المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

هاجم طريقة تمثيل الفنان الراحل إسماعيل ياسين 

إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)
إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)
TT
20

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)
إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)

جدّد حديث المخرج المصري عمرو سلامة عن الفنان المصري الراحل إسماعيل ياسين، خلال حضوره ضيفاً على «ليك لوك 3»، الذي يقدمه الفنان الشاب عمر متولي على «السوشيال ميديا»، أزمة انتقاد رموز الفن المصري.

وجاء هجوم سلامة على تمثيل إسماعيل ياسين بشكل غير مباشر، وذلك عندما صرّح بأن الكوميديان الراحل الملقب بـ«أبو ضحكة جنان» الذي رحل مطلع سبعينات القرن الماضي، بعد مسيرة فنية طويلة بدأها في أواخر الثلاثينات، هو «أسوأ ممثل في تاريخ السينما المصرية»، وفق قوله. وذلك رداً على سؤال مقدم البرنامج: «من هو أسوأ ممثل في تاريخ السينما المصرية؟».

لم تكن أزمة سلامة وياسين الأولى، فقد شهدت إحدى الحلقات السابقة للبرنامج نفسه في موسمه الثاني انتقاد موهبة الفنان شكري سرحان، الملقب بـ«ابن النيل»، والتأكيد على أن نجوميته كانت أكبر من موهبته، خلال حديث دار بين مقدم البرنامج والفنان أحمد فتحي. الأمر الذي أثار استياء أسرة سرحان، ودعاهم للرد على متولي حينها، وتطور الأمر لتقديم شكوى لنقابة الممثلين في مصر.

عمر متولي وعمرو سلامة في لقطة من البرنامج السوشيالي «ليك لوك» (يوتيوب)
عمر متولي وعمرو سلامة في لقطة من البرنامج السوشيالي «ليك لوك» (يوتيوب)

من جانبها، قالت سارة ياسين، حفيدة الكوميديان الراحل، إن «كل شخص له مطلق الحرية في رأيه»، لافتة إلى أن الحديث عن جدها باستمرار يؤكد نجاحه الكبير واسمه الذي يتردد دوماً رغم مرور أكثر من 50 عاماً على رحيله.

وتوضح سارة لـ«الشرق الأوسط» أنها لا تنوي تقديم شكوى لنقابة الممثلين، مضيفة: «سأترك الردّ للناس ولجمهوره ومحبيه ومن تربوا على أعماله، وكذلك للنقاد والمختصين الذين تحدثوا عن طريقته في الكوميديا وحضوره اللافت في أفلام حملت اسمه، وأيضاً تاريخه الطويل بالسينما المصرية».

وأضافت سارة أن جدها اعتمد طريقة خاصة، تفرد بها في الكوميديا، وارتبط الناس بها، وأعطى فرصة لغيره من النجوم للظهور بجانبه، ولم يخف من نجاحهم. لذلك تبقى سيرته وأعماله ومدرسته مدونة بقوة في مسيرة السينما المصرية، التي اعتمد عدد كبير من منتجيها على اسمه لسنوات طويلة، وفق قولها.

وتطرقت سارة لأزمة انتقاد الفنان محمد رمضان لبعض أفلام جدّها قبل سنوات، بجانب تقديم أحد المشاهد الساخرة من طريقته في مسلسله «موسى»، لافتة إلى أن تعليقات الناس حينها على رمضان كانت أقوى من ردّها.

إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين وعدد من الأصدقاء (الشرق الأوسط)
إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين وعدد من الأصدقاء (الشرق الأوسط)

وتحدثت سارة عن تعرض جدها لإشاعات عدة، من بينها أنه أفلس وتراكمت عليه الديون ودفن في مدافن الصدقة، مؤكدة أن «هذه الأقاويل وغيرها عارية تماماً من الصحة، وأن جدها دفن في مقبرة الزوجة الأولى للفنان الراحل عماد حمدي بالقاهرة بناء على طلبها، رغم وجود مدفن أسرته في مدينة السويس».

وتوضح سارة أن عودة جدها للغناء، وتقديم المونولوج في سنواته الأخيرة في «التياترو»، بعدما كان «سوبر ستار» ويتهافت عليه المنتجون، كان نتيجة ما يعرض عليه ولا يليق باسمه، فلجأ للعمل في «التياترو» للإنفاق على أسرته، وليس بسبب إعلان إفلاسه كما يقال.

وقدّم إسماعيل ياسين على مدار مشواره الفني الكثير من الأفلام، من بينها «قلبي دليلي» و«حبيب العمر» و«بلبل أفندي» و«ليلة العيد» و«ليلة الدخلة» و«الزوجة السابعة» و«آخر كدبة» و«قطر الندى» و«حماتي قنبلة ذرية» و«نشالة هانم» و«لحن حبي» و«دهب» و«حرام عليك» و«ابن حميدو» و«الفانوس السحري»، بجانب عدد من المسرحيات، والعديد من الأفلام التي حملت اسمه.

إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)
إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)

من جانبه، انتقد المؤرخ والناقد الفني المصري محمد شوقي الحديث عن الرموز الفنية بين الحين والآخر بما لا يليق، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجري لا يصح، وبإمكان الضيف ومقدم البرنامج الحديث بطريقة متزنة وغير مسيئة للرموز والتعبير عن رأيهم السلبي أو عدم حبهم للفنان بشكل لائق إذا لزم الأمر».

ويرى شوقي أن «تصريح سلامة بأن ياسين أسوأ ممثل في تاريخ السينما المصرية مرفوض شكلاً وموضوعاً»، مشيراً إلى أنه «هو الممثل الوحيد في العالم الذي أُنتجت له أفلام باسمه، وشملت أعماله تنويعات مختلفة من الكوميديا، كما أكد نجوم كثر في لقاءات مرئية على موهبته وحضوره. من بينهم فؤاد المهندس وأمين الهنيدي وعبد المنعم مدبولي ومحمد عوض وسمير غانم وسعيد صالح، وغيرهم».

ويؤكد شوقي أن «إسماعيل ياسين اجتمع على حبه الكبار والصغار»، موضحاً أن «مهاجمة الرموز من أجل (التريند) والتصدر والنجاح أصبح موضة مرفوضة»، مستنكراً حديث عمرو سلامة أيضاً عن الفنانة الراحلة ليلى فوزي، والمخرج الراحل صلاح أبو سيف، ومطالباً بالتوقف عن هذه التصريحات التي تسيء للرموز الفنية.


مقالات ذات صلة

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

سينما «طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

محظوظة السينما بأفلامها، وأفلامها محظوظة بمهرجاناتها. من «برلين» إلى «نيويورك» ومن «تورنتو» و«مونتريال» إلى «سان سيباستيان».

محمد رُضا (لندن)
سينما «المستعمرة» (ماد سوليوشن)

شاشة الناقد: المستعمرة

بعد بداية تُثير القلق حول مستوى الفيلم، تتبدَّى الخيوط على نحوٍ أوضح يقود المخرج الجديد محمد رشاد فيلمه صوب نتائج فنية ملائمة لما يريد الحديث فيه وكيف.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق إيفان فوند خلال تسلمه الجائزة على المسرح في برلين (إدارة المهرجان)

المخرج الأرجنتيني إيفان فوند: السينما مساحة للتجربة والدهشة

وصف المخرج الأرجنتيني، إيفان فوند، «السينما بأنها مساحة للتجربة والدهشة تعيدنا إلى الطفولة».

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق جانب من الأمسية الرمضانية التي شهدت حضوراً كثيفاً من الإعلاميين

«أفلام السعودية» يعد عشاق السينما بمفاجآت كثيرة

ينتظر عشاق السينما في السعودية الكثير من المفاجآت التي كشف عنها «مهرجان أفلام السعودية»، في أمسية رمضانية ومؤتمر صحافي مصاحب، أزاح الستار عن ملامح الدورة الـ11.

إيمان الخطاف (الدمام)

«نسمات أيلول»... كوميديا اليوميات الرتيبة والوقت الضائع

نرى في الهَمّ الجماعي همّاً فردياً لمجرّد أنَّ منبعه العيش الصعب («فيسبوك» رشا شربتجي)
نرى في الهَمّ الجماعي همّاً فردياً لمجرّد أنَّ منبعه العيش الصعب («فيسبوك» رشا شربتجي)
TT
20

«نسمات أيلول»... كوميديا اليوميات الرتيبة والوقت الضائع

نرى في الهَمّ الجماعي همّاً فردياً لمجرّد أنَّ منبعه العيش الصعب («فيسبوك» رشا شربتجي)
نرى في الهَمّ الجماعي همّاً فردياً لمجرّد أنَّ منبعه العيش الصعب («فيسبوك» رشا شربتجي)

يُخفِّف المسلسل السوري «نسمات أيلول» ثقل هذه الأيام المفتوحة على الاحتمالات. هو بسمة الموسم الرمضاني واللفتة التي لا يتطلَّب انتظارها تفكيراً طويلاً. نُشاهد لرغبة في المشاهدة ولحاجة إلى قشَّة تُلوّح بالنجاة. فالضحكات، حتى تلك الهشّة، عَوَض. والعمل «خفيف» من دون أن يفقد قيمته. يمنح المرء احتمال الانسلاخ عن اختناقه. بعضُ أحداثه لا يُذكر لاستراحته على السطح، لكنه ضروري لصرفه عن غرقه.

العلاقة بالمسلسل عاطفية مردّها التوق إلى مُتنفَّس («فيسبوك» رشا شربتجي)
العلاقة بالمسلسل عاطفية مردّها التوق إلى مُتنفَّس («فيسبوك» رشا شربتجي)

مسرح المسلسل ريفيّ، حيث للحياة إيقاعها وللبشر نظرتهم إلى جدوى الوقت. تُصوِّر المخرجة رشا شربتجي مع شقيقها يزن شربتجي الهموم واللاهموم، مُقدّمةً إطاراً بصرياً ملائماً لسير الأحداث من دون تسارُع كما تمضي الأيام المُتشابهة. فالمشهد الريفي يمنح إحساساً بالسكينة الداخلية ويُوجِّه حركة المواقف بدورانها وثباتها، تاركاً وَقْعَه في مجريات أحوال الشخصيات. تطلّ صباح الجزائري بشخصية تُخرجها من نمط الأعمال الشامية والحضور العابر في الدراما المُعرَّبة. دور الجدّة «أمينة» يُذكّر بالجدّات الحبيبات. بظهورها المريح تُحرّك العاطفة حيال مَن نناديهنّ «تيتا»، بأثرهنَّ الباقي وإنْ غادرنَ الأرض.

شخصية صباح الجزائري تُخرجها من نمط الأعمال الشامية («فيسبوك» رشا شربتجي)
شخصية صباح الجزائري تُخرجها من نمط الأعمال الشامية («فيسبوك» رشا شربتجي)

نصّ علي معين صالح ليس غبياً. الكوميديا خطرة، ويدرك الخطورة. يعلم أنه أمام امتحان 30 يوماً رمضانياً، والمُشاهد لا يرحم عندما يتعلّق الأمر بالضحكات. يريدها طوال الوقت. ويرفض خَفْض سقفها. اليوم، ونحن في منتصف الطريق نحو وداع الشهر، يمكن على الأقل إنصاف المسلسل والاعتراف له بفضل. ولا بأس بالتصفيق لشخصياتٍ وحلقات. فذلك مُستحق، من دون الادّعاء بأنّ إيقاعه التصاعدي لا يُصاب بارتباك ويتعرّج أحياناً.

في البداية، أمكن تقبُّل أن نضحك حتى على ما لا يُضحك! فالعلاقة بهذا المسلسل عاطفية، مردّها التوق إلى مُتنفَّس. ووسط ضجر تُكرّسه أعمال رمضانية، وكآبة توقظها أخرى تُحركش في بشاعة الحال، يشاء «نسمات أيلول» أن يكون الضيف اللطيف الذي تستقبله المنازل وتشتهي زيارته المقبلة.

تُخبر الحلقات حكايات عائلة ريفية من جدّة وأبناء وأحفاد لا يزالون يحافظون على الاجتماع والتلاقي. وجهان يُجدِّدان حضورهما خارج القوالب المُنتَظرة: نادين تحسين بيك بدور «رلى»، وملهم بشر بدور «نورس». حتى الآن، صدّقنا الموقف المُضحك وهو يتحوّل لحظةً مُنتَظرة. فمنذ قدومها إلى منزل جدّتها من الغربة، والأحداث تُبيّن الشرخ في النظرة إلى الحياة والعلاقات وحقوق الإنسان. يُعلَّب الجدّ بالمزاح، وتُغلَّف اللطشة بالوضعية المريحة، فيُقهقه الوجع ويرقص الطائر المذبوح من الألم. ذلك نتيجته تشكُّل مرآة عاكسة، فنرى في الهَمّ الجماعي همّاً فردياً، لمجرّد أنه حقيقي منبعه العيش الصعب.

العمل «خفيف» من دون أن يفقد قيمته («فيسبوك» رشا شربتجي)
العمل «خفيف» من دون أن يفقد قيمته («فيسبوك» رشا شربتجي)

حفظنا جيداً تعابير الشخصيات ووظيفتها الكوميدية، وهنا نقطة ضعف المسلسل. ولكن ماذا لو كان ذلك مُتعمَّداً لتأكيد الوقت الضائع؟ نعلم أنّ «نورس» و«شاهين» (درويش عبد الهادي) سيكرّران كلّ ما يُثبت نظريتهما بأنّ «العائلة وسخة». فهذه العبارة تُحرّك السياق حدَّ أنه أحياناً يدور حولها. لكنْ ما يشفع هو أنّ الضحك يظلّ ممكناً، ويملك هزيمة الرتابة.

والشخصيات تمثّل هواجس الشباب السوري والعلاقة الشائكة بين الأجيال. فإذا كان الاهتمام بالتعليم بلغ حدَّ «الهوس» بالنسبة إلى جيل الآباء، فإنّ احتدام الصراع حول تحديد مفهوم الفشل يطلُّ من المقلب الآخر مُخفَّفاً على شكل ضحكة. وهو صراع تُعمّقه الفجوة العُمرية والشرخ الهائل في قراءة الأولويات. وبينما الآباء «ينتقمون» من فشل الأبناء في الدراسة والوظيفة، بالترويج للإهانة على أنها السبيل الوحيد لرفض الواقع، نسمع مفردات التشفّي والرفض في محاولة عكسية لتعويض التقصير وإنكار الأسباب المؤدّية إلى فظاعة النتيجة.

العلاقة بالمسلسل عاطفية مردّها التوق إلى مُتنفَّس («فيسبوك» رشا شربتجي)
العلاقة بالمسلسل عاطفية مردّها التوق إلى مُتنفَّس («فيسبوك» رشا شربتجي)

المجموعة متكافئة في تجسيد يوميات سوريّ لا يفعل شيئاً بالضرورة. ينتظر فقط، وغالباً لا يعلم ما ينتظره. «دارين» (رواد علليو) حائمة في التيه بابتسامة تسكُن وجهها. «منهل» (إبراهيم شيخ إبراهيم بدور لافت) في وضعية تصدٍ دائم لنبذه، يقترب من دون أن يتقدّم خطوة. «أيهم» (محمد حداقي المتألّق) المتورّط بالعبارة نفسِها والمسلسل نفسِه. يُحقِّر الآخرين وهو يضحك، كأنه لا يجيد سوى الالتفاف في الدوّامة، ثم يعود لمشاهدة «صراع العروش» لمزيد من التحسُّر على ما لن يكونه.

تتعدُّد الشخصيات المحكومة بالدوران في عنق زجاجة، فنرى «فهد» (مصطفى المصطفى) بانفعالات واحدة؛ حادّ، لكنه مُضحك. ومعه مَن يمتهنون أدوارهم المتورّطة أيضاً في النسق: حسين عباس بشخصية «فواز»، وعلي صطوف بشخصية «نبيل»، وسوسن أبو عفار بشخصية «ريماس»، مع كرم شنان بدور «توفيق»، وغزوان صفدي بشخصية «معتز». رفيق رايقة الملقَّب بـ«زهرة البابونج» في المسلسل كاراكتير بين اللافتين. الجميع يُمثّل بمهارة.

بعد دور «جاويش» الشاقّ في مسلسل «مال القبان» (رمضان الماضي)، يتحوّل ملهم بشر من اختزال للقهر الإنساني إلى «بائع الدنيا بقشرة بصل». ومن خلال الاستخفاف الظاهر، تُمرَّر رسائل في السياسة والمجتمع والاقتصاد والتعليم. يغيب الذِكْر المباشر للحرب، فيظهر الإحباط والكسل وفقدان الأمل وجوهاً أخرى لهذه التعاسة الباهظة. صباح الجزائري ونادين تحسين بيك ممتعتان في الخصام والمودّة.