الجزائر تخطط لإحياء مشروع قديم لإزعاج فرنسا

نفض الغبار عن مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي

الملصق بالمتعلق بمؤتمر الذكرى 65 للتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر (البرلمان)
الملصق بالمتعلق بمؤتمر الذكرى 65 للتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر (البرلمان)
TT
20

الجزائر تخطط لإحياء مشروع قديم لإزعاج فرنسا

الملصق بالمتعلق بمؤتمر الذكرى 65 للتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر (البرلمان)
الملصق بالمتعلق بمؤتمر الذكرى 65 للتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر (البرلمان)

«إخراج فأس الحرب»، تعبير فرنسي يعني «إحياء نزاع أو خصام جرى تعليقه أو نسيانه». وبكلام آخر، يعني إعادة إشعال العداوة أو الخلافات القديمة، من خلال استئناف العداوات أو التوترات التي كانت قد خمدت في وقت سابق.

هذا بالضبط ما ستُقْدم عليه الجزائر ضد باريس، عن طريق نفض الغبار عن «مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر»، كانت السلطات قد تحفظت على إطلاقه عام 2005، خلال حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019).

وأكد رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) إبراهيم بوغالي، في مقابلة بثّها «تلفزيون الشروق» الخاص، ليل الأربعاء-الخميس، أن بلاده «تشهد هجمات متكررة لا تتوقف، تهدف إلى تشويه صورتها وسُمعتها. أعتقد أن الوقت قد حان لإعادة طرح ملف تجريم الاستعمار وأن يسلك مساره الطبيعي»؛ في إشارة إلى الأزمة المشتعلة بين الجزائر وفرنسا منذ إعلان قصر الإليزيه، في نهاية يوليو (تموز) الماضي، اعترافه بـ«سيادة المغرب على الصحراء الغربية»، وما تلاه من تصعيد شديد الخطورة بين البلدين، في مسائل الهجرة خصوصاً، و«قضية سجن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال».

رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري (متداولة)
رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري (متداولة)

وقال بوغالي، بنبرة فيها تصعيد ضد الفرنسيين: «يجب علينا ألا نظل في موقف دفاعي، فقد حان الوقت لنهاجم نحن أيضاً، لدينا أوراقنا وكل الأدلة التي نحتاج إليها للدفاع عن سُمعة الجزائر». وأضاف: «أعتقد أن الظروف تفرض علينا وضع هذا الملف على الطاولة»، موضحاً أن «عدو الأمس يعتقد أن الجزائر لا تزال مستعمرة». وتابع: «هم لا يتحملون سياسة قائمة على المساواة، لا يقبلون إنجازات الجزائر في الاقتصاد والسياسة وفي مجالات متعددة، حصصهم في الاقتصاد والتجارة ومصالحهم تقلصت، وهذا ما لم يتحملوه».

ويوجد اعتقاد راسخ لدى قطاع من السياسيين والصحافيين، وحتى عامة الناس، أن انفتاح الجزائر على الاستثمارات التركية والصينية والإيطالية يفسر - وفقاً لهم - جانباً من الأزمة الحالية مع فرنسا التي يتهمونها بـ«افتعالها».

الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك (متداولة)
الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك (متداولة)

وشدد بوغالي، في المقابلة التلفزيونية، على «سيادة واستقلال الجزائر في اتخاذ قراراتها، فلا أحد يمكنه أن يُملي علينا نموذجاً نتبعه»، يقصد الخيارات الاقتصادية المتبَعة في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، مؤكداً أنه في حال اعتماد قانون لتجريم الاستعمار، «سيكون ذلك باسم الشعب الجزائري، وليس باسم مجموعة برلمانية».

ووفق برلمانيين من حزبيْ «حركة البناء» و«التجمع الديمقراطي»، المُواليين للسلطة، تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، قد يجري الإعلان عن هذا المشروع، في شهر فبراير (شباط)، بمناسبة تنظيم مؤتمر حول التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر، بمناسبة مرور 65 سنة على إجرائها.

وترأّس رئيس «المجلس الشعبي»، الأسبوع الماضي، اجتماعاً تحضيرياً لهذا الحدث، علماً بأن تبون دعا الحكومة الفرنسية، بشكل رسمي، إلى تنظيف مواقع التفجيرات النووية في الصحراء، على أساس أن الإشعاعات التي خلفتها ما زالت تلحق ضرراً بالإنسان والبيئة.

الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة (متداولة)
الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة (متداولة)

وتعود فكرة إعداد نص يجرِّم الاستعمار إلى عام 2005، بوصفه رد فعل على قانون صوَّت عليه البرلمان الفرنسي في 23 فبراير من العام نفسه، تحت رئاسة الرئيس الراحل جاك شيراك، يتضمن «إشادة بالاستعمار». ففي أحد بنوده ذكر القانون أن «المقررات الدراسية الفرنسية يجب أن تعترف خصوصاً بالدور الإيجابي للوجود الفرنسي في الخارج، ولا سيما في شمال أفريقيا، وتمنح التاريخ والتضحيات التي قدمها مقاتلو الجيش الفرنسي، من هذه الأراضي، المكانة البارزة التي يستحقونها».

وبادر 125 نائباً من «جبهة التحرير الوطني» التي فجّرت الثورة ضد الاستعمار عام 1954، بإطلاق مقترح قانون «يوضح الجوانب المظلمة للاستعمار ويدين جرائمه»، رداً على «قانون تمجيد الاستعمار». لكن بإيعاز من محيط الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة يومها، رفض مكتب البرلمان الصياغة التي جاء عليها النص، وأعاده إلى أصحابه بحجة «عدم اكتماله»، ثم وُضع في الأدراج. وفهم من هذا التصرف أن أشخاصاً في النظام وقفوا حائلاً دون صدور القانون «حتى لا يُغضبوا الفرنسيين بسبب مصالح اقتصادية تربطهم بدوائر فرنسية نافذة».


مقالات ذات صلة

الجزائر: وزير يهدد معارضين بـ«سيف القانون»

شمال افريقيا وزير العدل خلال إلقائه كلمته بالبرلمان (البرلمان)

الجزائر: وزير يهدد معارضين بـ«سيف القانون»

أثارت تصريحات مسؤول جزائري بارز بشأن «خلوّ السجون من معتقلي الرأي» ردود فعل ساخطة من طرف نشطاء وحقوقيين.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رجال أعمال في السجن بتهمة غسل أموال (الشرق الأوسط)

الجزائر تسرّع تحويل الأملاك المصادرة وتعزيز جهود مكافحة الفساد

إسبانيا وافقت على تسليم الجزائر ثلاثة فنادق فاخرة من فئة خمس نجوم كانت مملوكة لأحد رجال الأعمال المسجونين... والمقصود هو الملياردير علي حداد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا في 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

تصاعد التوترات بين الجزائر وفرنسا... والتجارة إحدى ضحاياها البارزة

حادثة سجن الكاتب مزدوج الجنسية بوعلام صنصال في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) زادت الخلافات بين البلدين حدة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

​مطالب دولية لفرنسا بتعويض ضحايا تجاربها النووية في الجزائر

دعت 30 منظمة دولية مناهضة لانتشار السلاح النووي والحروب الحكومتين الجزائرية والفرنسية إلى «تحمل مسؤولياتهما» تجاه سكان المناطق المتضررة من التفجيرات النووية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا وزير الاتصال الجزائري (الوزارة)

وزير جزائري: 9 آلاف صحافي عبر العالم يشوهون صورة بلادنا

انتقد وزير الاتصال الجزائري، محمد مزيان، صحافيين في الخارج «يعملون دون هوادة من أجل تشويه صورة البلاد».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الدعم السريع» وجماعات أخرى توقع في نيروبي ميثاقاً لتشكيل حكومة موازية

عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» محاطاً في نيروبي بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة للحكومة الموازية (أ.ف.ب)
عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» محاطاً في نيروبي بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة للحكومة الموازية (أ.ف.ب)
TT
20

«الدعم السريع» وجماعات أخرى توقع في نيروبي ميثاقاً لتشكيل حكومة موازية

عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» محاطاً في نيروبي بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة للحكومة الموازية (أ.ف.ب)
عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» محاطاً في نيروبي بممثلي الأحزاب السياسية المؤيدة للحكومة الموازية (أ.ف.ب)

أعلنت مصادر، الأحد، أن «قوات الدعم السريع» في السودان، وتحالفاً مؤلفاً من جماعات سياسية ومسلحة، وقَّعوا، خلال الليل في نيروبي، ميثاقاً تأسيسياً لتشكيل حكومة موازية في البلاد التي تشهد حرباً منذ نحو عامين.

وقال مصدر مقرب من منظمي المراسم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن التوقيع تم. كما أكد المشاركون توقيع الميثاق الذي سيمهِّد الطريق أمام «حكومة سلام ووحدة» في المناطق التي يسيطر عليها «الدعم السريع» في السودان.

وأطلقت المجموعات التي أعلنت مشاركتها في الإطار الموازي الجديد على نفسها اسم «تحالف السودان التأسيسي»، لتكوين «حكومة السلام والوحدة». ومن شأن هذا الإعلان السياسي أن يحدد الملامح العامة للسلطة، التي من المقرر إعلانها من الخرطوم، وفقاً لتصريحات سابقة من المشاركين.

وضم التحالف، الذي كان جزءاً من «تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية»؛ («تقدّم» سابقاً) قبل فك الارتباط بالمجموعة الرافضة للحكومة «حركة العدل والمساواة»، «جناحَ سليمان صندل - تجمع قوى تحرير السودان»، بقيادة الطاهر حجر، بالإضافة إلى «حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي»، بزعامة الهادي إدريس، و«قوات الدعم السريع»، وعدد من القوى السياسية والمدنية وزعماء الإدارات المدنية.

وقبل أشهر، نشبت خلافات داخل «تنسيقية تقدم»، وخرجت إلى العلن، بعدما تبنَّت فصائل مسلحة وقوى سياسية موقفاً واضحاً بتشكيل حكومة موازية في المناطق التي تخضع لسيطرة «الدعم السريع».

وأُجّل التوقيع مرات عدة، وجرى أخيراً خلف أبواب مغلقة في العاصمة الكينية.

ومن بين الموقعين فصيل من «الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال» بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تسيطر على أجزاء من ولايتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

ووقّع عبد الرحيم دقلو، نائب وشقيق قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي غاب بشكل ملحوظ، عن حميدتي.

ويدعو الميثاق، الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى «تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، وغير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية».

وتحدث أيضاً عن تأسيس «جيش وطني جديد وموحد ومهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة، على أن يعكس التعدد والتنوع اللذين تتسم بهما الدولة السودانية».

وتهدف هذه الحكومة، وفق الميثاق، إلى إنهاء الحرب وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، والحفاظ على وحدة السودان.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، تسببت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» بالسودان في مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص، وفي أكبر أزمة إنسانية بالعالم.