كيف تدرِّب موظفيك على تقبُّل نمو الذكاء الاصطناعي؟

الغالبية تنقصهم الثقة في كيفية استخدامه

كيف تدرِّب موظفيك على تقبُّل نمو الذكاء الاصطناعي؟
TT
20

كيف تدرِّب موظفيك على تقبُّل نمو الذكاء الاصطناعي؟

كيف تدرِّب موظفيك على تقبُّل نمو الذكاء الاصطناعي؟

تشهد أماكن عملنا ثورة تكنولوجية جديدة، مدفوعة بالنمو السريع للذكاء الاصطناعي. ويُحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي تغييراً جذرياً في طريقة عملنا. لذا، ويوماً ما، سننظر إلى الوراء ونتساءل: كيف كنا نؤدي وظائفنا من دون هذه التكنولوجيا؟ كما كتب دانييل ماكماهان*.

مرحلة اكتشاف الذكاء الاصطناعي في العمل

ولكن ليس اليوم.؛ إذ لا يزال كثير منا يعيش مرحلة اكتشاف الذكاء الاصطناعي في العمل، ونواجه تناقضاً كبيراً. ويشعر الموظفون بفضول كبير حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملهم وتسريع نموهم، ولكن قلة قليلة منهم تشعر بمعرفة كيفية القيام بذلك.

نقص الثقة

توضح نتائج استطلاع رأي حديث أجرته شركة «وايلي» وشمل نحو مائتي فرد من مختلف الأدوار الوظيفية والقطاعات، هذا الأمر. إذ أفادت الغالبية العظمى (76 في المائة) من المشاركين في استطلاعنا بنقص ثقتهم في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل.

وأظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة «غالوب» نتائج مماثلة؛ حيث أفاد 6 في المائة فقط من الموظفين بأنهم يشعرون براحة تامة عند استخدام الذكاء الاصطناعي في أدوارهم، بينما أفاد نحو الثلث بأنهم يشعرون بعدم ارتياح شديد.

مشاعر توتر الموظفين والمديرين

ويشعر الموظفون بالتوتر حيال الذكاء الاصطناعي؛ إذ إن هذا التحول مُرهق؛ حيث قال جميع المشاركين تقريباً (96 في المائة) في استطلاع «وايلي» إنهم يعانون درجة ما من التوتر حيال التغيير في العمل.

وأفاد أكثر من النصف بمستويات معتدلة على الأقل من القلق في أثناء تعاملهم مع تعقيدات اعتماد الذكاء الاصطناعي. وهذا أمر طبيعي تماماً أمام تغيرات بهذا الحجم. وتُولِّد تطبيقات الذكاء الاصطناعي مشاعر تتعلق بقلة الأمان الوظيفي، وخوفاً عاماً من هذا المجهول الجديد.

غالباً ما يلجأ الموظفون إلى المشرفين عليهم طلباً للتوجيه، خلال فترات التغيير في العمل. ولكن بينما قال غالبية المشاركين في استطلاعنا إن مديرهم يدعم جهودهم لدمج الذكاء الاصطناعي، أفاد 34 في المائة فقط من المديرين أنفسهم بأنهم يشعرون بأنهم مستعدون لدمج الذكاء الاصطناعي في العمل. وهذا يؤدي في النهاية إلى مزيد من التوتر والقلق لكل من المديرين والموظفين نتيجة لذلك.

تجاوز الحواجز النفسية

الذكاء الاصطناعي لن يختفي. ولتحقيق النجاح في العمل، علينا جميعاً تجاوز الحواجز النفسية واحتضان الذكاء الاصطناعي. ولا يقتصر الأمر على مواكبة أحدث الاتجاهات التكنولوجية فحسب؛ بل يتعلق أيضاً بتسهيل العمل لتمكين الشركات من المنافسة في قطاعاتها، وتمكين الزملاء من تسريع مسيرتهم المهنية.

إن عدم تعزيز الوصول إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتبنيها، قد يؤدي بسهولة إلى فقدان الشركات ميزتها التنافسية في السوق؛ لذا يجب أن تكون الأولوية الأولى للرؤساء هي حث الجميع على تبني الذكاء الاصطناعي في عملهم اليومي. عملياً، يعني هذا على الأرجح زيادة توفر الأدوات؛ إذ لا يمكن للموظفين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي إذا لم تكن متاحة لهم بسهولة.

تطوير المهارات

لكن نجاح تبني الذكاء الاصطناعي لا يتوقف على مجرد الوصول إليه؛ بل يحتاج الموظفون إلى معرفة كيفية استخدام هذه الأدوات والقيام بذلك بمسؤولية، مع وضع حواجز حماية خاصة بأدوارهم. ويُعد الاستثمار في تطوير المهارات أمراً بالغ الأهمية لاجتياز هذا التحول. وهذا يتطلب من المؤسسات اتباع نهج متعدد الجوانب، يشمل:

- التدريب والدعم والتواصل والشفافية: عندما يفهم الناس ما يفعلونه ولماذا يفعلونه، يزداد احتمال تقبُّلهم للتغيير.

- ساعد موظفيك على الشعور بالراحة عند استخدام الذكاء الاصطناعي: وفقاً لاستطلاعنا، يمكن للشركات مساعدة موظفيها على الشعور بالراحة عند استخدام هذه التقنية، من خلال تزويدهم بثلاثة أمور: توقعات واضحة حول استخدام الذكاء الاصطناعي؛ إذ يحتاج الموظفون إلى توقعات واضحة لتوجيه استخدامهم للذكاء الاصطناعي، نظراً للمخاطر التي ينطوي عليها. قد يتطلب هذا كثيراً من الخطوات المختلفة لإدارة هذه المخاطر، بناءً على ما هو الأنسب لمؤسستك. إحدى الطرق لتحقيق ذلك هي وضع إطار عمل لضوابط المخاطر يتناسب مع حجم مؤسستك.

من المهم أيضاً أن يكون قادة الشركة قدوة في استخدام الذكاء الاصطناعي، ويدعمونه بين الموظفين.

فهم استراتيجي والتدريب على دمج الذكاء

- فهم واضح لاستراتيجية المؤسسة: إصدار بيان واضح حول دور الذكاء الاصطناعي في استراتيجية مؤسستك يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً. فكِّر في جمع خبراء داخليين متخصصين -سواء كانوا خبراء في الأعمال أو التكنولوجيا أو القانون أو الاتصالات- لتوجيه الاستراتيجية، ووضع معايير للاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي في مؤسستك.

- التدريب على طرق دمج الذكاء الاصطناعي: بمجرد أن يعتاد الموظفون على الأداة، عليك تدريبهم على استخدامها فعلياً. يُعد تدريب المديرين واعتمادهم لها عنصرين أساسيين؛ حيث يلجأ كثيرون إلى مشرفيهم المباشرين طلباً للمساعدة. هذه المجموعة بالغة الأهمية في تحفيز فرقهم وتشجيعهم.

هل سيُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً فريداً في مكان العمل؟ ربما. هل يُثقل كاهل كثيرين؟ بالتأكيد. ولكن إذا تركنا أنفسنا وفرقنا ومؤسساتنا تحت ضغط هائل، فلن نُدرك أبداً كل الإمكانات التي يُقدمها الذكاء الاصطناعي.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

عبر الروبوتات والمسيّرات... الذكاء الاصطناعي يعيد رسم ملامح الحياة اليومية في الصين

تكنولوجيا رافق الروبوتات مدربون من البشر وكان على بعضهم دعم الآلات جسدياً أثناء السباق (رويترز) play-circle

عبر الروبوتات والمسيّرات... الذكاء الاصطناعي يعيد رسم ملامح الحياة اليومية في الصين

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خطوط برمجية غير مرئية، بل صار يتجسد في آلات تسير، تطهو، تراقب وتغني -مرحباً بمرحلة «الذكاء الاصطناعي المجسّد».

الاقتصاد تظهر صفحة بحث «غوغل» من خلال عدسة مكبرة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

وزارة العدل الأميركية تقاضي «غوغل» لإجبارها على بيع متصفح «كروم»

تواجه شركة «غوغل»، التابعة لشركة «ألفابت»، محاكمة تاريخية يوم الاثنين، حيث تسعى وزارة العدل الأميركية إلى إجبار عملاق التكنولوجيا على بيع متصفح «كروم».

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا )
خاص الرؤية المستقبلية لـ«غوغل» ترتكز على تعدد الوسائط وتعاون العوامل الذكية وديمقراطية بناء حلول الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

خاص ما بعد النماذج الضخمة... «غوغل» تمهّد لعصر الذكاء التعاوني متعدد الوسائط

«غوغل» تكشف في «كلاود نكست 2025» عن تحول الذكاء الاصطناعي من النماذج إلى الإنتاج، مؤكدة أن العوامل الذكية تقود مستقبل الأعمال والابتكار.

نسيم رمضان (لاس فيغاس)
يوميات الشرق «شيشة» ماكرون (إنستغرام)

أبرز 10 «إفيهات» صنعها المصريون بالذكاء الاصطناعي

برع مصريون في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعبير عن حسهم الساخر وطباعهم الكوميدية في مجالات السياسة والرياضة والفن.

رحاب عليوة (القاهرة )
المشرق العربي الجيش الإسرائيلي يستخدم جرافات «روب دوزر» في محاولة لتعزيز عملياته وتقليل المخاطر على قواته (أرشيفية)

الجيش الإسرائيلي يستخدم جرافات من دون سائق لتقليل المخاطر على قواته

بدأ الجيش الإسرائيلي خلال الحرب في غزة استخدام جرافات «روب دوزر» التي تعمل من دون سائق، ويمكن تشغيلها عن بُعد في محاولة لتقليل المخاطر على قواته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

التحكم في حموضة الخلايا قد يكون مفتاحاً لعلاج أمراض المناعة الذاتية

التحكم في حموضة الخلايا قد يكون مفتاحاً لعلاج أمراض المناعة الذاتية
TT
20

التحكم في حموضة الخلايا قد يكون مفتاحاً لعلاج أمراض المناعة الذاتية

التحكم في حموضة الخلايا قد يكون مفتاحاً لعلاج أمراض المناعة الذاتية

أظهرت دراسة رائدة أجراها باحثون في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، أن التحكم في حموضة الخلايا قد يمهد الطريق لعلاجات جديدة لأمراض المناعة الذاتية. وتقدم الدراسة أدلة قوية على أن تنظيم تفاعل بروتيني محدد يمكن أن يقلل الالتهاب الشديد، وهو السمة المميزة لكثير من اضطرابات المناعة الذاتية.

خلل بروتين يحفز الالتهابات

وتركز البحث على بروتين يُعرف بـ«محفز جينات الإنترفيرون» (STING) Stimulator of interferon genes، ويلعب دوراً حاسماً في تحفيز الالتهاب اللازم للدفاع المناعي. ففي الظروف الطبيعية، يساعد هذا البروتين في حماية الجسم من العدوى، لكن عند حدوث طفرات جينية تؤدي إلى خلل في عمله، قد ينشط بشكل مفرط، ما يسبب استجابة التهابية غير طبيعية. ومن بين الآثار الخطيرة لهذا الخلل؛ وجود حالة اعتلال الأوعية الدموية المرتبطة بهذا البروتين التي تبدأ في مرحلة الطفولة، وتسبب التهابات شديدة في الجلد والرئتين وأعضاء حيوية أخرى. وقد شُخّص أكثر من 50 حالة من هذا الاعتلال منذ عام 1980، وغالباً ما يؤدي إلى وفاة المرضى في العشرينات الأولى من حياتهم.

وبالإضافة إلى دوره في تحفيز الالتهاب، يسهم بروتين محفز جينات الإنترفيرون في تنظيم حموضة جهاز «غولجي»، وهو الهيكل الخلوي المسؤول عن معالجة وتغليف ونقل البروتينات والدهون. ويُعدّ نقل السيتوكينات البروتينات المهمة لنمو ونشاط الجهاز المناعي، من الوظائف الحيوية التي يتأثر نظامها بتقلب مستويات الحموضة في جهاز «غولجي».

اكتشاف بروتين «مساعد» وإزالته لتقليل الالتهاب

قاد الدكتور جوناثان مينر وفريقه البحثي في جامعة بنسلفانيا بالدراسة التي نُشرت في مجلة «Cell» في 20 مارس (آذار) 2025، حيث سعى الفريق إلى كشف الآليات الدقيقة التي ينظم بها بروتين محفز جينات الإنترفيرون حموضة جهاز «غولجي» (Golgi apparatus). وكان معروفاً أن هذا البروتين يؤثر على الحموضة عبر نشاط قنوات البروتون، وهو النظام الذي يسمح لذرات الهيدروجين بالانتقال عبر أغشية الخلايا. إلا أن الطريقة التي يتحكم بها في الحموضة، لم تكن واضحة حتى الآن.

إلا أن مسار البحث تغير عندما أشارت نتائج الفحص الجيني لمريض مصاب بمتلازمة نقص المناعة الذاتية، إلى وجود بروتين آخر يُدعى «ArfGAP2». ويُوصف هذا البروتين بأنه «مساعد»، حيث يؤثر بشكل مباشر على نشاط قنوات البروتون في محفز جينات الإنترفيرون.

وأظهر البحث أن حذف هذا البروتين المساعد، وراثياً، في النماذج المختبرية، يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في نشاط بروتين محفز جينات الإنترفيرون، ما يصاحبه تقليل في الالتهاب وتخفيف أعراض أمراض المناعة الذاتية. وعلق مينر قائلاً: «من اللافت للنظر أن شيئاً صغيراً كحموضة عضية صغيرة داخل الخلية، يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً كهذا».

علاج أمراض المناعة الذاتية

تمتد نتائج هذه الدراسة إلى ما هو أبعد من حالة اعتلال الأوعية الدموية النادرة المرتبطة بهذا البروتين. فبما أن بروتين محفز جينات الإنترفيرون يلعب دوراً في تنظيم المناعة بمئات الأمراض، بما في ذلك بعض أشكال الذئبة وأمراض أخرى، فإن استهداف التفاعل بين محفز جينات الإنترفيرون والبروتين المساعد، قد يوفر استراتيجية علاجية جديدة لإدارة مجموعة واسعة من اضطرابات المناعة الذاتية.

وتشير النتائج إلى أن تعطيل هذا التفاعل قد يسهم في تعديل نشاط قنوات البروتون، وبالتالي تحسين حموضة جهاز «غولجي»، مما ينعكس إيجاباً على تنظيم السيتوكينات وخفض مستويات الالتهاب. ومن هنا، يُمكن أن يؤدي هذا التعديل إلى تخفيف أعراض الأمراض المناعية، وتحسين جودة حياة المرضى.

آفاق لتطوير أدوية مستقبلية

يعمل الباحثون الآن على ترجمة نتائجهم المختبرية إلى تطبيقات علاجية عملية، ومن بين الاستراتيجيات الواعدة؛ تطوير أدوية صغيرة تُعطى عن طريق الفم لتعطيل وظيفة البروتين المساعد (ArfGAP2). هذه الأدوية قد توفر خياراً علاجياً أقل تدخلاً وأسهل استخداماً، مقارنةً بالعلاجات التقليدية التي غالباً ما تكون مصحوبة بآثار جانبية خطيرة.

ويختتم الدكتور مينر حديثه قائلاً: «لا يقتصر بحثنا على تسليط الضوء على الأسس الجينية للمناعة الذاتية فحسب؛ بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة لعلاجات ثورية تهدف إلى تحسين حياة الملايين». ومع استمرار الأبحاث والتجارب السريرية، يقترب الأمل في إيجاد حلول فعالة ومبتكرة لإدارة الأمراض المناعية الذاتية من التحقيق.

ويمثل التحكم في حموضة الخلايا تقدماً علمياً مهماً قد يغير مستقبل علاج أمراض المناعة الذاتية. وبينما يظل البحث في مراحله الأولية، توفر النتائج الأولية أملاً جديداً للمرضى الذين يعانون من التهابات مزمنة واضطرابات مناعية محدودة الخيارات العلاجية. ومع الجهود المستمرة لتطوير هذه الاستراتيجيات، قد نشهد قريباً تحولاً جذرياً في كيفية إدارة وعلاج أمراض المناعة الذاتية.