«أزمات الداخل» قد تدفع «حماس» ونتنياهو لاستئناف مفاوضات «هدنة غزة»

الحركة أكدت أن مقترح ويتكوف «محل تداول»... وحديث عن صيغة مصرية جديدة

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«أزمات الداخل» قد تدفع «حماس» ونتنياهو لاستئناف مفاوضات «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استئناف الحرب على قطاع غزة بعد نحو شهرين من «الهدنة»، وسّع من دائرة أزمات حركة «حماس»، لا سيما بمزيد من فقد القيادات، وعودة المنع الإسرائيلي للمساعدات الإغاثية، بخلاف مظاهرات وخلافات داخلية تواجه حكومة بنيامين نتنياهو.

وفي مقابل تلك الأزمات، هناك مساعٍ للوسطاء لبحث العودة للهدنة، عقب إعادة طرح مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للنقاش مجدداً، وفق تأكيدات من «حماس» بعدما قدمت ملاحظات بشأنه، وهو ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيقود إلى استئناف المفاوضات والذهاب إليه كحل وسط، مع إجراء تعديلات عليه تقبل بها الحركة الفلسطينية، وكذلك نتنياهو الذي يكتفي بعمليات فقط وليس العودة لمربع الحرب الشاملة.

وبعد تشاور مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في 18 مارس (آذار) الجاري، بعد هدنة استمرت 6 أسابيع، في حين لا يزال هناك 59 رهينة في غزة يُعتقد أن نحو 24 منهم لا يزالون على قيد الحياة، بعد أن سمحت المرحلة الأولى التي انتهت مطلع مارس الجاري من اتفاق الهدنة الذي انطلق قبل نحو شهرين، بإطلاق سراح 33 رهينة ونحو 1800 أسير فلسطيني.

وتقف «حماس» أمام أزمات عديدة، أبرزها ما أعلنته الجمعة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، في بيان، أن «مخزونات الأغذية والمعدات الطبية في قطاع غزة توشك على النفاد، بخلاف مقتل ما لا يقل عن خمسة من كبار مسؤولي الحركة إلى جانب أفراد من عائلاتهم».

كما أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية، الجمعة، بأن مجموعة من آليات الجيش الإسرائيلي توغَّلت في عدة مناطق جنوب وشمال القطاع.

أيضاً نتنياهو على جانب آخر يواجه أزمات لم تكن أصوات الحرب المستأنفة أعلى منها، وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، الجمعة، أمراً قضائياً مؤقتاً يمنعه من إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، رونين بار، وفق ما أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بعد تقديم المعارضة استئنافاً ضد قرار الحكومة الإسرائيلية الذي اتُّخذ تحت دعوى «استمرار انعدام الثقة».

طفل فلسطيني نازح يحمل بطانية في حين يُقيم الناس مخيماً في مكب نفايات بمنطقة اليرموك (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني نازح يحمل بطانية في حين يُقيم الناس مخيماً في مكب نفايات بمنطقة اليرموك (أ.ف.ب)

وقبل أزمة بار، طالب 25 جنرالاً من قادة الأجهزة الأمنية الأساسية السابقين، الأربعاء، ببدء إجراءات قانونية لعزل نتنياهو «المنفلت في الدوس على القانون والمساس بالأمن القومي»، وفق بيان لهم، في حين اتهم نجله يائير نتنياهو، بار، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، بمحاولة «تنفيذ انقلاب» على والده.

ورد نتنياهو بالدعوة لجلستين؛ الأولى الخميس، لإقالة رئيس جهاز «الشاباك»، وقد جُمدت مؤقتاً الجمعة. والثانية الأحد، لإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، التي تعارض بدورها إقالة بار، وسط مظاهرات مناهضة لرئيس الوزراء شارك فيها 40 ألف شخص، من بينهم رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، الذي انتقد بشدة وقف اتفاق الهدنة.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن «حماس» تواجه أزمات بالفعل، سواء استهداف القيادات أو الوضع الإنساني المتردي، وكذلك إسرائيل تخوض خلافات وأزمات داخلية شديدة، لكنها لم توسع قاعدة الاشتباك، وتكتفي فقط بعمليات؛ ما يعني إمكانية التوصل لنقطة العودة، وتحقيق الوسطاء اختراقاً يوازن بين الشطط الإسرائيلي وفرص التهدئة.

ويتوقع المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الأزمات ستلاحق «حماس»، والتفاوض سيستمر تحت النار، مشيراً إلى أن نتنياهو قد يستطيع الخروج من أزماته كعادته منذ بداية الحرب، ويحافظ على ائتلافه الحكومي بشكل كامل، وهذا يتوقف على طبيعة الأحداث القادمة.

وفي المقابل، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أن تلك الأزمات ليس لها تأثير مباشر على عودة المفاوضات، خاصة أن المظاهرات لن تؤثر على نتنياهو، وكذلك لن توقف الضغوط العسكرية على «حماس».

وعقب إعلان «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أنها أطلقت رشقة صواريخ من غزة باتجاه تل أبيب، نفت الحركة في بيان، الجمعة، ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية بأن الحركة قطعت كل الاتصالات المتعلقة بمفاوضات هدنة غزة.

وشددت على أنها لا تزال في قلب المفاوضات، و«تتابع بكل مسؤولية وجدية» مع الوسطاء، و«لا تزال تتداول في مقترح ويتكوف والأفكار المختلفة المطروحة، بما يحقق إنجاز صفقة تبادل تؤمّن الإفراج عن الأسرى، وإنهاء الحرب، وتحقيق الانسحاب».

إخلاء سكان مخيمَي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات الإسرائيلية بقطاع غزة في وقت سابق (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمَي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات الإسرائيلية بقطاع غزة في وقت سابق (إ.ب.أ)

وكان ويتكوف قدّم في 13 مارس الجاري اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي عيدان ألكسندر فقط، واعتبر المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول»، وذلك قبيل يومين من استئناف إسرائيل الحرب.

وسط ذلك تحدث مسؤول فلسطيني عن أن مصر قدمت أيضاً مقترحاً، بحسب ما ذكرته «رويترز» التي نقلت عن مصدرين أمنيين مصريين أن القاهرة اقترحت «وضع جدول زمني لإطلاق سراح باقي الرهائن، إلى جانب تحديد موعد نهائي لانسحاب إسرائيلي كامل من غزة بضمانات أميركية»، وسط موافقة مبدئية من واشنطن على المقترح، وتوقع أن ترد «حماس» وإسرائيل، الجمعة.

ويرى أنور أن «حماس» تبدو منهكة، وخسائرها تتزايد، لكن لديها ورقة الرهائن الرابحة، متوقعاً انخراطها في المفاوضات، وإمكانية قبولها بصيغة معدلة من مقترح ويتكوف، والوصول لحل وسط يمنع العودة لمربع 8 أكتوبر (تشرين الأول) والمواجهة الشاملة.

وفي اعتقاد مطاوع، فإن مقترح ويتكوف طرحته واشنطن على الطاولة ليؤخذ كاملاً أو يُترك، وبالتالي «يجب أن تعلن (حماس) موافقتها عليه لكي نتحدث عن مفاوضات قابلة للوصول لاتفاق، وليس كما حدث من الحركة واستغله نتنياهو لعودة الحرب»، مشيراً إلى أن الوسطاء لن يستطيعوا تجسير الهوة بأي مقترح ما دام هناك تشدد من أحد الطرفين.

وفي تقديرات عكاشة، فإن «حماس» ستعمل على إيجاد أي تعديل في مقترح ويتكوف بزيادة عدد الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن، حتى لا تظهر في موقف عبثي، وخاصة أنها سبق أن التفت حول هذا المقترح واستغل نتنياهو ذلك، مرجحاً أن تدور محادثات الوسطاء حول هذا المخرج باعتباره حلاً وسطاً.


مقالات ذات صلة

غزة... احتجاجات ضد «حماس» تدعو لوقف الحرب

المشرق العربي سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة  يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)

غزة... احتجاجات ضد «حماس» تدعو لوقف الحرب

عرض «حماس» المُلّح بعد 7 أكتوبر هدنة 10 سنوات... وترك حكم غزة في تطورٍ لافتٍ، شارك المئات من سكان بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، أمس، في مسيرات احتجاجية هاجمت.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دخان يتصاعد من موقع لدى شمال غزة عقب قصف إسرائيلي (رويترز)

8 قتلى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في شمال قطاع غزة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية في ساعة مبكرة من يوم الأربعاء بمقتل ثمانية أشخاص في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون فارّون من القصف يقودون سيارات تحمل أمتعتهم على محور رئيسي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية يحذّر من تدهور الأوضاع في قطاع غزة

حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن الإمدادات الأساسية في قطاع غزة لن تكفي إلا لبضعة أيام ما لم يُستأنف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي نائب رئيس الدولة ونائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان يستقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مطار أبوظبي (رويترز)

الملك الأردني يبحث مع الرئيس الإماراتي جهود وقف حرب غزة

أعلن الديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله الثاني بحث مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد في أبوظبي، اليوم (الثلاثاء)، جهود وقف الحرب على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لحاكم ولاية آركنسو السابق مايك هاكابي خلال فعالية في بنسلفانيا (أ.ب)

هل يفتح تعيين مايك هاكابي سفيراً لإسرائيل فصلاً جديداً في الدبلوماسية الأميركية؟

شهدت جلسة تثبيت تعيين مايك هاكابي، مرشح الرئيس الأميركي لمنصب سفير لدى إسرائيل، الثلاثاء، كثيراً من الجدل والأسئلة حول الدور الذي سيؤديه حال تعيينه.

هبة القدسي (واشنطن)

الحوثيون يتهمون واشنطن بشن غارتين على صعدة

يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى  لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
TT
20

الحوثيون يتهمون واشنطن بشن غارتين على صعدة

يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى  لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)

أعلنت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين، الثلاثاء، أن غارات جديدة نسبتها إلى الولايات المتحدة استهدفت محافظة صعدة معقل الحركة.

وأفاد مراسل القناة في المنطقة بـ«عدوان أميركي بغارتين على مديرية سحار».

ومنذ 15 مارس (آذار)، تشنّ الولايات المتحدة ضربات جوية كثيفة ضدّ الحوثيين الذين قالوا إنهم ردّوا باستهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر مرات عدة.

وفي ذاك اليوم، وجّهت الولايات المتحدة ضربات جويّة عدّة قالت إنها أودت بحياة مسؤولين كبار في الحركة التي أعلنت من جهتها مقتل 53 شخصاً جرّاء الغارات الأميركية.

ومذاك، تشهد المناطق التي تسيطر عليها الجماعة في اليمن غارات أميركية بوتيرة شبه يومية.

وتوعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بالقضاء على الحركة المدعومة من إيران، محذّراً طهران من استمرار تقديم الدعم لها.

وعقب اندلاع الحرب في غزة إثر الهجوم غير المسبوق لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنّ المتمرّدون الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية على إسرائيل وفي البحر الأحمر، حيث استهدفوا سفناً اتهموها بأنها على ارتباط بالدولة العبرية؛ وذلك دعماً للفلسطينيين، على حدّ قولهم.

وهم أوقفوا هجماتهم على إسرائيل والبحر الأحمر مع بدء سريان الهدنة في غزة في 19 يناير (كانون الثاني) 2025، لكنهم استأنفوها مع خرق الدولة العبرية للهدنة وتوعدوا بتكثيفها ما دام استمرّ القصف على القطاع.

وارتباطاً بالموضوع توعد الحوثيون في اليمن، بمواصلة عملياتها الهجومية إسناداً لغزة في مواجهة إسرائيل مهما كانت التبعات.

وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط في خطاب تابعته وكالة الأنباء الألمانية: «موقفنا واضح وثابت في مساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولن يتغير حتى وقف العدوان، ورفع الحصار مهما كانت التبعات ومهما كانت النتائج، ولدينا من الخيارات ما يدفع عن بلدنا تجاوز أي متغطرس، وسنعلن عنها عند اللزوم».

وشدد المسؤول الحوثي قائلاً: «لن يثنينا العدوان الأميركي بكل أشكاله، عن الاستمرار في تلك المساندة التي كشفت عن صوابية موقفنا، وحقيقة التوحش والإجرام الأميركي، وتسقط كل ادعاءات وشعارات الحرية والحقوق عن هذا العدو أمام العالم وأمام أبناء شعبنا».

وأردف: «شرفنا الله في هذه الليالي الرمضانية، بالاستمرار بمشاركة إخواننا في فلسطين بقيادة غزة الإسلام والعروبة جهادهم العظيم وتضحياتهم العزيزة التي يقدمونها بسخاء في سبيل الله ودفاعاً عن شرف الأمة المهدور، ومقدساتها وحقوقها المغتصبة، وخوض البحر في وجه فرعون العصر أميركا».

ومضى قائلاً: «شعب الإيمان والحكمة لن يتأثر ولن يتراجع، بقدر ما يزيده العدوان الأميركي إصراراً على الصمود، واستمراراً في المساندة والنصرة».

ومنذ أيام يشن الحوثيون ضربات صاروخية ضد مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر، عقب فشل الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»؛ «مساندة ودعماً لغزة»، على حد وصف الجماعة المتحالفة مع إيران.