فوزه الكاسح في انتخابات 2024 منحه تفويضاً ليس لتنفيذ إرادة الشعب كما يراها فحسب، بل الوقوف في وجه معارضيه كذلك.

ويشعر ترمب هذه المرة أن أحداً لا يمكنه أن يملي عليه ما يجب فعله. فهو الآن محاط إما بمستشارين تعلموا من أخطاء ولايته الأولى، أو من الموالين له بشدة، ويرفضون المبالغة في ردود الفعل التي يمكن أن تشوه أجندته الرئاسية. وخلافاً لما يُشاع عن وجود انقسامات بين فريق عمله الحكومي، سواء على قضايا السياسات الخارجية أو الداخلية، يدرك الجميع أن ترمب يمسك، ليس فقط بزمام إدارته، ولكن الأهم من ذلك، بحزب أعاد تشكيله على صورته، بعدما حيّد إلى حد كبير من منتقديه الداخليين الذين قد يوجهون انتقادات لاذعة لتعييناته.

«لا تنازل» للمعارضين

يرى البيت الأبيض في فضيحة «سيغنال» أنها أول أزمة حقيقية في ولاية ترمب الثانية. ورغم ذلك، لا يُظهر ترمب أي علامات على التنازل وطرد والتز، أو غيره من المتورّطين في «الدردشة المسرّبة». وبينما يقترح بعض المحافظين أن يكون والتز «كبش فداء»، فإن ترمب يقاوم اتخاذ خطوة يشتبه بعض مساعديه أنها ستؤدي ببساطة إلى تأجيج الانتقادات.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في حفل إفطار في البيت الأبيض مساء الخميس (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في حفل إفطار في البيت الأبيض مساء الخميس (إ.ب.أ)

وصرّح ترمب للصحافيين هذا الأسبوع بأن والتز «يبذل قصارى جهده» ولا يحتاج إلى اعتذار. وعندما سُئل عما إذا كان ينبغي لوزير دفاعه بيت هيغسيث إعادة النظر في موقفه، عدّ ترمب الأمر «حملة شعواء» وقال إنه «لا علاقة له» بالتسريب.

ونقلت شبكة «سيمافور» عن السيناتور الديمقراطي جون فيترمان، الذي التقى ترمب شخصياً بعد الانتخابات، وصوّت إلى جانب الجمهوريين لتمرير بعض القوانين، قوله إنه «ليس مندهشاً» من أسلوب ترمب. وأضاف: «لقد اتبعت (الإدارة) نفس الأسلوب: لا تعتذروا أبداً، لا تعترفوا أبداً، وامضوا قدماً. والمفاجأة الوحيدة ستكون إذا ما انقلبوا». ولمح إلى أن ترمب قد يكون محقاً في افتراضه أن واشنطن ستتجاوز ذلك: «أعتقد أن التاريخ علّمهم، أننا جميعاً سنتجاوز ذلك في النهاية، وسنتحدث عن شيء مختلف».

تعميق الهوة مع الديمقراطيين

وبينما يأمل حلفاء ترمب أن يستمر على موقفه ومقاربته الجديدة، يرى الرئيس أن الفرصة لا تزال متاحة أمامه لتعميق الهوة بين «حزبه» الجمهوري، والديمقراطيين الذين دخل حزبهم، ولا يزال، في أزمة عميقة منذ خسارتهم الانتخابات، ويجهدون لتوحيد صفوفهم.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث وإيلون ماسك خلال زيارته مبنى البنتاغون 21 مارس (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث وإيلون ماسك خلال زيارته مبنى البنتاغون 21 مارس (رويترز)

ورغم انخفاض نسبة تأييده إلى أقل من 50 في المائة بعد أكثر من شهرين من عودته إلى البيت الأبيض، يراهن ترمب ليس فقط على تخبط الديمقراطيين، بل وعلى ضعف الاعتراضات الشعبية على إجراءاته وأوامره التنفيذية التي عدّها البعض مدمرة، واقتصارها على معارك أبطالها «قضاة مُسيّسون» ينبغي إقالتهم. ويرى العديد من مسؤولي إدارة ترمب أنه كلّما زادت دعوة الديمقراطيين ومعارضيه إلى طرد شخص ما، زاد احتمال مقاومته للقيام بذلك.