مسيّرة «حزب الله» توحي بتباين بين جناحيه العسكري والسياسي

خبير: إرباك على مستوى القرار بداخله

صور لنصر الله ورايات لـ«حزب الله» مرفوعة على ركام منزل دمرته إسرائيل في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
صور لنصر الله ورايات لـ«حزب الله» مرفوعة على ركام منزل دمرته إسرائيل في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT
20

مسيّرة «حزب الله» توحي بتباين بين جناحيه العسكري والسياسي

صور لنصر الله ورايات لـ«حزب الله» مرفوعة على ركام منزل دمرته إسرائيل في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
صور لنصر الله ورايات لـ«حزب الله» مرفوعة على ركام منزل دمرته إسرائيل في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

شوّشت المسيرة الاستطلاعية التي أعلن الجيش الإسرائيلي أنها عائدة لـ«حزب الله» وإسقاطها، الخميس، على تموضع الحزب سياسياً، وهو ما حاول إثباته في خطابات مسؤوليه البارزين وبياناته الإعلامية منذ الأسبوع الماضي، لكن الحادثة عكست إرباكاً على مستوى القرار في داخله.

وكان لافتاً في بيان أصدره في الأسبوع الماضي، دعوته الدولة اللبنانية لمعالجة أزمة تأجيل الجيش الإسرائيلي لسحب قواته من الأراضي اللبنانية التي يحتلها ضمن مهلة الستين يوماً لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، من دون التلويح بأي عمل عسكري مستقل عن الدولة، وهو خطاب تكرر على لسان مسؤوليه، بينهم أمينه العام نعيم قاسم، ورئيس كتلته النيابية محمد رعد، مطلع الأسبوع الحالي.

ومنذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لم يعلن الحزب عن أي عمل عسكري في الجنوب، باستثناء قصف صاروخي في الأسبوع الأول لموقع عسكري في منطقة مزارع شبعا التي يؤكد لبنان أنها محتلة من قبل إسرائيل. ورغم التفجيرات الإسرائيلية ونسف المنازل والتوغل داخل الأراضي اللبناني إلى أعماق وصلت إلى الشاطئ الجنوبي لنهر الليطاني، لم ينفذ الحزب أي تحرك عسكري.

لبنانيون يتحدرون من بلدة ميس الجبل يحملون أعلام «حزب الله» بعدما منعهم الجيش الإسرائيلي من العودة لبلدتهم بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
لبنانيون يتحدرون من بلدة ميس الجبل يحملون أعلام «حزب الله» بعدما منعهم الجيش الإسرائيلي من العودة لبلدتهم بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تموضع سياسي

وأوحت تصريحات مسؤولي الحزب وبياناته بتموضع الحزب سياسياً، والتزامه بالعمل السياسي، لا العسكري، الذي تُرك، وفق أمينه العام، لـ«استراتيجية دفاعية» تضعها الدولة اللبنانية. لكن الإعلان الإسرائيلي عن إسقاط المسيّرة التي لم يتبنّ «حزب الله» إطلاقها، يُنظر إليه، في حال ثبتت مسؤولية الحزب بإطلاقها، على أنه «تشويش على جهود الحزب لإثبات تحوله بشكل أساسي باتجاه العمل السياسي»، حسبما تقول مصادر لبنانية مواكبة لتحولات الحزب الأخيرة، مستدلة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن «الحزب استبعد أي عمل عسكري بعد انقضاء مهلة الستين يوماً، وهو ما ظهر في الأحداث خلال الأيام الخمسة الماضية لجهة التعامل مع تمديد إسرائيل لاحتلالها للأراضي اللبنانية».

ومن غير تأكيد المواكبين لعمل الحزب، ما إذا كانت المسيرة تشير إلى «انقسام» بين الجناحين السياسي والعسكري في الحزب حيال التعامل مع «التغول الإسرائيلي» في الداخل اللبناني، يرى الباحث المطلع على أحوال الحزب علي الأمين، أن هناك «إرباكاً داخل الحزب»، لافتاً إلى أنه «في الأحزاب الآيديولوجية، مثل (حزب الله) يصعب الانقسام فيها»، لكنه يشير إلى أنه قبل اغتيال الأمين العام السابق حسن نصر الله، «كان هناك مركزية في القرار»، في إشارة إلى نصر الله «الذي كان قادراً على اتخاذ حيز من القرارات غير القابلة للنقض، طبعاً تكون تحت المظلة الإيرانية».

ويستدل الأمين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى مسألة الإرباك، من المعلومات التي سرت بعد وقف إطلاق النار حول «رفض بعض القيادات الاتفاق»، في إشارة إلى «تباينات» داخل الحزب. ويرى بعض قيادييه، حسب الأمين، أن صيغة دخول الجيش اللبناني والكشف عن المنشآت وتفكيكها يزيد التقديرات بأن الحزب «غير راضٍ عن الاتفاق، وغير مستعد للقبول بشروط تسليم السلاح، وخلق ميزان قوى لا يسمح له بهوامش للتحرك». ويرى أن الحزب اكتشف أنه «وافق على اتفاق سيزيله عن الساحة عسكرياً»، وهو «ما سيصعب تقبل جمهوره وعسكرييه للتسليم بالمعادلة الجديدة والتحول إلى جهة مدنية غير معنيّة بمواجهة إسرائيل».

آليات للجيش اللبناني في بلدة عيتا الشعب الحدودية مع إسرائيل (أ.ف.ب)
آليات للجيش اللبناني في بلدة عيتا الشعب الحدودية مع إسرائيل (أ.ف.ب)

خطوط إيرانية مستقلة

وتقابل إسرائيل التحركات الشعبية اللبنانية التي ينفذها السكان للعودة إلى قراهم وبلداتهم الحدودية، بتصعيد لافت، على وقع تهديدات باستئناف الحرب، والتحرك بمعزل عن اللجنة الخماسية و«اليونيفيل» والدولة اللبنانية لتفكيك أي منشأة عسكرية للحزب «وإزالة التهديدات»، حسب قول مسؤوليها، ويتزامن ذلك مع تأخير دعوة سكان المستوطنات والبلدات الشمالية للعودة إليها. وتنتشر مخاوف على مستوى القيادة السياسية اللبنانية، من أن يشكل أي عمل عسكري، ذريعة لإسرائيل لاستئناف الضربات العسكرية في العمق اللبناني.

لكن تصريحات مسؤولي الحزب التي تضع معالجة الخروقات بعهدة الدولة اللبنانية، تستبعد أي اتجاهات لعمل عسكري. ويفترض الأمين أن هناك بُعداً إيرانياً دخل على خط الحزب يغذي التباينات بالآراء، استناداً إلى أن «الجهاز العسكري في الحزب، يرتبط بالحرس الثوري الإيراني، وتفتح بعض الأجنحة في إيران خطوطاً مستقلة عن القيادة السياسية، مما يدفع للسؤال حول ما إذا كانت هناك رسائل إيرانية تطلب من بعض أجنحة الحزب الدفع باتجاه التصعيد أم لا»، علماً بأن التباينات واقعة في إيران بين المسار السياسي ومسار «الحرس» لجهة التسوية والحوار مع الولايات المتحدة، أو الذهاب إلى تصعيد، حسبما يقول الأمين.

ومنذ اغتيال نصر الله، «لا يبدو أن القرار في الحزب عاد مركزياً». ويقول الأمين إنه لم يرَ حتى الآن «حرصاً على إظهار أمينه العام نعيم قاسم صاحب القرار والضوء، مقارنة بالتعامل الإعلامي مع نصر الله في وقت سابق»، ويضيف: «لم نلحظ شغلاً ممنهجاً لإظهاره القائد والزعيم والمقرر، لا على مستوى الإعلام في الداخل لبنان ولا مستوى الإعلام الإيراني»، ليخلص إلى أن الحزب «يظهر على أنه يعاني من تصدعات، وحالة لا توازن أفرزتها نتائج الحرب الأخيرة بالسياسة والتنظيم».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف محاور على الحدود بين سوريا ولبنان

المشرق العربي حفرة ناجمة عن ضربة إسرائيلية لمعبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان 28 أكتوبر (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف محاور على الحدود بين سوريا ولبنان

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، السبت، أن طائرات إسرائيلية استهدفت محاور نقل على الحدود بين سوريا ولبنان يستخدمها «حزب الله» في نقل أسلحة وعتاد

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من الاجتماع الأمني الذي ترأسه اليوم الرئيس جوزيف عون في قصر بعبدا الرئاسي شرق بيروت (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

اجتماع أمني ترأسه عون لبحث ترتيبات تشييع الأمينين العامين ﻟ«حزب الله»

ترأس الرئيس اللبناني جوزيف عون، الجمعة، اجتماعاً لبحث الأوضاع الأمنية والترتيبات لمواكبة تشييع الأمينين العامين لـ«حزب الله» حسن نصر الله وهاشم صفي الدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ هادي مطر المتهم بإصابة الكاتب سلمان رشدي بجروح خطيرة في هجوم بسكين عام 2022 يجلس في محكمة مقاطعة تشوتوكوا بمايفيل في نيويورك 20 فبراير 2025 (أ.ب)

إدانة مطر بمحاولة قتل الكاتب سلمان رشدي

رفض المتهم بطعن الكاتب سلمان رشدي في 2022 تقديم إفادته للدفاع عن نفسه، الخميس، في حين أنهى محامو الدفاع تقديم دفوعهم دون استدعاء أي شهود.

«الشرق الأوسط» (مايفيل (نيويورك))
المشرق العربي الداخلية السورية تخرّج أكثر من 300 عنصر في أول دفعة من معسكرات الانتساب بمحافظة درعا (سانا)

حملة أمنية في درعا ضد فلول الأسد وتجار المخدرات والأسلحة

بهدف ضبط الأوضاع الأمنية وبسط الأمن والاستقرار، أطلقت إدارة الأمن العام في محافظة درعا جنوب سوريا حملة تستهدف فلول نظام الأسد وتجار المخدرات والأسلحة.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي سيدة تجلس وسط أنقاض منازل مدمَّرة بالضاحية الجنوبية في بيروت (أرشيفية - أ.ب)

سكان الضاحية الجنوبية لبيروت يتخوفون من انهيار الأبنية

يتخوف بعض سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، من إمكانية انهيار الأبنية التي تعرضت للقصف الإسرائيلي، ولحق بها دمار جزئي.

حنان حمدان (بيروت)

«حماس» أكملت تسليم أحياء المرحلة الأولى

سيارات تابعة للصليب الأحمر الدولي تقل الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم "حماس" في رفح جنوب قطاع غزة أمس ( رويترز)
سيارات تابعة للصليب الأحمر الدولي تقل الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم "حماس" في رفح جنوب قطاع غزة أمس ( رويترز)
TT
20

«حماس» أكملت تسليم أحياء المرحلة الأولى

سيارات تابعة للصليب الأحمر الدولي تقل الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم "حماس" في رفح جنوب قطاع غزة أمس ( رويترز)
سيارات تابعة للصليب الأحمر الدولي تقل الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم "حماس" في رفح جنوب قطاع غزة أمس ( رويترز)

أكملت حركة «حماس»، أمس، الإفراج عن آخر الرهائن الإسرائيليين الأحياء المفترض الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار في قطاع غزة، وسط بوادر تعقيدات تواجه المرحلة الثانية التي تتضمن الإفراج عن بقية الرهائن.

وسلّمت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، أمس، 6 أسرى ضمن الدفعة السابعة، كان يفترض أن يتم إطلاقهم على دفعتين، في مسعى من الحركة لتسريع إنهاء المرحلة الأولى والولوج إلى الثانية. وشملت عملية الإفراج عومر شيم طوف وإيليا كوهين وعومر فينكرت وتال شوهام وأفرا منغستو وهشام السيد. والأخير سُلّم من دون أي مراسم باعتباره عربياً يحمل جنسية إسرائيل.

وأبدت «حماس» استعدادها فوراً لإتمام صفقة تبادل نهائية كرزمة واحدة، ضمن المرحلة الثانية التي لم تبدأ ويبدو الدخول إليها معقّداً بسبب اشتراط إسرائيل تسليم الحركة سلاحها وإخراج قادتها من القطاع.

في غضون ذلك، أبدى الرئيس دونالد ترمب، في مقابلة تلفزيونية، الجمعة، نوعاً من التراجع عن خطة تهجير الغزيين من القطاع، إذ قال: «خُطتي هي الطريقة الأفضل للقيام بالأمر. أعتقد أنها هي الخطة التي ستنجح حقاً، لكنني لن أفرضها. سأتراجع فحسب وسأوصي بها»، لافتاً إلى أنه «شعر بدهشة» لتعامل مصر والأردن معها بشكل سلبي.