«غوغل كلاود»: «نشهد عصراً جديداً من الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في السعودية»

«الشرق الأوسط» تلتقي المدير العام لـ«غوغل كلاود» على هامش «ليب 2025»

تتضمن استثمارات «غوغل كلاود» توسيع البنية التحتية السحابية في الدمام لتعزيز الاعتماد على الحوسبة السحابية (شاترستوك)
تتضمن استثمارات «غوغل كلاود» توسيع البنية التحتية السحابية في الدمام لتعزيز الاعتماد على الحوسبة السحابية (شاترستوك)
TT

«غوغل كلاود»: «نشهد عصراً جديداً من الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في السعودية»

تتضمن استثمارات «غوغل كلاود» توسيع البنية التحتية السحابية في الدمام لتعزيز الاعتماد على الحوسبة السحابية (شاترستوك)
تتضمن استثمارات «غوغل كلاود» توسيع البنية التحتية السحابية في الدمام لتعزيز الاعتماد على الحوسبة السحابية (شاترستوك)

تواصل المملكة العربية السعودية تعزيز مكانتها بصفتها مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، مدفوعة بـ«رؤية 2030» والتوجه نحو التحول الرقمي.

وخلال مؤتمر «ليب 2025» الذي تستضيفه مدينة الرياض، أعلنت «غوغل كلاود» (Google Cloud) عن سلسلة من المبادرات الاستراتيجية التي تهدف إلى تسريع تبني الذكاء الاصطناعي، وتعزيز البنية التحتية السحابية، ودعم الابتكار في القطاعات الرئيسية بالمملكة.

عبد الرحمن الذهيبان المدير العام لـ«غوغل كلاود» في تركيا والشرق الأوسط وأفريقيا متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» من معرض «ليب» (غوغل كلاود)

وفي مقابلة حصرية مع «الشرق الأوسط»، أكد عبد الرحمن الذهيبان، المدير العام لـ«غوغل كلاود» في تركيا والشرق الأوسط وأفريقيا، على التزام الشركة العميق بالسوق السعودية، ودورها المتنامي في النظام البيئي للذكاء الاصطناعي في المنطقة، وكيف تتماشى استثمارات «غوغل كلاود» الجديدة مع الاستراتيجية الرقمية الطموحة للمملكة.

وقال الذهيبان إن المملكة العربية السعودية هي واحدة من أسرع أسواق الحوسبة السحابية نمواً في العالم، و«نحن نشهد تبنياً سريعاً لتقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية عبر مختلف القطاعات».

وأضاف: «(غوغل كلاود) ملتزمة بدعم التحول الرقمي في المملكة من خلال تقديم بنية تحتية عالمية المستوى، وحلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وخبرات متعمقة في مختلف الصناعات».

دعم طموحات السعودية في الذكاء الاصطناعي

كان أحد أبرز إعلانات «غوغل كلاود» خلال «ليب 2025» هو التوسع المستمر في البنية التحتية السحابية في المملكة. وتلعب منطقة «غوغل كلاود» في الدمام، التي أصبحت قيد التشغيل منذ أكثر من عام ونصف العام، دوراً رئيسياً في تمكين الشركات من الانتقال إلى السحابة، وتعزيز الكفاءة، وتحفيز الابتكار. ومع تبني المزيد من المؤسسات لاستراتيجيات الحوسبة السحابية أولاً، تواصل الشركة تعزيز وجودها شريكاً رئيسياً في هذا التحول.

ومن الخطوات المهمة في هذا الاتجاه، التعاون بين «غوغل كلاود» وصندوق الاستثمارات العامة (PIF) لإنشاء مركز للذكاء الاصطناعي في الدمام، وهو إنجاز يتماشى مع جهود التحول الرقمي الأوسع في المملكة. يهدف هذا المشروع إلى توسيع قدرات الذكاء الاصطناعي عبر مختلف الصناعات، وضمان الاعتماد على السحابة بوصفه خياراً أساسياً للعمليات التجارية والتطور التكنولوجي. كما يسعى المشروع إلى تدريب ملايين المهنيين وتعزيز محو الأمية الرقمية والخبرة في الذكاء الاصطناعي بين القوى العاملة. ومن المتوقع أن يكون لهذا المشروع تأثير اقتصادي كبير، حيث تشير التوقعات إلى إضافة 71 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال السنوات السبع المقبلة، إلى جانب خلق آلاف من فرص العمل الجديدة.

وأشار الذهيبان إلى أن ريادة المملكة في تبني الذكاء الاصطناعي مدفوعة بإطار تنظيمي قوي ورؤية حكومية واضحة. وقال: «السوق السعودية فريدة من نوعها. ومع تركيز (رؤية 2030) على التحول الرقمي والمشاريع الضخمة مثل نيوم، هناك فرصة هائلة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية لإعادة تشكيل الصناعات وإطلاق إمكانات اقتصادية جديدة».

يعد التحول السحابي في السعودية خطوة أساسية نحو بناء بيئة أعمال متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

الحلول السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

بدأت قدرات «غوغل كلاود» في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية بالفعل في إحداث تأثير كبير عبر القطاعات المختلفة في المملكة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، التعاون مع شركة المراعي، أكبر شركة ألبان في المنطقة، لنقل العمليات الرئيسية من البنية التحتية التقليدية إلى السحابة.

وأوضح الذهيبان أن «الذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً بل ضرورة للشركات التي تسعى إلى التوسع وتحسين الكفاءة». وأضاف: «شركات مثل المراعي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة والتحليلات الضخمة من Google Cloud لتحسين عملياتها، وخفض التكاليف، وتعزيز اتخاذ القرارات».

وتتيح تقنيات «غوغل كلاود»، مثل «BigQuery»، و«Vertex AI» و«Cortex for SAP» للمؤسسات تحليل البيانات الفورية، وتحسين إدارة سلاسل التوريد، وتحسين تجربة العملاء. ومع انتقال المزيد من الشركات إلى السحابة، من المتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تعزيز الإنتاجية والابتكار.

ضمان تبنٍ آمن للذكاء الاصطناعي

مع تسارع تبني الذكاء الاصطناعي، تزداد المخاوف بشأن أمن البيانات، والامتثال التنظيمي، وحوكمة الذكاء الاصطناعي. ولهذا، اعتمدت «غوغل كلاود» نهجاً استباقياً للأمن السيبراني، حيث تضمن أن بنيتها التحتية السحابية تلتزم بأعلى معايير الأمان في المملكة العربية السعودية.

وعَدّ الذهيبان «غوغل كلاود» من أكثر مزودي الخدمات السحابية أماناً على مستوى العالم، حيث «نلتزم بأعلى المعايير التنظيمية». وأضاف: «قبل إطلاق أي منطقة سحابية في أي بلد، نقوم بتقييم ثلاثة محاور رئيسية هي جدوى الأعمال وجاهزية البنية التحتية والسياسات التنظيمية لضمان النشر السلس والآمن».

من خلال نموذج الأمان الصفري والتشفير المتقدم، تضمن «غوغل كلاود» حماية بيانات المؤسسات والجهات الحكومية في المملكة، مما يجعل تبني الذكاء الاصطناعي أكثر أماناً وقابلية للتوسع.

تشمل مبادرات «غوغل كلاود» تدريب الملايين من السعوديين على المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

الاستدامة والمسار نحو الحياد الكربوني

تعد الاستدامة ركيزة أساسية في استراتيجية «غوغل كلاود»، حيث تتماشى خططها مع هدف المملكة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. وأعلنت الشركة التزامها بأن تكون جميع عملياتها قائمة على الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مما يضمن أن تكون مراكز بياناتها وحلول الذكاء الاصطناعي صديقة للبيئة.

وصرح الذهيبان لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل منطقة سحابية قمنا بإنشائها مصممة مع مراعاة الاستدامة منذ البداية». وذكر أنه يتم العمل بشكل وثيق مع الشركات السعودية لدمج حلول الطاقة المتجددة في عملياتها السحابية وتقليل البصمة الكربونية.

كما تتعاون «غوغل كلاود» مع شركاء في مختلف الصناعات لتعزيز الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تساهم في تحسين كفاءة استهلاك الموارد وتقليل التأثير البيئي.

الرؤية لمستقبل السعودية الرقمي

تتحرك المملكة العربية السعودية بسرعة نحو اقتصاد رقمي قائم على الذكاء الاصطناعي، وتلعب «غوغل كلاود» دوراً محورياً في تشكيل هذا المستقبل. ومع استعداد المملكة لاستضافة كأس العالم 2034 وإكسبو 2030، ستصبح الاستثمارات في الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية الرقمية، ضرورية لدعم تجارب رقمية واسعة النطاق وتطوير المدن الذكية.

وشدد الذهيبان على أن المملكة العربية السعودية أصبحت منصة عالمية للابتكار الرقمي، مشيراً إلى أن «الاستثمارات التي أعلنا عنها في (ليب 2025) والتي تجاوزت 14 مليار دولار ليست سوى البداية». وقال: «نرى إمكانيات هائلة للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والأمن السيبراني لإعادة تشكيل الصناعات وخلق الوظائف ودفع النمو الاقتصادي على المدى الطويل».

من خلال توسيع البنية التحتية السحابية وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي وتعزيز الأمن السيبراني ودعم الاستدامة، تساهم «غوغل كلاود» في تعزيز مكانة السعودية بوصفها قوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي لـ «إنفيديا» جنسن هوانغ يتحدث قبل انطلاق مؤتمر تقنية وحدات معالجة الرسوميات في واشنطن - 28 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

جنون الذكاء الاصطناعي يخلق أزمة جديدة في سلاسل الإمداد العالمية

يُشعل النقص العالمي الحاد في رقاقات الذاكرة سباقاً محموماً بين شركات الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات الاستهلاكية لتأمين إمدادات آخذة في التراجع.

«الشرق الأوسط» (لندن )
تكنولوجيا شعار تطبيق «تشات جي بي تي» (رويترز)

شركة «أوبن إيه آي» تعلن حالة طوارئ في «تشات جي بي تي» بسبب المنافسة الشديدة

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» سام ألتمان عن حالة طوارئ شاملة في الشركة، في ظل المنافسة الشرسة التي تواجهها تقنيات برنامجها «تشات جي بي تي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار «أمازون ويب سيرفيسز» في معرض بنيودلهي بالهند (رويترز)

«أمازون» و«غوغل» تطلقان خدمة متعددة السحابة من أجل اتصال أسرع

ذكرت شركتا «أمازون» و«غوغل» أنهما أطلقتا خدمة شبكية متعددة السحابة تم تطويرها بشكل مشترك لتلبية الطلب المتزايد على الاتصال الموثوق به.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

تقرير: المؤسسات السعودية تجني مكاسب مبكرة من الذكاء الاصطناعي رغم تحديات التأسيس

يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)
يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)
TT

تقرير: المؤسسات السعودية تجني مكاسب مبكرة من الذكاء الاصطناعي رغم تحديات التأسيس

يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)
يتوقع 91 في المائة من قادة الأعمال أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل الوظائف خلال عام عبر انتقال الموظفين إلى أدوار تحليلية واستراتيجية (شاترستوك)

تشهد المملكة العربية السعودية مرحلة فارقة في رحلتها نحو بناء اقتصاد رقمي متقدم؛ إذ بات الذكاء الاصطناعي يشكّل ركيزة استراتيجية ضمن مسار التحول الوطني.

ويكشف تقرير شركة «كيندريل» حول «جاهزية الذكاء الاصطناعي 2025» عن أن المؤسسات في المملكة أصبحت في موقع متقدم إقليمياً من حيث الوعي والأهداف.

ويشير التقرير إلى أن المملكة تواجه تحديات، لكنها تحديات تأسيسية تتطلب تسريع خطوات البنية التحتية وبناء المهارات، فيما تستمر الرؤية السعودية في دفع مسار التطور التقني.

نضال عزبة المدير التنفيذي لدى «كيندريل» في السعودية متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (كيندريل)

عوائد تسارع النضج

يسجل التقرير أن المؤسسات السعودية بدأت تجني فوائد واضحة قبل الكثير من نظيراتها عالمياً. وتشمل أبرز المكاسب تحسين الكفاءة التشغيلية، وتسريع اتخاذ القرار، وتعزيز تجربة العملاء. ويؤكد المدير التنفيذي لـ«كيندريل» في السعودية، نضال عزبة، خلال لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» أن هذه النتائج ليست صدفة.

ويضيف: «بدأت المؤسسات السعودية تحقق عوائد ملموسة من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، لا سيما في مجالات الكفاءة التشغيلية وتسريع عملية اتخاذ القرارات وتحسين تجربة العملاء». ويربط هذه المكاسب بعوامل ثلاثة؛ وهي: التزام القيادة السعودية، وزيادة التجارب التطبيقية، ومواءمة المشاريع التقنية مع مستهدفات «رؤية 2030».

ومع ذلك، يحذر عزبة من المبالغة في التفاؤل، موضحاً أن «العالم كله لا يزال في مرحلته المبكرة، وأن القيمة المستدامة تتطلب أسساً رقمية أقوى، وبنية تحتية مرنة وقوى عاملة مهيّأة لتوسيع نطاق تطبيق الذكاء الاصطناعي».

وتدعم الأرقام هذا التوجه؛ إذ يشير التقرير إلى أن أكثر من 90 في المائة من المؤسسات الإقليمية تتوقع تأثيراً كبيراً للذكاء الاصطناعي على نماذج أعمالها خلال عام واحد، فيما ترى غالبية الشركات السعودية أن الاستثمارات الحالية تمهّد لمرحلة توسع أكبر تبدأ خلال 2026 وما بعدها.

يعتمد النجاح المستقبلي على تحقيق التوازن بين الأتمتة وتنمية المهارات البشرية عبر إعادة التأهيل المستمر وتصميم وظائف تتكامل مع الأنظمة الذكية (شاترستوك)

تحديات المرحلة المقبلة

تُعد العقبة الأكثر وضوحاً التي تواجهها المؤسسات السعودية -كما يوضح التقرير- هي صعوبة الانتقال من مرحلة إثبات المفهوم إلى الإنتاج.

ويوضح عزبة أن «أكثر من نصف المديرين التنفيذيين في المؤسسات السعودية أفادوا بأن الابتكار يواجه غالباً صعوبات بعد مرحلة إثبات المفهوم، بسبب تحديات تقنية عند الانتقال إلى مرحلة الإنتاج».

وتُعد الأنظمة القديمة والبيئات التقنية المجزأة من أبرز مصادر التعطيل، بالإضافة إلى غياب التكامل الجيد بين السحابة والأنظمة المحلية، ونقص الجاهزية في إدارة البيانات.

كما يبرز عامل آخر وهو الضغط لتحقيق عائد سريع على الاستثمار، رغم أن طبيعة مشاريع الذكاء الاصطناعي تتطلب بناء أسس طويلة المدى قبل حصد النتائج.

ويشير عزبة إلى أن تجاوز هذه المرحلة يعتمد على «تحديث البنية التحتية الأساسية، وتعزيز بيئات السحابة والبيانات، والاستثمار في مهارات القوى العاملة»، مؤكداً أن هذه الخطوات ليست ترفاً، بل هي شرط لتمكين التوسع المؤسسي.

أرقام تعكس حجم الفجوة

جاء في التقرير أن 53 في المائة من المديرين التنفيذيين في السعودية يواجهون تحديات تقنية رئيسية، تشمل أنظمة قديمة يصعب تحديثها، وبيئات تشغيل معقدة تُبطئ عمليات التكامل.

كما أشار 94 في المائة من المؤسسات إلى عدم قدرتها على مواكبة التطور التقني المتسارع، وهو رقم يعكس عبئاً تشغيلياً واستراتيجياً كبيراً.

ويقول عزبة إن هذه التحديات ليست دائماً مرئية للقيادات؛ إذ «يعتقد العديد من القادة أن بيئات عملهم قوية استناداً إلى الأداء الحالي، إلا أن عدداً أقل منهم يقيّم الجاهزية المستقبلية في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي أو تهديدات الأمن السيبراني».

وتبرز أهمية التقييمات التقنية المستقلة وخرائط الطريق التي تحدد الثغرات وتعيد توجيه الاستثمارات نحو الأسس المهملة مثل البيانات والمرونة والأمن السيبراني.

تعاني السوق من نقص ملحوظ في المهارات التقنية والمعرفية وأن 35 في المائة من القادة يرون فجوات في القدرات الأساسية المطلوبة لتوسيع الذكاء الاصطناعي (غيتي)

معادلة الجاهزية الحقيقية

يرى التقرير أن الفجوة بين الثقة الذاتية والجاهزية الفعلية تمثّل أحد أخطر التحديات. فالقادة يعدون مؤسساتهم مستعدة، لكن الأرقام تُظهر هشاشة في البنية التحتية أو ضعفاً في التكامل أو نقصاً في القدرات التنبؤية.

وتُعد المرونة والامتثال للمعايير السيادية والاستعداد للأمن السيبراني عناصر أساسية في تقييم الجاهزية المستقبلية، خصوصاً في سوق تتجه فيها السعودية بسرعة نحو بناء بنى وطنية للذكاء الاصطناعي.

ويشير عزبة إلى أن «البيئات الجاهزة للمستقبل تتميز بالقدرة على دعم ابتكارات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، وليس فقط نشر حلول معزولة».

انتقال وليس استبدالاً

تتوقع 91 في المائة من المؤسسات السعودية أن تشهد سوق العمل تحولاً كبيراً خلال 12 شهراً. وتعكس هذه النسبة إدراكاً متزايداً بأن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل الوظائف بشكل مباشر، بل سيعيد صياغتها.

ويشير عزبة إلى أن الموظفين «سينتقلون إلى أدوار أكثر تحليلية واستراتيجية وإشرافية، فيما تُؤتمت المهام المتكررة»، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي «سيعمل بوصفه شريكاً تعاونياً، مما يجعل جاهزية الأفراد أمراً أساسياً لتحقيق أقصى قيمة».

وتواجه المؤسسات تحدياً إضافياً يتمثّل في ضرورة إعادة تصميم الوظائف وسير العمل وإعادة تأهيل القوى العاملة على نطاق واسع. وتبرز الحاجة إلى برامج تعليمية متواصلة ترفع من القدرة الرقمية، وتعمّق فهم الموظفين لكيفية التعاون مع الأنظمة الذكية.

تشير الأرقام إلى فجوات كبيرة في الجاهزية التقنية حيث أكد 53 في المائة وجود تحديات أساسية و94 في المائة عدم القدرة على مواكبة التطور السريع (غيتي)

فجوات المهارات

يشير التقرير إلى أن 35 في المائة من القادة السعوديين يرون فجوة واضحة في المهارات التقنية الأساسية المطلوبة لتوسيع الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك هندسة البيانات والأمن السيبراني وإدارة النماذج. كما عبّر 35 في المائة عن قلقهم من نقص المهارات المعرفية، مثل التفكير النقدي وحل المشكلات.

ويرى عزبة أن تجاهل هذه الفجوات يجعل أي توسع في الذكاء الاصطناعي محفوفاً بالمخاطر. فالتكنولوجيا تتقدم بوتيرة أسرع من قدرة المؤسسات على إعداد الموظفين، مما يتطلب استثماراً مسبقاً في التدريب والتعليم المستمر.

الأتمتة وبناء القدرات البشرية

يُعد دمج الأتمتة مع المهارات البشرية عنصراً حاسماً لتحقيق أقصى قيمة من الذكاء الاصطناعي. ويشير التقرير إلى أن 31 في المائة من القادة السعوديين يشعرون بالقلق إزاء كيفية إعادة تأهيل الموظفين المتأثرين بالتغيرات التقنية.

ويسلط عزبة الضوء على ضرورة «دمج التعلم المستمر، وإطلاق برامج لمحو أمية الذكاء الاصطناعي، وتوفير وظائف جديدة في الأدوار التقنية والأدوار عن بُعد».

ويؤكد أن الأتمتة يجب أن تُرى بوصفها دعماً لقدرات الإنسان وليست بديلاً عنها، فالمؤسسات التي تحقق هذا التوازن ستتمكن من رفع الإنتاجية وتعزيز الابتكار دون تعطيل القوى العاملة.

الجاهزية لقيادة المرحلة المقبلة

تكشف نتائج التقرير عن أن السعودية تتحرك بسرعة نحو جاهزية متقدمة، لكنها في الوقت نفسه تدرك حجم العمل المطلوب لتسريع تبني الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة ومستدامة.

وتمنح مبادرات البنية التحتية الوطنية، وتطوير المهارات، وتحديث الأنظمة دفعة قوية للقطاع الخاص، كي يواكب التحول ويستفيد من الزخم التنظيمي.

ويختتم عزبة رؤيته بتأكيد أن «الفرصة واضحة للمؤسسات التي تبادر اليوم، فمع الزخم الوطني للتحول الرقمي يمكن للشركات تحويل التحديات الحالية إلى فرص تنافسية تُسهم في تشكيل معايير القطاع وموقع المملكة في اقتصاد الذكاء الاصطناعي العالمي».


ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
TT

ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)

نفى الملياردير ورائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك، السبت، صحة تقارير إعلامية أفادت بأن شركة «سبيس إكس» للفضاء ستبدأ بيع أسهم ثانوية من شأنها أن تقدر قيمة الشركة بنحو 800 مليار دولار، واصفاً إياها بأنها غير دقيقة.

وأضاف ماسك على منصة «إكس»: «لقد كانت تدفقات (سبيس إكس) النقدية إيجابية لسنوات عديدة وتقوم بعمليات إعادة شراء أسهم دورية مرتين في السنة لتوفير السيولة للموظفين والمستثمرين».


بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».