​روسيا وأوكرانيا تتبادلان الاتهامات بالمسؤولية عن قصفٍ دامٍ على منطقة كورسك

غداة يوم من التصعيد العسكري الحاد في 6 مناطق أوكرانية

آثار القصف الروسي على مبنى سكني في أوكرانيا 2 فبراير (أ.ف.ب)
آثار القصف الروسي على مبنى سكني في أوكرانيا 2 فبراير (أ.ف.ب)
TT
20

​روسيا وأوكرانيا تتبادلان الاتهامات بالمسؤولية عن قصفٍ دامٍ على منطقة كورسك

آثار القصف الروسي على مبنى سكني في أوكرانيا 2 فبراير (أ.ف.ب)
آثار القصف الروسي على مبنى سكني في أوكرانيا 2 فبراير (أ.ف.ب)

تبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات بشأن قصف مدرسة في سودجا بمنطقة كورسك الروسية. واتّهمت موسكو، الأحد، كييف بشن هجوم صاروخي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في اليوم السابق داخل المدرسة التي تُستخدم ملجأً للمسنين. وكتبت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «ارتكبت القوات المسلحة الأوكرانية جريمة حرب أخرى بشن ضربة صاروخية موجهة ضد مدرسة داخلية في سودجا»، قائلة إن عملية الإطلاق تمت من مدينة سومي في شمال شرقي أوكرانيا.

جاء ذلك بعدما اتّهم الجيش الأوكراني روسيا، السبت، بقصف المدرسة، مؤكداً أن عشرات المدنيين عالقون تحت أنقاض المبنى. وقال المتحدث باسم القيادة الأوكرانية في هذه المنطقة، أوليكسي دميتراشكيفسكي، إن «95 شخصاً عالقون تحت الأنقاض».

اتهامات متبادلة

شنّت أوكرانيا هجوماً مفاجئاً في أغسطس (آب) الماضي في منطقة كورسك، وتمكّنت من السيطرة على عشرات القرى والمدن الصغيرة، بينها مدينة سودجا المركزية التي كان يقيم فيها نحو ستة آلاف شخص قبل المعارك.

وكتبت هيئة الأركان الأوكرانية على «تلغرام» أن «الطيران الروسي قصف مدرسة داخلية في مدينة سودجا بمنطقة كورسك بواسطة قنبلة جوية موجهة. الضربة كانت متعمدة». وأضافت: «عند وقوع الهجوم، كان عشرات السكان داخل المبنى يستعدون للخروج منه. يتم القيام بكل ما هو ممكن لإسعاف الناجين». وأكد المتحدث العسكري أن «معظم هؤلاء الأشخاص مسنون وطريحو الفراش»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بقصف «مواطنيها المدنيين»، ونشر على شبكات التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يُظهر مبنى مصاباً بأضرار جسيمة، إضافة إلى جريح ممدد أرضاً.

وكتب زيلينسكي على منصة «إكس»: «لقد دمروا المبنى في وقت كان يضم عشرات المدنيين. إن القنابل الروسية تدمر المنازل الأوكرانية بالطريقة نفسها. وحتى ضد مواطنيه المدنيين، يستخدم الجيش الروسي تكتيكات مماثلة».

تكثيف الضغوط الروسية

تأتي هذه الاتهامات بعد يوم من التصعيد العسكري في 6 مناطق أوكرانية. وأطلقت روسيا عشرات الصواريخ والمسيّرات على أوكرانيا، ما أسفر عن 15 قتيلاً، وفق ما أفادت كييف السبت، في حين أكدت موسكو أن قواتها تتقدم نحو مدينة توريتسك الاستراتيجية.

حرائق جراء قصف مصنع في خاركيف 2 فبراير (إ.ب.أ)
حرائق جراء قصف مصنع في خاركيف 2 فبراير (إ.ب.أ)

وقال زيلينسكي، عبر تطبيق «تلغرام»: «خلال الليلة الماضية، هاجمت روسيا مدننا بمختلف أنواع الأسلحة: صواريخ، ومسيّرات، وقنابل جوية». وأضاف أنّ «كلاً من هذه الهجمات الإرهابية يُظهر أنّنا بحاجة إلى المساعدة للدفاع عن أنفسنا في مواجهة الإرهاب الروسي»، داعياً «شركاء» كييف إلى التحرّك. وأشار زيلينسكي إلى أضرار في ست مناطق، هي: زابوريجيا وأوديسا وسومي وخاركيف وخميلنيتسكي وكييف. بدورها أفادت القوات الجوية الأوكرانية بأن موسكو أطلقت 42 صاروخاً و123 طائرة مسيّرة على البلاد، لافتة إلى أن الدفاعات الجوية أسقطت عدداً من الصواريخ، من دون تحديد عددها. وأكّدت القوات الجوية الأوكرانية «تدمير 56 طائرة مسيّرة معادية، وأن 61 أخرى لم تصل إلى أهدافها». وقُتل 15 شخصاً على الأقل في ضربات ليل الجمعة إلى السبت، وفجر السبت طالت وسط أوكرانيا وشرقها. وقُتل ثمانية من هؤلاء، وبينهم طفل، في قصف صاروخي على مبنى سكني في مدينة بولتافا بوسط البلاد، بحسب أجهزة الإسعاف. وأعلنت السلطات الحداد لثلاثة أيام.

مسنّة أوكرانية نزحت من مناطق القتال في دونيتسك بأوكرانيا 1 فبراير (أ.ب)
مسنّة أوكرانية نزحت من مناطق القتال في دونيتسك بأوكرانيا 1 فبراير (أ.ب)

وفي خاركيف، كبرى مدن شمال شرقي أوكرانيا، أسفر تحطّم طائرة روسية من دون طيار فوق مبنى سكني بعدما أسقطتها أنظمة الدفاع الجوي، عن مقتل امرأة وإصابة أربعة آخرين بجروح، حسبما أعلن حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف عبر تطبيق «تلغرام». كذلك، قُتل ثلاثة عناصر شرطة في ضربة جوية روسية على إيوناكيفسكا، الواقعة قرب الحدود الروسية في منطقة سومي (شمال شرق)، وفقاً للإدارة العسكرية الإقليمية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنّها استهدفت، خلال الليل، بنى تحتية للغاز والطاقة «تضمن عمل مؤسسات المجمع الصناعي العسكري» في أوكرانيا.

تقدّم بطيء

تواجه القوات الأوكرانية صعوبات كبيرة في منطقة دونيتسك، حيث يواصل الجيش الروسي تقدمه البطيء. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إنّ وحدات تابعة لـ«المجموعة المركزية» سيطرت على بلدة كريمسكي (أو كريمسكوي باللغة الروسية) الواقعة في الضاحية الشمالية الشرقية لتوريتسك.

مقيمون يتفقدون حجم الدمار بعد قصف روسي على منطقة سكنية في بولتافا بأوكرانيا 1 فبراير (رويترز)
مقيمون يتفقدون حجم الدمار بعد قصف روسي على منطقة سكنية في بولتافا بأوكرانيا 1 فبراير (رويترز)

وأشارت مجموعة المحللين الأوكرانيين «ديبستايت» (DeepState) إلى أنّ القوات الروسية موجودة في وسط مدينتي توريتسك وتشاسيف يار المتنازع عليهما منذ أشهر. في الأثناء، تُحرز القوات الروسية تقدّماً أيضا في منطقة خاركيف (شمال شرق)، كما تقترب من مدينة كوبيانسك التي لها أهمية استراتيجية. وبينما تدخل الحرب الروسية - الأوكرانية عامها الرابع في فبراير (شباط)، تزداد احتمالات إجراء مفاوضات بين موسكو وكييف، في وقت يُنظر إلى عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض على أنّها نقطة تحوّل محتملة في الحرب. وكان الرئيس الأميركي انتقد المَبالغ التي أنفقتها الولايات المتحدة لمساعدة أوكرانيا، ولكنه تبنّى أيضاً نبرة صارمة تجاه موسكو التي هدّدها بعقوبات إضافية في الأسابيع الأخيرة.

إنهاك الجيش الأوكراني

يواجه الجيش الأوكراني، الذي يفتقر إلى جنود ومعدّات، صعوبة في تجنيد مزيد من العناصر، خصوصاً بسبب إحجام السكان المنهكين بعد ثلاثة أعوام من القتال.

مجنّدون أوكرانيون يشاركون في تدريب عسكري في كييف 30 يناير (أ.ف.ب)
مجنّدون أوكرانيون يشاركون في تدريب عسكري في كييف 30 يناير (أ.ف.ب)

وقُتل جندي، السبت، في مدينة بيرياتين في منطقة بالتوفا، بينما كان يرافق مجموعة من الرجال الذين تمّ تجنيدهم، حسبما أفادت خدمات التجنيد العسكري المحلية. وقال المصدر ذاته إنّ الجندي تعرّض لهجوم في محطّة وقود من رجل ملثم أطلق عليه النار من بندقية صيد، قبل أن يلوذ بالفرار مع أحد المجنّدين، مضيفاً أنّه تمّ القبض على الرجلين في وقت لاحق. إلى ذلك، أسفر انفجار داخل مكتب للتجنيد العسكري في مدينة ريفني بشمال غربي أوكرانيا عن مقتل شخص وإصابة ستة آخرين، بحسب الشرطة الأوكرانية. وأعلن جهاز الأمن الأوكراني، السبت، توقيف خمسة أشخاص متهمين بقيادة مجموعة «جبهة عمال أوكرانيا» التي تنشر تحت غطاء «الأفكار الشيوعية الجديدة روايات الكرملين»، وتعارض التعبئة.


مقالات ذات صلة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل (إ.ب.أ) play-circle

زيلينسكي: روسيا لا تفكر في كيفية إنهاء الحرب

قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إنه يجب على بلاده الاستمرار «في تنسيق جهودنا مع شركائنا وضمان تمتعنا بقدرات دفاعية فعالة».

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا خيارات أوكرانيا وزيلينسكي تضيق مع ترمب

خيارات أوكرانيا وزيلينسكي تضيق مع ترمب

كثفت إدارة الرئيس دونالد ترمب من ضغوطها على الرئيس فولوديمير زيلينسكي، لحضه على القبول بتسريع جهود وقف الحرب مع روسيا. وبدا أن خيارات كييف وزيلينسكي تضيق

إيلي يوسف «الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)
تحليل إخباري روبيو في الكونغرس قبيل خطاب ترمب في 4 مارس (أ.ب)

تحليل إخباري هل يصبح ماركو روبيو أولى ضحايا الاستقطاب داخل إدارة ترمب؟

بينما برز روبيو مدافعاً حازماً عن أجندة الرئيس الأميركي الخارجية، فإنه بدا مستاءً من «تدخّلات» مقربين من ترمب، مثل نائب الرئيس جي دي فانس وإيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب) play-circle

زيلينسكي: أوكرانيا «ملتزمة تماماً» بالحوار البناء مع أميركا

قال الرئيس الأوكراني، السبت، إن أوكرانيا «ملتزمة تماماً» بالحوار البناء مع ممثلي الولايات المتحدة خلال المحادثات التي ستستضيفها السعودية بعد أيام.

«الشرق الأوسط» (كييف)

زيلينسكي: روسيا لا تفكر في كيفية إنهاء الحرب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل (إ.ب.أ)
TT
20

زيلينسكي: روسيا لا تفكر في كيفية إنهاء الحرب

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، يوم السبت، إنه يجب على بلاده الاستمرار «في تنسيق جهودنا مع شركائنا وضمان تمتعنا بقدرات دفاعية فعالة، وأن نبذل كل ما في وسعنا لإحلال السلام».

وأضاف زيلينسكي، عبر منصة «إكس»، «لا تزال روسيا تثبت بقسوتها، يوماً بعد يوم، أن شيئاً لم يتغير بالنسبة لهم في موسكو».

وتابع: «فهم (الروس) لا يفكرون في كيفية إنهاء الحرب، بل في كيفية تدمير وأسر المزيد بينما يسمح لهم العالم بالاستمرار. بالطبع نحن نبذل كل ما في وسعنا لحماية الأرواح».

ووصف الضربة الروسية في مدينة دوبروبيليا بمنطقة دونيتسك بأنها «إحدى أكثر الهجمات وحشية»، موضحاً: «هي ضربة مشتركة خطط لها بعناية لإحداث أكبر قدر من الضرر. استهدفت الصواريخ، إلى جانب طائرات (شاهد) من دون طيار، الجزء المركزي من المدينة. أصيبت تسعة مبانٍ سكنية ومركز تسوق ومتاجر».

وأشار إلى أن أحد عشر شخصاً لقوا حتفهم وكان من بينهم أحد العاملين في خدمة الطوارئ الحكومية، مضيفاً: «جاءت الضربة الثانية بينما كان رجال الإنقاذ يعملون وأصيب خمسون شخصاً».