اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

قادة الاتحاد يعولون على ميلوني «جسراً دبلوماسياً» مع ترمب... وماسك

ترمب يستقبل ميلوني في منتجعه بمارالاغو في فلوريدا (رويترز)
ترمب يستقبل ميلوني في منتجعه بمارالاغو في فلوريدا (رويترز)
TT

اتهامات أوروبية لمالك منصة «إكس» بالتدخل في الانتخابات

ترمب يستقبل ميلوني في منتجعه بمارالاغو في فلوريدا (رويترز)
ترمب يستقبل ميلوني في منتجعه بمارالاغو في فلوريدا (رويترز)

يعوّل الكثير من قادة الاتحاد الأوروبي على العلاقة الخاصة التي بدا أنها تترسخ يوماً بعد يوم، بين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. لا، بل قد تعدّ علاقتها «الخاصة» أيضاً مع إيلون ماسك، حليف ترمب، الذي بدا أن الحكومة الإيطالية تجري محادثات مع شركته «سبيس إكس» بشأن صفقة بقيمة 1.6 مليار دولار تتعلق بخدمة الإنترنت «ستارلينك»، مدخلاً لتخفيف التوتر الذي بلغ أقصاه في الأيام الأخيرة، بعد تبادله الاتهامات والانتقادات مع الكثير من القادة الأوروبيين.

ترمب وميلوني في صورة جمعتهما مع المرشّحين لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار) ووزير الخارجية ماركو روبيو في مارالاغو السبت (إ.ب.أ)

ترمب وميلوني

ترمب كان التقى ميلوني، قبل يوم من تصديق الكونغرس الأميركي على فوزه في الانتخابات، لإجراء محادثات غير رسمية. وهو ما عدَّه المراقبون تأكيداً للتوقعات واسعة النطاق، بأن الزعيمة الإيطالية اليمينية المتشددة ستكون جزءاً لا يتجزأ من علاقة الاتحاد الأوروبي بالبيت الأبيض بعد تولي ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني). ووصف ترمب ميلوني، بعد محادثاتهما، بأنها «امرأة رائعة اجتاحت أوروبا حقاً».

ورغم أن علاقتها بترمب، قد تطورت في الواقع على خلفية معتقداتهما الشعبوية اليمينية، لكن مما لا شك فيه أن علاقتها بالملياردير ماسك، الذي بات يلعب دوراً كبيراً بعد اندماجه بحركة «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة)، قد تمكنها من ترسيخ علاقتها مستقبلاً بالحركة التي بناها ترمب، وباتت تفيض خارج الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك (أ.ب)

جسر دبلوماسي

وفي الواقع، لم يتمكن سوى عدد قليل من القادة الأوروبيين من كسب مثل هذا الود لدى ترمب، مثل ميلوني، حيث يتوقع أن تلعب دور «جسر دبلوماسي» بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب الكثير من وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية. وأضافت أن ميلوني، التي طوّرت ملفاً آيديولوجيا «غامضاً استراتيجياً»، فاجأت منتقديها بتطوير علاقات دافئة مع قادة أوروبيين أكثر وسطية، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. في المقابل، فإن هذا الغموض يضع ميلوني في وضع جيد لجلب «الترمبية» إلى أوروبا مع تحول القارة نحو اليمين على أي حال، كما زعم كاتب عمود في صحيفة «نيويورك تايمز».

إيلون ماسك (رويترز)

ومع ذلك، تواجه ميلوني مهمة موازنة علاقاتها الأميركية، مع القضايا الاقتصادية التي تهم إيطاليا. فهي لا تستطيع تحمل إبعاد حلفاء الاتحاد الأوروبي من خلال الميل إلى اليمين كثيراً، على حساب مصالح البلاد. ويزعم منتقدوها، سواء في إيطاليا أو في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، أن صفقة «ستارلينك» المقترحة، ستجعل روما تعتمد بشكل مفرط على إيلون ماسك. وذكر موقع «بوليتيكو» أن أحد الأعضاء الألمان التقدميين في البرلمان الأوروبي، كتب قائلاً إن الصفقة المقترحة، «تسلم الحكومة الإيطالية والدفاع والاتصالات العسكرية إلى فاشي بدائي لا يمكن التنبؤ به». إن صداقة ميلوني الواضحة مع ماسك تتعارض بشكل متزايد مع الطريقة التي ينظر بها القادة الأوروبيون الآخرون إليه.

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم بقصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

تحذيرات واتهامات

في الأيام الأخيرة ومع تصاعد نفوذه بشكل كبير في السياسة الأميركية، وسعيه للتأثير على الخارج، عبر انتقاده عدداً من زعماء العالم من خلال منصته «إكس» ذات التأثير الكبير، اتهم القادة الألمان والفرنسيون والبريطانيون ماسك بالتدخل السياسي وحتى التدخل في الانتخابات.

وأدان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الاثنين، ما عدّه «الأكاذيب والمعلومات المضللة» التي قال إنها تقوض الديمقراطية في المملكة المتحدة؛ وذلك رداً على سيل من الهجمات التي وجهها ماسك لحكومته، مقترحاً سجن ستارمر، ومتسائلاً عما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة «تحرير» حليفتها.

وحث بعض كبار الساسة من الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة حلفاء ترمب بشكل خاص على إعادة التفكير في علاقته بإيلون ماسك بعد تعليقاته هذا الأسبوع، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ».

وتساءل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب أمام السفراء الفرنسيين عمن كان ليتخيل قبل عقد من الزمان «أن مالك إحدى أكبر الشبكات الاجتماعية في العالم سيدعم حركة رجعية دولية جديدة ويتدخل مباشرة في الانتخابات». لم يذكر ماكرون، الذي كانت تربطه في الماضي علاقة مع ماسك بالاسم، لكن كان واضحاً من هو المقصود.

ماكرون وترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عند اجتماعهم في قصر الإليزيه مساء 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

ابتعد عن ديمقراطيتنا

وقوبلت تعليقات ماسك بغضب من الزعماء الألمان، حيث اتهمته برلين بمحاولة التأثير على الانتخابات المبكرة في البلاد الشهر المقبل في تعليقه على منصته، ومقال رأي كتبه يشيد بحزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتشدد.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إنه يظل «هادئاً» وسط انتقادات شخصية من ماسك، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، لكنه يجد أن «أكثر ما يثير القلق» أن ماسك خاض في السياسة الألمانية من خلال «دعم حزب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي هو في أجزاء متطرف يميني، ويدعو إلى التقارب مع روسيا بوتن ويريد إضعاف العلاقات عبر الأطلسي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (رويترز)

وحذَّر روبرت هابيك، مرشح حزب الخضر الألماني لمنصب المستشار، ماسك من التدخل في سياسة البلاد، قائلاً له: «سيد ماسك، ابتعد عن ديمقراطيتنا».

بدوره، قال رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستور، الاثنين، إن «هذه ليست الطريقة التي ينبغي أن تكون عليها الأمور بين الديمقراطيات والحلفاء»، حسبما ذكرت وكالة «رويترز». وقال إنه «يجد من المقلق أن يتورط رجل يتمتع بإمكانية وصول هائلة إلى وسائل التواصل الاجتماعي وموارد اقتصادية ضخمة في الشؤون الداخلية لدول أخرى بشكل مباشر».


مقالات ذات صلة

ترمب يوقع على أمر رفع السرية عن ملفات مرتبطة باغتيال جون كينيدي

الولايات المتحدة​ لوحة للرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي (أ.ب)

ترمب يوقع على أمر رفع السرية عن ملفات مرتبطة باغتيال جون كينيدي

قال أحد معاوني الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الرئيس الأميركي وقع على أمر مرتبط برفع السرية عن ملفات تتعلق باغتيال الرئيس الأسبق جون إف. كينيدي.

العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز) play-circle 00:30

ترمب: أرغب في الاجتماع ببوتين على الفور... وزيلينسكي مستعد لإبرام اتفاق

قال الرئيس الأميركي، الخميس، إنه يريد الاجتماع بالرئيس الروسي على الفور، مضيفاً أن الرئيس الأوكراني أبلغه أنه مستعد لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحضر مراسم إحياء ذكرى جندي إسرائيلي في قاعة الذكرى بمقبرة جبل هرتزل العسكرية بالقدس في 16 يوليو 2024 (أ.ب)

لماذا مستقبل نتنياهو السياسي هشّ مثل وقف إطلاق النار؟

رغم تحقيقه مكاسب ميدانية، فإن مستقبل نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية هش مثل وقف إطلاق النار، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو والرئيس دونالد ترمب 2018 (حساب بومبيو عبر منصة إكس)

ترمب يلغي الحماية الأمنية لوزير الخارجية الأسبق بومبيو وكبير مساعديه

ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحماية الحكومية الأمنية لوزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو وكبير مساعديه برايان هوك اللذين واجها تهديدات من إيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال وجوده في المكتب البيضاوي (رويترز)

قاضٍ أميركي يوقف قرار ترمب تقييد منح الجنسية بالولادة

أصدر قاضٍ اتحادي في مدينة سياتل الأميركية حكماً بمنع إدارة الرئيس دونالد ترمب من تنفيذ أمر تنفيذي يحد من الحق في الحصول على الجنسية بالولادة تلقائياً.

«الشرق الأوسط» (سياتل)

إيطاليا: خطورة المعتقل الليبي دفعت إلى ترحيله لبلاده

وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي (أ.ب)
وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي (أ.ب)
TT

إيطاليا: خطورة المعتقل الليبي دفعت إلى ترحيله لبلاده

وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي (أ.ب)
وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي (أ.ب)

قال ماتيو بيانتيدوزي وزير الداخلية الإيطالي، الخميس، إن المسؤول الكبير بالشرطة الليبية الذي احتُجز بموجب مذكرة اعتقال دولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب، ثم أُطلق سراحه فجأة، أعيد إلى ليبيا سريعاً بسبب «خطورته الاجتماعية»، وفقاً لـ«رويترز».

وألقت إيطاليا القبض على أسامة المصري نجيم يوم الأحد في تورينو بموجب مذكرة اعتقال أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، قالت فيها إنه مشتبه به في ارتكاب جرائم تشمل قتل وتعذيب واغتصاب محتجزين في ليبيا.

وأفرجت السلطات الإيطالية عنه يوم الثلاثاء بسبب ما وصفه مصدر بوزارة الداخلية الإيطالية بأنه خطأ قانوني، ونُقل على متن طائرة رسمية إلى طرابلس. وطالبت المحكمة الجنائية الدولية بتفسير، قائلة إنها لم تُستشر من قبل الحكومة الإيطالية اليمينية برئاسة جورجيا ميلوني.

وقال بيانتيدوزي: «بعد عدم صحة الاعتقال... وبالنظر إلى أن المواطن الليبي... يمثل خطورة اجتماعية... اعتمدت أمر الطرد لأسباب تتعلق بأمن الدولة».

وتحدث وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني عن اعتراضات المحكمة الجنائية الدولية، وقال للصحافيين إن المحكمة «ليست كلام الله، وليست مصدر كل الحقيقة». وأضاف: «إيطاليا دولة ذات سيادة، ونحن نتخذ قراراتنا بأنفسنا».

ونجيم هو ضابط برتبة عميد في الشرطة القضائية الليبية، وتقول الجنائية الدولية إنه مشتبه به في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سجن معيتيقة.

وتعتمد حكومة ميلوني بشكل كبير على قوات الأمن الليبية لمنع المهاجرين المحتملين من مغادرة الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والتوجه إلى جنوب إيطاليا.

وقال بيانتيدوزي للأعضاء في مجلس الشيوخ إن محكمة الاستئناف في روما أمرت بالإفراج عن نجيم؛ لأنها اعتبرت اعتقاله غير متوافق مع الإجراءات.

وقال مصدر في وزارة الداخلية لـ«رويترز» في وقت سابق إنه تم الإفراج عنه؛ لأن الشرطة المحلية لم تبلغ وزارة العدل بالاعتقال على الفور كما هو مطلوب.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية إن قائمة الجرائم الواردة في مذكرة الاعتقال «ارتكبها نجيم شخصياً، أو أفراد من قوة الردع الخاصة، بأمر منه، أو بمساعدته».

وقالت أحزاب معارضة إن تفسيرات بيانتيدوزي غير كافية، وطالبت بمثول رئيسة الوزراء ميلوني أمام البرلمان للتوضيح.

وقال السيناتور جوزيبي دي كريستوفارو من حزب التحالف الأخضر اليساري: «أنتم تغرقون بلادنا في العار التام، وتتحدثون عن تفاصيل فنية، لكنكم اتخذتم خياراً سياسياً محدداً».