الغزيون يحتفلون بقدوم رمضان لكنهم يخشون عودة الحرب

«الشرق الأوسط» ترصد أحوال سكان القطاع في أول أيام الشهر الفضيل

أطفال وسط أبنية مهدمة بفعل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (الشرق الأوسط)
أطفال وسط أبنية مهدمة بفعل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (الشرق الأوسط)
TT

الغزيون يحتفلون بقدوم رمضان لكنهم يخشون عودة الحرب

أطفال وسط أبنية مهدمة بفعل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (الشرق الأوسط)
أطفال وسط أبنية مهدمة بفعل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (الشرق الأوسط)

يمر شهر رمضان المبارك، للعام الثاني على التوالي، في ظروف استثنائية بالنسبة لسكان قطاع غزة، الذين واجهوا في هذا الشهر من العام الماضي حرباً إسرائيلية صعبة مستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ويواجهون مع اليوم الأول من الشهر الفضيل، مخاوف عودة الحرب مجدداً مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار والتي استمرت 42 يوماً.

وبينما يسيطر الخوف على كثيرين من سكان القطاع بإمكانية عودة الحرب وتوقف تدفق الإمدادات الإنسانية والمواد الأساسية، ما يرفع الأسعار، ويزيد من أعباء الظروف الحياتية عليهم، هناك من يأمل بأن ينجح الوسطاء في تمديد وقف النار على الأقل خلال شهر رمضان وحتى عيد الفطر بعد شهر من الآن.

غزة... شهر رمضان يحل للمرة الثانية خلال الحرب الإسرائيلية الحالية (الشرق الأوسط)

يقول المواطن نادر حرب (49 عاماً)، من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، إن شهر رمضان الحالي مختلف تماماً عن شهر رمضان السابق الذي عاشه السكان في خضم «حرب قاسية»، بحسب ما قال لـ«الشرق الأوسط».

وأشار حرب خلال حديثه في سوق أبو إسكندر بحي الشيخ رضوان، إلى أنه يعيش في مناطق شمال القطاع، لكنه نزح لنحو 13 شهراً إلى جنوب القطاع، ولذلك فإن شهر رمضان الحالي أفضل قليلاً بالنسبة له ولعائلته التي عاشت في خيام مواصي خان يونس بظروف صعبة خلال شهر رمضان من العام السابق. وأوضح أنه يعيش حالياً في منزله المتضرر جزئياً، الأمر الذي يُشعره بأنه قد استعاد جزءاً من حياته السابقة، رغم «الواقع المرير»، كما يصفه.

إحدى أسواق غزة في أول أيام الشهر الفضيل (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن توقف القصف الإسرائيلي ساهم جزئياً في شعور المواطنين بأجواء شهر رمضان هذا العام، رغم الغصة الكبيرة التي يعاني منها الغزيون بفعل فقدان كل شخص يعيش هنا شخصاً عزيزاً عليه، أو خسارة منزله أو متجره ومصدر رزقه، مشيراً إلى أن أجواء العام السابق كانت أكثر صعوبة بسبب استمرار الغارات الإسرائيلية المكثفة، مبدياً خشيته من أن تعود الحرب مجدداً، ما ينغص على السكان فرحتهم بقدوم شهر الصوم.

من جهته، يقول محمد حرب (32 عاماً)، وهو الشقيق الأصغر لنادر، إنه بقي في منطقة شمال القطاع ولم ينزح، مشيراً إلى أن شهر رمضان من العام الماضي مر على من تبقوا في المنطقة الشمالية بظروف صعبة جداً، فقد كانت هناك «مجاعة حقيقية»، ولا تتوافر أي مواد غذائية على عكس ما كان الحال في جنوب القطاع.

ويخشى محمد حرب أن تستأنف إسرائيل الحرب مجدداً، وأن تعاود إغلاق معبر كرم أبو سالم، وبالتالي أن تحرم السكان من المواد الغذائية الأساسية، ما يتسبب برفع الأسعار التي يرى أنها بالأساس مرتفعة عما كانت عليه قبل الحرب، خاصةً في ظل القيود الإسرائيلية الحالية على إدخال احتياجات القطاع، الأمر الذي قد يساهم بعودة تدريجية للمجاعة.

رمضان كريم (الشرق الأوسط)

أجواء مختلطة

ورغم كل الظروف الصعبة التي يحياها السكان في قطاع غزة، فإن بعض المحال التجارية والمبادرات الشبابية والشعبية بادرت بوضع زينة رمضان بشكل خجول، في محاولة منها لإنعاش الأسواق من جانب، ولمحاولة استعادة جزء من الحياة الطبيعية التي كان يعيشها السكان، من جانب آخر. إلا أن هذه المحاولات فشلت، كما يبدو، في تحسين صورة الواقع في نظر العديد من السكان.

يقول محمد قنن، من سكان مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، إنه بمشاركة شبان من المخيم وضعوا في بعض شوارعه زينة شهر رمضان، لمحاولة رسم صورة البهجة على الأطفال بشكل خاص. وأشار قنن إلى أن المخيم مدمر بشكل كبير، إلا أنهم أرادوا إرسال رسالة تؤكد حق السكان في الحياة، وأن سكان قطاع غزة مثل أي سكان في العالم، يحبون الحياة ويسعون إليها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. كما قال.

حركة نشطة في أحد شوارع قطاع غزة (الشرق الأوسط)

وشارك قنن مع مجموعة من الشبان في خط شعارات على جدران منازل مدمرة بالمخيم، منها: «رمضان من بين الدمار» و«كل عام وأنتم بخير».

وقالت المسنة فهيمة البردويل (69 عاماً): «إحنا شعب بيحب الحياة، وبدنا نفرح رغم كل الألم اللي عشناه»، مشيرةً إلى أنه بعد انتهاء شهر رمضان وعيد الفطر سيكون منزلها، وهو أحد المنازل التي بقيت سليمة بشكل كبير في المخيم، مكاناً لحفل زفاف اثنين من أحفادها، معتبرةً ذلك رسالة أخرى من رسائل حب الفلسطينيين للفرح والحياة، رغم الواقع المؤلم الذي تفرضه قوات الاحتلال عليهم.

زينة رمضانية (الشرق الأوسط)

حركة الأسواق

ولم تغب عن أسواق قطاع غزة التي تحاول الانتعاش من خلال ما تعرضه من بضائع، مظاهر الزينة في بعض المحال، بينما كانت حلوى شهر رمضان الطاغية على المشاهد، خاصةً «القطايف» التي يفضل الغزيون تناولها بكثرة.

ووصل سعر الكيلو الواحد من «القطايف» نحو 20 شيقلاً (نحو 6 دولارات تقريباً)، بينما كان قبيل الحرب يصل فقط إلى 6 شواقل (أقل من دولارين).

شعارات ترحب بقدوم الشهر الفضيل وسط أنقاض أبنية دمرتها إسرائيل في قطاع غزة (الشرق الأوسط)

ويقول الشاب أيمن محيسن الذي يملك بسطة صغيرة يبيع عليها «القطايف»، إن ارتفاع الأسعار طبيعي في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها أهالي قطاع غزة، مشيراً إلى أن أسعار المواد المستخدمة فيها مرتفعة نوعاً ما، وبالكاد تحقق الربح المأمول من أجل إعالة نفسه وعائلته المكونة من 9 أفراد، كما قال.

وأشار إلى أن إقبال السكان لا يزال ضعيفاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، معرباً عن أمله في أن تتحسن الحركة التجارية في الأيام المقبلة خاصةً أن شهر رمضان ما زال في أول أيامه.

أما المواطنة سماهر سالم فقالت إنها سعيدة بقدوم شهر رمضان المبارك، مشيرةً إلى أن «القطايف» لها نكهة خاصة في الشهر الفضيل.

ترحيب بقدوم شهر رمضان على أنقاض مبنى مدمر في خان يونس (الشرق الأوسط)

وتتوافر في أسواق غزة اللحوم المجمدة، إلى جانب «الطراشي» (المخللات) التي تعد من نكهات الطعام التي يفضلها السكان على موائد الإفطار، إلى جانب الكثير من الخضار والمواد الأساسية، بينما ما زالت إسرائيل تضع قيوداً على بضائع أخرى ما رفع أسعار بعضها بشكل طفيف.

أجواء شعبية

ومن المظاهر التي حملها شهر رمضان في يومه الأول، المسحراتية الذين جابوا شوارع القطاع، وهم يرددون شعارات وطنية، وكانوا يحيون فيها عوائل الضحايا من جانب، ومن جانب آخر يذكّرون السكان بمواعيد السحور.

كما نفذت مجموعات شبابية في بعض المناطق سحوراً جماعياً في أول أيام شهر رمضان، فيما وجهت دعوات من مجموعات وفعاليات أخرى لإقامة «فطور جماعي» في العديد من المناطق المدمرة للأهالي ممن يعيشون في خيام ومراكز إيواء.


مقالات ذات صلة

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

الخليج معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

أعربت السعودية و7 دول عربية وإسلامية عن بالغ القلق إزاء تصريحات إسرائيل بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle 01:18

قبيلة «الترابين»: مقتل «أبو شباب» يمثل «نهاية صفحة سوداء» في غزة

أكدت قبيلة «الترابين» في قطاع غزة وقوف أبنائها دائماً في صف شعبهم الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفضهم تماماً «أي محاولة لزج اسم القبيلة في مسارات لا تمثل تاريخها».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أزواج فلسطينيون يشاركون في حفل زفاف جماعي في مدينة حمد في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب) play-circle 01:19

على أنقاض الحرب.... زفاف جماعي في غزة يعيد الأمل (صور)

وسط ركام عامين من الحرب التي غيّرت ملامح غزة، تحدّى أكثر من مائة رجل وامرأة الدمار والفقد وأقاموا عرساً جماعياً في خان يونس الثلاثاء سموه «ثوب الفرح».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة «الأونروا» في غزة (أ.ف.ب) play-circle

مفوض «الأونروا»: الوكالة توسع نطاق خدماتها في غزة بشكل كبير

قال المفوض العام لوكالة (الأونروا) فيليب لازاريني إن الوكالة استغلت فرصة وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتعمل على توسيع نطاق خدماتها بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)

أعلن الجيش اللبناني، اليوم (السبت)، القبض على 6 أشخاص اعتدوا على دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بطريق الطيري-بنت جبيل جنوب البلاد.

وذكر الجيش، في بيان منشور على منصة «إكس»، أن الاعتداء على قوة «اليونيفيل» تسبب في أضرار بآلية «اليونيفيل»، من دون وقوع إصابات بين أفرادها.

وشدد الجيش على خطورة أي اعتداء على «اليونيفيل»، مؤكداً عدم التهاون في ملاحقة المتورطين.

كما أكد على دور «اليونيفيل» الأساسي في منطقة جنوب الليطاني، والتنسيق الوثيق بينها وبين الجيش، ومساهمتها الفاعلة في إعادة الاستقرار.

وكانت «اليونيفيل» أعلنت أمس في بيان أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرضت لإطلاق نار، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية تجاه الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».


قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت)، في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

وأضاف التلفزيون أن القوات الإسرائيلية دخلت سرايا عسكرية سابقة في محيط بيت جن، وفجرت ذخائر قديمة.

كما توغلت القوات الإسرائيلية مجدداً اليوم (السبت)، في منطقة الكروم الغربية بمحيط بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «قوة للاحتلال مؤلفة من 3 دبابات و5 آليات توغلت في التقاطع المعروف باسم مفرق باب السد وسرية الدبابات، على الطريق الواصل بين مزرعة بيت جن بريف دمشق، وكل من قرى حضر وجباثا الخشب وطرنجة بريف القنيطرة».

وأشارت إلى أن «قوات الاحتلال أطلقت النار في الهواء بشكل متقطع، بهدف ترهيب رعاة المواشي وإبعادهم عن محيط المنطقة، كما أقامت حاجزاً في الموقع ومنعت المارة من العبور».

ولفتت الوكالة إلى أن «قوات الاحتلال شنت مؤخراً عدواناً على بلدة بيت جن، ما أدى إلى استشهاد 13 مدنياً وإصابة العشرات، بينما توغلت قوات الاحتلال أمس، في بلدات صيدا الحانوت وبئر عجم وبريقة بريف القنيطرة الجنوبي».

وطبقاً للوكالة، «تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها لاتفاق فض الاشتباك عام 1974، عبر التوغل في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين»، مشيرة إلى أن «سوريا تطالب باستمرار بخروج الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات الاحتلال العدوانية».


سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
TT

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)

التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الرئيس السوري أحمد الشرع، في مستهل «منتدى الدوحة»، اليوم (السبت).

وبحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة، فإنه خلال اللقاء تم التركيز على سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويأتي لقاء سلام مع الشرع ضمن جهود دبلوماسية متواصلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويُعد «منتدى الدوحة» منصة إقليمية مهمة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية، حيث يشارك فيه مسؤولون كبار لمناقشة آليات التعاون المشترك وتعزيز الروابط بين الدول العربية.