مزارعون بوليفيون أمام معضلة بسبب حرائق الغابات

رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)
رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)
TT

مزارعون بوليفيون أمام معضلة بسبب حرائق الغابات

رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)
رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

بعد أقل من عام على أسوأ حرائق غابات في تاريخ بوليفيا، يجد المزارعون أنفسهم أمام خيارين: إما مواصلة إشعال الحرائق لتنظيف الأراضي من أجل الزراعة، أو زرع الأشجار للتخفيف من حدة موجات الجفاف المتفاقمة.

وبحسب «المعهد البوليفي لأبحاث الغابات» (منظمة غير ربحية) فإن نحو 10.7 مليون هكتار من الغابات الاستوائية الجافة، ما يوازي مساحة البرتغال، تحوَّلت إلى رماد في الأراضي المنخفضة في شرق بوليفيا العام الماضي.

ورغم أن الحرائق حظيت باهتمام أقل من تلك التي اندلعت في البرازيل المجاورة، فإنها قتلت 4 أشخاص على الأقل، وفق السلطات البوليفية، وتسببت بارتفاع قياسي في التلوث بالكربون، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» عن هيئة مراقبة المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي.

وعُزيت هذه الحرائق على نطاق واسع إلى محاولات تنفيذ عمليات حرق خاضعة للسيطرة، وقد تمددت النيران بسرعة في منطقة تعاني من جفاف مستمر ينسبه العلماء إلى تغير المناخ.

خوليا أورتيس تجمع محاصيل من السمسم في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

تعرف خوليا أورتيس، وهي مزارعة سمسم، جيداً المخاطر التي تُشكِّلها زراعة «التشاكيوس» (زراعة تعتمد على القطع والحرق) التي يمارسها المزارعون الكبار والصغار في بوليفيا، خصوصاً في المراعي الاستوائية في منطقة تشيكويتانيا.

قبل 5 سنوات، قضت هي وعائلتها ليلةً كاملةً، وهم يحاولون السيطرة على حريق أشعلوه بأنفسهم.

وقالت المزارِعة المنتمية للسكان الأصليين في أثناء حصاد نباتاتها ورصها في الشمس حتى تجف: «يمكن أن يحدث هذا لأي كان. يعيش معظمنا على الزراعة ونُضطر إلى إشعال الحرائق».

وكانت حرائق العام الماضي أكبر حجماً بكثير من حرائق سابقة.

فقدان محاصيل

فقدت كارمن بينا، وهي امرأة تبلغ 59 عاماً، وتقيم في قرية سانتا آنا دي فيلاسكو ذات الطرق الترابية المحاطة بالغابات والمروج، محاصيلها من الموز واليوكا.

وقالت بينا، التي تعتمد مثل معظم سكان سانتا آنا على الزراعة مصدراً للدخل: «لا أعرف كيف سنصمد لأن طعامنا ينفد».

وبينما بدأت البراعم الخضراء تنبت من الأرض المتضررة بسبب النيران، راحت حرائق جديدة تشتعل في مناطق أخرى حيث يواصل بعض المزارعين في سانتا آنا إزالة النباتات لزراعة المحاصيل.

تشير جذوع الأشجار المتفحمة على أرض أورتيس إلى حريق اندلع مؤخراً، رغم شروع أفراد المجتمع في برنامج كبير لزراعة الأشجار.

وبحسب تقرير المعهد البوليفي لأبحاث الغابات، فإن 63.6 في المائة من الأراضي المتضررة من حرائق العام الماضي كانت في مناطق غابات، ما يؤشر إلى «ضغوط كبيرة لتوسيع حدود الأراضي الزراعية».

ويتهم ديفيد كروز، المتخصص في تغير المناخ في جامعة مايور دي سان أندريس في العاصمة البوليفية لاباز، الدولة بالمساعدة في إزالة الغابات من خلال العفو عن الأشخاص المسؤولين عن إشعال الحرائق، ومنح المزارعين تمديدات للمواعيد النهائية للامتثال للقواعد البيئية والسماح لهم بحرق مساحات كبيرة من الأراضي.

وتقول أورتيس إن الحرائق هي الوسيلة الوحيدة التي يستطيع المزارعون من خلالها تطهير أراضيهم، في غياب الآلات اللازمة لطمر الأشجار المقطوعة. وتوضح: «لو كانت لدينا جرارات فلن نحتاج إلى إجراء عمليات حرق».

لكن لا هي ولا زملاؤها القرويون البالغ عددهم 1700 نسمة يستطيعون تحمل تكاليف استئجار جرار، ناهيك عن شرائه، بينما الجرارات التابعة للبلدية تخضع كلها للإصلاح.

وتضيف أورتيس: «لهذا نتصرف على هذا النحو، ونجازف بإشعال حرائق قد تخرج عن السيطرة. لكن هذا الخيار الوحيد المتاح لنا».

لقطة جوية لآثار حريق في غابات سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

«قنابل» لزراعة الأشجار

في مواجهة نقص المياه المستمر الذي يؤدي إلى ذبول المحاصيل في الحقول، عمدت مجموعة من النساء المحليات (بعد أن غادر معظم الرجال القرية للبحث عن عمل)، إلى توحيد جهودهن لمحاولة إعادة زراعة الأشجار باستخدام طريقة بدأ اعتمادها أولاً في نيبال.

وباستخدام أيديهن، تحضِّر النسوة كرات صغيرة من التربة تسمى محلياً «بومبيتاس» (أي القنابل الصغيرة)، ويملأنها ببذور الأشجار المحلية.

تُستخدم بعد ذلك مسيّرات لنثرها على مساحة تزيد على 500 هكتار من الأراضي التي أزيلت الغابات منها، بتمويل من منظمة «سويسكونتاكت» السويسرية غير الحكومية، ومؤسسة «فليدس» البوليفية. وسيتم إسقاط نحو 250 ألفاً من هذه «القنابل» ابتداءً من هذا الشهر.

وقد استُخدمت تقنيات مماثلة لإعادة التحريج في بيرو والبرازيل.

ويقول خواكين سوريوكو، وهو مزارع وخبير غابات في سانتا آنا: «دون الغابات، لن تكون لدينا مياه»، معرباً عن أمله في أن تساعد عملية الزراعة «التربة على الاحتفاظ بمزيد من الرطوبة».

غابة تعرّضت لحريق في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

وتأمل مؤسسة «فليدس» أن تكون حرائق العام الماضي بمثابة جرس إنذار بشأن الأضرار التي لحقت بممارسات إزالة الأراضي.

ويقول مدير المؤسسة ماريو ريفيرا: «مررنا بأوقات صعبة للغاية... ولكن بطريقة ما ساعد ذلك على التوعية».


مقالات ذات صلة

حرائق الغابات تدمر 40 منزلاً وتقتل رجل إطفاء في أستراليا

العالم أحد أفراد خدمة إطفاء الحرائق الريفية في نيو ساوث ويلز يحمل خرطوم مياه بعد أن دمر حريق غابات منازلَ على طول طريق جلينروك في كوليونغ (أ.ب)

حرائق الغابات تدمر 40 منزلاً وتقتل رجل إطفاء في أستراليا

تُوفي رجل إطفاء وهو يكافح حرائق دمَّرت نحو 40 منزلاً في ولايتين أستراليتين، حسبما قال مسؤولون، اليوم (الاثنين).

آسيا نمور في الهند (متداولة)

وفاة امرأة وإصابة صبي في هجومين منفصلين لنمور في الهند

قال مسؤولون، الخميس، إن امرأة لقيت حتفها وأصيب صبي بجروح خطيرة في هجومين منفصلين لنمور في مقاطعة بهرايش بإقليم أوتاربراديش.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
شمال افريقيا عناصر الحماية المدنية الجزائرية خلال مكافحة حريق في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة (الحماية المدنية الجزائرية عبر «فيسبوك»)

رئيس الجزائر يأمر بفتح تحقيق لكشف أسباب اندلاع حرائق كبيرة مؤخراً

أمر رئيس الجزائر عبد المجيد تبّون، بفتح تحقيق بعد حرائق كبيرة شهدتها البلاد في الأيام الأخيرة، اعتبرت غير اعتيادية لشهر نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي أفراد من الدفاع المدني السوري يكافحون حريقاً هائلاً في منطقة غابات بريف اللاذقية (رويترز)

عنصران من «الخوذ البيضاء» يفقدان حياتهما بحرائق اللاذقية

أعلن الدفاع المدني السوري أن فرق الإطفاء استطاعت بعد جهود متواصلة على مدار خمسة أيام السيطرة على أكثر من 80 في المائة من البؤر المشتعلة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق رجال الإطفاء يكافحون حريقاً هائلاً شمال غربي إسبانيا (أ.ب)

بعد الفيضانات والحرائق المميتة... إسبانيا تبدأ تدريس الطلاب مهارات البقاء على قيد الحياة

ستُلزم إسبانيا الأطفال من سن الثالثة بدروس حول الفيضانات وحرائق الغابات والزلازل والانفجارات البركانية، في خطوة وصفتها الحكومة بأنها عاجلة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
TT

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)

رصد باحثون في كندا مؤخراً حالة نادرة جداً لدبة قطبية تبنَّت شبلاً لم تلده في شمال البلاد.

وقال الباحث في هيئة البيئة الكندية إيفان ريتشاردسون الذي يجري دراسات بشأن هذا المفترس الأكبر في القطب الشمالي منذ 25 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم تُسجَّل سوى 13 حالة (من هذا النوع) خلال 45 عاماً».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكن ريتشاردسون وفريقه من الإمساك بدبة مع شبلين لها، يبلغ سن أحدهما 10 أشهر، والآخر 11 شهراً، بالقرب من تشرشل التي تُلقَّب بـ«عاصمة الدببة القطبية في العالم»، والواقعة في شمال مانيتوبا بوسط كندا.

وأضاف: «عندما اقتربنا، لاحظنا أن أحد الشبلين يحمل علامة تعريف، بينما الآخر لا يحملها»؛ مشيراً إلى أن الأم نفسها شوهدت قبل بضعة أشهر مع شبل واحد فقط.

دب قطبي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي هذه المنطقة الشمالية، يضع الباحثون علامات تعريف على الدببة القطبية ليتسنى لهم تتبعها ودراستها طوال حياتها.

وأكدت عمليات التتبع عبر أطواق مزودة بنظام تحديد المواقع العالمية (جي بي إس) والملاحظات التي أجرتها منظمة «بولار بيرز إنترناشيونال»، وهي مجموعة بحثية معنية بالدببة القطبية، أن الأنثى المعنية احتفظت بالشبلين معها لأسابيع.

وقال إيفان ريتشاردسون: «إنها قصة رائعة. هذه الدببة القطبية تتمتع بحسِّ أمومة مذهل؛ إذ إنها مهيَّئة بطبيعتها لرعاية صغارها».

وقد انخفض عدد الدببة القطبية في غرب خليج هدسون بنسبة 30 في المائة خلال بضعة عقود فقط، من نحو 1200 دب في ثمانينات القرن الماضي إلى 800 دب اليوم. ويعود ذلك جزئياً إلى تسارع ذوبان الجليد الذي يشكل عنصراً ضرورياً لبقائها.

مع ذلك، لا يوجد دليل يربط بين هذا التبني وتغير المناخ، وفق ريتشاردسون.

ويجري حالياً فحص جيني لتحديد الأم البيولوجية للشبل المتبنَّى. وقال العالِم إنَّ ثمة «احتمالاً كبيراً أن نكتشف هويتها».

على مدى 45 عاماً، رُصد أكثر من 4600 دب قطبي في هذه المنطقة من كندا، ما يجعلها، حسب ريتشاردسون: «أفضل مجموعة دببة قطبية دُرست في العالم».


العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
TT

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني، وهو اكتشاف يقولون إنه بين أغنى مواقع العصر الترياسي في العالم، وفقاً لـ«رويترز».

وتمتد المسارات، التي يصل عرض بعضها إلى 40 سنتيمتراً وتظهر عليها علامات مخالب، لمسافة خمسة كيلومترات تقريباً في منطقة فالي دي فرايلي الجليدية المرتفعة قرب بورميو، وهو أحد أماكن استضافة الأولمبياد الشتوي لعام 2026 في إقليم لومبارديا الشمالي.

وقال كريستيانو دال ساسو عالم الحفريات في متحف التاريخ الطبيعي بميلانو في مؤتمر صحافي، اليوم الثلاثاء، في مقر رئاسة إقليم لومبارديا: «هذا أحد أكبر مواقع آثار الأقدام في إيطاليا وأقدمها، ومن أروع المواقع التي رأيتها منذ 35 عاماً».

ويعتقد الخبراء أن هذه الآثار خلّفتها قطعان من الديناصورات آكلات الأعشاب طويلة العنق، على الأرجح من فصيلة بلاتيوسورس، منذ أكثر من 200 مليون سنة عندما كانت المنطقة بحيرة دافئة، وهي مثالية لتجول الديناصورات على الشواطئ تاركة آثاراً في الطين قرب المياه.

ومع تحرك الصفيحة الأفريقية تدريجياً نحو الشمال مؤدية إلى إغلاق المحيط تيثيس وتجفيفه، طويت الصخور الرسوبية التي شكلت قاع البحر، مما أدى إلى تكون جبال الألب.

وقال خبراء إن آثار أقدام الديناصورات المتحجرة تحولت من الوضع الأفقي إلى الوضع الرأسي على منحدر جبلي رصده مصور للحياة البرية في سبتمبر (أيلول) في أثناء مطاردته غزلاناً ونسوراً.


القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
TT

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية يرسم صورة قاتمة لمستقبل القطب الشمالي المعرَّض بشكل خاص لتبِعات تغيّر المناخ.

ووفق هذا التقرير السنوي، الذي نشرته الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، الثلاثاء، فقد تجاوزت درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية بين أكتوبر (تشرين الأول) 2024 وسبتمبر (أيلول) 2025، المعدل المسجل بين عاميْ 1991 و2020 بمقدار 1.60 درجة مئوية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».