بري لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل تحاول استدراج لبنان للتطبيع

أكد أنها تعطل تنفيذ اتفاق وقف النار... والاستعانة بدبلوماسيين لتطبيقه تطيح به

رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)
TT
20

بري لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل تحاول استدراج لبنان للتطبيع

رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)

يأتي رد إسرائيل بغارات عنيفة على لبنان، لإطلاق 5 صواريخ لا تزال «مجهولة الهوية» باتجاه أراضيها، في سياق الضغط على لبنان لاستدراجه للدخول في مفاوضات سياسية، بخلاف ما نص عليه اتفاق وقف النار الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وتشكلت لجنة «خماسية»، برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، للإشراف على تطبيقه تمهيداً للشروع بتنفيذ القرار.

وفي هذا الصدد، أكد رئيس المجلس النيابي للبناني، نبيه بري، أن «لدى إسرائيل نية لاستدراجنا للدخول في مفاوضات سياسية وصولاً لتطبيع العلاقة بين البلدين، لكننا لسنا في هذا الوارد». وقال بري لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا اتفاق يحظى بدعم دولي وعربي وبتأييد الأمم المتحدة، ونحن نطبّقه ونلتزم بحرفيته، وإسرائيل هي من يعطل تنفيذه وتسعى للالتفاف عليه».

مواطنون يتفقدون أحد المواقع التي استهدفها القصف الإسرائيلي في منطقة صور الجنوبية مساء السبت (أ.ب)
مواطنون يتفقدون أحد المواقع التي استهدفها القصف الإسرائيلي في منطقة صور الجنوبية مساء السبت (أ.ب)

وأضاف بري أن «الجيش اللبناني هو الآن على جهوزيته لاستكمال انتشاره في جنوب الليطاني، لكن المشكلة تكمن برفض إسرائيل الانسحاب من عدد من النقاط، وهذا ما حال دون انتشاره حتى الحدود الدولية بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة (يونيفيل)».

وأكد أن «حزب الله» يلتزم بالاتفاق، ولم يعرقل تنفيذه، وانسحب من جنوب الليطاني، ولم يطلق رصاصة منذ 6 أشهر، رغم أن إسرائيل تمعن في خرقه وتتمادى في اعتداءاتها على البلدات الجنوبية، وصولاً إلى البقاع والحدود الدولية بين لبنان وسوريا، مؤكداً أن «الحزب يمتنع عن الرد على الخروق الإسرائيلية لوقف النار، ويتّبع سياسة ضبط النفس، ويقف خلف الدولة اللبنانية لتطبيق الاتفاق بتثبيت وقف النار».

ورأى رئيس البرلمان أن «الاتفاق الذي تعهدت الولايات المتحدة بتنفيذه ينص على انسحاب إسرائيل، وانتشار الجيش، وإطلاق الأسرى اللبنانيين لديها، لكنها ترفض الانسحاب، وتستمر في اعتداءاتها. وكان آخرها ما حصل في الساعات الماضية، متذرّعة بحجة واهية بإطلاق صواريخ على مستعمرة المطلة».

وتوقف أمام الاقتراح الذي ينص على أن يتشكّل الوفد اللبناني من عسكريين ومدنيين يتمتعون بصفة دبلوماسية للتفاوض في إطلاق الأسرى اللبنانيين، وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها، وتثبيت الحدود اللبنانية - الإسرائيلية استناداً إلى ما نصت عليه اتفاقية الهدنة الموقعة بين البلدين عام 1949. على أن تشمل النقاط المتداخلة التي تحفّظ عليها لبنان والواقعة على الخط الأزرق، وقال إن «مثل هذا الاقتراح غير قابل للبحث لأن مجرد القبول به يعني الإطاحة باتفاق وقف النار الذي يجب أن ينفّذ برعاية الـ(يونيفيل)، وبإشراف اللجنة (الخماسية)».

أورتاغوس إلى المنطقة

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لـ«الشرق الأوسط»، مورغن أورتاغوس، ستصل، في الساعات المقبلة، إلى تل أبيب لإجراء جولة من الاتصالات تشمل القيادة الإسرائيلية، وعلى جدول أعمالها التحضير لورقة عمل هي بمثابة خريطة طريق للبدء بتنفيذ النقاط الثلاث التي كانت تحدثت عنها سابقاً، وتتعلق بإطلاق الأسرى اللبنانيين، وانسحاب إسرائيل، وتحديد الحدود الدولية بين البلدين.

نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلال مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي اللبناني فبراير الماضي (رويترز)
نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلال مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي اللبناني فبراير الماضي (رويترز)

وبحسب المعلومات، فإن زيارتها لبيروت مطروحة، لكن لا شيء نهائياً ما لم تتوصل إلى تفاهم مع رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، وأركان حربه، حول الخطوط العريضة لآلية تطبيق الاتفاق ليكون في وسعها الوقوف على الرأي اللبناني، في محاولة لوضع تطبيقه على نار حامية.

لذلك، ومع أن إسرائيل أسقطت الصواريخ فوق الخط الأزرق، ولم تخترقه لاستهداف مستعمرة المطلة، فإنها سارعت إلى توسيع خروقها لتشمل جنوب الليطاني وشماله وصولاً إلى البقاع، فإنها تدرك سلفاً بأن إطلاقها تم بصورة بدائية وموضوعة خارج الخدمة بالمفهوم العسكري للكلمة، وهي كناية عن «قنابل صوتية لتمرير رسالة مجهولة»، كما يقول مصدر لبناني لـ«الشرق الأوسط»، ولا يترتب عليها، في حال سقوطها بالمنطقة التي تستهدفها، أي تدمير يُذكر.

ولفت المصدر إلى أن إسرائيل تتطلع من خلال توسيع ردّها للضغط على لبنان للدخول في مفاوضات مباشرة. وقال إنها ليست في حاجة إلى ذرائع لتبرير عدوانها، وهي استغلت إطلاق الصواريخ لتواصل ملاحقتها لقيادات وكوادر «حزب الله»، ممن أدرجت أسماءهم في بنك الأهداف، وتستمر في ملاحقتهم لاغتيالهم.

واستغرب المصدر كل ما يقال؛ من أن الرد الإسرائيلي على نطاق واسع يهدف إلى تمرير رسالة نارية لـ«حزب الله» تحذّره من لجوئه مجدداً إلى إشعال الجبهة الجنوبية إسناداً لغزة وتضامناً مع الجماعة الحوثية في اليمن الذين يتعرضون إلى غارات أميركية.

وأكد أن الحزب ليس في وارد إشعال جبهة الجنوب، وهو يعكف الآن على تقييمه للتداعيات التي ترتبت على إسناده لغزة وتحديده للخروق التي مكّنت إسرائيل من اغتيال كبار قادته السياسيين والعسكريين، وأن تمسُّك بعض نوابه ومسؤوليه بثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» ما هو إلا شعار سياسي يبقى قائماً، ولن يكون له من مفاعيل ما دام الحزب يقف خلف الدولة التي تراهن على الخيار الدبلوماسي لتثبيت وقف النار، شرط أن توقف إسرائيل خرقها له.

وقال المصدر إنه ليس في مقدور الحزب، في ضوء سوء تقديره لرد إسرائيل على إسناده لغزة، الخروج عن المزاج الشيعي الذي يراهن على تنفيذ الاتفاق لعودة الجنوبيين إلى بلداتهم المدمرة الواقعة على الخطوط الأمامية قبالة شمال إسرائيل. وأكد أن ما تبقى لديه من قدرات عسكرية لا يسمح له بإقحام الجنوب في مواجهة جديدة.

ورأى أنه لا خيار أمام الحزب سوى التعاطي بواقعية مع الوضع القائم حالياً في الجنوب بعيداً عن المزايدات الشعبوية، آخذاً بعين الاعتبار الاختلال الفادح بموازين القوى الذي أفقده قوة الردع وتوازن الرعب واحتفاظه بقواعد الاشتباك.

قصف إسرائيلي يستهدف جبل الريحان في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
قصف إسرائيلي يستهدف جبل الريحان في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

وعليه، لا يمكن لقيادة الحزب أن تتجاهل إصرار المجتمع الدولي على نزع سلاحه وحصريته بالدولة، وردود الفعل الدولية على إطلاق الصواريخ التي خلت من أي إدانة لإسرائيل لتوسيع عدوانها، وهذا ما يدعوها لترجيح الخيار الدبلوماسي لإلزامها بالانسحاب، انطلاقاً من أن رئيسي الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام يواصلان اتصالاتهما دولياً وعربياً لتأمين شبكة أمان سياسية للبنان للضغط على إسرائيل للانسحاب تمهيداً لتطبيق القرار «1701» بكل مندرجاته.


مقالات ذات صلة

واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب

المشرق العربي 
أورتاغوس نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي في القصر الرئاسي اللبناني خلال زيارتها الأخيرة (أ.ب)

واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب

قال مصدر لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تدفع لبنان لاتفاق مع إسرائيل، يكون «أقل من التطبيع» و«أكبر من اتفاقية الهدنة»، موضحاً أن المقصود به يكمن.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي نازحون سوريون لجأوا إلى مدرسة في قرية المسعودية بمنطقة عكار شمال لبنان... 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 21 ألف شخص فروا من سوريا إلى لبنان مطلع مارس

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم (الثلاثاء)، إن أكثر من 21 ألف شخص فروا من الأعمال العدائية في سوريا هذا الشهر بحثاً عن الأمان في لبنان المجاور.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سلام يستمع إلى شروحات في مطار القليعات بشمال لبنان (رئاسة الحكومة)

سلام يتعهد بضبط الأمن في شمال لبنان ومكافحة التهريب

تعهد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بالحفاظ على الأمن وضبط الاستقرار بمدينة طرابلس في الشمال كما شدّد على ضرورة ضبط الحدود ومكافحة التهريب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)

هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

من أبرز التعديلات المطروحة الإطاحة بما يلحظه لجهة تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، سيشكلون دائرة انتخابية إضافية تُضاف إلى الدوائر الـ15 المعتمدة.

بولا أسطيح (بيروت)
تحليل إخباري مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)

تحليل إخباري إسرائيل تضغط لبنانياً لاتفاق أكبر من الهدنة... وأقل من التطبيع

يترقب لبنان الرسمي الزيارة الموعودة من مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، إلى بيروت، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر المبارك.

محمد شقير (بيروت)

غزة... احتجاجات ضد «حماس» تدعو لوقف الحرب

سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة  يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
TT
20

غزة... احتجاجات ضد «حماس» تدعو لوقف الحرب

سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة  يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)

عرض «حماس» المُلّح بعد 7 أكتوبر:

هدنة 10 سنوات... وترك حكم غزة في تطورٍ لافتٍ، شارك المئات من سكان بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، أمس، في مسيرات احتجاجية هاجمت حركة «حماس»، داعية لوقف الحرب، وسط هتافات بينها «الشعب يريد إبعاد حماس»، و«حماس برا برا».

وجاءت المسيرات بعد ساعات من أوامر إخلاء إسرائيلية لأهالي بيت لاهيا، وحمَّل مشاركون في المظاهرات «حماس» مسؤولية عن أوامر الإخلاء، على خلفية إطلاق عناصرها صواريخ من مناطق قرب بيت لاهيا باتجاه المستوطنات الإسرائيلية. ورفع المشاركون في المسيرة لافتات كُتب عليها: «دماء أطفالنا ليست رخيصة... بدنا نعيش بسلام وأمان... أوقفوا شلال الدماء»، وغيرها من الشعارات التي تطالب بشكل أساسي بوقف الحرب على القطاع واستهداف المدنيين، في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية.

ميدانياً، تواصلت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، أمس، وخلّفت جولتها التصعيدية الحالية، التي بدأت قبل أسبوع تقريباً، أكثر من 792 قتيلاً وأكثر من 1663 جريحاً بحالات متفاوتة، فيما لا تزال هناك ضحايا تحت أنقاض منازل دُمرت على رؤوس ساكنيها.

وأفادت إحصائية لـ«هيئة إنقاذ الطفولة» نشرتها أمس بأن «أكثر من 270 طفلاً في غزة قتلوا خلال أسبوع واحد منذ استئناف الغارات الإسرائيلية على القطاع».