ما بعد النماذج الضخمة... «غوغل» تمهّد لعصر الذكاء التعاوني متعدد الوسائط

«غوغل»: 30 % من كود برمجياتنا يُكتب بالذكاء الاصطناعي

الرؤية المستقبلية لـ«غوغل» ترتكز على تعدد الوسائط وتعاون العوامل الذكية وديمقراطية بناء حلول الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
الرؤية المستقبلية لـ«غوغل» ترتكز على تعدد الوسائط وتعاون العوامل الذكية وديمقراطية بناء حلول الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
TT

ما بعد النماذج الضخمة... «غوغل» تمهّد لعصر الذكاء التعاوني متعدد الوسائط

الرؤية المستقبلية لـ«غوغل» ترتكز على تعدد الوسائط وتعاون العوامل الذكية وديمقراطية بناء حلول الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)
الرؤية المستقبلية لـ«غوغل» ترتكز على تعدد الوسائط وتعاون العوامل الذكية وديمقراطية بناء حلول الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

لم يعد الذكاء الاصطناعي حكراً على المختبرات أو النماذج الأولية، بل أصبح ضرورة تشغيلية في مختلف الصناعات. خلال جلسة شيقة حضرتها «الشرق الأوسط» على هامش حدث «غوغل كلاود نكست 2025» في مدينة لاس فيغاس الأميركية، قدّم ويل غرانيس، الرئيس التقني للشركة، إلى جانب كبار المسؤولين، رؤية شاملة حول كيفية بناء «غوغل» لأنظمة متكاملة تجعل الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة، قابلاً للتوسع، وقادراً على إحداث تحوّل حقيقي. قال غرانيس: «قبل عام كنا نتحدث عن النماذج الأولية، أما الآن نتحدث عن الإنتاج الفعلي». وأضاف أن اليوم هناك أكثر من 500 شركة تعمل بالفعل في الإنتاج باستخدام تقنيات «غوغل كلاود»، وهو إنجاز يؤكد «أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد توجه مستقبلي، بل هو واقع حالي وأولوية في الأعمال».

ويل غرانيس الرئيس التقني لـ«غوغل كلاود» (الشرق الأوسط)

في صلب رؤية «غوغل كلاود» يكمن مفهوم «الذكاء الاصطناعي العاملي» (Agentic AI) وهو تطوّر من أدوات تعتمد على المهام إلى أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات والتعاون والتعلم.

يرى غرانيس أن «غوغل كلاود» أصبح الوجهة الواحدة للذكاء الاصطناعي المؤسسي. تعمل «غوغل كلاود» كنقطة التقاء للتقنيات المتقدمة من مختلف أقسام شركة «ألفابيت» (Alphabet) من بنية «Pathways» في «ديب مايند» (DeepMind) إلى نماذج الطقس الجديدة، ما يجعل الابتكار أكثر واقعية وسهل التطبيق.

الذكاء الاصطناعي في صميم تطوير البرمجيات

ذكاء «غوغل» لا يقتصر على عملائه، بل يشمل بنيته الداخلية أيضاً. تشير البيانات إلى أن 30 في المائة من كود البرمجيات في «غوغل» يُكتب اليوم بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويردف غرانيس أنه «تم تجاوز مرحلة فهم الكود... الذكاء الاصطناعي بات يشارك في التخطيط والتصميم والتنفيذ». هذا الإنجاز يُثبت لعملاء «غوغل» أن الذكاء الاصطناعي يمكن دمجه في كامل دورة حياة تطوير البرمجيات من التحليل إلى الإنتاج.

30 % من كود البرمجيات في «غوغل» يُنتج حالياً بواسطة الذكاء الاصطناعي ويشارك في مراحل التخطيط والتصميم والتنفيذ (شاترستوك)

بناء الأعمال باستخدام العوامل الذكية

أشار مدير الذكاء الاصطناعي أشوين رام الذي حضر الجلسة أيضاً إلى أن العوامل الذكية لم تعد حكراً على المطورين. من خلال أدوات مثل «Vertex AI Agent Builder» يمكن لأي شخص بناء عوامل ذكية دون كتابة سطر واحد من الكود. وأضاف رام: «نحن نعيش ثورة التطبيقات المصغّرة (Micro Apps) وهناك أكثر من 1000 عامل ذكي يتم بناؤها حالياً من قبل شركائنا في مختلف القطاعات». وضرب رام مثالاً على سلسلة الوجبات السريعة «وينديز» (Wendy’s) التي دمجت تقنيات «جيمناي» و«Vertex AI» لإنشاء تجربة صوتية ذكية في خدمة السيارات، ما ساعدها على الانتقال من مرحلة التجريب إلى الانتشار في آلاف الفروع خلال عام واحد.

الثقة والأمان: أساس بناء الذكاء الاصطناعي

أبرز غرانيس أهمية الثقة كمبدأ رئيسي قائلاً: «الثقة تُبنى من خلال المشاركة». تشمل بنية الأمان في «غوغل» أدوات الشرح والشفافية (Explainable AI) وعزل البيانات والتحكم بالخدمة (VPC) ومفاتيح تشفير مُدارة من قبل العملاء. كذلك أدوات مثل «NotebookLM» التي توثق مصدر كل معلومة. وأكد غرانيس أن العمق في الحماية أهم من التغطية السطحية، وهذه هي فلسفة «غوغل» في بناء أنظمة مقاومة للاحتيال منذ البداية.

«غوغل كلاود»: الذكاء الاصطناعي لم يعد تجربة مختبرية بل دخل مرحلة الإنتاج الفعلي على نطاق واسع (شاترستوك)

البنية التحتية للمستقبل متعدد العوامل

تنظر «غوغل» إلى المستقبل باعتباره عالماً من العوامل الذكية المتعاونة. يشمل ذلك بروتوكول «MCP» لتواصل النماذج وبروتوكول «Agent-to-Agent» لتواصل العوامل فيما بينها. أيضاً يضم أدوات مثل «Vertex AI Live Stream» لمعالجة الفيديو والتفاعل مع المحتوى المباشر. كما فتحت «غوغل» شبكتها الداخلية «Cloud WAN» للعملاء، مع تحسين في السرعة بنسبة 40 في المائة مقارنةً بالإنترنت التقليدي، ما يدعم التطبيقات العالمية بزمن انتقال منخفض وكفاءة عالية.

ما بعد النماذج اللغوية الضخمة؟

أوضح غرانيس أن المستقبل يقوم على ثلاث ركائز: الأولى هي تعدد الوسائط أي رؤية وصوت وفيديو وحتى رائحة. يرى أن الذكاء الاصطناعي سيتفاعل مع البيئة كما نفعل نحن. ثانياً، العوامل الذكية المتعاونة وهي بيئة من العوامل التي تعمل معاً لحل المهام المعقّدة على مستوى المؤسسة. أما العنصر الثالث فهو الديمقراطية التقنية وموظفو الموارد البشرية والمالية والتسويق، جميعهم سيصبحون منشئي حلول ذكاء اصطناعي، على حد قول غرانيس. ويؤكد أنه «لم يرَ موجة مثل هذه في حياته المهنية... لقد أصبح الجميع يشعر بالراحة في بناء المحتوى والتجارب بأنفسهم».

ما هي نصيحة «غوغل»؟

ينصح غرانيس بـ«البدء من مشكلة حقيقية، والسماح للذكاء الاصطناعي بتعزيز قدرات البشر». مع تزايد قوة الذكاء الاصطناعي، لم يعد السؤال: «ماذا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفعل؟» بل أصبح: «من سيقود استخدامه؟». ويختتم غرانيس جلسته قائلاً: «لست بحاجة إلى أن تكون عالم بيانات لتبني المستقبل. تحتاج فقط إلى الأدوات... والاستعداد للتعلم».


مقالات ذات صلة

علوم 7 اختراقات علمية أحدثت تغيراً نوعياً في أميركا

7 اختراقات علمية أحدثت تغيراً نوعياً في أميركا

نادراً ما يتحرك العلم في خطوط مستقيمة. و«يُطبق» العلم في بعض الأحيان لحل مشكلات محددة، مثل: دعونا نرسل الناس إلى سطح القمر؛ نحن بحاجة إلى لقاح ضد «كوفيد»، كما…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير: تأهيل 40 % من مهارات القطاع المالي السعودي لمواكبة المتغيرات التقنية

أصدرت الأكاديمية المالية السعودية تقريرها الاستراتيجي الجديد الذي يسلّط الضوء على أهمية إعادة تشكيل المهارات في القطاع المالي بوصفها أولوية استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من الجلسات الحوارية في «ملتقى سيدات الأعمال» (الشرق الأوسط) play-circle 01:06

جمانا الراشد: العصر الرقمي اليوم يوفّر بيئة مثالية لصناعة المحتوى

أكدت الرئيسة التنفيذية لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام»، جمانا الراشد، أن العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم يوفّر بيئة مثالية لصناعة المحتوى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص يرى خبراء أن «الطب الشرعي الرقمي» أصبح أداةً أساسيةً في تحقيقات الشركات لمواكبة المتطلبات التنظيمية في السعودية (غيتي)

خاص هل يصبح «الطب الشرعي الرقمي» للبيانات خط الدفاع الأول ضد الجرائم المالية؟

تشهد السعودية تحولاً رقمياً ضمن «رؤية 2030» لا يقتصر على البنية التحتية والخدمات العامة، بل يعيد تشكيل طريقة التعامل مع الامتثال والاحتيال والتحقيقات الداخلية.

نسيم رمضان (فوكيت - تايلاند)

صوت وصورة... فيديوهات مولَّدة بالذكاء الاصطناعي من «غوغل» تدهش المستخدمين

لقطة من فيديو مولد بواسطة أداة Veo 3 للذكاء الاصطناعي (إكس)
لقطة من فيديو مولد بواسطة أداة Veo 3 للذكاء الاصطناعي (إكس)
TT

صوت وصورة... فيديوهات مولَّدة بالذكاء الاصطناعي من «غوغل» تدهش المستخدمين

لقطة من فيديو مولد بواسطة أداة Veo 3 للذكاء الاصطناعي (إكس)
لقطة من فيديو مولد بواسطة أداة Veo 3 للذكاء الاصطناعي (إكس)

دخل الذكاء الاصطناعي حياتنا الشخصية والمهنية من الباب العريض، وتكاد كل الوظائف والقطاعات تتأثر بالأدوات الجديدة التي تُطرح باستخدام هذه التكنولوجيا، من الصحة والتعليم إلى الفن والسينما.

ومؤخراً، يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات مولَّدة بالذكاء الاصطناعي عبر أداة طوَّرتها شركة «غوغل»، حيث يعبّر المستخدمون عن دهشتهم من دقة المشاهد والسيناريوهات ووضوحها وحتى الأصوات.

وانتشرت عبر الإنترنت فيديوهات عدة تُظهر شخصيات تبدو وكأنها بشر حقيقيون، مع دقة في الصوت والأداء والتعبير عن المشاعر؛ الأمر الذي صدم المستخدمين، وأرعب بعضهم.

وتسعى «غوغل» لتسهيل إنشاء مقاطع فيديو مُولَّدة بالذكاء الاصطناعي، ولديها أداة جديدة لتحقيق ذلك. تُسمى هذه الأداة Flow، وأعلنت عنها «غوغل» إلى جانب نموذجها الجديد لتوليد الفيديو Veo 3، والمزيد من عناصر التحكم في نموذج Veo 2، ونموذج جديد لتوليد الصور Imagen 4.

وكتب أحد المستخدمين عبر منصة «إكس»: «يطمس veo3 الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال من خلال الصوت، والالتزام الأقوى بالنص، والتفاصيل المرئية الأكثر ثراءً».

وقال آخر: «الذكاء الاصطناعي يخرج عن السيطرة. في غضون بضع سنوات، أشك في أننا سنتمكن من التمييز بين ما هو حقيقي وما هو زائف».

باستخدام Flow، يمكنك استعمال أدوات مثل تحويل النص ومكونات عدة إلى فيديو. يمكنك القيام بذلك ببساطة، عبر مشاركة بعض الصور التي يمكن لـFlow استخدامها مع بعض العناصر لمساعدة النموذج على تحديد ما تبحث عنه لإنشاء مقاطع مُولَّدة بالذكاء الاصطناعي مدتها ثماني ثوانٍ. بعد ذلك، يمكنك استخدام أدوات بناء المشاهد في Flow لربط مقاطع متعددة معاً، وإنتاج فيديوهات متناسقة ومتكاملة.

تُنافس أداة الذكاء الاصطناعي هذه مُولّد الفيديو Sora من OpenAI، لكن قدرتها على دمج الصوت في الفيديو الذي تُنتجه تُمثّل ميزةً رئيسة. صرّحت الشركة بأنّ Veo 3 يُمكنه دمج الصوت الذي يتضمن حواراً بين الشخصيات، بالإضافة إلى أصوات الحيوانات.

وصرح إيلي كولينز، نائب رئيس قسم منتجات Google DeepMind، في تدوينة يوم الثلاثاء: «يتميّز Veo 3 بأمور بدءاً من النصوص والصور، وصولاً إلى فيزياء العالم الواقعي ومزامنة الشفاه الدقيقة».

تُتاح أداة الذكاء الاصطناعي للفيديو والصوت لمشتركي خطة Google Ultra الجديدة بقيمة 249.99 دولاراً أميركياً شهرياً، والمُوجّهة لعشاق الذكاء الاصطناعي المُتحمّسين. كما سيُتاح Veo 3 لمستخدمي منصة Vertex AI للمؤسسات من «غوغل».