حافظ على صحة الفم في شهر رمضان

تحديات… وحلول مدعومة بالدراسات العلمية

حافظ على صحة الفم في شهر رمضان
TT
20

حافظ على صحة الفم في شهر رمضان

حافظ على صحة الفم في شهر رمضان

يُعدّ شهر رمضان المبارك فترة روحانية عظيمة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، لكنه يجلب معه تحديات صحية، خاصة فيما يتعلق بصحة الفم والأسنان. فالصيام، الذي يتطلب الامتناع عن الأكل والشرب من الفجر حتى المغرب، يؤدي إلى تغييرات في بيئة الفم يمكن أن تؤثر على صحة الأسنان واللثة.

وقد تناولت عدة دراسات علمية تأثيرات الصيام على صحة الفم، مقدمةً توصيات عملية للتغلب على هذه المشكلات.

التحديات الصحية للفم خلال الصيام

* جفاف الفم وانخفاض إفراز اللعاب. وجدت دراسة عام 2023 في مجلة صحة الفم وإدارة طب الأسنان (Journal of Oral Health and Dental Management) أن 65 في المائة من الصائمين يعانون من جفاف الفم بسبب الصيام، ما يقلل من تدفق اللعاب -وهو الدفاع الطبيعي ضد تسوس الأسنان وأمراض اللثة.

وتشرح الدكتورة عائشة مالك، رئيسة فريق البحث الذي تم إجراؤه في مستشفيات دبي: «اللعاب يعادل الأحماض التي تفرزها جراثيم تسوس الأسنان وينظف الفم. وبدونه، تتكاثر البكتيريا، ما يزيد من أخطار تسوس الأسنان ورائحة الفم الكريهة». والمعروف أن اللعاب يشكل أهم وسيلة مناعية في الفم ضد كل أمراض الفم.

* التغييرات الغذائية والإغراءات الخاصة بكل أصناف الحلويات. تشمل وجبات ما بعد الإفطار في كثير من الأحيان الأطعمة السكرية ومختلف أنواع الحلويات الغنية بالكربوهيدرات، ما يساهم في تراكم الصفيحة (الترسبات) الجرثومية. وأفاد بحث في المجلة الدولية لصحة الأسنان (International Journal of Dental Hygiene) لعام 2022 بزيادة بنسبة 30 في المائة في خطر التسوس خلال رمضان، مع ربطه بتناول الوجبات الليلية وتفريش الأسنان غير الكافي.

وينصح اختصاصي التغذية عمر حسن من فريق البحث الذي تم إجراؤه في جامعة تكساس «إيه آند إم» في الولايات المتحدة الأميركية بقوله: «اختر وجبات متوازنة تحتوي على الفواكه والخضروات ومنتجات الألبان لتقوية المينا وتجنب الحلويات».

* القلق النفسي المرتبط بالشهر الفضيل. رغم روحانية هذا الشهر الفضيل فإنه يرتبط عاده بزيادة في معدلات القلق النفسي والتغيرات في بعض الهرمونات وهذا ما وجده الدكتور عبد الرضا جلفاند في بحثه المنشور في مجلة «علوم الطب وطب الأسنان» عام 2018 حيث تمت دراسة الحالات النفسية للصائمين على مدار الشهر الفضيل في جامعة الأحواز في إيران. وكما هو معروف فإن القلق النفسي يؤدي إلى ارتفاع الإصابة بتقرحات الفم ومتلازمة رائحة الفم الكريهة.

إهمال علاج الأسنان خلال رمضان

أظهرت دراسة قادها الدكتور ألباركاتي حول غياب المرضى عن مواعيد علاج الأسنان خلال رمضان نُشرت عام 2009 في مجلة «تعليم طب الأسنان» (Journal of Dental Education) في جامعة الملك سعود في السعودية أن نسبة التغيب عن مواعيد علاج الأسنان ترتفع بشكل ملحوظ خلال رمضان، حيث كان الصيام هو السبب الرئيس في تأجيل المواعيد لدى 79.1 في المائة من المشاركين في الدراسة. لذا، يوصى بتنظيم «عيادات رمضان» الخاصة، أو جدولة مواعيد العلاج قبل بداية الشهر، خاصة للمرضى الذين يحتاجون إلى إجراءات جراحية غير طارئة.

وكانت دراسة سابقة للباحثين راجا وبدوي في جامعة لندن كينغز كوليدج في المملكة المتحدة، حول تأثير رمضان على الامتثال لعلاج الأسنان نُشرت عام 2000 في مجلة «تحديث طب الأسنان» (Dental Update Journal):قد بحثت في مسألة ملاءمة علاج المرضى الصائمين خلال رمضان مع قواعد الأحكام الشرعية المتعلقة باستخدام الأدوية والإجراءات الطبية.

وأشار الباحثان إلى أن بعض المرضى يعتقدون أن أي تدخل طبي في الفم قد يبطل الصيام، ما يؤدي إلى انخفاض الالتزام بعلاجات الأسنان. ومع ذلك، فإن الدراسات تؤكد أن استخدام غسول الفم أو المضمضة دون بلع الماء مسموح به شرعاً، كما يمكن إجراء بعض العلاجات الطارئة خلال النهار مع اتخاذ احتياطات خاصة.

الابتعاد عن السواك وفقدان مزاياه الكبيرة

تشير الأبحاث إلى أن استخدام السواك له تأثيرات مضادة للبكتيريا تساعد في الحفاظ على صحة الفم. وقد أظهرت دراسة أجراها ناسم وزملاؤه، دراسة ناسم وزملائه حول التأثيرات المضادة للبكتيريا للسواك نُشرت عام 2014 في مجلة «العلوم الطبية الباكستانية» (Pakistan Journal of Medical Sciences) في جامعة كراتشي في باكستان أن السواك يحتوي على مركبات طبيعية تثبط نمو البكتيريا المسببة لأمراض اللثة والتسوس، مثل P. gingivalis وA. actinomycetemcomitans كما أنه يحتوي على مواد عطرية تمنع تكون المركبات الكبريتية الطيارة المسببة للخلوف أو رائحة الفم الكريهة.

لذلك، يُوصى باستخدام السواك خلال النهار، خاصة أثناء الصيام، لتقليل تراكم البكتيريا والحفاظ على رائحة فم منعشة. وتجهل الأجيال الجديدة الأهمية الطبية للسواك، مما أدى إلى عدم الاستفادة من الفوائد المهمة للسواك

تنطيف الفم والخوف من إبطال الصيام

أكدت أغلب المرجعيات الدينية لكل الطوائف الإسلامية أن تنظيف الفم بالفرشاة ومعجون الأسنان لا يبطل الصيام شريطة تجفيف اللسان بقطعة من القماش وعدم بلع المعجون. إلا أن العديد من الناس يخافون أن ينطفوا أسنانهم خلال الصيام، وأنا أؤكد من خلال خبرتي في أربعين عاماً مضت في طب الأسنان أن تنطيف الفم بالفرشاة وكمية صغيرة من معجون الأسنان مرة واحدة خلال الصيام مع استعمال المسواك (بالإضافة إلى التنظيف بعد وجبات الإفطار والسحور) يقلل من خلوف فم الصائم بنسبة قد تصل إلى أكثر من 90 في المائة.

توصيات للحفاظ على صحة الفم خلال رمضان

-فرش أسنانك مرتين يومياً على الأقل ويفضل أن تكون الثالثة خلال الصيام ولمدة دقيقتين لكل مرة: استخدم معجون أسنان يحتوي على الفلوريد بعد الإفطار وقبل السحور. انتظر 30 دقيقة بعد الأكل قبل الفرشاة لتجنب تآكل المينا لتنظيف ما بين الأسنان ومنع تراكم الترسبات.

حافظ على فم وجسم رطب: اشرب الكثير من الماء وما يعادل ثمانية أكواب من الماء بين الإفطار والسحور للحفاظ على جسمك وفمك مرطبين.

- استخدم مكشطة اللسان: يساعد ذلك في تقليل البكتيريا على اللسان ومكافحة رائحة الفم الكريهة. ويمكن استعمال فرشاة الأسنان لتنظيف اللسان أو المسواك.

امضغ العلكة الخالية من السكر: مضغ العلكة الخالية من السكر التي تحتوي على الزيلتول (السكر الدايت) بعد الوجبات يمكن أن يحفز إنتاج اللعاب ومكافحة البكتيريا.

-تجنب الأطعمة السكرية والحمضية: يمكن أن تسهم هذه الأطعمة في تسوس الأسنان ومشكلات اللثة. اختر الفواكه الغنية بفيتامين سي مثل التوت والجوافة والبرتقال.

الزيارة الدورية لطبيب الأسنان: تعتبر الفحوصات والتنظيفات المنتظمة مهمة. إذا كنت بحاجة إلى علاجات أسنان، فيمكن إجراؤها خلال الصيام عند الحاجة لكن يفضل أن تتم زيارة طبيب الأسنان قبل رمضان للاطمئنان على وضع الفم والأسنان قبل الشهر الفضيل.

-توقف عن التدخين: رمضان هو وقت ممتاز للإقلاع عن التدخين، ما يمكن أن يحسن صحتك الفموية بشكل كبير، حيث إن التدخين من أهم أسباب أمراض اللثة ورائحة الفم الكريهة.

ويمثل رمضان فرصة مثالية لتعزيز العادات الصحية، بما في ذلك العناية بصحة الفم. ومن خلال الالتزام بالتوصيات المستمدة من الدراسات العلمية التي أجريت في المملكة العربية السعودية، إيران، باكستان والمملكة المتحدة، يمكن للصائمين الحفاظ على صحة الفم وتقليل المشكلات التي قد تنشأ بسبب التغيرات الفسيولوجية للصيام.


مقالات ذات صلة

هل يمكن لرفع الأثقال حمايتك من الخرف؟

صحتك امرأة باكستانية ترفع الأثقال في صالة للألعاب الرياضية (إ.ب.أ)

هل يمكن لرفع الأثقال حمايتك من الخرف؟

اعتباراً من عام 2021، قدَّر الباحثون أن نحو 57 مليون شخص حول العالم يُعانون من الخرف، وهي حالة عصبية تؤثر في ذاكرة الشخص.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
صحتك تفوّق برنامج للصيام المتقطع على طريقة تقليل السعرات الحرارية في مساعدة الناس على إنقاص وزنهم على مدار عام (أ.ف.ب)

استراتيجية صيام متقطع تُظهر فاعلية كبيرة في إنقاص الوزن

يُعدّ «الصيام المتقطع» و«حساب السعرات الحرارية» من أكثر الطرق شيوعاً لإنقاص الوزن. لكن في مقارنة مباشرة، أيّهما يتفوق؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أكثر من ثلث الأمهات يواجهن مشاكل صحية طويلة الأجل بعد الولادة

أكثر من ثلث الأمهات يواجهن مشاكل صحية طويلة الأجل بعد الولادة

رغم التقدم الطبي الكبير في مجال صحة الأمومة، وفي الوقت الذي تُسلّط فيه الأضواء على لحظة الولادة بصفتها ذروة تجربة الأمومة، تغيب عنا معاناة مستمرة تعيشها ملايين

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك البلوغ المتأخر يُحسن تكوين الجسم على المدى الطويل

البلوغ المتأخر يُحسن تكوين الجسم على المدى الطويل

على الرغم من أن البلوغ المتأخر من الأمور التي تثير قلق الآباء والمراهقين، فإن أحدث دراسة ناقشت هذا الموضوع أوضحت أن حدوث البلوغ في توقيت متأخر

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 8 معلومات تحتاج إليها كل أسبوع عند تقليم أظافرك

8 معلومات تحتاج إليها كل أسبوع عند تقليم أظافرك

يظل تقليم الأظافر أحد الأفعال التي يمارسها المرء طوال حياته بشكل متكرر كل أسبوع. وتظل الأظافر أحد الأجزاء المهمة جداً في جسم الإنسان، لأنه لولا وجودها في أصابعن

د. عبير مبارك (الرياض)

تناول الزبادي يقلل مشاعر القلق والتوتر

الزبادي يحتوي على بكتيريا نافعة تلعب دوراً مهماً في دعم صحة الجهاز الهضمي والمناعة (جامعة هارفارد)
الزبادي يحتوي على بكتيريا نافعة تلعب دوراً مهماً في دعم صحة الجهاز الهضمي والمناعة (جامعة هارفارد)
TT
20

تناول الزبادي يقلل مشاعر القلق والتوتر

الزبادي يحتوي على بكتيريا نافعة تلعب دوراً مهماً في دعم صحة الجهاز الهضمي والمناعة (جامعة هارفارد)
الزبادي يحتوي على بكتيريا نافعة تلعب دوراً مهماً في دعم صحة الجهاز الهضمي والمناعة (جامعة هارفارد)

أفادت دراسة هولندية بأن تناول الزبادي أو المكملات الغذائية الغنية بـ«البروبيوتيك» قد يخفف من المشاعر السلبية، مثل القلق والتوتر والإرهاق.

وأوضح الباحثون من جامعة لايدن الهولندية أن هذه النتائج تعزز الفرضية العلمية التي تشير إلى وجود علاقة وثيقة بين صحة الأمعاء والصحة النفسية، ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «npj Mental Health Research».

وركّز الفريق على تأثير «البروبيوتيك»، وهي بكتيريا نافعة تلعب دوراً مهماً في دعم صحة الجهاز الهضمي والمناعة، على الحالة النفسية للأصحاء.

وتوجد «البروبيوتيك» بشكل طبيعي في بعض الأطعمة، مثل الزبادي، والجبن المُخمّر، والمخللات، وغيرها من الأطعمة المُخمّرة، كما تتوفر أيضاً على هيئة مكملات غذائية.

وازداد في السنوات الأخيرة الاهتمام بـ«البروبيوتيك» لدورها المحتمل في تحسين الحالة النفسية، في ضوء ما يُعرف بـ«محور الأمعاء – الدماغ»، وهو العلاقة الوثيقة بين صحة الأمعاء والمزاج.

واعتمد الباحثون في دراستهم على عينة من الشباب الأصحاء الذين تناولوا مكملات تحتوي على البروبيوتيك يومياً لمدة شهر.

وتم تقييم حالتهم النفسية من خلال استبيانات واختبارات حاسوبية يومية، إلى جانب تقارير حول الحالة المزاجية يكتبها المشاركون لقياس كيفية تعاملهم مع مشاعرهم.

ووجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا «البروبيوتيك» شعروا بانخفاض ملحوظ في المشاعر السلبية، مثل القلق والتوتر والإرهاق والميل إلى الاكتئاب، مقارنة بمن تناولوا دواءً وهمياً.

وبدأ التحسّن في المزاج بالظهور بعد أسبوعين فقط من بدء تناول «البروبيوتيك»، وهي نفس المدة التي تستغرقها عادة مضادات الاكتئاب لتبدأ بالفاعلية، وفق النتائج.

لكن الفارق اللافت، بحسب الباحثين، أن «البروبيوتيك» قلّل من المشاعر السلبية فقط، دون التأثير على المشاعر الإيجابية، في حين أن مضادات الاكتئاب قد تؤثر في المزاج العام بكلا جانبيه.

ورغم النتائج الواعدة، شدّد الباحثون على أن «البروبيوتيك» لا يُعد بديلاً عن الأدوية المضادة للاكتئاب بالنسبة لمرضى الاكتئاب. كما أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يتجنبون المخاطر أو يتمتعون بسمات شخصية معينة قد يكونون الأكثر استفادة من «البروبيوتيك».

إضافةً إلى ذلك، لاحظ الفريق تحسناً طفيفاً في قدرة المشاركين على التعرف على تعبيرات الوجوه، ما يشير إلى تأثير محتمل لـ«البروبيوتيك» على معالجة الإشارات العاطفية.

وأشار الباحثون إلى أن «البروبيوتيك» يُعد خياراً طبيعياً وآمناً نسبياً، وقد يوفر وسيلة مساعدة لتحسين الحالة النفسية دون الحاجة إلى أدوية في بعض الحالات، خصوصاً في سياق الوقاية أو التدخل المبكر.

لكن الفريق دعا إلى إجراء دراسات إضافية لتأكيد هذه النتائج، واستكشاف إمكانية استخدام «البروبيوتيك» كوسيلة للحد من تطور المشاعر السلبية إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب.