5 استراتيجيات للنجاح في ميدان الذكاء الاصطناعي

تبني الغموض والتطور بسرعة ومواكبة أحدث التوجهات

هايلي ليبسون
هايلي ليبسون
TT
20

5 استراتيجيات للنجاح في ميدان الذكاء الاصطناعي

هايلي ليبسون
هايلي ليبسون

يمكن للمؤسسات النسائية التي تُنشئ شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إعادة تعريف هذا المجال.

في ظلّ مناخ تاريخي مليء بالتحديات من عمليات الاندماج (بين الشركات) والاستحواذ (على الشركات)، قد يبدو طريق النجاح - ناهيك عن الخروج المربح - أشبه بخوض متاهة. ويزداد الأمر صعوبةً في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي سريع التطور، حيث لا تزال عمليات إنتاج المخرجات الناجحة نادرة.

شركة نسائية مبدعة

وقد كتبت هايلي ليبسون(*)، المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية لشركة «أسترا بايلوت»: «لقد خضتُ أخيراً عملية بيع شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي غالباً ما تكون معقدة وغير متوقعة، وقد قمت بذلك بصفتي جزءاً من فريق أسسته امرأة، وكل ذلك بينما كنتُ حاملاً في الشهر السادس. وهكذا، تعلمتُ بشكل مباشر ما يتطلبه الأمر للوصول إلى خط النهاية في عملية الاستحواذ».

وأضافت: «لم تقتصر الرحلة على بناء منتج تقني رائع فحسب، بل شملت أيضاً التغلب على العقبات النظامية، وتقبّل الغموض (المحيط بالعمل)، والاستفادة من الاستراتيجيات الرئيسية التي يمكن لأي مؤسس، بغض النظر عن مجال عمله، تطبيقها».

دروس واستراتيجيات

كيف فعلنا ذلك؟ إليكم أهم الدروس التي تعلمناها من خلال عملية الاستحواذ على شركتنا الناشئة:

1. «تقبّل الغموض»

يتطور مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي بوتيرة سريعة جداً، لدرجة أن مواكبة التطورات تُعدّ بلا شك من أصعب المهام في مجال التكنولوجيا اليوم. يُعاني هذا القطاع من عدم اليقين، وإثارة الخوف، وقضايا كبيرة تتعلق بالتفاوت بين الجنسين. على الرغم من هذه التحديات، وبعد أن عملت في مجال الذكاء الاصطناعي لأكثر من عقد من الزمان، أؤمن إيماناً راسخاً بأنه القطاع التكنولوجي الأكثر إثارة، وربما أعظم حدث لخلق الثروة في التاريخ.

والشركات التي تنجح في هذا المجال هي تلك التي تتبنى الغموض، وتتطور بسرعة، وتواكب أحدث التوجهات. يجب أن يكون المؤسسون على استعداد دائم للتكيف والتطور مع تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتغير اللوائح التنظيمية، وظهور منافسين جدد.

النساء يستخدمن الذكاء الاصطناعي أقل

2. تجاوز الفجوة بين الجنسين في تبني الذكاء الاصطناعي

تمتد الفجوة بين الجنسين في مجال الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من مجرد مخرجات الشركات وتفاوت التمويل، بل تنعكس أيضاً في تبني الذكاء الاصطناعي نفسه. فقد وجدت دراسة أجراها البروفيسور رامبراند كونينغ، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال، أن النساء يتبنين أدوات الذكاء الاصطناعي بمعدل أقل بنسبة 25 في المائة من الرجال في المتوسط.

وحتى بين رواد الأعمال الذين حصلوا على فرص متساوية للوصول إلى «تشات جي بي تي»، كانت النساء أقل توجهاً لاستخدامه بنسبة 13 في المائة. لا يقتصر هذا التردد على الألفة، بل ينبع أيضاً من المخاوف بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والحكم المحتمل على الاعتماد على الأدوات الآلية.

نقص مشاركة المرأة يعزز تحيز النظم الذكية

ولهذه الفجوة آثار كبيرة، ليس فقط على النمو الوظيفي الفردي، ولكن أيضاً على الإنتاجية الاقتصادية والتطور المستقبلي للذكاء الاصطناعي. إذ يُهدد نقص مشاركة المرأة بتعزيز التحيزات الجنسية في نماذج الذكاء الاصطناعي، ما قد يُؤثر سلباً على مخرجات الذكاء الاصطناعي بطرق لا تعكس وجهات نظر متنوعة. يتطلب التغلب على هذا العائق ليس فقط تشجيع النساء على تبني أدوات الذكاء الاصطناعي، بل أيضاً تهيئة بيئات عمل يكون فيها استخدام الذكاء الاصطناعي طبيعياً وخالياً من الأحكام المسبقة.

بالنسبة لمؤسسات ورائدات الأعمال، يُعدّ التبني النشط لأدوات الذكاء الاصطناعي والدعوة إلى استخدامها، خطوةً فعّالة نحو سد هذه الفجوة. كما سيضمن ذلك عدم تخلف النساء عن الركب في ثورة الذكاء الاصطناعي.

مهارات التعامل مع الآخرين

3. بناء العلاقات مع مرور الوقت

تُعدّ مهارات التعامل مع الآخرين أساسية. في عالم الشركات الناشئة وعمليات الاستحواذ، تُعدّ العلاقات أمراً بالغ الأهمية. نادراً ما يتخذ المستثمرون والمستحوذون المحتملون قرارات فورية. إن الثقة تُبنى على مر السنين. لقد بنينا علاقات مع جهات فاعلة رئيسية في هذا المجال قبل وقت طويل من وصول شركتنا «أسترا بايلوت» (Astrapilot)، إلى مرحلة الاستحواذ على الشركات الناشئة.

تُساعد مهارات التعامل مع الآخرين القوية على التعاون والتفاوض وبناء الثقة، وهي جميعها عناصر أساسية في رحلة الاستحواذ.

قد يكون بناء شبكة علاقات قوية بالأهمية نفسها بناء منتج رائع. يمكن للمستثمرين والمستشارين والشركاء المحتملين المساعدة في سد الفجوة بين نمو الشركات الناشئة والخروج الناجح. بغض النظر عن القطاع، فإن إعطاء الأولوية لبناء العلاقات أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح على المدى الطويل.

إبراز نقاط القوة

4. سلّط الضوء على نقاط قوتك الفريدة

يُعد التمايز أمراً بالغ الأهمية في سوق مكتظ. بالنسبة لـشركة «أسترا بايلوت»، يكمن عرض قيمتها الفريدة في الجمع بين الذكاء الاصطناعي التوليدي والألعاب التعليمية لتعزيز تجارب تعلم الأطفال، إذ ينجذب المستثمرون والمستحوذون إلى الشركات التي تتمتع بمكانة سوقية متميزة.

والمؤسسون الذين يدركون ميزتهم التنافسية ويعملون على تطويرها بلا هوادة يزيدون من فرصهم في الاستحواذ على شركتهم الناشئة. سواء من خلال تقنية خاصة، أو قاعدة عملاء فريدة، أو نموذج أعمال مبتكر، فإن الشركات المتميزة تتمتع بفرصة أفضل للبقاء والازدهار.

توسيع قاعدة الإنتاج والاستخدام

5. ركز باستمرار على النمو

يُعد النمو المستدام مؤشراً رئيسياً على جدوى الشركة الناشئة وإمكاناتها.

إن التركيز المستمر على توسيع نطاق منتجك، وتوسيع قاعدة مستخدميك، وزيادة إيراداتك لا يعزز مكانتك فحسب، بل يجعل شركتك أيضاً أكثر جاذبية للمشترين المحتملين. تؤكد بيانات Y Combinator هذه النقطة: فأكثر من 50 في المائة من شركات Y Combinator تظل نشطة بعد 10 سنوات، وهو ما يتجاوز بكثير معدل بقاء الشركات الناشئة عالمياً.

تؤكد تجربتنا إن التركيز الاستراتيجي والقدرة على التكيف والاستفادة من نقاط القوة الفريدة يمكن أن تؤدي إلى نتائج ناجحة. وبصفتنا مؤسسات في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن رحلتنا تُعدّ دليلاً على الإمكانات التي تنشأ عند تطبيق هذه المبادئ بفعالية.

فرصة نسائية غير مسبوقة

لا يزال نظام الشركات الناشئة بعيداً عن تحقيق العدالة (بين الجنسين). ولكن مع بروز الذكاء الاصطناعي كموجة التكنولوجيا المهيمنة التالية - تماماً كما كانت الحوسبة المحمولة والسحابية في السابق - هناك فرصة غير مسبوقة للنساء لقيادة هذا المجال وإعادة تعريفه.

* «إنك»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

علوم هل يحل الذكاء الاصطناعي مكان أطباء الأسنان؟

هل يحل الذكاء الاصطناعي مكان أطباء الأسنان؟

المهارات الطبية البشرية تظلّ المحور الأصعب

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)
تكنولوجيا شعار «تشات جي بي تي» (رويترز)

«أوبن إيه آي» تعترف بأن «تشات جي بي تي» قد يزيد الشعور بالوحدة

قال باحثون من شركة «أوبن إيه آي» الأميركية العملاقة في مجال الذكاء الاصطناعي إن روبوت الدردشة الشهير الخاص بها «تشات جي بي تي» قد يزيد الشعور بالوحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في خدمة الصحافة؟ (رويترز)

صحيفة إيطالية تُصدر طبعة «يكتبها» الذكاء الاصطناعي

بدأت إحدى الصحف الإيطالية، منذ الثلاثاء، إصدار طبعة مولّدة كلياً بواسطة الذكاء الاصطناعي، وستواصل لمدة شهر هذه التجربة الأولى من نوعها في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
تكنولوجيا شعار «تشات جي بي تي» (رويترز)

رجل يطلب تغريم شركة «تشات جي بي تي» بعد تعريفه بأنه مجرم وقتل طفليه

تقدَّم رجل نرويجي بشكوى بعد أن أخبره برنامج «تشات جي بي تي»، بالخطأ، أنه قتل اثنين من أبنائه وسُجن لمدة 21 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يمكن لمكملات الميلاتونين أن «تعكس» تلف الحمض النووي الناتج عن قلة النوم؟

هل يمكن لمكملات الميلاتونين أن «تعكس» تلف الحمض النووي الناتج عن قلة النوم؟
TT
20

هل يمكن لمكملات الميلاتونين أن «تعكس» تلف الحمض النووي الناتج عن قلة النوم؟

هل يمكن لمكملات الميلاتونين أن «تعكس» تلف الحمض النووي الناتج عن قلة النوم؟

النوم ليس مجرد شعور بالانتعاش بل هو ضرورة بيولوجية تُمكّن أجسامنا من إصلاح تلف الخلايا بما في ذلك تلف الحمض النووي (دي إن إيه).

تشير دراسة كندية رائدة إلى أن الميلاتونين، وهو الهرمون المعروف بتنظيمه للنوم، قد يُساعد في مُعالجة تلف الحمض النووي الناتج عن اضطرابات النوم المزمنة. ولكن هل يُمكن لمكمل غذائي أن «يعكس» بالفعل سنوات من الضرر؟

دور الميلاتونين

تُنتج الغدة الصنوبرية في الدماغ الميلاتونين عند حلول الظلام مُرسلةً إشارةً للجسم للاستعداد للنوم. وبالإضافة إلى خصائصه المُحفزة على النوم يُعد الميلاتونين مضاداً قوياً للأكسدة. وتحمي مضادات الأكسدة الخلايا من الإجهاد التأكسدي، وهي حالة يفوق فيها عدد الجذور الحرة عدد مضادات الأكسدة ما يُلحق الضرر بمكونات الخلايا بما في ذلك الحمض النووي، ما قد يؤدي إلى طفرات وأمراض مثل السرطان. ولطالما ارتبط الحرمان من النوم بمخاطر صحية مثل أمراض القلب، والسكري، والتدهور المعرفي.

أخطار على العاملين في النوبات الليلية

ويُعدّ العاملون في نوبات العمل الليلية والذين غالباً ما يعانون من اضطرابات في أنماط النوم، وانخفاض في إنتاج الميلاتونين بسبب التعرض للضوء الاصطناعي أكثر عرضة للخطر. إذ يُمكن أن تُعيق دورات نومهم المضطربة قدرة الجسم على إصلاح تلف الحمض النووي التأكسدي، ما قد يزيد من خطر إصابتهم بمشكلات صحية خطيرة. وبصفة أنه مضاد قوي للأكسدة يُحيّد الميلاتونين الجذور الحرة، وقد يُنشّط الجينات المُشاركة في إصلاح الحمض النووي. وهذا الدور المزدوج يجعل الميلاتونين درعاً مُحتملاً ضد تداعيات الأرق.

ما تُظهره الأبحاث

وفي الدراسة الجديدة بقيادة بارفين بهاتي من معهد أبحاث السرطان في كولومبيا البريطانية فانكوفر في كندا أُعطي 40 عاملاً في نوبات العمل الليلية إما مُكمّل ميلاتونين بجرعة 3 ملغم أو دواءً وهمياً قبل نومهم خلال النهار. وقام الباحثون بقياس إصلاح تلف الحمض النووي التأكسدي من خلال تحليل مستويات مؤشر يُسمى (8 - هيدروكسي - 2' - ديوكسي غوانوزين8 - hydroxy - 2' - deoxyguanosine (8 - OH - dG)) في عينات البول، حيث تُشير المستويات العالية من مؤشر غوانوزين إلى نشاط إصلاح أفضل للحمض النووي، حيث تتم إزالة الحمض النووي التالف بنجاح من الخلايا.

وأظهر المشاركون في الدراسة التي نشرت في مجلة «journal Occupational & Environmental Medicine» في 6 مارس (آذار) 2025 الذين تناولوا الميلاتونين زيادة بنسبة 80 بالمائة في مستوى غوانوزين في البول مقارنةً بمجموعة الدواء الوهمي.

تعزيز إصلاح الحمض النووي

ورغم أن هذه النتيجة وُصفت بأنها «ذات دلالة إحصائية محدودة» فإنها تُشير إلى أن الميلاتونين قد يُعزز آليات إصلاح الحمض النووي أثناء النوم المُضطرب. مع ذلك لم يُلاحظ هذا التأثير خلال نوبات العمل الليلية عندما تنخفض مستويات الميلاتونين الطبيعية.

وتتوافق هذه النتائج مع دراسات سابقة تشير إلى أن الميلاتونين يُمكن أن يُعزز التعبير الجيني المسؤول عن إصلاح الحمض النووي، من خلال مساعدة الجسم على التعرف على أجزاء الحمض النووي التالفة، والتخلص منها، وقد يُقلل الميلاتونين من تلف الخلايا على المدى الطويل.

هل يُمكن للميلاتونين عكس تلف الحمض النووي؟

في حين تزعم بعض العناوين الرئيسة أن مكملات الميلاتونين يُمكنها «عكس» تلف الحمض النووي من الضروري توضيح معنى ذلك. إذ لا تُشير الدراسة إلى أن الميلاتونين يُزيل سنوات من تلف الحمض النووي المُتراكم. بل تُسلط الضوء على قدرة الميلاتونين على تعزيز عمليات الإصلاح الطبيعية في الجسم.

أما بالنسبة للأشخاص الذين يُعانون من اضطرابات النوم المُزمنة، سواءً بسبب نوبات العمل الليلية، أو الأرق، أو عوامل نمط الحياة، فقد تُخفف مكملات الميلاتونين من المزيد من الضرر. ويُمكن أن تُوفر تأثيراً وقائياً، مما يُحسّن من قدرة الجسم على مُقاومة الإجهاد التأكسدي.

التطلع إلى المستقبل

وعلى أن هذه النتائج واعدة فإن هناك حاجة إلى مزيد من البحث. حيث كان حجم عينة الدراسة صغيراً، وكان المشاركون فيها حصرياً من العاملين في نوبات ليلية، والذين يواجهون تحديات فريدة تتعلق بإيقاعهم اليومي. وستساعد التجارب الأوسع نطاقاً وطويلة الأمد على فئات سكانية متنوعة في تحديد ما إذا كان الميلاتونين مفيداً للآخرين الذين يعانون من عادات نوم سيئة.

فوائد مكملات الميلاتونين

تحظى مكملات الميلاتونين بشعبية كبيرة بالفعل لتنظيم النوم ومكافحة إرهاق السفر. ورغم أنها متاحة بوصفة طبية فقط في المملكة المتحدة مثلاً فإن فوائدها المحتملة قد تتجاوز مجرد المساعدة على النوم. فمن خلال تعزيز قدرة الجسم الطبيعية على إصلاح الحمض النووي يمكن للميلاتونين أن يلعب دوراً أوسع في دعم صحة الخلايا.

مع ذلك فإن الميلاتونين ليس حلاً سحرياً. بل ينبغي اعتباره مكملاً لنمط حياة صحي وليس بديلاً عن عادات النوم الصحية. ويظل إعطاء الأولوية لأنماط النوم المنتظمة، وتقليل التعرض للضوء الاصطناعي قبل النوم، والحفاظ على نظام غذائي متوازن، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام أموراً أساسية لحماية خلايانا من التلف.

وفي نهاية المطاف فإن أفضل دفاع ضد تلف الحمض النووي هو الالتزام بنوم مُنعش، ونهج متكامل للصحة. أما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من قلة النوم فإن مناقشة مكملات الميلاتونين مع مقدم الرعاية الصحية يمكن أن تكون خطوة نحو تحسين الصحة والحيوية.