ترمب يواجه تحدي توحيد صفوف الجمهوريين في ظل غالبية ضئيلة

دونالد ترمب (رويترز)
دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يواجه تحدي توحيد صفوف الجمهوريين في ظل غالبية ضئيلة

دونالد ترمب (رويترز)
دونالد ترمب (رويترز)

منذ فوزه الساحق، بدا الرئيس المنتخب دونالد ترمب في وضع مريح جداً. لكن قبل أسبوعين فقط من تنصيبه، سيتعين أولاً عليه أن يوحّد الصفوف في ظل غالبية جمهورية ضئيلة تعاني انقسامات.

وفي مواجهة معسكر ديمقراطي لا يزال مصدوماً بهزيمة كامالا هاريس في نوفمبر (تشرين الثاني)، يبدو وضع الجمهوريين أفضل، لكن الخلافات الداخلية تهدّد بإحباط الطموحات الكبرى للرئيس المقبل، من السياسة المتشددة لمكافحة الهجرة إلى التخفيضات الضريبية الجذرية.

وفي حين باشر كبار رؤساء شركات قطاع التكنولوجيا يعربون عن تأييدهم لترمب، فإن معسكره السياسي بدأ يشهد خلافات.

لكن مايك جونسون، زعيم الجمهوريين في مجلس النواب، أكد هذا الأسبوع أن نواب الحزب «مستعدون للبدء بالعمل». وقال في تصريح للصحافيين: «لقد حققنا بداية رائعة، كما وعدنا».

ومعلوم أن النقاش مع أعضاء مجلس الشيوخ يتخذ بعداً أكثر توتراً حول الاستراتيجية التشريعية. فهل ينبغي تبني برنامج ترمب ضمن رزمة واحدة من القوانين أم توزيعه على سلسلة من التدابير المنفصلة؟

تحظى المقاربة الثانية باهتمام شخصيات بارزة مؤيدة لترمب تعدّها الوسيلة الأسرع لتحقيق أول انتصار في قضية مراقبة الحدود، العنوان المحوري لحملة ترمب التي اتسمت بخطاب عنيف مناهض للهجرة.

لكن مع غالبية محدودة في مجلس النواب، يفضّل الجمهوريون استراتيجية «كل شيء أو لا شيء»؛ خشية الفشل في إمرار التخفيضات الضريبية الموعودة.

«هذا ما فضَّلته»

أما ترمب، المعني الأول، فأعلن أنه يفضّل «مشروع قانون كبيراً»، مضيفاً: «هذا ما فضّلته وسأفضّله دائماً».

لكنه تدارك أيضاً: «إذا كان وجود مشروعين يوفر أماناً أكبر، فستسير الأمور في شكل أسرع قليلاً؛ لأننا سنتمكن من الاهتمام بالهجرة في وقت مبكر».

وعلى فريق ترمب أن يكون سريعاً؛ لأن انتخابات منتصف الولاية ستجري بعد أقل من عامين، مع خطر فقدان السيطرة على الكونغرس أو أحد مجلسيه، خصوصاً أن قائمة المعارك التي ينبغي خوضها طويلة، بدءاً بإلغاء القيود التي فرضها الرئيس جو بايدن في موضوع التنقيب البحري، وصولاً إلى الطموح بالاستحواذ على غرينلاند وقناة بنما.

من هنا، فإن قاعدة جمهورية غير موحدة قد تكون أكبر نقطة ضعف لترمب في ولايته الثانية، كما أقرَّ أحد أنصاره، السيناتور عن ولاية أوكلاهوما ماركواين مولين، مضيفاً عبر قناة «فوكس نيوز» القريبة من المحافظين: «الجميع يسيرون في اتجاهات مختلفة».

الحكم

منذ انتخابه، اضطلع ترمب بدور الحكم، مبدياً حرصه على مخاطبة النواب غير المنضبطين ومكثفاً المشاورات الداخلية في مقر إقامته في فلوريدا.

هنا أيضاً في مارالاغو، نجح إلى حد كبير في أن يجمع عمالقة التكنولوجيا حوله، بعدما وجَّه إليه معظمهم انتقادات شديدة خلال ولايته الأولى قبل أن يلتفتوا إليه مجدداً منذ حملته الرئاسية الأخيرة.

ويستضيف ترمب في مقره، الخميس، حكام ولايات جمهورية يعدّون الأكثر استقلالاً، فضلاً عن نواب آخرين ينتظر أن يجتمع بهم السبت. وذكرت وسائل إعلام أميركية أنه يعتزم إقامة حفل كبير لجمهوريي مجلس الشيوخ في الأسابيع المقبلة.

من جانبهم، تعهد زعماء الكتلة الديمقراطية في الكونغرس العمل مع الجمهوريين على الإصلاحات التي يوافقون عليها، من دون أن يسهلوا لهم المهمة فيما يتصل ببقية الإصلاحات.

وقال تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، خلال كلمة ألقاها في المجلس: «لقد باتوا الغالبية وتقع عليهم الآن المسؤولية»، مؤكداً: «إننا سنرصدهم نحن والشعب الأميركي».


مقالات ذات صلة

المحكمة العليا ترفض طلب ترمب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويورك

الولايات المتحدة​ رسم توضيحي لجلسة محاكمة ترمب، في نيويورك 7 مايو 2024 (رويترز)

المحكمة العليا ترفض طلب ترمب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويورك

رفضت المحكمة العليا الأميركية الخميس محاولة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اللحظة الأخيرة وقف نطق الحكم بحقه في قضية شراء سكوت ممثلة الأفلام الإباحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (حساب كوستا عبر منصة «إكس»)

الاتحاد الأوروبي رداً على ترمب: «نحن أقوى معاً»

شدّد رئيس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على أنّ الولايات المتحدة وأوروبا «هما أقوى معاً».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال جنازة الرئيس الراحل جيمي كارتر (أ.ب)

المحكمة العليا الأميركية تنظر طلب ترمب تأجيل الحكم في قضية «شراء الصمت»

رفضت محكمة الاستئناف في نيويورك طلب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تأجيل النطق بالحكم بشأن إدانته بتهم جنائية تتعلق بدفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الولايات المتحدة​ ترمب يتحدث وبجانبه السيناتور الجمهوري جون باراسو بعد اجتماع مع المشرعين الجمهوريين بمبنى الكابيتول في 8 يناير (رويترز)

ترمب بـ«الكابيتول» منفتحاً على خيارات جمهورية لتحقيق أولوياته

عبّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن انفتاحه على استراتيجيات مختلفة لإقرار أولوياته التشريعية، داعياً الجمهوريين إلى تجاوز خلافاتهم حول الحدود والطاقة.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ حضر الرؤساء الخمسة مراسم جنازة كارتر في واشنطن الخميس (أ.ف.ب)

أميركا تودّع كارتر في جنازة وطنية يحضرها 5 رؤساء

أقامت الولايات المتحدة، الخميس، جنازة وطنية للرئيس السابق جيمي كارتر، لتتوّج بذلك تكريماً استمر أياماً عدة للحائز جائزة نوبل للسلام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
TT

الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)

واصلت الحرائق الهائلة في لوس أنجليس تمدّدها الخميس حيث أتت على منازل ومركبات وتسبّبت بإجلاء عشرات آلاف الأشخاص وبسقوط سبعة قتلى على الأقلّ.

وبقي الحريقان الرئيسيان المستعران في المدينة خارجين عن السيطرة الخميس. وفرّ أكثر من 130 ألف شخص من منازلهم بسبب الحرائق التي تزيد من شدّتها رياح عاتية في ثاني كبرى المدن الأميركية. وبعد ظهر الخميس لم تكن قد تمت بعد السيطرة على الحريق في حي باسيفيك باليساديس الراقي، حيث منازل أصحاب الملايين والمشاهير، الواقع بين ماليبو وسانتا مونيكا، وذلك رغم إرسال تعزيزات شملت مروحيات عملت على رش المياه.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يمضي آخر أيامه في منصبه، خلال اجتماع عُقد بعد ظهر الخميس في البيت الأبيض مع المسؤولين المعنيين بإدارة هذه الحرائق العنيفة، «هذه هي أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميرا في تاريخ كاليفورنيا». كما أصر بايدن على أن «التغير المناخي حقيقة واقعة».

وقالت السلطات المحلية الخميس إنه تم الإعلان عن تعزيزات عسكرية قوامها نحو 400 عنصر من الحرس الوطني لمكافحة الحرائق العنيفة التي تجتاح لوس أنجليس منذ ثلاثة أيام. وأوضحت السلطات «هناك نحو 400 عنصر من الحرس الوطني في جميع أنحاء الولاية (كاليفورنيا) مستعدون لدعمنا. ونتوقع أن يكونوا في الموقع في وقت مبكر من مساء اليوم (الخميس)».

وفي هوليوود، موطن صناعة السينما التي كانت مهددة لفترة من الوقت بسبب ألسنة اللهب، تمت السيطرة على الحريق في التلال، وفقا للسلطات المحلية، وتم رفع أمر الإخلاء صباح الخميس. وقال وليام غونزاليس الذي وضع كمامة سوداء أمام منزله الذي تحول رمادا في مدينة ألتادينا في شمال لوس أنجليس «فقدت كل شيء تقريبا. النيران أحرقت كل أحلامي ولم يبق سوى الرماد».

وقضى سبعة أشخاص على الأقلّ في هذه الحرائق الهائلة المستعرة في محيط لوس أنجليس والتي هدّدت حيّ هوليوود الشهير. وقالت رئيسة بلدية المدينة كارين باس خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء إن لوس أنجليس تشهد «رياحا بقوة إعصار تترافق مع جفاف حاد جدا».

واندلع حريق أول صباح الثلاثاء على تلال حي باسيفيك باليسايدس الراقي الذي يضم منازل مشاهير وكثيرا من الدارات التي يقدر ثمنها بملايين الدولارات. وقد أتت الحرائق على 6500 هكتار وأكثر من ألف عمارة. وبدأت النيران تنتشر لاحقا في تلال هوليوود، على بعد مئات الأمتار من جادة هوليوود بولفارد ومسرح «تشاينيز ثياتر» الشهير.

مقارنة معبرة عن الحرائق التي تجتاح لوس أنجليس: (فوق) حي باسيفيك باليساديس الراقي بتاريخ 20 أكتوبر الماضي و(تحت) بعدما أتت النيران عليه (رويترز)

حرائق غير مسبوقة

وتكاثرت بؤر الحرائق وامتدت إلى الضواحي الشمالية للمدينة وراحت تنتشر أحيانا بسرعة فائقة. وتخشى السلطات ارتفاع حصيلة الضحايا. وقال أنتوني مارونه رئيس فرق الإطفاء في لوس أنجليس «ليس لدينا عدد كاف من عناصر الإطفاء في منطقة لوس أنجليس لمواجهة هذا الوضع». وأوضح الحاكم الديموقراطي لولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الأربعاء أن «أكثر من 7500 إطفائي» أتى بعضهم من ولايات أخرى، يكافحون هذه الحرائق «غير المسبوقة».

وأحد الضحايا السبع من سكان ألتادينا ويدعى فيكتور شو وقد حاول حتى النهاية حماية منزله من النيران. وقال صديقه آل تانر الذي عثر على جثته التي كانت لا تزال تمسك بقسطل الري لمحطة تلفزيونية «يبدو أنه حاول إنقاذ المنزل الذي يملكه والداه منذ أكثر من 55 عاما».

ودعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت بسبب مكافحة النيران في باسيفيك باليسايدس.

ترامب يهاجم الديموقراطيين

ونشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب معلومات خاطئة عبر شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال» بتأكيده أن كاليفورنيا تعاني نقصا في المياه بسبب السياسات الحكومية الديموقراطية التي تحول مياه الأمطار «لحماية نوع غير مفيد من الأسماك». وفي الواقع تستخدم غالبية المياه المستهلكة في لوس أنجليس والمتأتية من نهر كولورادو، في الزراعة كأولوية.

ويزور الرئيس جو بايدن كاليفورنيا راهنا. وبعدما خصص مساعدات فدرالية فورية، ألغى زيارة كانت مقررة لإيطاليا الخميس على ما أعلن البيت الأبيض. واستغلّ الرئيس المنتخب الحرائق لمهاجمة المعكسر الديموقراطي وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا الذي يعدّ من الشخصيات الواعدة في الحزب.

وكتب ترمب الخميس على «تروث سوشال» إنه ينبغي لحاكم كاليفورنيا «غافين نيوسوم أن يستقيل. فالذنب ذنبه». وهو كان قد ندّد في رسالة سابقة بـ«عدم الكفاءة وسوء الإدارة للثنائي بايدن/نيوسوم». وكان الملياردير الجمهوري الذي سينصّب رئيسا للولايات المتحدة للمرّة الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) قد توعّد في السابق بأنه سيحرم الحاكم الديموقراطي لكاليفورنيا من المساعدات الفدرالية في حال اندلاع حرائق إذا ما عاد إلى البيت الأبيض.

أما حليف ترمب الكبير إيلون ماسك، فنشر رسائل على شبكة «إكس» تندّد بدور البشر في مفاقمة التغيّر المناخي وتربط بلا أيّ أدلّة بين نطاق الحرائق وسياسات التنوّع في توظيف عناصر الإطفاء في لوس أنجليس أو تستنكر الإعلان عن حزمة مساعدات أميركية جديدة بقيمة 500 مليون دولار لأوكرانيا.

السينما تأثرت

وتؤثر الحرائق في النشاط السينمائي في هوليوود. فقد توقف تصوير أفلام ومسلسلات عدة فيما أغلق متنزه «يونيفرسال ستوديوز» الترفيهي في هوليوود. وأرجئ إعلان الترشيحات لجوائز الأوسكار إلى 19 يناير (كانون الثاني) بدلا من 17 منه فضلا عن مراسم توزيع جوائز النقاد التي كان يفترض أن تقام الأحد. وبين من طلب منهم إخلاء المناطق المنكوبة العديد من نجوم هوليوود. وكشف مارك هاميل أحد أبطال سلسلة «ستار وورز» عبر إنستغرام أنه غادر الثلاثاء منزله في منطقة ماليبو الراقية.

والرياح التي تهب راهنا معروفة باسم «سانتا آنا» وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا. لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، على ما أفاد خبراء الأرصاد الجوية. وتشكل هذه الرياح كابوسا للإطفائيين لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جدا أدت إلى إنعاش الغطاء النباتي الذي يبس الآن بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة. ويشير العلماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.