جولة الدوحة تشهد محادثات مكثفة لإبرام «هدنة غزة»

السعي لتجاوز خلافات حول «قائمة الأسماء» و«شكل الانسحاب» و«المراحل التالية»

ناشطون يجلسون في صمت خارج المقر الخاص بنتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المائة المتبقين في غزة السبت (د.ب.أ)
ناشطون يجلسون في صمت خارج المقر الخاص بنتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المائة المتبقين في غزة السبت (د.ب.أ)
TT
20

جولة الدوحة تشهد محادثات مكثفة لإبرام «هدنة غزة»

ناشطون يجلسون في صمت خارج المقر الخاص بنتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المائة المتبقين في غزة السبت (د.ب.أ)
ناشطون يجلسون في صمت خارج المقر الخاص بنتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المائة المتبقين في غزة السبت (د.ب.أ)

قالت مصادر مطلعة إن الوسطاء كثفوا جهودهم من أجل سد الفجوات في اتفاق محتمل بين إسرائيل و«حماس» لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإجراء عملية تبادل أسرى.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء التقوا الأطراف، الجمعة، لأكثر من 6 ساعات، بينما تواصلت المباحثات، السبت، على أمل التوصل إلى اتفاق حقيقي خلال الفترة المقبلة.

وبحسب المصادر فإن الوسطاء يحاولون تجاوز عقبتين رئيسيتين: الأولى، الحصول على قائمة واضحة بأسماء الأسرى الذين ستطلق «حماس» سراحهم في المرحلة الأولى، والتوافق على عدد مقبول، والمطلوب مقابلهم (أسرى فلسطينيون)، وأين سيطلق سراحهم؛ والثانية، ضمان أن المرحلة الأولى ستنتهي بمرحلة ثانية وثالثة.

وقالت المصادر: «الطرفان قريبان منذ أسابيع من اتفاق، لكن مسألة قائمة الأسرى هي التي فجرته. (حماس) عرضت أعداداً، وإسرائيل طلبت قائمة وأعداداً أكبر، وطلبت أن تضم جرحى رجالاً ولو كانوا جنوداً، (حماس) لم تسلمها وعرضت جثثاً لزيادتها، ثم تفجر الموقف». وأضافت: «الآن بعد الضغط الكبير وافقت (حماس) على زيادة الأعداد عبر ضم جنود احتياط، لكن تريد مقابلهم أسماء وازنة، ولا تزال هناك فجوة».

إسرائيليون يتظاهرون بتل أبيب ضد نتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المتبقين في غزة 28 ديسمبر 2024 (أ.ب)
إسرائيليون يتظاهرون بتل أبيب ضد نتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المتبقين في غزة 28 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وأوضحت المصادر: «المسألة الثانية التي برزت هي طلب (حماس) ضمانات حول أن تؤدي المرحلة الأولى إلى ثانية. تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وإصراره على أنه سيعود للقتال عقَّدت المفاوضات. (حماس) تريد التأكد أن الصفقة ستنتهي بمرحلة ثانية وثالثة وستتوقف الحرب، لكن إسرائيل ترفض ذلك. المسائل الأخرى التي كانت عالقة في السابق سويت إلى حد كبير».

وكان وفد إسرائيلي وصل إلى العاصمة القطرية، الجمعة، من أجل استكمال المفاوضات بعدما حصل على تفويض أكبر من نتنياهو. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، السبت، إن نتنياهو في مناقشة أجراها، الجمعة، أعطى تفويضاً كاملاً للوفد لإجراء محادثات بشأن صفقة الرهائن.

وأعلن مكتب نتنياهو، الجمعة، أنه وافق على إرسال وفد من «الموساد» و«الشاباك» والجيش الإسرائيلي إلى قطر لمواصلة محادثات التفاوض. ومقابل ذلك أكد المسؤول بـ«حماس»، باسم نعيم، أن جولة المحادثات التي استؤنفت في الدوحة، «تؤكد جدية الحركة في السعي للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن». وبحسب قول المسؤول بـ«حماس» فإن المحادثات تركزت على الاتفاق على «وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية».

فلسطيني يجلس وسط الدمار في حي الشجاعية بمدينة غزة السبت (أ.ف.ب)
فلسطيني يجلس وسط الدمار في حي الشجاعية بمدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

لكن في إسرائيل يتحدثون عن تقدم بطيء وفجوات. وقالت «يديعوت أحرونوت» إن الوسطاء يطرحون أفكاراً بشأن الطلب الإسرائيلي الحصول على قوائم المختطفين، وأعداد المختطفين الذين سيتم إطلاق سراحهم، ويحاولون إيجاد حل لوجود الجيش الإسرائيلي في منطقة فيلادلفيا على الحدود. (تصر «حماس» على انسحاب أكبر للجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى، وإسرائيل مستعدة للنظر في الانسحاب على مراحل فقط). وبحسب الصحيفة، «توجد ثغرات إضافية تتعلق بآمال (حماس) في إنهاء الحرب في مواجهة التصريحات المتناقضة لنتنياهو».

وأبلغ مسؤول سياسي كبير «i24NEWS» أنه من السابق لأوانه الحديث بمصطلحات التفاؤل. وذكر أيضاً أن المحاولات لا تزال جارية لسد الفجوات بين الطرفين، بما في ذلك تراجع «حماس» عن التزامها بإطلاق سراح الجرحى بوصفه جزءاً من الصفقة الإنسانية. ويقولون في إسرائيل إنه حتى نهاية الأسبوع الحالي يمكن أن تتضح الصورة، إما انفراجة حقيقية وإما انتكاسة. ويعمل الوسطاء على اتفاق قبل وصول الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض في 20 من الشهر الحالي.

وقال مراسل موقع «واللا» إن الوسطاء القطريين والمصريين ومساعدي ترمب يضغطون على الطرفين لإبرام اتفاق، مشيراً إلى أن «المرحلة الأولى من الاتفاق قد تتضمن وقف إطلاق النار لفترة تتراوح بين 7و9 أسابيع». وأصاف: «سلمت إسرائيل لحركة (حماس) قائمة بأسماء 34 مختطفاً تطالب بالإفراج عنهم في المرحلة الأولى». وأشار أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى أن تل أبيب تقدر أن بعض المختطفين المدرجين في القائمة لم يعودوا على قيد الحياة.

ناشطون يجلسون في صمت خارج المقر الخاص بنتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المتبقين في غزة السبت (د.ب.أ)
ناشطون يجلسون في صمت خارج المقر الخاص بنتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المتبقين في غزة السبت (د.ب.أ)

وقال مسؤول إسرائيلي كبير: «هدفنا هو إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المختطفين الأحياء في هذه القائمة... تدعي (حماس) أن ثلث المختطفين المدرجين في القائمة التي سلمتها إسرائيل هم رجال تحت سن الخمسين، وتعدهم جنوداً (إسرائيل تطلب إطلاق سراح النساء والرجال فوق 50 عاماً، والرجال أقل من 50 عاماً، والذين يعانون من حالة طبية خطيرة)، لذلك تطالب (حماس) مقابل إطلاق سراحهم أن توافق إسرائيل على إطلاق سراح عدد أكبر من الفلسطينيين، بما في ذلك أولئك الذين قتلوا إسرائيليين».

وأكد مراسل «واللا» نقلاً عن مسؤول كبير أن إسرائيل أعدت بالفعل قوائم بأسماء مئات الأسرى الفلسطينيين الذين ستكون على استعداد لإطلاق سراحهم، بوصفه جزءاً من صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة، لكن العدد النهائي وهويتهم لم يتم تحديدها.

إسرائيليون يتظاهرون بتل أبيب ضد نتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المتبقين في غزة 28 ديسمبر 2024 (أ.ب)
إسرائيليون يتظاهرون بتل أبيب ضد نتنياهو للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المتبقين في غزة 28 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ومع تجدد المفاوضات، تظاهر عشرات الإسرائيليين، السبت، أمام مقر إقامة نتنياهو، ومنزل الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، و7 مواقع أخرى مطالبين بإبرام صفقة تبادل.

أثناء ذلك، مستغلة تجدد المفاوضات وخلق ضغط أكبر على الرأي العام في إسرائيل، بثت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» فيديو للمجندة للإسرائيلية، ليري ألباج، الأسيرة في غزة، قالت فيه إنها محتجزة في الجحيم منذ أكثر من 450 يوماً، متهمة حكومة إسرائيل بأنها تحاول قتلهم وليس إنقاذهم. وقالت: «أسألكم يا حكومة إسرائيل، هل تريدون قتلنا؟... دمي على أيديكم». وأنهت الفيديو الذي ظهرت فيه شبه منهارة وتبكي بالقول: «إذا متُ فتذكروني، اكتبوا على قبري كل هذا بسبب الجيش والحكومة».


مقالات ذات صلة

«تفننوا في تعذيب الفلسطينيين»... من أبرز رؤساء «الشاباك» الإسرائيلي؟

شؤون إقليمية معتقلون فلسطينيون معصوبو الأعين خلال نقلهم بشاحنة إسرائيلية للتحقيق في غزة 8 ديسمبر الماضي (أ.ب)

«تفننوا في تعذيب الفلسطينيين»... من أبرز رؤساء «الشاباك» الإسرائيلي؟

منذ إقامة إسرائيل خدم في منصب رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» 14 جنرالاً، جميعهم من أصحاب الخبرة في المجال الأمني. واستقال اثنان منهم فقط بسبب الإخفاق.

نظير مجلي (تل أبيب)
الخليج محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية (وام)

الإمارات: الإعدام لـ 3 مدانين بقتل مواطن مولدوفي - إسرائيلي

قضت محكمة إماراتية بإدانة المتهمين باختطاف وقتل المواطن المولدوفي - الإسرائيلي زافي كوجان وبمعاقبة ثلاثة منهم بعقوبة الإعدام وبالسجن المؤبد على الرابع.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شؤون إقليمية الرهينة حينها ياردين بيباس يظهر مع صورة زوجته شيري وابنيه الصغيرين أرييل وكفير في مقطع فيديو صوّره أثناء احتجازه في غزة... 30 نوفمبر 2023 (متداولة)

رهينة إسرائيلي أفرجت عنه «حماس» يطالب ترمب بإنهاء الحرب في غزة

طالَبَ إسرائيلي كان رهينة بين أيدي «حماس» وقُتلت زوجته مع طفليهما في غزة، الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب وإنقاذ الرهائن المتبقين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو يسمي رئيساً جديداً لـ«الشاباك»... ليكتشف لاحقاً أنه مُعارض play-circle

نتنياهو يسمي رئيساً جديداً لـ«الشاباك»... ليكتشف لاحقاً أنه مُعارض

اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، القائد الأسبق للبحرية اللواء إيلي شارفيت رئيساً جديداً لجهاز الأمن الداخلي (شاباك)، وفق بيان صدر عن مكتبه.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي إسقاط طائرة استطلاع إسرائيلية نوع «درون» في سماء بلدة كويا بريف درعا الغربي

توغل قوات إسرائيلية بجبل الشيخ غرب سوريا

تمكن مسلحون محليون من إسقاط مسيَّرة إسرائيلية استطلاعية في منطقة وادي اليرموك بريف درعا الغربي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

القصير تحتفل بعيد الفطر... من دون «حزب الله»

استعاد أهالي القصير طقوس العيد الجماعية بعد انتهاء شهر رمضان (فريق سامي التطوعي)
استعاد أهالي القصير طقوس العيد الجماعية بعد انتهاء شهر رمضان (فريق سامي التطوعي)
TT
20

القصير تحتفل بعيد الفطر... من دون «حزب الله»

استعاد أهالي القصير طقوس العيد الجماعية بعد انتهاء شهر رمضان (فريق سامي التطوعي)
استعاد أهالي القصير طقوس العيد الجماعية بعد انتهاء شهر رمضان (فريق سامي التطوعي)

وسط الدمار، أدى الآلاف من أهالي مدينة القصير صلاة العيد في ساحة الحي الشمالي التي انطلقت منها أول مظاهرة في القصير ضد نظام الأسد عام 2011. وللمرة الأولى في تاريخ المدينة تُقام صلاة العيد في ساحة عامة. ولأول مرة تجتمع تلك الأعداد من الأهالي في مكان واحد مكشوف منذ ثلاثة عشر عاماً شهدت تدمير 70 في المائة من مدينتهم وتهجيرهم، وسيطرة «حزب الله» اللبناني وقوات نظام الأسد عليها.

مقاتل حكومي سوري ينتشر على الحدود اللبنانية قرب القصير فبراير الماضي (أ.ف.ب)
مقاتل حكومي سوري ينتشر على الحدود اللبنانية قرب القصير فبراير الماضي (أ.ف.ب)

وكانت منطقة القصير القريبة من الحدود مع لبنان أهم قواعد نفوذ «حزب الله» في سوريا، وقد انسحب منها بعد سقوط النظام، وبقي موالوه والمرتبطون معه من أهالي المنطقة وعدد من قرى الشريط الحدودي الذي شهد اشتباكات متفرقة خلال الأشهر الماضية. وكانت أعنفها عملية عسكرية للقوات السورية في فبراير (شباط) الماضي التي انتهت بإبعادهم إلى الأراضي اللبنانية، مع نشر عناصر على المنافذ الحدودية غير الشرعية.

وعادت المنطقة لتشهد قبل أسبوعين تصعيداً خطيراً على خلفية مقتل عسكريين سوريين في المنطقة الحدودية، حيث تم تبادل القصف المدفعي بين جانبَي الحدود، والذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، ونزوح أهالي القرى الحدودية، قبل التوصل إلى اتفاق مع الجيش اللبناني لوقف إطلاق النار، وإغلاق أربعة منافذ حدودية غير شرعية، لوقف نشاط مهربي المخدرات والسلاح الذين ازدهر نشاطهم خلال العقد الأخير.

وفور سقوط النظام بدأ أهالي القصير اللاجئون في المخيمات اللبنانية العودة إلى مناطقهم، ومئات منهم وجدوا بيوتهم مدمرة بشكل كامل، واضطروا إلى نصب خيام إلى جوارها ريثما يعيدون بناءها أو يجدون السكن البديل.

وكشفت الأعداد الكبيرة للمشاركين في صلاة العيد عن حجم العائدين. وقدر الإعلامي أحمد القصير، وهو من العائدين مؤخراً، نسبتهم بنحو 65 في المائة من المهجّرين. ويقدر عدد سكان منطقة القصير قبل الثورة بمائة وخمسين ألف نسمة، وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط».

من جانبه، أكد شاهين (30 عاماً)، وهو من العائدين عام 2018، أنه لغاية سقوط النظام كانت المدينة عبارة عن «خرابة» رغم عودة عشرين ألف شخص عام 2018؛ فقد كان يسيطر على المنطقة «حزب الله» وعصابات النظام والمهربين، ولم تكن هناك أسواق بالمعنى الحقيقي وإنما دكاكين صغيرة، وكان كل شيء مدمراً؛ المدارس والمستوصفات والمشافي، ويضطر أبناء المنطقة للذهاب إلى حمص (30 كم) للحصول على احتياجاتهم، وفي الطريق يعانون من حواجز النظام التي تفرض الإتاوات.

نساء أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب)
نساء أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب)

وبعد سقوط نظام الأسد وانسحاب «حزب الله»، بدأت الحياة الطبيعية تعود، ومنذ بداية رمضان عادت الأسواق التجارية للعمل رغم الدمار والفقر الشديد والبؤس. ولفت شاهين إلى الحركة الكثيفة التي شهدتها الأسواق ليلة «وقفة العيد» حتى ساعة متأخرة من الليل. وعلق: «الآن بدأت مدينة القصير تستعيد دورها كمركز تجاري للمنطقة».

وبحسب إحصاء أجراه «فريق سامي التطوعي»، عاد خلال الشهر الأول من سقوط النظام أكثر من ثلاثين ألف لاجئ إلى مدينة القصير وريفها، ومن المرجح أن العدد تضاعف مع مرور نحو أربعة أشهر، كما من المتوقع بحسب المسؤولين عن الفريق أن تتضاعف الأعداد بعد انتهاء العام الدراسي. وقال زيد حربا، أحد أعضاء الفريق المؤلف من أكثر من أربعين شاباً وشابة، إن غالبية العائدين جاءوا من المخيمات في لبنان، وقلة من مخيمات الشمال السوري؛ لأن الأهالي هناك ينتظرون انتهاء العام الدراسي لترتيب عودتهم إلى القصير.

لقطة من الأعلى لحشود المصلين في الساحة العامة لمدينة القصير بريف حمص صبيحة عيد الفطر (فريق سامي التطوعي)
لقطة من الأعلى لحشود المصلين في الساحة العامة لمدينة القصير بريف حمص صبيحة عيد الفطر (فريق سامي التطوعي)

وفي ساحة وسط الحي الشمالي المدمر بشكل شبه كامل، تجمع آلاف المصلين والمصليات لتأدية صلاة عيد الفطر، في مدينة كان فيها أكثر من عشرين مسجداً دُمّر معظمها، وقد أعيد تأهيل ستة منها فقط. وعبر زيد عن دهشة فريقه من الأعداد الكبيرة للمصلين الذين لم تتسع لهم الساحة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه تم اختيار هذه الساحة؛ لأنها المكان الذي شهد انطلاق الثورة في القصير عام 2011، مضيفاً أنها المرة الأولى التي تمكن فيها الأهالي من إحياء سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بتأدية صلاة العيد في الساحات خارج المساجد، من دون خوف من قصف النظام. ونقل عن أحد المصلين المسنين قوله صباحاً للفريق: «لأول مرة نصلي من دون أن ننظر إلى السماء خوفاً من قصف الطائرات. لقد صلينا وعيوننا على الأرض مطمئنين».

«فريق سامي التطوعي» الذي نظم صلاة عيد الفطر في القصير بمحافظة حمص السورية (الشرق الأوسط)
«فريق سامي التطوعي» الذي نظم صلاة عيد الفطر في القصير بمحافظة حمص السورية (الشرق الأوسط)

ولفت زيد إلى مشاركة النساء في صلاة العيد، وهي أول مرة أيضاً في القصير؛ فقد «قمنا بتقسيم الساحة إلى مكان للرجال وآخر للنساء مع فاصل عدة أمتار». وبعد الصلاة تحولت الساحة إلى مكان لتبادل التهاني والتبريكات والحوار بين الأهالي والمسؤولين عن المنطقة؛ المدنيين والعسكريين المشاركين في الصلاة؛ فالعيد كان «أعياداً»؛ فرح العيد، وفرح النصر، وفرح العودة إلى القصير، وفرح التنظيم والانضباط... وكلها «نعيشها لأول مرة».

نساء أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب)
نساء أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب)

وحول الأوضاع الأمنية أكد زيد حربا، أنها تحسنت كثيراً عما كانت عليه في الأسابيع الأولى من التحرير؛ فقد «تراجعت الانتهاكات والسرقات بشكل ملحوظ، كما بات حضور قوى الأمن العام أكثر وضوحاً»، لافتاً إلى العرض العسكري الذي شهدته المدينة عشية العيد. وقال: «كان مشهداً مستجداً وغير مألوف لنا. خرج الأهالي على الأسطح والشوارع للتهليل والتقاط الصور؛ فنحن لم نعتد على العلاقة الودية مع السلطات الأمنية التي طالما أرعبتنا في عهد النظام البائد».