اعتقال إمام أوغلو يضع تركيا في مواجهة تحديات داخلية وضغوط أوروبية

غضب واسع في أوساط المعارضة واتهامات بـ«تسييس القضاء»

أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)
أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)
TT

اعتقال إمام أوغلو يضع تركيا في مواجهة تحديات داخلية وضغوط أوروبية

أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)
أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)

فجّر اعتقال السلطات التركية رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، غضباً واسعاً في الأوساط السياسية، وعلى مستوى الشارع التركي، ووصف بأنه «انقلاب على الديمقراطية» سيُخلّف تداعيات ثقيلة على دولة القانون، واستقلال القضاء، وصورة تركيا في العالم، إلى جانب مزيد من تدهور الاقتصاد.

واعتُقل إمام أوغلو، الذي يُعدّ أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا، والذي كان أطلق بالفعل حملة مبكرة للترشح للرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، في مداهمة على منزله في إسطنبول فجر الأربعاء. وجاء اعتقال إمام أوغلو (54 عاماً)، والذي ينظر إليه قطاع عريض جداً من الشعب التركي على أنه الأمل في التغيير، بعد ساعات من إعلان جامعة إسطنبول إلغاء شهادته الجامعية الحاصل عليها من جامعة إسطنبول، بسبب خطأ في النقل إليها من جامعة أميركية في شمال قبرص.

وبالإضافة إلى إمام أوغلو، وهو رئيس اتحاد بلديات تركيا المنتخب، أصدر المدعي العام في إسطنبول أوامر اعتقال بحق 105 آخرين من رؤساء ونواب رؤساء البلديات التابعة لبلدية إسطنبول، والمسؤولين والمديرين التنفيذيين فيها، على خلفية اتهامات بالفساد فيما يتعلق بنشاط «المصالحة الحضرية»، ومقاطع فيديو وصور تسرّبت عبر منصّات التواصل الاجتماعي لعملية عدّ نقود في حزب الشعب الجمهوري عام 2023.

وبحسب بيان لمكتب المدعي العام لإسطنبول، اعتُقل إمام أوغلو في إطار تحقيقين منفصلين أجراهما مكتب تحقيقات جرائم الإرهاب ومكتب تحقيقات الجرائم المنظمة.

اتهامات بالإرهاب والفساد

وجّهت نيابة إسطنبول إلى 7 مشتبه بهم، من بينهم إمام أوغلو، ونائب الأمين العام لبلدية إسطنبول ماهر بولاط، ورئيس بلدية شيشلي رسول إمره شاهان، اتّهامات بمساعدة «اتحاد المجتمعات الكردستانية» التابع لـ«حزب العمال الكردستاني»، المصنّف منظمة إرهابية، ورئاسة وعضوية تنظيم إجرامي، فضلاً عن الابتزاز والرشوة والاحتيال والتلاعب بالعطاءات، والحصول على بيانات شخصية بشكل غير قانوني.

وأعلنت ولاية إسطنبول فرض حظر شامل على التجمعات والمظاهرات في المدينة بدءاً من الأربعاء، ولمدة 4 أيام حتى منتصف ليل يوم الأحد المقبل، حيث سيشهد حزب الشعب الجمهوري انتخابات تمهيدية لتحديد المرشح الرئاسي للحزب لم يتقدّم إليها سوى إمام أوغلو.

كما فرضت السلطات قيوداً صارمة على عمل الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، وعطلت خطوط النقل ومترو الأنفاق المؤدية إلى ميدان تقسيم وفي بعض مناطق المدينة، في خطوة تهدف إلى منع أي تحركات احتجاجية محتملة.

احتجاجات رغم الحظر

وعلى الرغم من منع المسيرات والمنظمات، خرج الآلاف إلى الشوارع في إسطنبول، حيث شهد محيط مديرية أمن إسطنبول تجمعاً حاشداً للمواطنين وأعضاء حزب الشعب الجمهوري، الذين أكّدوا أن القبض على إمام أوغلو هو «انقلاب على الديمقراطية». كما تجمّع المئات أمام مجمع محاكم «تشاغلايان»، حيث مقر نيابة إسطنبول أثناء التحقيق معه، فضلاً عن تجمع الآلاف أمام مبنى بلدية إسطنبول.

طلاب جامعة إسطنبول يحتجون على اعتقال إمام أوغلو رافعين لافتة تطالب باستقالة الحكومة (أ.ف.ب)

ووقعت صدامات بين المحتجين والشرطة التي قامت بإغلاق الشوارع بالحواجز، واستخدمت غاز الفلفل لتفريقهم، لكنّهم أكّدوا أنهم لن يغادروا إلا وإمام أوغلو معهم، وردّدوا هتافات «إردوغان ديكتاتور» و«لا بد أن تستقيل الحكومة».

وشهدت جامعة إسطنبول احتجاجات حاشدة وقعت خلالها أعمال عنف من جانب الشرطة، التي حاولت منع مسيرة الطلاب، وانضمت جامعات «بوغازيتشي» و«إسطنبول التقنية» و«يلدز التقنية» إلى الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو. كما خرجت مظاهرات في كثير من المدن التركية تنديداً باعتقال إمام أوغلو، ومحاولة «تسييس القضاء» في تركيا، وكان الشعار الأبرز في هذه المظاهرات، هو «الحق... القانون... العدالة».

تنديد بالاعتقال «السياسي»

وندّد حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه إمام أوغلو والمسؤولون المعتقلون، بهذه الإجراءات. ووصف الاعتقالات بأنها «سياسية، وتُمثّل انقلاباً على الديمقراطية». ووصف رئيس الحزب، أوزغور أوزال، خلال كلمة في تجمع حاشد أمام بلدية إسطنبول، إلقاء القبض على إمام أوغلو بأنه «محاولة انقلاب لمنع تحديد الرئيس المقبل للبلاد»، مؤكداً أن اعتقال إمام أوغلو سببه استياء الرئيس رجب طيب إردوغان من عملية اختيار مرشح للرئاسة من جانب حزب الشعب الجمهوري في انتخابات تمهيدية. وأكد أنه وقيادات الحزب سيواصلون الاعتصام أمام البلدية، حتى يتم إطلاق سراح إمام أوغلو والمعتقلين معه، وأن الانتخابات التمهيدية لتحديد المرشح لانتخابات الرئاسة القادمة ستستمر.

اشتباكات بين قوات الأمن ومحتجّين على اعتقال إمام أوغلو أمام مديرية أمن إسطنبول (أ.ف.ب)

وقوبل اعتقال إمام أوغلو باستهجان واسع من جانب جميع أحزاب المعارضة التركية، ودعوات إلى توحيد الصفوف للفوز بأغلبية البرلمان في الانتخابات المقبلة، ومقاطعة الانتخابات الرئاسية وممارسة الضغط التشريعي على السلطة الحاكمة.

وأصبح إمام أوغلو، أحد أبرز وجوه المعارضة التركية منذ انتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول للمرة الأولى عام 2019، وبات منافساً محتملاً للرئيس رجب طيب إردوغان، وأثار جدلاً واسعاً في السنوات الأخيرة بسبب نجاحاته الانتخابية ومواقفه المناهضة لسياسات الحكومة. ورأى مراقبون وخبراء أنّ تحرّك الحكومة ضد إمام أوغلو يعكس شعوراً بالخوف من الشعبية الجارفة التي بات يتمتع بها، وأن إلغاء شهادته الجامعية، ثم اعتقاله، هما خطوتان استهدفتا إسقاط حقّه في الترشح للرئاسة، ومنعه من الترشح وتغييبه من الساحة السياسية.

تداعيات داخلية وموقف أوروبي

تسبّب اعتقال إمام أوغلو في تداعيات حادّة على الاقتصاد التركي، وأدّى إلى انهيار غير مسبوق لليرة التركية التي فقدت 12 في المائة من قيمتها أمام الدولار، وهبوط حادّ لمؤشر البورصة التركية أدّى إلى وقف مؤقت للتعاملات وارتفاع أسعار الذهب، مع تحذيرات من خبراء أجانب من أن سياسة الاعتقالات التي لا تتوقف فقط عند السياسيين، بل امتدت إلى عالم رجال الأعمال، من شأنها أن تعيد الأوضاع في تركيا إلى الفوضى التي كانت عليها في عام 2023 وما قبله.

ولم تتوقف تداعيات اعتقال إمام أوغلو عند حدود السياسة الداخلية أو التداعيات الاقتصادية في تركيا، فقد أثارت الحملة انتقادات من جانب أوروبا وحلفاء تركيا في الغرب، ولا سيّما فيما يتعلق باستقلال القضاء وتراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان. وندّد مجلس أوروبا، بشدة، باعتقال تركيا أكرم إمام أوغلو، ووصفه بأنه تحرك ضد إرادة الشعب. وقال مؤتمر السّلطات المحلية والإقليمية لمجلس أوروبا، في بيان الأربعاء، إن هذه الخطوة «تتّسم بكل سمات الضغط على شخصية سياسية»، وإن «المؤتمر سيثير القضية في اجتماع الأسبوع المقبل». كما عبّر نواب البرلمان الأوروبي عن دعمهم لإمام أوغلو ورفضهم انتهاك إرادة الشعب والديمقراطية في البلاد.

أكرم إمام أوغلو (أ.ف.ب)

ويشكّل اعتقال إمام أوغلو الذروة في سلسلة اعتقالات لرؤساء بلديات من المعارضة، فضلاً عن اعتقال سياسيين وصحافيين معارضين في الفترة الأخيرة، أبرزهم رئيس حزب «النصر» القومي أوميت أوزداع، المحتجز منذ شهرين دون محاكمة، بسبب بعض تدوينات تعود لخمس سنوات سابقة، عدتها السلطات تحريضا على الكراهية والعداء بسبب رفضه وجود اللاجئين السوريين والمهاجرين الأفغان بالبلاد.

وجمّد الاتحاد الأوروبي، منذ أكثر من عقد، مفاوضات انضمام تركيا إلى عضويته، وأكد في تقاريره المتعاقبة قلقه بسبب عدم التزام تركيا، كدولة مرشحة للعضوية، بالديمقراطية واستقلال القضاء وحرية التعبير وحقوق الإنسان. كما ندّد، مراراً، باعتقالات السياسيين والصحافيين المعارضين للرئيس رجب طيب إردوغان.

دفاع من الحكومة

وتنفي الحكومة التركية ملاحقة معارضي إردوغان، وتقول إن القضاء مستقل. ودافع وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، عن قرار اعتقال إمام أوغلو و105 آخرين من رؤساء البلديات ونوابهم والمسؤولين في بلدية إسطنبول، بأن التحقيقات تجرى بدقة متناهية، رافضاً استخدام مصطلح «الانقلاب على الديمقراطية»، والدعوة إلى الاحتجاجات، مؤكداً أنها «أمور غير مقبولة».

وأضاف أن نشر معلومات مضللة حول التحقيقات، التي تجرى بشكل سري، من خلال جولات ميدانية وإصدار بيانات تهدف إلى تضليل الرأي العام «أمر مرفوض تماماً»، وينبغي على الجميع أن يعرفوا ذلك. وتابع بأنه «في دولة القانون، إذا كان هناك ادعاء بارتكاب جريمة؛ فالمكان الذي يجب أن يتم فيه الدفاع هو المحاكم، وليس الشوارع».

لحظات عصيبة

وروت زوجة رئيس بلدية إسطنبول، ديليك إمام أوغلو، وابنه سليم إمام أوغلو، اللحظات العصيبة لاعتقال إمام أوغلو من منزله في ساعات الصباح. وقالت ديليك إمام أوغلو: «لقد جاءوا بعد السحور مباشرة، كانت ابنتي البالغة من العمر 13 عاماً موجودة. ورغم كل شيء، لم أستطع إبقاءها في المنزل، قالت سأذهب إلى المدرسة وأواصل حياتي يا أمي، جهزتها وأرسلتها إلى المدرسة».

وأضافت: «في هذا الوقت قام السيد أكرم أيضا بتحضيراته من أجل الذهاب مع عناصر الأمن، وأود أن أشكر من جاءوا إلى هنا، لقد قاموا جميعاً بأداء واجباتهم بكل أدب ولياقة، وأنهوا واجباتهم وغادروا المنزل في حوالي الساعة 7.30 صباحاً (تغ+3)».

وتابعت زوجة إمام أوغلو، في مقابلة تلفزيونية: «لقد اعتدنا على كل شيء، بالأمس، أُلغيت شهادته الجامعية، نُفِّذت إجراءات غير قانونية، نمر بأيام عصيبة، إنه أمرٌ مُخيفٌ للغاية، هل توقعنا شيئاً كهذا؟ تقول على الورق إننا ما زلنا دولة قانون، مهما ساءت الأمور، وتقول: (هذا مستحيل). لكنك بعد ذلك تكتشف أنك تعيش ذلك، ما حدث هذا الصباح هو أحد هذه الأمور. أولًا، يحتجزونك، ثم يُحاولون تقديم أدلة لإدانتك».

وكان إمام أوغلو نشر فيديو على حسابه على «إكس»، وهو يرتدي ملابسه ويستعد للذهاب مع عناصر الشرطة، مؤكداً أن كل ما يجري هو «عملية غير قانونية»، كما نشر حسابه ورقة كتبها بخط يده يقول فيها إنه يستودع نفسه أمانة لدى الله أولاً، ثم لدى الأمة.


مقالات ذات صلة

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة لزعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان ثبتها مسلحون من الحزب عند سفح جبل قنديل شمال العراق عند إعلان انسحابهم من تركيا في 26 أكتوبر الماضي (رويترز)

زيارة مفاجئة من «وفد إيمرالي» لأوجلان في أجواء متوترة

قام «وفد إيمرالي» بزيارة مفاجئة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في محبسه، غرب تركيا، وسط قلق من التصريحات حول «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا سفينة الشحن الروسية «مديفولغا 2» في أثناء إبحارها في البحر الأسود قبل الهجوم الأوكراني الذي أعلن عنه في 2 ديسمبر من جانب تركيا (رويترز)

تركيا تحذر أوكرانيا من تصعيد الهجمات في البحر الأسود

حذرت تركيا من تصعيد الهجمات على السفن التجارية في البحر الأسود، والتي تكررت في الأيام الأخيرة، عبر استهدافات من جانب أوكرانيا لسفن روسية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا ناقلة نفط روسية تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول 15 أغسطس 2022 (رويترز)

أوكرانيا تنفي علاقتها بهجوم على ناقلة ترفع العلم الروسي قرب تركيا

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، اليوم (الثلاثاء)، إن كييف لا علاقة لها بالهجوم على ناقلة ترفع العلم الروسي محمّلة بزيت دوار الشمس بالقرب من تركيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».