«الشرق الأوسط» تكشف كواليس لقاءات «حماس» مع مسؤولين أميركيين

الوسطاء يحاولون تحريك مفاوضات غزة قبل انفجار الأوضاع مجدداً

TT

«الشرق الأوسط» تكشف كواليس لقاءات «حماس» مع مسؤولين أميركيين

صورة من الجو التقطتها مسيّرة تظهر حجم الدمار في بيت حانون بشمال قطاع غزة الأربعاء (رويترز)
صورة من الجو التقطتها مسيّرة تظهر حجم الدمار في بيت حانون بشمال قطاع غزة الأربعاء (رويترز)

تتواصل جهود الوسطاء في مصر وقطر لمحاولة إيجاد حلول إبداعية تنهي الخلافات القائمة بين «حماس» وإسرائيل بشأن المضي قدماً في وقف إطلاق النار، والانتقال لمرحلة متقدمة توقف الحرب بشكل كامل.

وتسعى إسرائيل بشكل أساسي لتمديد المرحلة الأولى، بهدف استعادة مزيد من المختطفين بغزة، من دون أن تقدِّم ضمانات واضحةً بالتزامها بالانسحاب من «محور فيلادلفيا» الذي كان من المقرر أن يبدأ مع انتهاء المرحلة الأولى، التي انتهت فعلياً منتصف ليل السبت - الأحد الماضي.

أقارب محتجزين لدى «حماس» يحملون صوراً لهم خلال احتجاج في تل أبيب... الخميس (إ.ب.أ)

وبينما كانت «حماس» منفتحةً على تمديد المرحلة الأولى، بضمان التزام إسرائيل بالانسحاب وتنفيذ البروتوكول الإنساني بشكل كامل، أصبحت الحركة أكثر تمسكاً بموقفها بالبدء بمفاوضات حول المرحلة الثانية، كما كان ينص الاتفاق الأساسي على الانتقال بين المراحل، خصوصاً في ظل رفض الحكومة الإسرائيلية الوفاء بتعهداتها، وعدم قدرة الوسطاء على إلزامها بذلك.

وقالت مصادر قيادية من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن الوسطاء يبذلون جهوداً مضنيةً وكبيرةً لا تتوقف على مدار الساعة من أجل محاولة الوصول لحلول، ولتقريب وجهات النظر بما يتيح الاستمرار في وقف إطلاق النار، مؤكدةً أن الحركة أكدت للوسطاء وحتى للولايات المتحدة أنها معنية بشكل أساسي بأن تقف الحرب نهائياً مع ضمان انسحاب إسرائيل من قطاع غزة بما يشمل محور فيلادلفيا.

وأشارت المصادر إلى أن هناك غرفة عمليات للوسطاء، يديرون من خلالها الاتصالات مع قيادة «حماس» وكذلك مع الحكومة الإسرائيلية، وبتواصل دائم مع الولايات المتحدة.

فلسطينيون يسيرون قرب مبانٍ مدمَّرة في خان يونس... الخميس (رويترز)

وأكدت المصادر أن الجهود الحالية حتى صباح الخميس، لم تفضِ إلى أي تقدم حقيقي، في ظل التعنت الجانب الإسرائيلي بعدم الالتزام بما كان يجب أن ينفِّّذه في المرحلة الأولى، ورفضه الانتقال لمرحلة المفاوضات حول المرحلة الثانية.

وبيَّنت المصادر أن قيادة «حماس» أبلغت الوسطاء في قطر ومصر، وكذلك الولايات المتحدة، أنها جاهزة للمضي قدماً في الاتفاق لكن بضمان تحقيق شروطها المتعلقة بوقف الحرب، والانسحاب، وإعادة الإعمار ورفع الحصار، وهي قضايا تصرُّ إسرائيل على التلاعب بها وتراوغ، وتحاول كسب الوقت من خلال الضغط باتجاه استكمال المرحلة الأولى، لاستعادة أسراها دون ثمن تدفعه مقابل ذلك، والاكتفاء بتحرير الأسرى الفلسطينيين.

قافلة عسكرية إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة... الأربعاء (رويترز)

ولفتت المصادر إلى أن قيادة «حماس» أكدت لكل الأطراف استعدادها التام للتخلي عن حكم وإدارة قطاع غزة، ولهذا رحَّبت بمخرجات القمة العربية، التي أشارت بشكل واضح إلى أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة لإدارة القطاع لحين تسلم السلطة الفلسطينية مسؤولياتها.

وكشفت المصادر أن وفداً قيادياً من «حماس» سيصل في أي لحظة للقاهرة مجدداً؛ لإجراء مزيد من المباحثات حول الوضع في غزة، وكذلك الاطلاع على تفاصيل الرؤية المصرية بشأن مستقبل القطاع، وتفاصيل عمل اللجنة التي ستتسلم القطاع، وتحديد الخطوات المقبلة التي سيتم اتباعها.

وقال حازم قاسم، الناطق باسم «حماس»، صباح الخميس، إن الوسطاء يواصلون اتصالاتهم من أجل ضمان تنفيذ باقي مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، وإلزام الاحتلال بالبدء بمفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، مؤكداً التزام حركته بالمراحل المختلفة للاتفاق، معرباً عن أمله أن تثمر اتصالات الوسطاء عن إكمال تطبيق مراحل الاتفاق من جانب الاحتلال.

أقارب محتجزين لدى «حماس» خلال احتجاج للمطالبة بإطلاق سراحهم في تل أبيب... الخميس (إ.ب.أ)

ولا تستبعد «حماس» أن تعاود إسرائيل شنَّ الحرب على القطاع، وهي اتخذت إجراءات أمنية مشددة تتعلق بقياداتها؛ خشيةً من عمليات غدر إسرائيلية قد تطالهم من خلال الاغتيالات.

وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، قال خلال مراسم تنصيبه، إن المهمة ضد «حماس» لم تنتهِ بعد، مشيراً إلى أن الحركة تعرَّضت لضربة قاسية، ولكنها لم تُهزَم بعد.

ويُعرَف عن زامير أنه من الموالين لرئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ويتبنى في كثير من المرات مواقفه خلال جلسات أمنية مغلقة.

وذكرت «القناة 14» العبرية، مساء الأربعاء، أن زامير قال في جلسة مغلقة إنه لا يعارض السيطرة العسكرية على قطاع غزة، وإنه يجب منع وصول المساعدات الإنسانية لـ(حماس)، وإنه سيوصي القيادة السياسية بألّا تكون السلطة جزءاً من اليوم التالي لمستقبل غزة.

صورة من الجو التقطتها مسيّرة تظهر حجم الدمار في بيت حانون بشمال قطاع غزة الأربعاء (رويترز)

ويتزامن ذلك مع الكشف عن لقاءات عُقدت بين قيادة «حماس» في الدوحة، مع مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الرهائن، آدم بولر، ومسؤولين آخرين من إدارة دونالد ترمب؛ لبحث الإفراج عن 5 رهائن إسرائيليين يحملون الجنسية الأميركية، يعتقد أن بينهم 4 قتلى.

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، ومتحدثون باسم حركة «حماس» تلك الأنباء، بينما اكتفت إسرائيل بتأكيد علمها وتقديم رأيها للولايات المتحدة حول تلك اللقاءات، الأمر الذي دفع المتحدثة الأميركية للقول: «إن الحوار والتحدث إلى الناس في مختلف أنحاء العالم للقيام بما هو في مصلحة الشعب الأميركي أمر أثبته الرئيس ترمب، وهو ما يعتقد أنه حُسن نية، وجهد لفعل ما هو صواب للشعب الأميركي».

وقالت مصادر من «حماس» في قطر لـ«الشرق الأوسط»، إن لقاءات واتصالات جرت مع المسؤولين الأميركيين، بينهم بولر وبشكل غير مباشر ستيف ويتكوف، مشيرةً إلى أن الدوحة والقاهرة انخرطتا في الوساطة لعقد هذه اللقاءات والاتصالات، وكانت بشكل أساسي بطلب أميركي.

إسرائيليون يحملون صور أشخاص محتجزين لدى «حماس» خلال احتجاج في تل أبيب... الخميس (أ.ب)

وأكدت المصادر أن قيادة «حماس» لم تتردد للحظة واحدة في اتخاذ قرار بقبول أو رفض الاجتماع مع المسؤولين الأميركيين، مشيرةً إلى أن هناك انفتاحاً لدى الحركة بالاجتماع مع أيِّ طرفٍ كان، حتى الإسرائيلي الذي تتم المفاوضات معه بشكل غير مباشر.

وبيَّنت المصادر في حديثها عن كواليس اللقاءات، أن الوفد الذي مثَّل الحركة برئاسة خليل الحية، أكد للمسؤولين الأميركيين أنه لا مانع لديها من الإفراج عن المختطفين الإسرائيليين، الذين يحملون الجنسية الأميركية، لكن بوصفهم يخدمون عسكرياً في جيش الاحتلال، وليسوا مدنيين، وطلب مقابل ذلك الإفراج عن أسرى فلسطينيين ضمن معايير مختلفة بوصفهم عسكريين.

ووفقاً للمصادر، فإن وفد الحركة سواء من خلال اللقاءات أو الاتصالات التي جرت لم يكشف ولم يحدد مصير أولئك المختطفين، مشيرةً إلى أنه رغم ذلك فإن اللقاءات كانت تعدّ إيجابيةً على الأقل من الانطباع السائد داخل قيادة «حماس».

وأشارت إلى أنه من المفترض أن تكون هناك لقاءات أو اتصالات أخرى ستُعقد في الفترة المقبلة، في حال توافقت الولايات المتحدة مع المطالب التي قدَّمها وفد الحركة، والذي طالب بتدخل أميركي جاد من أجل وقف الحرب بشكل كامل، والعمل على ضمان انسحاب إسرائيل من القطاع.

وبيَّنت المصادر أن الوفد الأميركي في مباحثاته من خلال الاجتماعات أو الاتصالات، ركَّز بشكل أساسي على قضية المختطفين الذين يحملون الجنسية الأميركية، ولم يتم الحديث عن تفاصيل أخرى تتعلق بمستقبل وقف إطلاق النار بغزة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال مساء الأربعاء، بعد استقباله رهائن إسرائيليين أُفرج عنهم من غزة مؤخراً، إن «حماس» ستواجه جحيماً إن لم تطلق سراح الرهائن لديها، داعياً قيادة الحركة لمغادرة القطاع، وأن هناك فرصة أمامهم لذلك، واعداً بأن شعب غزة ينتظره مستقبل جميل.


مقالات ذات صلة

بشارة بحبح لـ«الشرق الأوسط»: المرحلة الثانية لاتفاق غزة الشهر المقبل

خاص رجال يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة في حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

بشارة بحبح لـ«الشرق الأوسط»: المرحلة الثانية لاتفاق غزة الشهر المقبل

قال رئيس لجنة «العرب الأميركيين من أجل السلام»، والوسيط في غزة، بشارة بحبح، إن المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ستكون الشهر المقبل.

محمد الريس (القاهرة)
الخليج شددت منظمة التعاون الإسلامي على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين (واس)

تحذير إسلامي من خطورة استمرار جرائم إسرائيل في الضفة

شددت منظمة التعاون الإسلامي، الأربعاء، على رفضها وإدانتها لأي محاولات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة play-circle 02:43

موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

أجبرت الأمطار الغزيرة بعض السكان على دفع سياراتهم في شوارع قطاع غزة المغمورة بالمياه، بينما لجأ آخرون إلى عربات تجرّها الحمير لعبور السيول.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 01:55

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن».

هشام المياني (القاهرة)
تحليل إخباري مساعدات مصرية تتكدس أمام معبر رفح بانتظار السماح بدخولها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

تحليل إخباري اجتماع الدوحة... هل يعجّل بتشكيل قوة «استقرار غزة»؟

تدخل مرحلة نشر «قوات الاستقرار» في قطاع غزة مرحلة نقاشات تبدو نهائية، مع اقتراب الموعد الرئيسي لانتشارها العام المقبل، وفق تسريبات أميركية.

محمد محمود (القاهرة)

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)

نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الإشاعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.

وأوضح الإرياني، في تصريح رسمي، أنه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على طمأنة الرأي العام والقطاعَين التجاري والملاحي، جرى التواصل المباشر مع الجانب السعودي للتحقق مما أُثير، حيث تم تأكيد عدم صحة هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأن الإجراءات المعمول بها تسير بصورة طبيعية ودون أي تغيير.

وأضاف أن عدداً من تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن تم إصدارها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بما يدحض كل ما تم تداوله من معلومات مغلوطة.

وشدد الوزير اليمني على أن ميناء عدن يواصل أداء مهامه وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعتمدة، وأن حركة الملاحة والتجارة مستمرة بوتيرة طبيعية.

ودعا الإرياني وسائل الإعلام ورواد المنصات الرقمية إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وتجنّب الانجرار خلف الشائعات التي لا تخدم استقرار البلاد ولا تصب في مصلحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، ثمّن الوزير عالياً المواقف السعودية، ودورها الداعم لليمن في مختلف الظروف، وحرصها المستمر على تسهيل حركة التجارة والإمدادات، بما يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.

تنسيق حكومي - أممي

بالتوازي مع ذلك، بحث وزير النقل اليمني، الدكتور عبد السلام حُميد، في العاصمة المؤقتة عدن، مع مصطفى البنا المنسق الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أوجه الدعم الذي يقدمه المكتب إلى القطاعات والمؤسسات والهيئات التابعة للوزارة، خصوصاً في مجالات التدريب والتأهيل وبناء القدرات وتوفير الوسائل والمعدات الفنية.

وأشاد وزير النقل اليمني بالدعم الذي قدمه البرنامج الأممي، بما في ذلك توفير وسائل الاتصالات والتجهيزات للمركز الإقليمي لتبادل المعلومات البحرية، ووسائل مراقبة التلوث للهيئة العامة للشؤون البحرية، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لمؤسسات المواني والهيئة عبر برنامج مكافحة الجريمة البحرية العالمية في خليج عدن والبحر الأحمر.

ميناء عدن تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون (الأمم المتحدة)

وقدم الوزير حُميد عرضاً مفصلاً عن احتياجات المواني والمطارات اليمنية، وفي مقدمتها ميناء ومطار عدن، إلى أجهزة كشف المتفجرات، بهدف تنسيق الدعم مع البرنامج الأممي والدول والصناديق المانحة.

وأكد أن توفير أجهزة حديثة ومتطورة لتفتيش الشحنات والمسافرين يُعد أولوية قصوى في ظل التحديات الأمنية الراهنة، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز أمن الملاحة البحرية وسلامة حركة الطيران المدني.

وتحدّث وزير النقل اليمني عن حرص وزارته على تسهيل عمل مكتب الأمم المتحدة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ أنشطته، بما ينعكس إيجاباً على كفاءة أداء المواني والمطارات، ويعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة المنافذ الحيوية وفق المعايير المعتمدة.

ونسب الإعلام الرسمي اليمني إلى المسؤول الأممي أنه أشاد بمستوى التعاون والتنسيق القائم مع وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، مثمناً الجهود المبذولة لإنجاح برامج الدعم الفني والأمني.

وأكد المسؤول أن المكتب الأممي سيواصل تقديم الدعم اللازم إلى المؤسسات البحرية وسلطات إنفاذ القانون في اليمن، إلى جانب التنسيق مع الجهات المانحة لتوفير وسائل الكشف عن المتفجرات والأسلحة، بما يُسهم في تعزيز أمن النقل البحري والجوي ودعم الاستقرار الاقتصادي.


الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.


«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)

وسّعت الجماعة الحوثية من دائرة انتهاكاتها الممنهجة لتطال عشرات المحاسبين القانونيين اليمنيين في العاصمة المختطفة صنعاء، عبر حملات تعقّب، وملاحقة، وتهديدات مباشرة بالتصفية، إلى جانب الاعتقال التعسفي، والإخضاع للتطييف الفكري، في خطوة وُصفت بأنها تعسفية، وتمثل تهديداً خطيراً لاستقلال المهنة، وسلامة العاملين فيها، وانعكاساً سلبياً على بيئة العمل القانونية والمحاسبية في البلاد.

ودفعت هذه الممارسات المتصاعدة منتسبي مهنة المحاسبة القانونية في صنعاء إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة، وإصدار بيانات إدانة شددت على ضرورة الوقوف في وجه الجماعة، واتخاذ خطوات تصعيدية للدفاع عن حقوق المحاسبين، وحماية مهنيتهم في عموم مناطق سيطرة الحوثيين.

وأعربت «جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين» (مقرها صنعاء) عن قلقها البالغ إزاء تزايد الانتهاكات، والتهديدات، وأعمال الخطف التي يتعرض لها منتسبوها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، معتبرة أن تكرار هذه الممارسات بات يشكل تهديداً واضحاً لاستقلال المهنة، وسلامة أعضائها، ويقوّض أسس العمل المهني القائم على الحياد، والشفافية.

عبر الانتماء السلالي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

وأوضحت الجمعية، في بيان، أن المحاسب القانوني محمود الحدي تلقى أخيراً تهديدات مباشرة وصريحة عبر الهاتف بالتصفية الجسدية، صدرت عن مشرف حوثي بارز يُدعى شرف أحمد الجوفي. وأكدت أن التهديد بالقتل، والإساءة، وتوجيه الشتائم جرت أثناء حضور عدد من أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية، في واقعة عدّتها انتهاكاً صارخاً للقانون، والأعراف المهنية.

وأشار البيان إلى أن المحاسب القانوني عزّ الدين الغفاري تعرّض قبل فترة للاحتجاز التعسفي من قبل ما تُسمى إدارة البحث الجنائي الخاضعة للجماعة في صنعاء، وذلك بإيعاز من قاضٍ موالٍ للحوثيين يعمل بمحكمة استئناف العاصمة المختطفة، على خلفية قيامه بمهامه المهنية في مراجعة شفافة لإحدى القضايا، في مؤشر على استخدام أدوات القضاء والأمن لتصفية الحسابات المهنية.

وعبّرت الجمعية عن إدانتها الشديدة لكل أشكال التهديد، والاعتداء، والاختطاف المستمرة التي طالت ولا تزال محاسبين قانونيين في مناطق سيطرة الحوثيين، مطالبة الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الانتهاكات، والتحرك لحماية العاملين في هذا القطاع الحيوي.

استمرار التعسف

هاجم مصدر نقابي في جمعية المحاسبين اليمنيين بصنعاء كبار قادة ومشرفي الجماعة، متهماً إياهم باتخاذ مزيد من الإجراءات والممارسات التعسفية المخالفة للقانون ضد العشرات من زملائه في صنعاء، ومدن أخرى، محذّراً من انعكاسات خطيرة على مهنة العمل المحاسبي والقانوني، وعلى الثقة العامة بالبيئة الاقتصادية.

وكشف المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» طلب فيه عدم ذكر اسمه، عن تعرّض أكثر من 16 مكتباً ومركزاً للمحاسبة والمراجعة والتدريب القانوني في صنعاء، إلى جانب عشرات المحاسبين الإداريين والقانونيين، خلال الربع الأخير من العام الجاري، لحملات ابتزاز، ومضايقة، وإغلاق قسري، فضلاً عن اختطاف، واعتقال تعسفي، وغير قانوني.

وأضاف أن الجمعية تواصل اتخاذ خطوات تصعيدية متاحة للدفاع عن أعضائها، وحماية كرامتهم، والتمسك بأداء واجبها في خلق بيئة مهنية آمنة تتيح للمحاسب أداء مهامه باستقلالية وحياد كاملين، بعيداً عن أي ضغوط، أو تهديدات، مؤكداً أن الصمت إزاء هذه الانتهاكات سيقود إلى مزيد من التدهور المؤسسي.

جانب من انتشار أمني حوثي في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وتضم جمعية المحاسبين اليمنيين نحو ثلاثة آلاف عضو نشط، ولها فروع عدة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين. كما تواصل عملها بالشراكة مع منظمات دولية متخصصة في دعم العمل المحاسبي والقانوني، عبر تنظيم فعاليات ومؤتمرات تهدف إلى تعزيز معايير المهنة، والحوكمة، والشفافية.

ومنذ اقتحام الحوثيين صنعاء ومدناً أخرى، عمدت الجماعة إلى التضييق على المحاسبين القانونيين، واتخاذ سلسلة إجراءات تعسفية بحق كثير منهم، في مسعى لفرض السيطرة على قطاع يُعد من ركائز النزاهة المالية، والرقابة، وتسخيره –على غرار قطاعات أخرى– لخدمة أجندتها.

كما أخضعت خلال فترات سابقة مئات المحاسبين للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن ما تسميه «معركة الجهاد المقدس»، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من تسييس المهنة، وتقويض أسسها المهنية.