السودان يستدعي سفيره لدى كينيا ويتوعد بإجراءات تحفظ سيادته

الحكومة الكينية: اجتماعات نيروبي بتنسيق مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة

صورة ملتقطة في 18 فبراير 2025 في نيروبي عاصمة كينيا تظهر ممثلين عن جماعات سياسية وعسكرية سودانية لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية وذلك في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في السودان (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 18 فبراير 2025 في نيروبي عاصمة كينيا تظهر ممثلين عن جماعات سياسية وعسكرية سودانية لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية وذلك في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في السودان (د.ب.أ)
TT

السودان يستدعي سفيره لدى كينيا ويتوعد بإجراءات تحفظ سيادته

صورة ملتقطة في 18 فبراير 2025 في نيروبي عاصمة كينيا تظهر ممثلين عن جماعات سياسية وعسكرية سودانية لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية وذلك في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في السودان (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 18 فبراير 2025 في نيروبي عاصمة كينيا تظهر ممثلين عن جماعات سياسية وعسكرية سودانية لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية وذلك في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في السودان (د.ب.أ)

استدعت وزارة الخارجية السودانية سفيرها لدى كينيا للتشاور، وذلك على خلفية اجتماعات تجري في نيروبي، لتشكيل حكومة مدعومة من «قوات الدعم السريع»، بموازاة الحكومة التي يقودها الجيش وتتخذ من بورتسودان عاصمةً مؤقتةً، في تصعيد دبلوماسي جديد بين البلدين، توعدت خلاله الخارجية السودانية باتخاذ إجراءات تصون أمن السودان وتحمي سيادته ووحدة أراضيه.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا» في خبر مقتضب، أن وزارة الخارجية استدعت سفيرها في نيروبي، للتشاور، احتجاجاً على استضافة كينيا اجتماعات ما سمتها «الميليشيا المتمردة وحلفاءها» وفقاً لنص الخبر، بوصف الاجتماعات خطوة عدائية «أخرى» ضد السودان.

والأربعاء، رأى رئيس الوزراء الكيني موساليا مودافادي، استضافة بلاده اجتماعات تأسيس «حكومة» بمشاركة «قوات الدعم السريع»، جهداً لإيجاد حلول لوقف الحرب، تم بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وذلك رداً على الخارجية السودانية التي عدّت استضافة الاجتماعات «تقويضاً لوحدة البلاد، وانحيازاً لطرف يؤجج الصراع».

رفض التبريرات الكينية

وفي بيان صحافي صادر الخميس، رأت الخارجية السودانية رد رئاسة الوزراء الكينية عليها بشأن الاجتماعات، «محاولة لتبرير موقف الرئيس وليام روتو... باحتضان وتشجيع مؤامرة تأسيس حكومة لميليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها»، وفق ما جاء في البيان.

وجددت موقفها من استضافة تلك الاجتماعات وعدّها «انتهاكاً لسيادة السودان وأمنه القومي»، وتهديداً «خطيراً للسلم والأمن الإقليميين، ولعلاقات حسن الجوار بين دول المنطقة، وسابقة خطيرة لم يعرفها الإقليم ولا القارة من قبل». وندد البيان بما سماها محاولة «تبرير المسلك العدائي، وغير المسؤول بسابقة استضافة مفاوضات مشاكوس، بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، لأنه تم بموافقة الحكومة وتحت رعاية دولية معتبرة».

وبلهجة حادة، وصفت الاجتماعات بأنها «تتويج» لدعم الرئاسة الكينية لما سمتها «الميليشيا الإرهابية في مختلف المجالات»، واتهمت نيروبي بالتحول لمركز رئيسي للأنشطة السياسية والدعائية والمالية واللوجيستية لـ«قوات الدعم السريع»، مشيرةً إلى استقبال الرئيس الكيني لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «استقبال الرؤساء».

عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» خلال مشاركته في اجتماعات نيروبي الثلاثاء (أ.ب)

وكشف بيان الخارجية عمّا سماه سعي السودان إلى تغيير الموقف الكيني دبلوماسياً دون جدوى، وجدد دعوة كينيا إلى التراجع عما سماه «التوجه الخطير» الذي يهدد السلم والأمن في الإقليم، و«يشجع على الإرهاب والإبادة الجماعية والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان»، وتوعد باتخاذ «الإجراءات التي تصون أمن السودان القومي وتحمي سيادته ووحدة أراضيه».

ورداً على اتهامات السودان لبلاده بتشجيع تقسيم الدول وانتهاك سيادتها، قال رئيس الوزراء الكيني موساليا مودافادي، في بيان صحافي، الأربعاء، إن الهدف من اجتماعات نيروبي بين «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية، تسريع وقف الحرب في السودان.

وتستضيف العاصمة الكينية هذا الأسبوع، اجتماعات لقوات مسلحة وقوى حزبية ومدنية، بمشاركة «قوات الدعم السريع»، أعلنت عن العمل على توقيع «ميثاق سياسي»، لتأسيس حكومة أطلقت عليها «حكومة السلام»، بموازاة الحكومة التي يقودها الجيش في بورتسودان.

كينيا: الحرب قطعت الطريق للديمقراطية

وأوضح المسؤول الكيني أن حكومة بلاده، حريصة على إعادة الاستقرار الأمني والسياسي واستعادة الحكم المدني في السودان، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وقال: «الصراع في السودان... لا يزال يدمر دولة كانت قبل 4 سنوات فقط، تسير على مسار إيجابي من الاستقرار والديمقراطية والرخاء لشعبها»، وتم قطع العملية الديمقراطية والتسبب في أزمة كبيرة كانت نتيجتها حرب داخلية مدمرة.

ودعا رئيس الوزراء الكيني المجتمعين الدولي والإقليمي، لإيلاء الأزمة السودانية الاهتمام الكافي والعاجل، وقال وفقاً للبيان الموقَّع باسمه: «بفضل مكانتها كداعم للسلام في المنطقة وفي مختلف أنحاء العالم، تظل كينيا في طليعة الدول التي تسعى لإيجاد حلول لها».

وثمّن استضافة بلاده محادثات السلام السابقة لاتفاقية السلام الشامل وإنهاء الحرب الأهلية بين السودان وجنوب السودان، وقال: «حين تقدم كينيا هذه المساحة، فإنها لا تفعل ذلك بدوافع خفية، بل لأننا نعتقد أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع»، ورأى أن ذلك متوافقاً مع ميثاق الاتحاد الإفريقي، وقرار الاتحاد في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي قضى بتجميد عضوية السودان في أنشطة الاتحاد. وقال مودافادي إن تبني «قوات الدعم السريع» والجماعات المدنية المجتمعة في بلاده، خريطة طريق وقيادة مقترحة في نيروبي يتوافق مع دور كينيا في مفاوضات السلام، بتوفير منصات غير حزبية لأطراف الصراع سعياً وراء الحلول، وذلك تضامناً مع شعب السودان لتحديد مصيره.

تعديل الوثيقة الدستورية

وفيما يبدو «ردة فعل» على اجتماعات نيروبي، أجرت الحكومة السودانية التي يقودها الجيش في بورتسودان، تعديلات على «الوثيقة الدستورية» لعام 2019، لتوائم مرحلة ما بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وحرب 15 أبريل (نيسان) 2023.

والوثيقة الدستورية هي الدستور المؤقت للسودان، الذي جرى توقيعه بين تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المدني الذي قاد الثورة الشعبية التي أطاحت حكم الرئيس السابق عمر البشير، والمجلس العسكري الانتقالي بقيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 17 أغسطس (آب) 2019، ونصت على تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين.

المفوض باسم قوى الحرية والتغيير أحمد ربيع إلى جانب الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم خلال احتفال توقيع "الوثيقة الدستورية" 17 أغسطس 2019 (أ.ف.ب)

لكن الجيش فض الشراكة المدنية العسكرية، فيما عُرف بانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وعلق مواد من الوثيقة الدستورية، هي المواد: 11 و12، وتتعلقان بتشكيل مجلس السيادة، والمواد 15 و16 وتتعلقان بتكوين مجلس الوزراء الانتقالي، والمادة 24 الفقرة 3، وتتعلق بتكوين المجلس التشريعي الانتقالي، والنص على حصة 67 في المائة لقوى الحرية والتغيير و33 في المائة للقوى غير الموقعة على الوثيقة، والمادة 71 وتنص على اعتماد أحكام الوثيقة الدستورية، حال تعارض أحكام الوثيقة مع الاتفاق السياسي الذي حدد هياكل الانتقال.

والأربعاء، أعلن اجتماع مشترك بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء، إجازة تعديلات على الوثيقة الدستورية لتصبح الوثيقة الدستورية 2019 المعدلة فبراير (شباط) 2025، وأجرى كذلك تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية وقانون الشركات وقانون الاستثمار.

ونقلت فضائية «الشرق» أن التعديلات الجديدة قضت بإضافة مقعدين للقوات المسلحة في مجلس السيادة، ليصبح عددها 6 بدلاً من 4، كما كان في السابق، ومنح قيادة الجيش صلاحية ترشيح رئيس مجلس السيادة والتوصية بإعفائه. ونصت التعديلات على إعادة صياغة النصوص التي تسمي القائد الأعلى للقوات المسلحة و«قوات الدعم السريع» والقوات النظامية الأخرى، إلى «القائد الأعلى للقوات النظامية»، وزيادة عدد أعضاء مجلس السيادة إلى 6 بجانب احتفاظ أطراف سلام جوبا بمقاعدهم، وحذف عبارة «الدعم السريع» من الوثيقة. وأبقت التعديلات على عضوية المجلس التشريعي بـ300 عضو، ولحين تكوينه يستعاض عنه باجتماع مجلسي السيادة والوزراء، وفترة انتقالية مدتها 39 شهراً تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاقية.


مقالات ذات صلة

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

شمال افريقيا نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» في 26 أكتوبر (أ.ف.ب) play-circle

تقارير: «الدعم السريع» تحتجز ناجين من الفاشر للحصول على فِدى

قال شهود لـ«رويترز» إن «قوات الدعم السريع»، التي حاصرت مدينة الفاشر في دارفور قبل اجتياحها، تحتجز ناجين من الحصار، وتطلب فدى لإطلاق سراحهم.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا 
صورة متداولة تبيّن جانباً من الدمار الذي ألحقته مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان play-circle

بعد بابنوسة «النفطية»... ما الهدف التالي لـ«الدعم السريع»؟

بعد قتال شرس استمر لأكثر من عامين، أعلنت «قوات الدعم السريع» الاثنين الماضي، سيطرتها «بشكل كامل» على مدينة بابنوسة... فما الهدف التالي؟

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (يسار) خلال اجتماع مجلس الوزراء وإلى يساره الرئيس دونالد ترمب في غرفة مجلس الوزراء في البيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 2 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

روبيو: ترمب يتولى شخصياً ملف الحرب في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، إن الرئيس دونالد ترمب يتولى ملف الحرب في السودان شخصياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الرئيس بوتين مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على هامش قمة «روسيا أفريقيا 2019» في سوتشي (أ.ف.ب)
play-circle 01:37

السودان يعرض على روسيا قاعدة عسكرية بحرية وذهباً مقابل التسليح

مقترح أميركي ثلاثي جديد لوقف إطلاق النار بالسودان بمسارات «عسكرية وإنسانية وسياسية» وبورتسودان تسعى إلى الحصول على تسليح روسي مقابل قواعد بحرية بالبحر الأحمر

أحمد يونس (كمبالا)

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
TT

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

فرضت محكمة جزائرية، مساء أمس (الخميس)، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية تبلغ مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة؛ بعد إدانته بتهمة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني». كما وقَّعت الهيئة القضائية ذاتها عقوبة عاماً حبساً موقوفة النفاذ في حق المتهم الثاني، الموجود تحت الرقابة القضائية، «عبد الرحيم. ح»، عن المشارَكة في الجُرم نفسه، بجنحة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني»، مع الحكم بمصادرة عتاد القناة وغلقها نهائياً.

وجاء منطوق الحكم بعدما التمست النيابة في الجلسة عقوبتهما، بعد استجواب دقيق خضع له المتهمان، وتمسك كل واحد منهما بإنكار ما نُسب إليه من وقائع.

وأكد المتهم بوعقبة في تصريحاته أمام القاضي أنه لم يقل سوءاً في زعيم الثورة، الراحل أحمد بن بلة، موضحاً أنه يعدّه أحد رموز «ثورة التحرير الوطني»، وأحد أصدقائه، وجمعته به علاقة صداقة لا أحد يشكِّك فيها، بحسب ما نقلته صحف محلية. وقال إنه طوال مساره المهني لم يشعر بالإحباط رغم المتابعات القضائية التي طالته سابقاً، سوى في هذه القضية التي أكد أنها آلمته. كما تقدَّم بوعقبة في الجلسة بالاعتذار لابنة الضحية بن بلة مهدية، التي ذرفت دموعاً حارقة جراء ما عدّته إهانةً طالت والدها.

وفجَّرت قضية بوعقبة جدلاً حاداً حول حرية الرأي والخوض في مسائل التاريخ الخلافية، واحتجَّ الطيف السياسي الجزائري بشدة على وضع الصحافي الكبير بوعقبة في الحبس الاحتياطي قبل محاكمته أمس، بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة»،

وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة إنها «تابعت باهتمام قضية إيداع الصحافي سعد بوعقبة الحبس المؤقت، على خلفية تصريحات أدلى بها عُدَّت مسيئةً لرموز الثورة»، مؤكدة أن «مثل هذه القضايا، لا ينبغي أن تقود إلى عقوبات سالبة للحرية، بحكم طبيعتها الصحافية، لأن الدستور يمنع سجن الصحافيين في مثل هذه الحالات»، مشددةً على «احترام كرامة الصحافي وحقوقه، واعتماد حلول حكيمة تحفظ حرية الصحافة، وتجنِّب البلاد التوتر».

من جهتها، عبّرت «حركة البناء الوطني» المؤيدة لسياسات الحكومة، عن «تضامنها مع الصحافي سعد بوعقبة في قضيته»، مشدّدة على أن «معالجة قضايا الرأي يجب ألا تتم عبر الحبس، بل عبر الحوار والتصويب، والاعتذار عند الضرورة». ورأت الحركة أن تصريحات الصحافي التي سببت له المشكلات «كانت في سياق تحليلي لا يرقى إلى اتهام شخصي»، وأن «اعتذاره لعائلة بن بلة كافٍ لإنهاء القضية».


اتحاد الشغل التونسي يدعو لإضراب عام وسط أزمة سياسية متفاقمة

جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
TT

اتحاد الشغل التونسي يدعو لإضراب عام وسط أزمة سياسية متفاقمة

جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يحظى بتأثير قوي، عن إضراب وطني في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، احتجاجاً على ما عدَّه «قيوداً على الحقوق والحريات»، والمطالبة بمفاوضات لزيادة الأجور، في تصعيد لافت للمواجهة مع الرئيس قيس سعيّد، وسط توترات اقتصادية وسياسية متفاقمة.

وقد يشل هذا الإضراب الوشيك القطاعات العامة الرئيسية، ويزيد منسوب الضغط على الحكومة ذات الموارد المالية المحدودة، مما يفاقم خطر حدوث اضطرابات اجتماعية، وسط تزايد الإحباط وضعف ملحوظ في الخدمات العامة.

وحذر الاتحاد، المدعوم بنحو مليون عضو، من أن الوضع يزداد سوءاً، مندداً بتراجع الحريات المدنية وجهود الرئيس سعيد، الرامية لإسكات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتعهد بمقاومة هذه الانتكاسة.

وفي خطاب أمام مئات من أنصاره قال الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أمس الخميس، في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء: «لن ترهبنا تهديداتكم ولا سجونكم. لا نخاف السجن... سنواصل نضالنا».

ويطالب الاتحاد بفتح مفاوضات عاجلة بشأن زيادة الأجور، وتطبيق كل الاتفاقيات المعلقة، التي ترفض السلطات تطبيقها.

وأضاف الطبوبي موضحاً أن الاتحاد وجَّه 18 مراسلة إلى الحكومة دون أن يكون هناك تجاوب. مؤكداً في تصريحه للصحافيين: «نحن لا نقبل هذا الخيار. نقبل الحوار والرأي، والرأي المخالف والحوار الهادئ والشفاف، الذي يفضي إلى نتائج ملموسة».

الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي خلال مشاركته أمس في المظاهرة التي نظمها «الاتحاد» وسط العاصمة التونسية (د.ب.أ)

وأقر قانون مالية 2026 زيادة في الأجور، لكن دون الدخول في أي مفاوضات مع اتحاد الشغل، ودون حتى تحديد نسبتها، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها محاولة جديدة من الرئيس سعيد لتهميش دور الاتحاد.

وتسلط خطوة الاتحاد بشأن إضراب الشهر المقبل الضوء على تزايد الغضب في أوساط المجتمع المدني من تراجع كبير في الحريات، وحملة متسارعة للتضييق على المعارضة والصحافيين ومنظمات المجتمع المدني، وتعطل الحوار الاجتماعي، إضافة إلى أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة، التي دفعت العديد من التونسيين إلى حافة الفقر.

وتقول منظمات حقوقية إنه منذ عام 2021، مضى الرئيس سعيد في تفكيك، أو تهميش الأصوات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها اتحاد الشغل، وسجن أغلب قادة المعارضة، وشدد سيطرته على القضاء. وانتقدت اعتقال منتقدين وصحافيين ونشطاء، وتعليق عمل منظمات غير حكومية مستقلة.

فيما ينفي الرئيس سعيد هذه الاتهامات، ويقول إن إجراءاته قانونية وتهدف إلى وقف الفوضى المستشرية، مؤكداً أنه لا يتدخل في القضاء، لكن لا أحد فوق القانون.

ولعب الاتحاد دوراً محورياً في مرحلة الانتقال بعد الانتفاضة، وظل من أبرز المنتقدين لسيطرة الرئيس على معظم السلطات والتفرد بالحكم. ورغم أن الاتحاد دعم في البداية قرار سعيد حل البرلمان المنتخب في 2021، فإنه عارض إجراءاته اللاحقة، واصفاً إياها بأنها محاولة لترسيخ حكم الرجل الواحد.


تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
TT

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

أمضت مناطق عدة في مدينة الزاوية الليبية (غرب) ليلتها على وقع دوي الرصاص والقذائف، إثر اشتباكات مسلحة بين تشكيلين محسوبين على حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، خلّفت قتلى وجرحى.

ووقعت هذه الاشتباكات، التي تُعد الأحدث في المدينة التي تعاني من تغول الميليشيات، مساء الخميس، واستمرت حتى الساعات الأولى من يوم الجمعة، بين «الكتيبة 103 مشاة»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة» بإمرة عثمان اللهب، وتشكيل آخر تابع لقوة «الإسناد الأولى - الزاوية»، بقيادة محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر».

آمِر «فرقة الإسناد الأولى» محمد بحرون الملقب بـ«الفأر» خلال حضور مناسبة رسمية بغرب ليبيا (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل)

وأدى التصادم بين التشكيلين إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين عبر الطريق الساحلي - الزاوية، من الإشارة الضوئية - أولاد صقر وحتى بوابة الحرشة، بضرورة اللجوء إلى طرق بديلة، بعد إغلاقه بسبب التوتر الأمني.

ومع بداية القصف، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن إصابة مواطن مدني إثر سقوط مقذوف بالقرب منه على الطريق الساحلي، لكن مع هدوء الأوضاع نقلت مصادر طبية مقتل مواطنين في المواجهات، بالإضافة إلى إصابة آخرين؛ وذلك في حلقة جديدة من الصراع على توسيع النفوذ والسيطرة.

وتتبع قوة «الإسناد الأولى» لمديرية أمن مدينة الزاوية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، بينما تتبع «كتيبة السلعة» منطقة الساحل الغربي العسكرية.

وعكست متابعات شهود عيان أجواء الصدام المسلح بين الأذرع الأمنية والعسكرية للحكومة. وقال الناشط السياسي منصور الأحرش: «ما إن هطلت الأمطار البارحة في سماء الزاوية، حتى رافقها هطول من الضرب العشوائي بالأسلحة المتوسطة بين تشكيلين مسلحين، أحدهما يتبع وزارة الدفاع، والآخر يتبع وزارة الداخلية؛ ما أدى إلى مقتل مواطنين وإصابة آخرين».

وبنوع من الرفض لما يجري في الزاوية على يد التشكيلات المسلحة، ذكّر الأحرش ساخراً بأن الجبهتين المتقاتلتين «تتقاضيان مرتباتهما من الدولة؛ طبعاً خارج منظومة (راتبك لحظي)، وعلينا ألا ننسى العمل الإضافي أيضاً؛ لأن الاشتباكات وقعت خارج الدوام الرسمي».

وسبق أن أطلق مصرف ليبيا المركزي مطلع سبتمبر (أيلول) منظومة «راتبك لحظي»، التي تهدف إلى «تسريع وصول المرتبات لمستحقيها، بدلاً من النظام المعمول به لدى وزارة المالية، والذي كان يستغرق عدة أسابيع لصرف الرواتب للموظفين».

وتمكّن «جهاز دعم الاستقرار»، التابع للمجلس الرئاسي، الذي يقوده حسن أبو زريبة، من استعادة الهدوء في الزاوية بعد تدخله للفصل بين التشكيلين.

ويتكرر الصدام المسلح بين الميليشيات في الزاوية، حيث سبق أن شهدت المدينة اشتباكات بين مجموعات تعد من أذرع حكومة «الوحدة»، إثر محاولة اغتيال قيادي بارز في تشكيل مسلح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان قائد ميليشيا «قوة احتياط الزاوية»، محمد سليمان، الملقب بـ«تشارلي»، ومرافقه عبد الرحمن كارزو، قد أُصيبا بجروح خطيرة بعد استهداف سيارتهما بقذيفة «آر بي جي»، أطلقتها مجموعة مسلحة تابعة لـ«الفأر».

كما سبق أن طالت الاشتباكات المسلحة في الزاوية خزانات النفط في محيط مصفاة الزاوية للتكرير، أوقعت قتيلاً و15 جريحاً على الأقل، وهو ما اضطر «المؤسسة الوطنية للنفط» حينها إلى إعلان «القوة القاهرة»، قبل أن يتم إخماد النيران.

ممثلون عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية وعسكريين ومدنيين خلال مشاركتهم في فعالية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

وعشية الاشتباكات التي شهدتها الزاوية، اختتمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ندوة فنية استمرت يومين، بتعاون وثيق مع وزارات الدفاع والداخلية والخارجية، تناولت «تطبيق مدونة قواعد السلوك للوحدات والمؤسسات العسكرية والأمنية والشرطية»، التي أقرّتها السلطات الليبية في وقت سابق من هذا العام.

وأوضحت البعثة أن الندوة جمعت «كفاءات رفيعة المستوى» من الوزارات المعنية، ورئاسة الأركان العامة، وأعضاء لجنتي الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وبتمثيل فعال للمرأة.

وتمحورت المناقشات، بحسب البعثة، حول ترجمة مبادئ المدونة إلى ممارسات عملية بوضع خطط تدريبية مُعتمدة في جميع المؤسسات الأمنية الليبية، مع التركيز على الامتثال القانوني، والمساءلة والسلوك الأخلاقي، والمسؤولية الاجتماعية، والاحترافية، وهي عناصر أساسية لتعزيز الانضباط المؤسسي، واستعادة ثقة المواطنين، وتعزيز التماسك داخل قطاع الأمن.

واعتمدت الندوة الفنية «خريطة طريق شاملة لتوجيه المرحلة التالية في تعميم مدونة قواعد السلوك»، وتُحدّد الخريطة تدابير لتعزيز وحدة المؤسسات ونزاهتها، وترسيخ آليات المساءلة، وضمان الالتزام الكامل بالمبادئ الدستورية، والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ممثلون عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية في فعالية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

وعَدَّ بدر الدين الحارثي، مدير شعبة المؤسسات الأمنية في البعثة، هذه الخطوة «مهمة نحو ترجمة مدونة قواعد السلوك إلى إجراءات عملية بقيادة وطنية»، وقال إن البعثة «لا تزال ملتزمة التزاماً كاملاً بدعم السلطات الوطنية في مساعيها لتحقيق هذه الإصلاحات، وغيرها من الإصلاحات الاستراتيجية والتشغيلية الضرورية لبناء قطاع أمني مهني، خاضع للرقابة وضوابط المساءلة».