السجال يبلغ ذروته بين السلطتين التنفيذية والقضائية في أميركا

روبرتس يؤنّب ترمب وقضاة فيدراليون يحكمون ضد القرارات «غير الدستورية»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس المحكمة العليا جون روبرتس بالكونغرس في 4 مارس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس المحكمة العليا جون روبرتس بالكونغرس في 4 مارس (رويترز)
TT

السجال يبلغ ذروته بين السلطتين التنفيذية والقضائية في أميركا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس المحكمة العليا جون روبرتس بالكونغرس في 4 مارس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصافحاً رئيس المحكمة العليا جون روبرتس بالكونغرس في 4 مارس (رويترز)

غداة التأنيب النادر الذي وجّهه رئيس المحكمة العليا الأميركية، جون روبرتس، بحقّ الرئيس دونالد ترمب بسبب مطالبته بعزل أحد القضاة الفيدراليين، منع قاضٍ فيدرالي آخر «دائرة الكفاءة الحكومية» («دوج» اختصاراً)، التي يقودها الملياردير إيلون ماسك، من اتخاذ أي إجراءات إضافية لتفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية موقتاً، لأن ذلك يُحتمل أن يمثل انتهاكاً لدستور الولايات المتحدة.

وجاء التأنيب من روبرتس كردّ على مطالبة ترمب بعزل القاضي جيمس بوازبرغ، الذي أمر بتعليق رحلات لترحيل مهاجرين غير شرعيين في نهاية الأسبوع. ووصف ترمب القاضي بوازبرغ بأنه «يساري راديكالي مجنون (...) عيّنه للأسف (الرئيس السابق) باراك حسين أوباما»، مضيفاً أنه «ينبغي عزل هذا القاضي!!!».

وردّ روبرتس، في بيان نادر، أنه «طوال أكثر من قرنين، ثبت أن العزل ليس رداً مناسباً على الخلاف المتعلق بقرار قضائي»، لأن «الاستئناف موجود لهذا الغرض».

صورة أرشيفية لرئيس المحكمة العليا الأميركية جون روبرتس (أ.ب)

ويُعدّ عزل القضاة الفيدراليين أمراً نادراً للغاية، علماً أن آخر مرة قام فيها الكونغرس بعزل قاضٍ فيدرالي كانت عام 2010. لكن تصريحات ترمب، باعتباره أرفع مسؤول في السلطة التنفيذية، ومسؤولي إدارته بشأن الأحكام القضائية وتحدي القضاة توحي أكثر فأكثر أن المعركة بين السلطتين التنفيذية والقضائية، بما في ذلك مع روبرتس، باعتباره أرفع مسؤول في السلطة القضائية، باتت أقرب من أي وقت مضى، ورُبّما تنذر بأزمة دستورية إذا قرر ترمب تحدّي هذه الأحكام.

ضربة لجهود ترمب

وبعيد ردّ روبرتس، أصدر قاضي المحكمة الجزئية الأميرية في ميريلاند، ثيودور تشوانغ، أمراً يُلزم «دوج» بإعادة خدمات البريد الإلكتروني وغيرها من وسائل الوصول إلى آلاف الموظفين الذين انقطعت عنهم خدمات الوكالة، وبينهم عاملون في مناطق خطرة. كما منع الكشف عن المعلومات الشخصية للموظفين، مُشدّداً على أن أي إجراء آخر يتعلّق بالوكالة يجب أن يحصل «بتفويض صريح من مسؤول في الوكالة يتمتع بسلطة قانونية».

وعلى رغم أن الأمر القضائي الأوّلي الذي أصدره القاضي تشوانغ يترك الباب مفتوحاً أمام ترمب لمواصلة إلغاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فإنّه يُمثّل ضربة أخرى لجهود الإدارة الرامية إلى تقليص حجم الحكومة بشكل كبير، بعد أوامر قضائية فيدرالية أخرى بإعادة آلاف الموظفين الفيدراليين المفصولين.

ويظل حكم تشوانغ ساري المفعول حتى صدور أمر قضائي آخر، الذي يمكن أن يصدر في مرحلة أخرى من الدعوى أو بعد المحاكمة.

وكانت إدارة ترمب تحرّكت منذ الاثنين لإعادة آلاف العاملين الموقوفين عن العمل، بعدما حكم قاضٍ آخر في ميريلاند بأن عمليات الفصل غير قانونية. ولكن وزارة العدل استأنفت الحكم.

لوحة كانت تحمل اسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قبل محوه في مبنى رونالد ريغان بواشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

جاء ذلك بعدما رفع صندوق المدافعين عن الديمقراطية في ميريلاند دعوى بالنيابة عن أكثر من 20 من العاملين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، الذين يدّعون أن تولّي ماسك سلطة واسعة على الوكالات الفيدرالية «غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة». وبموجب الدستور، لا يمكن ممارسة هذه السلطة إلا من شخص رشّحه الرئيس وصادق عليه مجلس الشيوخ «كمسؤول في الولايات المتحدة». كما تؤكد الدعوى أن تحركات وزارة العدل لإلغاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تنتهك الدستور، لأنها أُنشئت من الكونغرس، وهو وحده من يملك صلاحية إلغائها.

وفي رأي قانوني من 68 صفحة مرفق بالأمر القضائي، أقرّ تشوانغ بأن إدارة ترمب تصرّفت لتفكيك الوكالة. وخلُص إلى أن المُدّعين من المرجح أن ينجحوا في دعواهم بأن هذه الإجراءات تنتهك مبدأ فصل السلطات في الدستور. وكتب في قراره أنه «في حين أن الكونغرس نصّ على وجود الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في النظام الأساسي بموجب صلاحياته التشريعية بموجب المادة الأولى، فإن سلطة الرئيس بموجب المادة الثانية في ضمان تنفيذ القوانين بأمانة لا تمنح السلطة لاتخاذ إجراءات أحادية وجذرية لتفكيك الوكالة».

انتهاك للدستور!

إيلون ماسك عقب اجتماعه بأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في 5 مارس (أ.ب)

ومع ذلك، فإن أمر القاضي ينطبق على ماسك و«دوج» فقط، وليس على مسؤولي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنفسهم. وأوضح القاضي أنه على رغم أن تفكيك الوكالة «يُحتمل أن ينتهك» الدستور، فإن مسؤولي الوكالة ليسوا طرفاً في القضية ولا يخضعون لأمره. وجادل محامو وزارة العدل أن مسؤولي الوكالة، وليس ماسك أو «دوج»، هم من أجروا عمليات إنهاء الموظفين والعقود الجماعية.

وعلى رغم أن الدعوى القضائية لم تنتهِ بعد، فإن صندوق المدافعين عن الديمقراطية في الولاية أشاد بحكم القاضي، الذي تعرّض للهجوم من البيت الأبيض وماسك. وقال الرئيس التنفيذي لصندوق المدافعين عن الديمقراطية في ميريلاند، نورم إيزن، في بيان: «يُعد القرار انتصاراً مهماً ضد إيلون ماسك وهجومه على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والحكومة الأميركية والدستور». وأضاف: «إنهم يُجرون عمليات جراحية بمنشار كهربائي بدلاً من المشرط، مُلحقين الضرر بغالبية الأميركيين الذين يعتمدون على استقرار حكومتنا، وليس بمن تخدمهم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فقط. وتُمثل هذه القضية نقطة تحول في التصدي لعدم قانونية ماسك وقانونية وزارة العدل».

وعلّقت نائبة الناطقة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، على أمر القاضي تشوانغ، معتبرة أنه من «القضاة المارقين» الذين «يقوّضون إرادة الشعب الأميركي في محاولاتهم منع الرئيس ترمب من تنفيذ أجندته». وأضافت أنه «إذا أراد هؤلاء القضاة فرض آيديولوجياتهم الحزبية على الحكومة، فعليهم الترشح للمناصب بأنفسهم». وأكّدت أن الإدارة «ستستأنف هذا الخطأ القضائي، وستُقاوم جميع القضاة النشطاء الذين يتعدّون على مبدأ فصل السلطات».

«سلطة مطلقة»

ويقول المحامون إن وزير الخارجية ماركو روبيو، وبيتر ماروكو، الذي يشرف الآن على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، يمارسان سلطة فعلية، بينما ماسك ليس سوى مستشار رئاسي مؤثر.

وفي إقرار مشفوع بقسم قدّمته وزارة العدل للمحكمة، شهد ماروكو بأنه وروبيو «لهما السلطة المطلقة» على القرارات في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وأن «فريق دوج لا يمكنه قانوناً توجيهي للقيام بأي شيء يتعلق بالموظفين أو التمويل أو ما شابه».

وعبّر القاضي تشوانغ، خلال جلسة استماع في أواخر فبراير (شباط) الماضي، عن تشكيكه في ادّعاء ماروكو، في ضوء التصريحات العلنية لترمب بأنه وضع ماسك على رأس الوكالة، وأنهم بصدد إغلاقها. وسأل: «هل يجب أن أصدق الرئيس، أم يجب أن أصدق السيد ماروكو؟».


مقالات ذات صلة

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

أظهرت وثيقة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسعى إلى منع حدوث صراع مع الصين بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله مركز كنيدي رفقة رئيس الفيفا إنفانتينو (أ.ب)

قرعة المونديال ستكشف عن «نصف القصة» فقط

سيجرى سحب قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في الساعة 17:00 بتوقيت غرينيتش، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حفل قرعة المونديال (إ.ب.أ)

ترمب سيجتمع برئيسة المكسيك ورئيس وزراء كندا بعد قرعة المونديال

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه سيجتمع مع رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، ورئيس وزراء كندا مارك كارني، بعد انتهاء حفل سحب قرعة كأس العالم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ قائد البحرية الأميركية الأميرال فرنك «ميتش» برادلي لدى مغادرته مبنى الكابيتول بعد جلسة استماع في الكونغرس بواشنطن (رويترز)

أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

قُتل 4 أشخاص في ضربة جوية أميركية ضد قارب يُشتبه في تهريبه مخدرات في شرق المحيط الهادئ، في خضم مساءلات في الكونغرس حول مشروعية هذه الهجمات.

علي بردى (واشنطن)
أفريقيا ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يكشف عن استراتيجية لمنع اندلاع صراع مع الصين بشأن تايوان

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

أظهرت وثيقة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسعى إلى منع حدوث صراع مع الصين بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي، عبر تكثيف بناء قوة عسكرية للولايات المتحدة وحلفائها، وفق ما نشرت «رويترز».

وحدّدت إدارة ترمب نهجها تجاه واحدة من أكثر القضايا الدبلوماسية حساسية في العالم في وثيقة تتعلق باستراتيجية الأمن القومي تتألف من 29 صفحة، ومؤرخة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، ولكن لم تُنشر على الإنترنت إلا في الآونة الأخيرة.

وجاء في الوثيقة أن «منع الصراع بشأن تايوان، من خلال الحفاظ على التفوق العسكري، يُمثل أولوية».

وتعدّ الصين أن تايوان، التي تنعم بحكم ديمقراطي، جزءاً لا يتجزأ منها، ولم تتراجع بكين مطلقاً عن فكرة استخدام القوة لإخضاع الجزيرة لسيطرتها. كما أن للصين مطالبات بالسيادة على مناطق شاسعة، تشمل بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً، وهو بحر متنازع عليه مع عدد من جيرانها الأصغر.

وليس للولايات المتحدة، شأن معظم الدول، علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان. لكن واشنطن هي أهم داعم دولي للجزيرة، وهي ملزمة بحكم القانون بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها.

وتوضح الوثيقة أن إدارة ترمب ترى أن عدم الاستقرار قرب تايوان يُشكل خطراً بسبب هيمنة الجزيرة على تصنيع أشباه الموصلات، ولأن حصة كبيرة من التجارة العالمية تمر عبر المياه القريبة.

ودائماً ما كانت هذه القضية مصدر إزعاج في العلاقات الأميركية الصينية.

وتجنّب الرئيس الجمهوري إلى حد بعيد التصريح مباشرة بالطريقة التي يمكن أن يرد بها على تصاعد التوتر بشأن الجزيرة، وقال إنه يتطلع إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وحضّ كذلك اليابان وكوريا الجنوبية، وهما حليفتان إقليميتان رئيسيتان، على زيادة الإنفاق الدفاعي.

وورد في أحدث وثيقة «سنكّون جيشاً قادراً على صد العدوان في أي مكان، في سلسلة الجزر الممتدة من اليابان إلى جنوب شرق آسيا... لكن الجيش الأميركي لا يستطيع القيام بذلك بمفرده، وينبغي ألا يضطر إلى ذلك».


روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
TT

روبيو: الغرامة الأوروبية على «إكس» اعتداء على الشعب الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم (الجمعة)، أن قرار الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة مالية كبيرة على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي هو اعتداء على الشعب الأميركي من قبل حكومات أجنبية، كما يعد هجوماً على جميع شركات التكنولوجيا الأميركية.

وأضاف روبيو في منشور على «إكس»: «أيام فرض الرقابة على الأميركيين عبر الإنترنت قد ولت».

وقررت الجهات المنظمة لقطاع التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي في وقت سابق اليوم تغريم «إكس»، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، 120 مليون يورو بسبب «انتهاكات» تتعلق بالمحتوى على الإنترنت بعد تحقيق استمر لعامين، وأمهلت المنصة 60 يوماً لتقديم حلول و90 يوماً للتنفيذ.

وانتقد رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية الأميركية بريندان كار قرار المفوضية الأوروبية، قائلاً إن أوروبا تغرم شركات التكنولوجيا الأميركية لأنها ناجحة، وتسعى للحصول على أموال غير مستحقة.

وحذر نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الاتحاد الأوروبي، أمس (الخميس)، من فرض عقوبات على «إكس»، قائلاً إن على أوروبا «دعم حرية التعبير بدلاً من مهاجمة الشركات الأميركية بسبب أمور تافهة».

وقالت المفوضية الأوروبية في وقت سابق اليوم رداً على فانس إن قوانين المحتوى الرقمي «ليست رقابة».


أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
TT

أميركا تواصل حربها على «قوارب المخدرات» رغم الانتقادات

طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لشركة «ساتينا» تتلقى تحية مائية عند هبوطها في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا (أ.ف.ب)

قُتل أربعة أشخاص في ضربة جوية أميركية ضد قارب يُشتبه في تهريبه مخدرات شرق المحيط الهادئ، في خضم مساءلات في الكونغرس حيال ما إذا كانت الولايات المتحدة ارتكبت جريمة حرب خلال هجوم في سبتمبر (أيلول) الماضي بجنوب البحر الكاريبي لاستهدافها شخصين نجوا من الضربة الأولى.

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكو 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

وأعلنت القيادة العسكرية الجنوبية في الجيش الأميركي وقوع الضربة الـ22 ضد «قوارب المخدرات» الخميس، وسط انتقادات متزايدة من المعارضة الديمقراطية للضربات التي بدأت في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 87 شخصاً حتى الآن، من دون تقديم أي دليل على صلاتهم بتهريب المخدرات. وأفادت عبر منصات التواصل الاجتماعي بأنها استهدفت «قارباً في المياه الدولية تديره منظمة مصنفة إرهابية»، مضيفة أن «معلومات استخبارية أكدت أن القارب كان يحمل مخدرات غير مشروعة، ويعبر طريقاً معروفاً لتهريب المخدرات في شرق المحيط الهادئ». وأكدت «مقتل أربعة رجال من إرهابيي المخدرات كانوا على متن القارب».

ووقعت الضربة في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث انتقادات، بسبب عملية وجهت خلالها القوات الأميركية ضربة ثانية على قارب سبق أن قُصف في البحر الكاريبي، مما أدى إلى مقتل ناجيَين اثنين من الضربة الأولى. وقُتل 11 شخصاً في الضربتَين الأولى والثانية.

السيناتور مارك كيلي (أ.ب)

واحتدم الجدال الأسبوع الماضي عندما أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن اثنين من الناجين من الضربة الأولى كانا متشبثين بقاربهما المشتعل، قُتلا في ضربة ثانية أذن بها هيغسيث.

وبعد مشاهدة مقطع فيديو قدمته وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى أعضاء من الكونغرس، وعُرض خلال جلسة مغلقة مع المسؤول عن العمليات الخاصة في القوات المسلحة الأميركية الأميرال فرنك برادلي، أكد كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب جيم هايمز، أن الضربة أدت إلى مقتل «بحّارَين غارقين»، موضحاً أن الفيديو يُظهر «شخصين من الواضح أنهما في حالة حرجة، من دون وسيلة تنقل، قتلتهما الولايات المتحدة»، ومشيراً إلى أن الأميرال برادلي قدّم «عناصر سياقية» في شأن قراره. وأضاف: «نعم، كان في حوزتهما مخدرات»، لكنهما «لم يكونا في وضع يسمح لهما بمواصلة مهمتهما بأي شكل من الأشكال».

صورة مجمّعة للرئيسين الأميركي ترمب والفنزويلي مادورو (أ.ف.ب)

ودافع رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري توم كوتون عن القرار، واصفاً إياه بأنه «عادل». وأكد على غرار هايمز، أن الأميرال نفى تلقيه أمراً من وزير الدفاع بالقضاء على جميع البحارة على متن السفينة.

تأتي هذه الحملة العسكرية الأميركية في إطار تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا. ويتهم ترمب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأنه زعيم كارتل لتهريب المخدرات. أما مادورو فينفي ذلك بشدة، مندداً بمحاولة الولايات المتحدة إطاحة حكومته بذريعة مكافحة تهريب المخدرات.

ومع استمرار هذا التوتر، تواجه فنزويلا عزلة جوية بعدما أعلن الرئيس ترمب إغلاق المجال الجوي لهذا البلد في أميركا الجنوبية، وبعدما علّقت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها حرصاً على سلامة طائراتها وركابها.

أنصار المعارضة الفنزويلية يشاركون في وقفة احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين الفنزويليين في بوغوتا بكولومبيا (رويترز)

ونشر ترمب تحذيراً جاء فيه: «كل شركات الطيران والطيارين وتجار المخدرات والبشر، يُرجى اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا وحولها مغلقاً تماماً».

وألغت شركتا «بوليفانا دي أفياسيون» و«ساتينا» الكولومبيتان رحلاتهما إلى كاراكاس الخميس، فيما مدّدت شركة «كوبا إيرلاينز» البنمية تعليق رحلاتها حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وسبق أن علقت شركات «إيبيريا» و«تي إيه بي» و«أفيانكا» و«غول» و«لاتام» و«إير أوروبا» والخطوط الجوية التركية و«بلاس ألترا» رحلاتها إلى فنزويلا. واتهمت كاراكاس هذه الشركات بـ«الانخراط في أعمال إرهاب الدولة» التي تمارسها واشنطن، وألغت تراخيص تشغيلها.

ولا يؤثر إغلاق المجال الجوي الذي أشار إليه ترمب على الرحلات التي تقل مهاجرين رحّلتهم الولايات المتحدة إلى فنزويلا. ووصلت، الأربعاء، طائرة تقل عدداً من هؤلاء، وكان من المتوقع وصول طائرة أخرى الجمعة.