تراجُع معدلات الإنجاب في مصر... هل يقلّل مخاوف «الأزمة السكانية»؟

«الصحة» تؤكد انخفاض أعداد المواليد للمرة الأولى منذ 2007

رئيس الوزراء المصري أكد أن «الزيادة السكانية من التحديات التي تواجهها بلاده» (الشرق الأوسط)
رئيس الوزراء المصري أكد أن «الزيادة السكانية من التحديات التي تواجهها بلاده» (الشرق الأوسط)
TT
20

تراجُع معدلات الإنجاب في مصر... هل يقلّل مخاوف «الأزمة السكانية»؟

رئيس الوزراء المصري أكد أن «الزيادة السكانية من التحديات التي تواجهها بلاده» (الشرق الأوسط)
رئيس الوزراء المصري أكد أن «الزيادة السكانية من التحديات التي تواجهها بلاده» (الشرق الأوسط)

أثار إعلان وزارة الصحة المصرية عن «انخفاض معدلات الإنجاب» في البلاد تساؤلات حول مدى انعكاس هذا التراجع على «أزمة الزيادة السكانية» المستمرة منذ عقود.

ورغم ترحيب خبراء بتراجع معدلات الإنجاب بوصفه «مؤشراً جيداً»، فإنهم رأوا أن «مخاوف الأزمة السكانية ما زالت قائمة، وتؤثر بشكل مباشر على معدلات التنمية والوضع الاقتصادي»، وطالبوا بـ«مزيد من الإجراءات للحد من نسب النمو السكاني سنوياً».

ولأول مرة منذ عام 2007 لم تتجاوز معدلات الإنجاب حاجز 2 مليون مولود سنوياً في عام 2024، وفق وزارة الصحة المصرية، التي أشارت في إفادة، مساء الجمعة، إلى أن «عدد المواليد العام الماضي انخفض إلى مليون و968 مولوداً، في مقابل 2 مليون و45 مولوداً عام 2023، وذلك بنسبة انخفاض 3.8 في المائة».

وحسب «الصحة المصرية» فإن التراجع في معدل إنجاب المواليد «يعكس تحولاً مجتمعياً، ونجاحاً للجهود الحكومية المبذولة للحد من معدلات النمو السكاني».

وقدّر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، نسبة الزيادة السكانية في مصر حالياً بنحو «2.54 في المائة»، وسبق أن قال في مؤتمر صحافي منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، إن «حكومته تستهدف خفض معدل النمو السكاني إلى 2.1 في المائة بحلول عام 2028، بدلاً من عام 2030 لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين».

وتجاوز عدد السكان في مصر 107 ملايين نسمة، وفق آخر تحديث لـ«الجهاز المركزي للإحصاء المصري». ورغم أن تراجع معدل المواليد بمصر يعد «مؤشراً جيداً»، فإن الزيادة السكانية لا تزال تشكل تحدياً كبيراً في البلاد، وفق مقرر «المجلس القومي للسكان المصري» الأسبق، عاطف الشيتاني، الذي أوضح أن «نسبة النمو السكاني السنوية ما زالت مرتفعة، وتمثل ضغطاً على موارد البلاد الاقتصادية»، وقال إن معدلات المواليد الحالية «عالية»، مقارنة بالمعدل المطلوب لتحقيق التوازن السكاني.

ويربط الشيتاني بين نسب النمو السكاني والوضع الاقتصادي للبلاد، مشيراً إلى أن «النمو الاقتصادي يجب أن يفوق معدل الزيادة السكانية بثلاثة أضعاف حتى يشعر المواطن بعوائد التنمية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة المصرية في حاجة إلى مضاعفة نسب النمو الاقتصادي لتصل إلى 6 في المائة لتلبية احتياجات معدلات الزيادة السكانية الحالية (2.5 في المائة)».

الحكومة المصرية أكدت في وقت سابق أنها تستهدف خفض معدل النمو السكاني (رويترز)
الحكومة المصرية أكدت في وقت سابق أنها تستهدف خفض معدل النمو السكاني (رويترز)

وسجل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بمصر 3.5 في المائة، وفق الحكومة المصرية، في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وباعتقاد الشيتاني فإن الحكومة المصرية في حاجة إلى خفض نسب المواليد لتسجل 10 مواليد لكل ألف نسمة، حتى تحقق التوازن السكاني بين معدلات الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي.

كما سجل معدل المواليد في مصر تراجعاً خلال العقد الماضي، إذ انخفض من 30.7 مولود لكل ألف نسمة عام 2014، إلى 18.5 مولود لكل ألف نسمة في 2024، حسب «الصحة المصرية».

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، أن «صعوبات المعيشة والظروف الاقتصادية، العامل الأساسي وراء تراجع نسب المواليد في مصر خلال العام الماضي».

ومن بين برامج الحكومة المصرية، مبادرات لتعزيز «صحة المرأة، وتحسين جودة خدمات الصحة الإنجابية، ونشر التوعية الصحية»، وقد أكدت «الصحة المصرية» أن هذه المبادرات أسهمت في «خفض معدل الوفيات من 6 حالات لكل ألف نسمة عام 2014، إلى 5.7 حالة لكل ألف نسمة العام الماضي».

وبحسب جاب الله، فإن مصر «تواجه معدلات زيادة سكانية تفوق قدرة الاقتصاد»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة المصرية في حاجة إلى معدلات تراجع مستدام للمواليد، حتى يشعر المواطن بعوائد التنمية وتقليل نسب الاستهلاك».

وعدَّ رئيس الوزراء المصري أن «الزيادة السكانية من التحديات التي تواجهها بلاده»، وقال الشهر الماضي، إن «حكومته تكافح في ظل الظروف الراهنة لتلبية احتياجات السكان».


مقالات ذات صلة

محمد علي حفيد الملك فاروق يعود إلى مصر بعيداً عن الأضواء

شمال افريقيا الأمير محمد علي الابن الأكبر للملك فؤاد الثاني آخر ملوك مصر في الصورة في أثناء مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في القاهرة 6 مارس 2025 (أ.ف.ب)

محمد علي حفيد الملك فاروق يعود إلى مصر بعيداً عن الأضواء

تخلى الأمير محمد علي عن حياة مريحة في باريس ليحقق حلمه بالعودة إلى مصر التي حكمها جده الملك فاروق، آملاً بالحفاظ على إرث العائلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال اجتماعه مع عدد من الوزراء لمتابعة تطوير «مربع الوزارات» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرع جهود طرح «مربع الوزارات» في وسط القاهرة على القطاع الخاص

تُسرع الحكومة المصرية جهود طرح «مربع الوزارات» في وسط القاهرة على القطاع الخاص، لإعادة استغلال المنطقة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي خلال كلمته في «القمة العربية» بالقاهرة الثلاثاء الماضي (الرئاسة المصرية)

السيسي: السلام خيار مصر والدول العربية

تحدث السيسي خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية، الجمعة، عن الجهود التي تقوم بها مصر لاستعادة الهدوء والاستقرار بالمنطقة، وبشكل خاص في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الخليج جاسم البديوي متحدثاً خلال الاجتماعات الوزارية في مكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

دعم خليجي لمخرجات «قمة فلسطين» في القاهرة

أكَّد مجلس التعاون الخليجي دعم مخرجات «قمة فلسطين» العربية غير العادية في مصر، التي اعتمدت خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة.

سعيد الأبيض (مكة المكرمة)
شمال افريقيا دورية لـ«قوات الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

مصر: أجهزة الأمن تحرر مصريين «اختطفتهم» «الدعم السريع» في السودان

أفادت وسائل إعلام مصرية، الخميس، بأن أجهزة الأمن تمكنت بالتنسيق مع السلطات السودانية من تحرير عدد من المصريين كانت قد «اختطفتهم» «قوات الدعم السريع» في السودان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تعويل مصري على إشارات مبعوث ترمب «الإيجابية» بشأن «إعمار غزة»

دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

تعويل مصري على إشارات مبعوث ترمب «الإيجابية» بشأن «إعمار غزة»

دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

بين الإشادة والانتقاد... أرسلت واشنطن إشارات متضاربة بشأن «الخطة العربية» لإعادة إعمار غزة، عدّها خبراء مصريون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، انعكاساً لتضارب «متوقَّع» في المواقف، مُولين أهمية أكبر للتصريحات الصادرة من مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مؤكدين «إمكانية البناء عليها لإقناع الإدارة الأميركية بـ(الخطة العربية)».

التضارب الأميركي بدا واضحاً عقب تصريحات المتحدثة باسم «الخارجية الأميركية» تامي بروس، للصحافيين، الخميس، التي قالت فيها إن الاتفاق المقترَح «لا يلبي الشروط ولا طبيعة ما يطالب به ترمب»، مضيفة أنها «ليست على قدر التوقعات». وجاء حديث بروس، عقب إشادة ويتكوف بجهود مصر «دون أن يؤيد تفاصيل الخطة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس.

وقال ويتكوف، للصحافيين في البيت الأبيض: «نحتاج إلى مزيد من النقاش بشأنها؛ لكنها تشكل خطوة حسن نية أولى من جانب المصريين». وأضاف أن «الرئيس الأميركي نجح حالياً في تشجيع أشخاص آخرين في الشرق الأوسط (...) على تقديم مقترحات نشطة يمكننا أن ننظر فيها».

كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد اقترح «تهجير الفلسطينيين» من قطاع غزة، وأن تتولى بلاده السيطرة على القطاع، وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، وقُوبل المقترح بانتقادات دولية وعربية واسعة.

وفي مواجهة المقترح الأميركي، أعدّت مصر، بالتعاون مع فلسطين ومؤسسات دولية، خطة للتعافي المبكر، وإعادة إعمار قطاع غزة، من خلال إنشاء صندوق ائتماني، اعتمدتها «قمة فلسطين» العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء الماضي، «خطة عربية جامعة».

مواطن فلسطيني متأثراً عقب مقتل أحد أقاربه في غزة (أ.ف.ب)
مواطن فلسطيني متأثراً عقب مقتل أحد أقاربه في غزة (أ.ف.ب)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أولى أهمية كبرى لتصريحات ويتكوف، وقال: «ما قاله ويتكوف يُعد خطوة يمكن البناء عليها لبدء محادثات مع الإدارة الأميركية بشأن الخطة».

وأوضح أن «ويتكوف مقرَّب من الرئيس الأميركي، وفي موضوع غزة الكلمة الأولى ستكون لترمب»، مشيراً إلى أن «موقف (الخارجية الأميركية) يمكن تعديله بالحوار والمفاوضات»، واصفاً التضارب بأنه «توزيع أدوار بين الإدارات الأميركية المختلفة».

واتفق معه عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، وقال إن «تصريح ويتكوف هو الأهم والأقرب للدقة بشأن موقف أميركا»، مشيراً إلى أن «الخطة المصرية أُعِدّت استناداً لدراسات مؤسسات دولية، وتتضمن مشروعاً بديلاً وواقعياً لمقترح ترمب».

وأضاف أن «النقطة التي لم تتطرق لها الخطة وكانت الولايات المتحدة، وحتى أوروبا، ترغب في طرحها، هي ما يتعلق بمستقبل حركة (حماس) في قطاع غزة». وأوضح أن «هذه نقطة يمكن التباحث بشأنها مع الأطراف المعنية، والوصول لحل يُرضي جميع الأطراف»، مؤكداً أن «الخطة المصرية (العربية) مرنة وقابلة للتطوير».

وبشأن التضارب الأميركي بين البيت الأبيض و«الخارجية الأميركية»، قال سعيد: «المهم هنا هو تصريحات ويتكوف؛ فهو الأقرب لترمب، أما (الخارجية الأميركية) فمعرفتها بالواقع مبنية على السمع»، على حد قوله.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

يُذكر أن ويتكوف أكد، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، مساء الخميس، اطلاعه على «الخطة العربية»، وقال إنها «تتضمن عناصر جاذبة وتعكس نيات طيبة»، مُبدياً ترحيبه بـ«التعرف على مزيد من التفاصيل بشأن الخطة، خلال الفترة المقبلة»، وفق إفادة لـ«الخارجية المصرية».

في حين عَدّ عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحنفي، تضارب التصريحات الأميركية «أمراً متوقعاً»، وربطه بـ«مدى إحاطة الأطراف المختلفة بتفاصيل (الخطة العربية) لإعادة الإعمار».

وقال الحفني إنه «يجب ألا نبني مواقف على هذا التضارب؛ بل نترك الأحداث تتفاعل في الداخل الأميركي، مع التركيز على اتخاذ خطوات عملية نحو استكمال اتفاق وقف إطلاق النار، تُمهد الطريق لإعادة الإعمار».

وأضاف أن «مصر لديها من الحكمة ما يمكّنها من التعامل مع مختلف الأطراف»، مشيراً إلى أن «هذا كان واضحاً في الخطة التي قدّمتها استناداً لتقارير مؤسسات دولية، والتي أكدت أنها مرنة وقابلة للتطوير».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أوضح، في كلمته، خلال «القمة العربية» في القاهرة، الثلاثاء الماضي، أن «بلاده عملت، بالتعاون مع دولة فلسطين والمؤسسات الدولية، على بلورة خطة شاملة متكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير للفلسطينيين، تبدأ بعمليات الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر، وصولاً لعملية إعادة بناء القطاع».