ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟

تفتح آفاقاً واعدة لتحسين حياة البشر وحماية البيئة رغم تحدياتها الأخلاقية

ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟
TT
20

ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟

ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟

تعد تقنية «كريسبر - كاس9» واحدة من أهم الاكتشافات العلمية في القرن الحادي والعشرين، حيث أحدثت ثورة في مجال الهندسة الوراثية. وتمكّن هذه التقنية العلماء من تعديل الجينات بدقة كبيرة وبشكل غير مسبوق؛ ما يفتح آفاقاً جديدة لتحسين حياة البشر وحماية البيئة.

تقنية «كريسبر»

ومع التقدم المتسارع في العلوم يمكن القول إن «كريسبر» ليست مجرد تقنية، بل أداة حيوية تسهم في تشكيل مستقبل البشرية بأبعاد علمية واجتماعية.

«كريسبر - كاس9» CRISPR-Cas9 أداة تم اكتشافها من خلال دراسة البكتيريا، حيث تستخدمها هذه الكائنات آليةً دفاعية ضد الفيروسات؛ إذ تحفظ البكتيريا مقاطع من الحمض النووي «دي إن إيه» DNA الخاص بالفيروسات التي تهاجمها، وتستخدمها لاحقاً لتحديد وتدمير أي فيروس مشابه. وبناءً على ذلك؛ اعتمد العلماء على هذه الميزة الطبيعية لتطوير أداة تتيح تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» في الكائنات الحية الأخرى؛ ما يجعلها تقنية ثورية ذات استخدامات واسعة.

«تحرير الجينوم»

لقد ساعدت دراسات إضافية من مجموعات بحثية مختلفة في تحديد بنية إنزيم (بروتين) «كاس9» وتفاصيل عملية القطع؛ إذ تبين أنه عندما يصل مركب «كريسبر - كاس9» إلى الموقع الصحيح على جزيء الحمض النووي «دي إن إيه» المكون من خيطين ملتفين معاً، فإنه يفصل أولاً بين الخيطين ثم تلتصق قطعة الحمض النووي الريبي من «كريسبر» بالتسلسل المطابق في الحمض النووي «دي إن إيه»، ثم بعد ذلك يستخدم المركب «مقصات جزيئية» صغيرة لقطع كلا الخيطين من الحمض النووي «دي إن إيه».

وبعد القطع تُفعل آليات إصلاح الحمض النووي «دي إن إيه» داخل الخلية، حيث يمكن للعلماء الاستفادة من قدرة «كريسبر» على استهداف موقع معين في الحمض النووي «دي إن إيه» للقطع والإصلاح لتعديل أو تغيير أو استبدال أي جزء من الحمض النووي «دي إن إيه».

ويمكن استخدام تحرير الجينات باستخدام أنظمة «كريسبر - كاس9» في جميع الخلايا الحية، بما في ذلك البشر والحيوانات والكائنات الدقيقة والنباتات، وهذا يجعلها تقنية «عابرة للتخصصات» تؤثر على الأبحاث الأساسية، كما أن لها تطبيقات كبيرة محتملة في مجالات الطب والزراعة وحتى تغير المناخ.

وتتكون التقنية من عنصرين رئيسيين، هما الدليل الجيني (الحمض النووي الريبي) الذي يعمل بمثابة خريطة لتحديد الجزء المحدد من الحمض النووي «دي إن إيه» الذي يجب تعديله؛ إذ يقوم هذا الدليل بتوجيه الإنزيم إلى الموقع المستهدف بدقة متناهية، وإنزيم «كاس9» الذي يُعدّ «المقص» الذي يقطع الحمض النووي «دي إن إيه» في الموقع المحدد؛ ما يتيح للعلماء حذف أو استبدال الجين المعطوب بجين سليم.

ولا تقتصر هذه التقنية على تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» فقط، بل تمتد لاستخدامات معقدة تشمل إدخال جينات جديدة وتحفيز أو تعطيل وظائف جينية معينة.

تطبيقات «كريسبر» العملية

لقد غيرت تقنية «كريسبر» مجالات عدة من الطب إلى الزراعة وحتى حماية البيئة مع كل يوم يمر تُظهر التقنية إمكانات جديدة تُدهش المجتمع العلمي وتفتح آفاقاً لا حدود لها.

• علاج الأمراض الوراثية. يُمكن استخدام «كريسبر» في علاج الأمراض الوراثية عن طريق تصحيح الطفرات الجينية المسؤولة عن أمراض مثل التليف الكيسي ومرض فقر الدم المنجلي. على سبيل المثال تم استخدام «كريسبر» لعلاج مرض فقر الدم المنجلي من خلال إعادة برمجة الخلايا الجذعية لإنتاج خلايا دم طبيعية؛ ما يفتح باب الأمل لملايين المرضى حول العالم. وتُستخدم تقنية «كريسبر» أيضاً لتعديل الخلايا المناعية؛ ما يُمكنها من التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها بشكل أكثر فاعلية، وقد يساهم هذا الاستخدام في تطوير علاجات شخصية فعالة تعتمد على التركيبة الجينية للمريض.

• تصحيح الطفرات. كما تمتد قدرات «كريسبر» إلى ما هو أبعد من تحرير الجينات، حيث يفتح تحرير القاعدة أو التحرير الأساسي (يحول قاعدة الحمض النووي «دي إن إيه» DNA قاعدة أخرى مباشرة دون قطع شريط الحمض) والتحرير الأولي (يستخدم إنزيم Cas9 المعدل ودليل التحرير الأساسي للحمض النووي الريبي RNA لإجراء عمليات الإدراج والحذف الدقيقة وجميع التحويلات الممكنة من القاعدة إلى القاعدة).

والتعديل الجيني (يغير التعبير الجيني دون تغيير تسلسل الحمض النووي نفسه) القائم على «كريسبر» يفتح آفاقاً علاجية جديدة وتسمح هذه التقنيات للعلماء بتصحيح الطفرات وإسكات الجينات الضارة أو إدخال تغييرات وقائية وتحويل التركيز من إدارة الأعراض إلى علاج الأمراض المحتملة.

علاجات وأدوية جديدة

• اكتشاف الأدوية. تقود «كريسبر» إلى تحولات في اكتشاف الأدوية وتمهد الطريق لعلاجات مبتكرة ذات إمكانات علاجية. وكان اعتماد كاسجيفي Casgevy أول علاج مجاز من إدارة الغذاء والدواء الأميركية تم تطويره باستخدام «كريسبر- كاس9» بمثابة علامة فارقة في الطب بصفته أول علاج جيني لأمراض الدم مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا من نوع بيتا. ومنذ ذلك الحين تقدمت الكثير من العلاجات القائمة على «كريسبر» والتي تستهدف السرطان والاضطرابات الوراثية والعدوى الفيروسية وأمراض المناعة الذاتية إلى التجارب.

• أثر «كريسبر» في تطوير العلاجات. ساعدت «كريسبر» في تحسين علاجات السرطان من خلال القضاء على الجينات التي تعيق وظيفة الخلايا التائية أو تحسين قدرتها على مهاجمة السرطان. وتمكن «كريسبر» من علاجات الخلايا التائية CAR- T الأكثر فاعلية وأقل سمية وتضيف تقنية «كريسبر» مفاتيح إيقاف يمكن التحكم فيها إلى علاجات CAR-T؛ مما يسمح بعلاج أكثر أماناً وشخصية.

• أهداف جديدة للأدوية. تساعد «كريسبر» في تحديد الجينات والبروتينات في الخلايا السرطانية وتكشف عن أهداف للأدوية المتقدمة مثل PROTACs، ويوفر تنوع «كريسبر» أداةً لتصحيح الجينات وإسكاتها. الأمل في علاج الأمراض والالتهابات أحادية الجين والأكثر وعداً هو تكامله مع تقنيات أخرى مثل CAR-T وPROTACs؛ مما يتيح تحقيق اختراقات تعالج حالات لم تكن قابلة للعلاج من قبل مع تقارب هذه التقنيات، فإنها تحمل القدرة على إعادة تشكيل الطب وتقديم علاجات مبتكرة لا تدير الأمراض فحسب بل وتعالجها أيضاً.

تحديات مستقبلية

• «الآثار الجانبية». على الرغم من الإمكانات الهائلة لتقنية «كريسبر» فإن هناك تحديات عدة تواجه تطبيقاتها، حيث إن هذه التحديات ليست مجرد عقبات تقنية، بل تشمل أيضاً أبعاداً قانونية وأخلاقية واجتماعية؛ ففي بعض الحالات قد تُحدث «كريسبر» تعديلات غير مقصودة في أجزاء أخرى من الحمض النووي ما يُعرف باسم «الآثار الجانبية».

وهذه الأخطاء قد تكون خطيرة إذا تم استخدامها في البشر؛ ما يستدعي تطوير تقنيات أكثر دقة لتجنبها. كما تواجه «كريسبر» تحديات قانونية بسبب غياب معايير موحدة لاستخدام التقنية، خصوصاً في حالات التعديل الجيني للبشر، وهناك جدل مستمر حول كيفية وضع إطار قانوني يضمن استخدام التقنية بشكل آمن ومسؤول، وعلى الرغم من أن التقنية نفسها ليست مكلفة نسبياً إلا أن تطبيقاتها على نطاق واسع قد تكون باهظة بسبب التحديات التقنية والبنية التحتية المطلوبة مما يجعل الوصول إلى التقنية محدوداً في بعض المناطق

• الأبعاد الأخلاقية لتقنية «كريسبر». يثير استخدام «كريسبر» تساؤلات أخلاقية عميقة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتعديل الجينات البشرية؛ إذ إن هذه الأبعاد تتطلب حواراً مستمراً بين العلماء وصانعي القرار والجمهور لضمان تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية، حيث يمكن أن يؤدي تعديل الأجنة إلى تحسين الصفات الوراثية، لكن هذا يثير تساؤلات حول الأخلاق والعدالة هل من المقبول تعديل جينات الأجنة لتحديد صفات مثل الذكاء أو المظهر؟ وما هو الخط الفاصل بين العلاج والتحسين؟ وهناك قلق من أن تصبح التقنية متاحة فقط للنخبة؛ ما قد يزيد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء تحقيق العدالة في توزيع فوائد التقنية يعدّ تحدياً كبيراً.

• التأثير على البيئة. قد يؤدي تعديل الكائنات الحية إلى تأثيرات غير متوقعة على النظم البيئية؛ ما يستدعي دراسة شاملة قبل تطبيق التقنية على نطاق واسع.

ورغم ذلك تُعد تقنية «كريسبر» بوابة لمستقبل مليء بالإمكانات مع التقدم المستمر في البحث والتطوير، ويمكننا توقع تحقيق إنجازات إضافية مثل علاج المزيد من الأمراض الوراثية، مثل مرض هنتنغتون (داء هنتنغتون هو مرض عقلي وراثي نادر وغالباً ما ينتقل عبر وراثة جين متغير من أحد الوالدين ويؤدي إلى تحلل الخلايا العصبية في الدماغ بمرور الوقت، ويؤثر الداء في حركات الشخص المصاب وقدرات التفكير لديه وصحته العقلية)، والضمور العضلي، كما أن هذه الإنجازات ستغير حياة ملايين المرضى وتفتح أبواب الأمل.

في النهاية، تُعدّ تقنية «كريسبر» واحدة من أعظم الابتكارات العلمية التي قد تُحدث تغييراً جذرياً في حياتنا. ورغم التحديات الأخلاقية والتقنية، فإن الإمكانات الهائلة لهذه الأداة تجعلها محور اهتمام الباحثين وصانعي السياسات مع التقدم العلمي والتنظيم المسؤول ويمكن لتقنية «كريسبر» أن تساهم في بناء مستقبل أكثر صحة واستدامة للبشرية هذه التقنية ليست مجرد أداة علمية بل فرصة لإعادة تشكيل الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم من حولنا.



التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟

التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟
TT
20

التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟

التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟

سواء كنتَ على دراية بأعمال الفيلسوف فريدريك نيتشه أو كنت من معجبي المغنية كيلي كلاركسون، فربما سمعت على الأرجح عبارة «ما لا يقتلك يجعلك أقوى What doesn’t kill you makes you stronger». وعلى الرغم من أن هذه العبارة تبدو كأنها تشجيع على المثابرة في الأوقات الصعبة، فإنها صحيحة علمياً أيضاً، كما يقول جيف كراسنو، مؤلّف كتاب «التوتر الجيد»: «الفوائد الصحية للقيام بالأشياء الصعبة».

التوتر الجيد: التحديات تعزز المرونة والرفاهية

يقول كراسنو: «إن التوتر، سواء كان ناتجاً عن تحديات جسدية مثل الغطس في حمامات الثلج أو الضغوط النفسية مثل تلك التي تحصل في أثناء المحادثات الصعبة، يعزز المرونة والرفاهية على المدى الطويل. المفتاح في ذلك يكمن في التفريق بين التوتر الجيد والتوتر السيئ واستخدام الأول لصالحك». لفهم الفرق بين التوتر الجيد والسيئ، يقدم كراسنو هذا المثال: «إذا كنت تتنزه سيراً على الأقدام وصادفت أفعى مجلجلة على الطريق، فمن المحتمل أن يكون لديك استجابة للتوتر الناشئ تلبي الضرورة البيولوجية للبقاء على قيد الحياة». ويقول: «المشكلة في التوتر المعاصر بالنسبة إلى الكثير من الناس هي أن الأفعى المجلجلة لا تفارق الطريق أبداً».

التوتر السيئ مقابل التوتر الجيد

يعيش كثير منَّا في حالة من «الاِحْتِداد المزمن» الذي يشمل المشقة الشخصية، والإرهاق في العمل، والصدمات السابقة، ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل على مدار 24 ساعة المصممة لإبقاء الناس في حالة من اختطاف اللوزة الدماغية.

يقول كراسنو: «نحن نعيش في اقتصاد قائم على جذب الانتباه، حيث يتنافس الجميع على خطف تركيزك في كل لحظة من خلال مستويات متزايدة من الإثارة والفضائح والخوف والغضب. وهذا يُبقي الناس في حالة من التوتر المزمن، وهذا في الحقيقة الوقت الذي يكون فيه التوتر سيئاً حقاً».

التوتر الجيد نابع من مشقّات الأسلاف

من ناحية أخرى، ينبع التوتر الجيد من المضايقات التي عانى منها أسلافنا. يقول كراسنو: «لقد تطورنا على مدى مئات الآلاف من السنين كإنسان عاقل بعلاقة مع التوتر في العصر الحجري القديم، مثل ندرة السعرات الحرارية، والتقلبات في درجات الحرارة، والانغماس في الطبيعة، والعيش المشترك، والتعرض للضوء». ثم يضيف فيقول: «لقد شكلت آليات التكيف مع هذه الأشكال من التوتر مسارات فسيولوجية في الجسم عززت طول العمر والقدرة على الصمود». ويقول كراسنو إن المشكلة تكمن في أننا جرَّدنا الحياة من أغلب مسببات التوتر والضغوط التي كانت سائدة في العصر الحجري القديم. على سبيل المثال، لدى الكثير منّا إمدادات لا نهائية من السعرات الحرارية تحت تصرفنا. ونقضي معظم أوقاتنا في حالة من الخمول بصفة عامة داخل بيئات منظمة لدرجة الحرارة، بعيداً عن الطبيعة. ونعتمد على الإضاءة الاصطناعية، مما قد يؤثر على النوم».

عواقب التخلص من التوتر الجيد

إن التخلص من التوتر الجيد لصالح الراحة كانت له عواقب، ويقول كراسنو إن الانتشار المتزايد للأمراض المزمنة ناتج عن السهولة والراحة المزمنة. ويضيف: «لقد خدعنا أنفسنا بالاعتقاد أننا نستطيع الوجود كأفراد منفصلين في منازلنا ذات الأسرّة الواحدة، ونطلب احتياجاتنا من الخدمات طوال اليوم». ثم تابع يقول: «منذ الثورة الصناعية، التي تسارعت وتيرتها بشكل خاص في السنوات الخمسين الماضية، صممنا نمط حياتنا من أجل مزيد من الراحة والسهولة والرفاهية».

استحداث التوتر الجيد

وازِنْ التوتر السيئ بإدخال التوتر الجيد بالقدر المناسب. قال الطبيب السويسري باراسيلسوس في أوائل القرن السادس عشر: «الجرعة وحدها هي التي تسبب قوة السم». ويقول كراسنو إن الجرعة الصحيحة من الانزعاج الذي يفرضه المرء على نفسه، مثل الأنشطة الشاقة وتنظيم درجة الحرارة، يمكن أن تجعلك أقوى. ولكن من المهم أن تبدأ ببطء». ويضيف كراسنو: «لا أنصح أبداً أي شخص لم يسبق له أن غطس في الثلج من قبل أن يدخل حماماً ثلجياً لأول مرة. ادخل في حمام ثلج بدرجة قليلة لترى كيف يكون شعورك. ابحث عن حدود الانزعاج الذي تشعر به وانغمس فيه وكن فضولياً بشأن ما يوجد على الجانب الآخر منه، لأنه أمر جيد للغاية بشكل عام».

استحداث التوتر الاجتماعي

ويدعو كراسنو أيضاً إلى الميل إلى التوتر الاجتماعي، ويقول: «أسميه الغوص في الحمام الثلجي للمحادثات الصعبة والمجهدة، وأن نصبح أكثر ارتياحاً حيال انزعاجنا ولو بدرجة بسيطة، حتى نتمكن من التخلص من الكثير من العلل».

وبصفته مقدم بودكاست «كوميون»، حيث يتحدث عن الصحة والعافية، يصادف كراسنو بانتظام أشخاصاً لا يتفقون مع وجهات نظره، ويرسلون إليه رسائل إلكترونية أو يعلقون على منشوراته. وبدلاً من تجاهلهم أو عدم موافقتهم علناً، يدعوهم إلى المشاركة في مكالمة عبر تطبيق «زووم». وأغلبهم يتهرب منه، لكن بعضهم يقبل المكالمة. لقد تمكن من خلق بيئة آمنة، وتصرف بأدب جم وانفتاح وفضول.

الانزعاج.. عن طريق الانفتاح الذهني

يقول كراسنو: «نحن نبني جهازنا المناعي الفسيولوجي من خلال التعرض منخفض الدرجة لمسببات الأمراض والفيروسات والبكتيريا. وقد تمكنت من خلال إجراء هذه المحادثات من بناء ما أسميه جهاز المناعة النفسي».

وبالإضافة إلى ذلك، كما يقول، فإنها تمرين على التواصل والاستماع النشط والانفتاح الذهني، وأتاحت فرصة للنمو الشخصي. ويوضح قائلاً: «لقد عززت آرائي الخاصة، لأنني اضطررت وللمرة الأولى إلى التفكير في أفضل جوانب الرأي المعارض».

يحصر الناس أنفسهم داخل القصة التي يروونها لأنفسهم عن أنفسهم، لكن كراسنو يقول إن التغيير ممكن إذا كنت على استعداد للميل إلى عدم الراحة.

ويضيف: «بمجرد أن تدرك بالفعل عدم الاستمرارية لديك، يمكنك أن تتحكم في مسار حياتك، وأنَّ تقبُّل الانزعاج سوف يُغيّر مسار حياتك. فالبشر مجرد عملية وليسوا منتجاً. نحن نتحرك بشكل ديناميكي عبر هذا الطيف من الكمال إلى المرض والكوارث. ويمكنك كذلك التحرك نحو الكمال كعملية أيضاً. فلديك القدرة على التحكم في مسار تلك الرحلة».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».