البنوك المركزية تتبنى الحذر وسط اضطرابات الاقتصاد العالمي

بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT
20

البنوك المركزية تتبنى الحذر وسط اضطرابات الاقتصاد العالمي

بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

تتجه البنوك المركزية الكبرى في الأسواق المتقدمة إلى مزيد من الحذر بعد سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة، مع تصاعد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي والسياسات الدولية.

ومن بين خمسة بنوك مركزية اجتمعت هذا الأسبوع، كان البنك الوطني السويسري الوحيد الذي خفض أسعار الفائدة، في حين تترقب الأسواق مزيداً من التيسير النقدي في الولايات المتحدة وبريطانيا، وتستمر اليابان في مسار رفع الفائدة، وفق «رويترز».

وفي ما يلي نظرة على موقف 10 من أكبر البنوك المركزية حول العالم:

1. سويسرا:

خفض البنك الوطني السويسري أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.25 في المائة يوم الخميس، ليبقي تكاليف الاقتراض فوق الصفر مباشرة. ويمثل هذا التخفيض الخامس على التوالي منذ أن بدأ البنك المركزي في خفض الفائدة من 1.75 في المائة قبل عام. ولا تتوقع الأسواق مزيداً من التخفيضات، رغم أن صانعي السياسات لم يستبعدوا العودة إلى الفائدة السلبية مستقبلاً.

2. كندا:

خفض بنك كندا سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2.75 في المائة الأسبوع الماضي، وهو التخفيض السابع على التوالي. ويخطط البنك المركزي للتحرك بحذر في أي تخفيضات مستقبلية نظراً لمخاوف التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي. ويعتقد الاقتصاديون أن خطر الركود الناجم عن التعريفات الجمركية سيُبقي بنك كندا في مسار التيسير النقدي؛ إذ تتوقع الأسواق قرابة تخفيضين إضافيين بمقدار 25 نقطة أساس بحلول نهاية العام.

3. السويد:

أبقى البنك المركزي السويدي على أسعار الفائدة عند 2.25 في المائة يوم الخميس، مشيراً إلى نيته الإبقاء عليها عند هذا المستوى في الوقت الحالي. ظل «ريكسبانك» في معسكر التيسير النقدي؛ إذ خفض أسعار الفائدة من 4 في المائة لدعم الاقتصاد المتباطئ. لكن مع بقاء التضخم فوق هدف 2 في المائة، تتفق السوق مع رؤية البنك بأن المزيد من التخفيضات غير مرجحة.

4. نيوزيلندا:

خفض بنك الاحتياطي النيوزيلندي سعر الفائدة الرسمي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 3.75 في المائة الشهر الماضي، ليصل إجمالي التخفيضات إلى 175 نقطة أساس في غضون سبعة أشهر. ولمّح محافظ البنك السابق أدريان أور - الذي استقال مؤخراً - إلى تخفيضات إضافية بمقدار 25 نقطة أساس في شهرَي أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، مما سيضع الفائدة في نطاق محايد. وتتوافق توقعات الأسواق إلى حد كبير مع هذه التوقعات.

5. منطقة اليورو:

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة هذا الشهر إلى 2.5 في المائة، في سادس تخفيض منذ يونيو (حزيران) الماضي. لكن «المركزي الأوروبي» حذر من حالة عدم اليقين، بما في ذلك خطر ارتفاع التضخم بسبب الحرب التجارية وزيادة الإنفاق الدفاعي. وتتزايد التوقعات بين صانعي السياسات بإمكانية التوقف مؤقتاً عن التخفيضات في أبريل قبل استئنافها لاحقاً، وفقاً لأربعة مصادر في «رويترز».

6. الولايات المتحدة:

أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير يوم الأربعاء، لكنه حافظ على توقعاته بإجراء تخفيضين إضافيين هذا العام، مع التحذير من «مستويات غير اعتيادية من عدم اليقين». وأشار رئيس «الفيدرالي» جيروم باول إلى أن سياسات الرئيس دونالد ترمب، بما في ذلك الرسوم الجمركية الواسعة، قد دفعت الاقتصاد نحو تباطؤ النمو وارتفاع التضخم مؤقتاً. في المقابل، طالب ترمب عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي «الفيدرالي» بتخفيض الفائدة «بشكل أسرع بكثير». وتتوقع الأسواق تخفيضين آخرين هذا العام، مع احتمال ضعيف لتخفيض ثالث.

7. بريطانيا:

أبقى بنك إنجلترا على أسعار الفائدة عند 4.5 في المائة يوم الخميس، مشيراً إلى أن مسار الفائدة يتجه نحو الانخفاض التدريجي، لكنه سيظل يراقب التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية عن كثب. ومع بقاء التضخم أعلى من مستواه المستهدف عند 2 في المائة، كان البنك أكثر حذراً مقارنة بنظرائه. ومنذ أن بدأ التيسير النقدي في منتصف عام 2024، خفض البنك الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس. وتتوقع الأسواق تخفيضين إضافيين بمقدار 25 نقطة أساس هذا العام.

8. أستراليا:

خفض بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة في فبراير (شباط) لأول مرة خلال الدورة الحالية، مبرراً ذلك بمخاطر الإبقاء على السياسة النقدية مشددة لفترة طويلة جداً. لكن سوق العمل القوية جعلت البنك أكثر حذراً بشأن المزيد من التخفيضات، وفقاً لمحضر اجتماعه الأخير. وتتوقع الأسواق تخفيضين إضافيين هذا العام، لكن البنك المركزي يرى أن هذا قد يكون أكثر من اللازم.

9. النرويج:

أبقى البنك المركزي النرويجي على أسعار الفائدة دون تغيير منذ أواخر عام 2023، لكن محافظه أشار في فبراير إلى أن الوقت يقترب لبدء تخفيف السياسة النقدية «بشكل طفيف». ولا تتوقع الأسواق أي تخفيضات حتى يونيو على الأقل، وستراقب اجتماع البنك في 27 مارس (آذار) عندما يعلن عن تحديثات لمسار الفائدة المتوقع.

10. اليابان:

تظل اليابان الاستثناء بين الاقتصادات الكبرى؛ إذ تستمر في دورة رفع أسعار الفائدة، لكنها أبقتها دون تغيير يوم الأربعاء. وتشير مؤشرات الأجور والتضخم المحلية إلى مزيد من التشديد النقدي، وتتوقع الأسواق رفعاً واحداً على الأقل بمقدار 25 نقطة أساس بحلول نهاية العام. ومع ذلك، حذر محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، من تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي عالمياً، مما يشير إلى أن توقيت الزيادات الإضافية سيتأثر بتداعيات سياسات الرسوم الجمركية الأميركية.


مقالات ذات صلة

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

الاقتصاد مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة يوم الجمعة، متماشياً مع التوقعات، مع الإشارة إلى إمكانية رفع الفائدة مجدداً مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مظاهرات عارمة تجتاح تركيا احتجاجاً على اعتقال أكرم إمام أوغلو الذي أحدث هزة عنيفة في الأسواق التركية (إ.ب.أ)

«المركزي التركي» يجري معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة

أعلن «البنك المركزي التركي» أنه سيبدأ معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة التركية، على خلفية صدمة الأسواق التي أحدثها اعتقال أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا» يبقي الفائدة ثابتة وسط عدم يقين اقتصادي عالمي

أبقى بنك إنجلترا أسعار الفائدة عند 4.5 في المائة، محذراً من الافتراضات المتعلقة بخفضها خلال الاجتماعات المقبلة، في ظل حالة من عدم اليقين العميق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مخطط مؤشر أسعار الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية تتراجع بفعل خسائر البنوك وتوقعات اقتصادية ضعيفة

تراجعت الأسهم الأوروبية عن مكاسبها المبكرة، الخميس، متأثرةً بخسائر البنوك، بينما يتابع المستثمرون سلسلة قرارات أسعار الفائدة التي اتخذتها البنوك المركزية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار البنك الوطني السويسري على مبناه في برن (رويترز)

«المركزي السويسري» يخفض الفائدة إلى 0.25 % في أدنى مستوى منذ 2022

قرر البنك الوطني السويسري (البنك المركزي) خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس، ليترك تكاليف الاقتراض فوق الصفر بقليل.

«الشرق الأوسط» (زيورخ )

سياسات ترمب الرئاسية تؤثر على مشروعاته الخاصة حول العالم

علامة ترمب على ظهر قبعة يرتديها الرئيس الأميركي في البيت الأبيض (الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض)
علامة ترمب على ظهر قبعة يرتديها الرئيس الأميركي في البيت الأبيض (الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض)
TT
20

سياسات ترمب الرئاسية تؤثر على مشروعاته الخاصة حول العالم

علامة ترمب على ظهر قبعة يرتديها الرئيس الأميركي في البيت الأبيض (الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض)
علامة ترمب على ظهر قبعة يرتديها الرئيس الأميركي في البيت الأبيض (الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض)

منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل شهرين، تشهد مشروعات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجارية في أنحاء العالم تبايناً في الأداء، فبينما تزدهر أعماله في الهند تعرضت ملاعب الغولف التي يملكها في آيرلندا وأسكوتلندا للتخريب، فيما مُنيت مشاريعه في إندونيسيا بانتكاسة.

ولأنه ليس غريباً عن مزج الأعمال بالسياسة، تذوق ترمب طعم المخاطر أخيراً عندما رشّت واجهة نادي ترمب تيرنبيري الأنيق للغولف في أسكوتلندا بطلاء أحمر، ونُبشت مساحات من العشب الأخضر وكتب عليها بالخط العريض «غزة ليست للبيع».

وأعلنت مجموعة مؤيدة للفلسطينيين مسؤوليتها عن «عمل المقاومة»، معتبرة ذلك رداً على مقترح ترمب السيطرة على قطاع غزة وطرد سكانه وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».

واستُهدف ملعب غولف آخر لترمب في آيرلندا، الأسبوع الماضي، عندما زرع ناشطون أعلاماً فلسطينية في المساحات الخضراء.

غير أن إدارة العقار الكائن في دونبيغ تقول إن ملعب الغولف يتلقى أعداداً قياسية من طلبات العضوية منذ عودة مالكه إلى البيت الأبيض.

علامة فاخرة

وفي جزيرة بالي الاستوائية البعيدة، اكتسحت الأعشاب الضارة منتجع نيروانا للغولف الذي وقّعت منظمة ترمب وشريك محلي بشأنه اتفاقاً في 2015 لتطوير وجهة من فئة ست نجوم.

وأُغلق المنتجع بعد عامين، وتسبب بخسارة العمال المحليين وظائفهم. ومذّاك انضمت إمبراطورية عائلة ترمب إلى شركاء محليين في مشروع عقاري كبير قرب العاصمة الإندونيسية جاكرتا.

لكن هذا المشروع الضخم الفاخر والذي أطلق عليه «ليدو سيتي»، واجه أيضاً مشكلات؛ ففي فبراير (شباط) أوقفت الحكومة الإندونيسية المشروع البالغة كلفته مليار دولار بسبب انتهاكات بيئية. ومع ذلك من المقرر افتتاح ملعب غولف يحمل علامة ترمب التجارية قريباً في الموقع بالتعاون مع مجموعة محلية.

ترمب يقدم للصحافيين قبعة حمراء كُتب عليها: «ترمب كان مُحقاً في كل شيء» - 25 فبراير 2025 (الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض)
ترمب يقدم للصحافيين قبعة حمراء كُتب عليها: «ترمب كان مُحقاً في كل شيء» - 25 فبراير 2025 (الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض)

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية»، عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة أتما جايا الإندونيسية يويس كيناواس، قوله إن «ترمب بصفته علامة تجارية ليس مشهوراً جداً في إندونيسيا، فهو يختلف عن ترمب بوصفه رئيساً».

أما الهند فقصتها مختلفة: هناك تتلالأ أبراج ترمب الفخمة في سماء مومباي ونيودلهي وكالكوتا وبونيه المغطاة بالضباب الدخاني، ما يجعل هذا البلد أهم سوق خارجية لمنظمة ترمب.

وكما هو الحال في الفيليبين وتركيا وكوريا الجنوبية وأوروغواي، لا تستثمر عائلة الملياردير الأميركي مباشرة في العقارات التي يبنيها ويديرها مطورون محليون. وبدلاً من ذلك، تجمع عائلة ترمب عائدات تصل أحياناً إلى ملايين الدولارات مقابل ترخيص علامتها التجارية التي تُعدّ، في نظر النخبة الهندية الحديثة الثراء، رمزاً للفخامة والنجاح.

وقال رئيس مجلس إدارة شركة «أناروك» للاستشارات العقارية، أنوج بوري، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن علامته التجارية أصبحت أكبر بكثير، خاصة بعد عودته لولاية ثانية». وأضاف أن ترمب «يحظى بتغطية إعلامية أكبر من أي سياسي هندي آخر».

وأُعلن عن مشروع آخر للمكاتب ومحلات التجزئة يحمل علامة ترمب التجارية، هذا الأسبوع، في بونيه، يضاف إلى خطط لبناء خمسة أبراج ترمب جديدة في أنحاء البلاد في السنوات المقبلة.

تضارب مصالح

وكما في ولايته الأولى، تنازل ترمب (78 عاماً)، رسمياً عن إدارة مصالحه التجارية لأبنائه خلال فترة رئاسته، لكن هذا لم يُبدد المخاوف بشأن تضارب محتمل في المصالح.

ويقول الأستاذ في جامعة أو بي جيندال العالمية الهندية، ديبانشو موهان، إن «رئاسة ترمب قائمة على المعاملات، وهي تُحوّل أميركا إلى دولة ذات تسلسل هرمي اجتماعي، تختلط فيها الخطوط الفاصلة بين المجالين العام والخاص».

ويضيف: «هكذا تعمل حكومة ترمب، وهذه هي توقعاتها من حلفائها. وقد استجابت الهند أيضاً للتقرّب من ترمب».

وبرزت علاقة صداقة قوية بين ترمب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، تعهدت منظمة ترمب بعدم إجراء «أي معاملات جديدة مع الحكومات الأجنبية» خلال ولاية ترمب الثانية باستثناء «المعاملات الاعتيادية».

وذكرت أن كل الأموال المتأتية عن معاملات، مثل إقامة كبار الشخصيات الأجنبية في عقارات ترمب، سيتم التبرع بها لخزانة الولايات المتحدة، لكن حدود ذلك قد تكون غامضة.