الفيل الأفريقي يُلهم مجموعة «شوبارد» الأخيرة

«زمرد إنسوفو»... جرأة إبداعية بروح مستدامة

كارولين شيفوليه في مشغلها (شوبارد)
كارولين شيفوليه في مشغلها (شوبارد)
TT

الفيل الأفريقي يُلهم مجموعة «شوبارد» الأخيرة

كارولين شيفوليه في مشغلها (شوبارد)
كارولين شيفوليه في مشغلها (شوبارد)

«شوبارد» فخورة بمجموعتها الجديدة «InsofuEmerald»، وتريد أن تُعرف العالم أجمع بقصتها من المنشأ إلى النتيجة. ما يدعوها للفخر أن أهمية هذه المجموعة لا تقتصر على كونها تجمع جمال الطبيعة بالترف المستدام وحرفية الدار، بل في أنها مصنوعة من حجر خام واحد. في عام 2022، بدأت قصة (Insofu)، عندما حصلت كارولين شوفوليه، الرئيس المشارك والمدير الإبداعي لدار «شوبارد»، على حجر زمرد خام بوزن 6225 قيراطاً تم اكتشافه في زامبيا قبل بضعة أعوام.

كارولين شيفوليه تحمل حجر «إنسوفو» قبل قطعه (شوبارد)

كان حجمه لافتاً، مما جعل عمال المنجم المذهولين يُطلقون عليه اسم (insofu) ومعناها «فيل» بلغة بيمبا، في إشارة إلى حجمه الضخم وأيضاً شكله الذي يشبه خرطوم الفيل. لم تستطع كارولين شوفوليه مقاومة لونه الزاهي وتدرجاته الفريدة وفكرة أنها يمكن أن تُخرج منه أحجاراً عدة ستأخذ كل منها مكاناً مركزياً في مجوهرات استثنائية. اقتنته من دون تردد. تُبرر سرعة قرارها بأن كل حجر كريم هو بالنسبة إليها «قصة مميزة، ومهمتي هي الإصغاء له والاحتفاء بالسحر الطبيعي الكامن فيه بصفته كنزاً من كنوز الأرض».

اقتنت «شوبارد» القطعة الخام الضخمة وهي على يقين بأنها ستُخرج منه أحجاراً ستصبح كل منها قطعة مركزية في مجوهرات استثنائية (شوبارد)

تعد هذه المرة هي الثانية التي تحصل فيها الدار على حجر ضخم ومتكامل ومعروف مصدره. سبق أن حصلت على حجر ماس خام بوزن 342 قيراطاً في عام 2017، كانت ثمرته مجموعة (Garden of Kalahari).

ما حفّز كارولين شوفوليه أيضاً على اقتناء حجر «إنسوفو» الخام، رغم معرفتها المسبقة بصعوبة تقطيعه وصقله، أنها ستضمن تتبُّع منشئه بسهولة، وهو ما يتماشى مع المبادئ الأخلاقية والمستدامة التي تعانقها الدار منذ زمن. تصف كارولين شوفوليه أهمية هذه الخطوة قائلة: «إن القدرة على تتبع المنشأ أكثر من مجرد تقدم تقني، إنها تشكّل إنجازاً على الصعيد الأخلاقي».

فعلى خلاف حجر الماس الخام الذي يمكن تحديد نوعه وقيراطه بدقة علمية، باستخدام أدوات دقيقة، يبقى حجر الزمرد الخام أكثر تعقيداً، لأنه لا يكشف عن كامل مكنوناته عند اقتنائه. فقط خلال عملية قطعه، وهي محفوفة بكثير من المخاطرة. يتم التأكد من جودته وما يتضمنه من جماليات. فهو ذو طبيعة هشة إضافةً إلى أن شوائبه الداخلية التي تُعرف باسم «غاردن» (أي «الحديقة» بالفرنسية) تتطلب التعامل معه بعناية فائقة؛ لأن أي قطع بالقرب منها قد يؤدي إلى حدوث كسور يمكن أن تنتشر فيه كُلّه وتُؤثر على قيمته.

يتميز حجر الزمرد الخام بطبيعة هشة تجعل تقطيعه معقَّداً (شوبارد)

استعانت «شوبارد» بأبرع خبراء قطع الأحجار الكريمة في العالم، ومن الهند خصوصاً. أحضرتهم إلى ورشاتها في جنيف لدراسة حجر الزمرد الضخم، واقتراح كيف يمكن قطعه وصقله بطرق تكشف عن جماله الأصيل وفي الوقت ذاته تحافظ على خصائصه الطبيعية. استغرقت المهمة قرابة عام قبل أن يتم إنتاج جوهرة (insofu) 850 قيراطاً ثم مجموعة (Insofu)، التي تجمَّع فيها الزمرد مع الماس واللؤلؤ والسافير الوردي.

الفصل الأول

اجتمع في المجموعة جمال الطبيعة مع الترف المستدام إلى جانب لمسة الدار المعروفة (شوبارد)

العام الماضي، عُرض الفصل الأول من قصة (Insofu). جاء على شكل طقم مكون من قلادة وخاتم وزوج من الأقراط، مرصع بأحجار الزمرد وأحجار الروبليت بلون أحمر زاهٍ مع لمسات من الفيروز بلون أزرق سماوي. هذا العام، تعرض «شوبارد» فصلاً ثانياً من خلال مجموعة من 15 إبداعاً، تتضمن: خمسة أزواج من الأقراط، وأربع قلادات، وثلاثة خواتم، وسواراً، وساعة مجوهرة تغلب عليها أشكال مجردة، وأسلوب فن«الآرت ديكو».

قلادة على شكل فيل رُصّعت بأحجار زمرد بأشكال وأحجام مختلفة تحيط بها أحجار الماس البرّاقة على شكل أنياب الفيل (شوبارد)

تبرز في قلب المجموعة قلادة على شكل فيل رصّعت بأحجار زمرد بأشكال وأحجام مختلفة تحيط بها أحجار الماس البرّاقة على شكل أنياب الفيل. صُممت ببراعة لتتيح تحويلها إلى دبوس يُزيِن الصدر. ويلاحظ أن خرطوم الفيل فيها يرتفع للأعلى كلفتة مفعمة بالرمزية تعبِّر عن الازدهار والحظ السعيد.

تشتمل المجموعة على قطع مستوحاة من فن «الآرت ديكو» وقلادات طويلة تكاد تصل إلى الخصر تستحضر جرأة عشرينات القرن الماضي (شوبارد)

كما تشتمل المجموعة طوقاً مستوحى من فن «الآرت ديكو»، وقلادات طويلة تكاد تصل إلى الخصر تستحضر جرأة وترف عشرينات القرن الماضي، كما صورها الكاتب فرنسيس سكوت فيتزجيرالد في رائعته (The Great Gatsby) في عام 1925. هذه الجرأة والترف تجلَّيا في أربع قلادات بإمكانات تنسيق لا حصر لها، يبرز بينها طوق من الماس يتلألأ ببريق حجر زمرد بقطع مربع يبلغ وزنه 2.50 قيراط، وقلادة ثانية مرصعة بالسافير الوردي والزمرد يكللها حجر زمرد بقطع مثمَّن الأضلاع يبلغ وزنه 15.53 قيراط. قلادة أخرى طويلة يتداخل فيها الزمرد مع اللؤلؤ والماس وسلسلة ناعمة من اللؤلؤ الوردي تضفيان لمسة نعومة وتوازُن على القطع الأكثر جرأة.

قلادة طويلة يتداخل فيها الزمرد مع اللؤلؤ والماس وسلسلة ناعمة من اللؤلؤ الوردي تضفيان لمسة نعومة وتوازُن على القطع الأكثر جرأة (شوبارد)

على خلفية من اللآلئ المصفوفة بانتظام في سوار بديع، تبرز زخرفة رقيقة بشكل عمودي من أوراق الشجر المرصعة بالزمرد، ويحتضن السوار أحجار التسافوريت والزمرد المتقدة بالحيوية، فيما تُضفي اللآلئ المتجاورة بشكلها المستدير الناعم مع الأوجه الحادة للأحجار الكريمة تفاعلاً لافتاً بين القوام والأشكال. وبذلك يجمع التصميم بين أناقة البحر الذي تجسده اللآلئ وبين البرية التي تمثلها الأوراق الخضراء.

استدامة تتبُّع المنشأ

ساعة من المجموعة مرصعة بالماس والزمرد تعكس حرفية الدار (شوبارد)

اقتناعاً منها بضرورة الجمع بين القيمة الجمالية والقيمة الأخلاقية، تحرص«شوبارد» على اختبار إثبات المنشأ للزمرد (Provenance Proof’s Emerald Paternity Test) الذي طوره مختبر «غوبلين جيم لاب». تتضمن هذه الطريقة المتطورة حقن جزيئات نانوية على مستوى الحمض النووي في الشقوق الطبيعية للحجر الكريم، التي تبقى سليمة خلال عمليات القطع والتلميع. وتظل هذه العلامة ثابتة ودائمة في الحجر، مما يسمح بتحديد هويته الخام مدى الحياة حتى بعد عقود من الآن، وذلك من خلال فحص بسيط يساعد على تتبع هذه المجوهرات للوصول إلى الحجر الخام الأصلي الذي اقتُطعت منه.


مقالات ذات صلة

«بالنسياغا»... بين عبثية ديمنا وشاعرية بيتشولي

لمسات الموضة تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور

«بالنسياغا»... بين عبثية ديمنا وشاعرية بيتشولي

لم يكن تعيين بيرباولو بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً لدار الأزياء «بالنسياغا» خبراً عادياً. اعتبره عشاق الموضة من أبرز التحركات التي عرفتها صناعة الموضة…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة سيكتب بيتشولي فصلاً جديداً لدار «بالنسياغا» (أ.ف.ب)

عهد جديد في دار «بالنسياغا»

ردود الفعل الإيجابية التي أثارها خبر تعيين الإيطالي بيرباولو بيتشولي الإدارة الفنية لدار أزياء «بالنسياغا» أكدت أنه خير خلف ليس لديمنا، مديرها الإبداعي السابق،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟

هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟

الحقائب التي يطرحها المصممون منذ موسمين تقريباً تشير إلى أنهم سلّموا بأن حقيبة البيركين خارج المنافسة ومع ذلك لا يزالون يبحثون عن «رقية» تفكّ سحرها

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة انسدال الأقمشة انعكس على الفازات والقطع التي صاغها حرفيو دار «دوم» (تمارا رالف)

مصممة الأزياء تمارا رالف تُروِّض الطبيعة بالكريستال

ماذا يمكن أن نتوقع من لقاء يجمع بين المصممة الأسترالية تمارا رالف التي تعوّدت ترويض الأقمشة، ودار «دوم» الفرنسية المتخصصة في الكريستال والزجاج؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الأبيض والأسود هما الغالبان على هذه التشكيلة للتأكيد على أنها لكل المواسم (زارا)

50 عارضة تحتفل بميلاد «زارا» الخمسين

احتفلت علامة «زارا» مؤخراً بمرور 50 عاماً على تأسيسها، مستعينة بـ50 عارضة أزياء من كل الأعمار والجنسيات والمواصفات لتؤكد أنها تحتضن كل نساء العالم. استعانت…

جميلة حلفيشي (لندن)

بييرباولو بيتشولي في «بالنسياغا»... ماذا نتوقع منه؟

تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور
تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور
TT

بييرباولو بيتشولي في «بالنسياغا»... ماذا نتوقع منه؟

تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور
تأثير كريستوبال على المصممين أمر واقع فهو "المعلم" ما وصفه كريستيان ديور

لم يكن تعيين بيرباولو بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً لدار الأزياء «بالنسياغا» خبراً عادياً. اعتبره عشاق الموضة من أبرز التحركات التي عرفتها صناعة الموضة العالمية، هذا العام، والأكثر إيجابية. تصريحه بأنه مستعد للمرحلة الجديدة بعد عام على خروجه من دار «فالنتينو» طمأن أوساط الموضة بأننا على موعد مع فصل جديد في تاريخ دار أسسها مصمم كان مسكوناً بالفن ورغبة جامحة في كسر القوالب التقليدية: كريستوبال بالنسياغا.

المصمم بييرباولو بيتشيولي (بالنسياغا)

أحد أسباب التفاؤل يعود أيضاً إلى أنه سيخلف المدير الإبداعي السابق والمثير للجدل، ديمنا. كان من مدرسة مختلفة. لم يكن من السهل على الكل فهم مفرداتها، الأمر الذي يشجع على تشبيه الفرق بينهما مثل الفرق بين فيلسوف عبثي وشاعر عاطفي. ديمنا ركَز على الجانب الثوري والصادم لكريستوبال بالنسياغا، من ناحية عشقه لاستعمال خامات ومواد حداثية، وتعمده الاستعانة بعارضات لا يتمتعن بالجمال الكلاسيكي التقليدي، أو في منتصف العمر وغيرها من الأمور التي لم تكن مألوفة في زمنه.

بييرباولو بيتشيولي، في المقابل مصمم يعطي الأولوية للجوانب العاطفية والإنسانية، الأمر الذي يدعو للتوقع أنه سينبش في الدفاتر القديمة ليُخرج منها تصاميم تخاطب القلب وتحرك الوجدان أولاً وأخيراً.

الإعلان عن الخبر أعاد إلى الأذهان تشكيلات بيتشولي في الأعوام الأخيرة، وكيف تظهر تأثراً واضحاً بكريستوبال. على الأقل من ناحية الأحجام والألوان. قد يكون الأمر استشعاراً واستقبالاً لما سيأتي، أو متعمّداً من باب الاحترام لقدرات مصمم وصفه الراحل كريستيان ديور «إنه أستاذ الكل". كما قد يكون مجرد تخاطر أفكار بين مصممين جمعهما حب الابتكار وفرَّقهما الزمن.

الممثلة ميلينا سميت في مهرجان كان الأخير في فستان مفصل على شكل معطف طويل (بالنسياغا)

تجدر الإشارة إلى أن بييرباولو بيتشولي هو خامس مصمّم يتولى الإدارة الفنية للدار. سبقه كل من ميشيل غوما، ونيكولا غيسكيير، وألكسندر وانغ، وديمنا.

هذا الأخير انتقل إلى «غوتشي»، في مارس (آذار) الماضي، التي تنضوي تحت أجنحة مجموعة «كيرينغ»، مثل «بالنسياغا». انتقاله يُعتبر ترقية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن «غوتشي» كانت إلى عهد قريب الماسة التي تُزين تاج المجموعة الفرنسية، وتحقق لها أعلى الأرباح. انتكست في السنوات الأخيرة، ما يجعل الآمال تُعقد على ديمنا لكي يبث فيها روحاً جديدة. فوفقاً لتقديرات «مورغان ستانلي»، ارتفعت مبيعات «بالنسياغا»، إلى 1.66 مليار يورو في عام 2024، مقارنة بـ360 مليون يورو فقط في 2015؛ العام الذي تولى فيه منصبه الإبداعي.

إزابيل هوبير بزي من الجينز يتحدى تقاليد السجاد الأحمر في مهرجان كان الأخيرة (بالنسياغا)

لكن بالنسبة لشريحة كبيرة من عشاق الموضة بمفهومها التقليدي، لم يشفع له نجاحه التجاري ولا قدراته في مجال التفصيل والتفنن في الأحجام. لم يرق لهن أسلوبه الجامح، ورأوه خروجا عن السيناريو الذي كتبه المؤسس، كريستوبال، لا سيما أن تمرده كان يُترجم أحياناً بأنه ساخر على ثقافة العصر. ثم كانت الحملة الإعلانية في أواخر 2022 التي تضمنت صوراً لأطفال بجانب إكسسوارات على شكل دببة تحمل إيحاءات جنسية، القشة التي قسمت ظهر البعير. أثارت عليه كثيراً من الانتقادات. سحبها واعتذر عنها، إلا أنها عكَّرت صفو عدة سنوات من النجاح.

العارضة إيفا هيرزيغوفا في فستان يجسد اسلوب المؤسس كريستوبال في مهرجان كان (بالنسياغا)

قوة ديمنا كانت في البداية تكمن بقدرته على جس نبض الشارع وترجمة ثقافة شبابية في تصاميم تمزج روح الدعابة بالثقافة الرقمية، كالتنانير المصنوعة من المناشف والحقائب المصممة على هيئة أكواب قهوة أو كيس بطاطا وغيرها. لمست وتراً حساساً لدى شريحة كبيرة من شباب «التيك توك» و«إنستغرام»، لكنها زادت من حنين زبونات الدار المخضرمات لأسلوب المؤسس. هذه الشريحة هي نفسها التي هلَّلت لخبر تعيين بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً للدار. فهذا إيذان بعهد جديد ستعود فيه الدار إلى جوهر الحرفية الراقية والجمال الكلاسيكي

ماذا يمكن أن نتوقع منه مستقبلاً؟

درس بيتشولي الأدب في جامعة روما، وتدرّب في بيوت راقية مثل «برونيلو كوتشينيللي» و«فندي»، قبل أن ينتقل إلى دار «فالنتينو» التي عمل فيها لـ25 عاماً، 8 منها مديراً إبداعياً نجح في رسم لوحات شاعرية ساحرة. وَصْفتُه أنه استعمل لغة المؤسس واكتفى «بتغيير النبرة فقط»، وفق ما قاله عندما سئل عن علاقته بفالنتينو غارافاني. هذا الاحترام للماضي والبناء عليه لن يصعب عليه، مع وجود أرشيف غني وغير مستغَل بالكامل، إضافة إلى أن أسلوبه الخاص لا يختلف كثيراً عن أسلوب كرستوبال، إذا أخذنا بعين الاعتبار تشكيلاته في السنوات الأخيرة.

شاعرية تحرك العواطف

ينجح بيتشيولي دائماً في رسم صورة شاعرية تتناغم فيها الأقمشة مع الألوان (فالنتينو)

يمتلك بييرباولو بيتشولي حسّاً فنياً يتمثل في قدرة عجيبة على جعل تصاميمه تنبض بالحياة، وتحريك العواطف، وهذا ما يجعل محبيه متفائلين بأنه سيعيد للدار توازناً شاعرياً افتقدته إلى حد ما في عهد ديمنا. في الفترة التي قضاها في دار «فالنتينو»، أكد لنا أن الأناقة لا تحتاج إلى إحداث الصدمات لتخلّف أثراً جميلاً، وأن الأناقة الهادئة أكثر بلاغة من الصخب.

لوحة ألوان نابضة

من عرض سابق لبييرباولو استعمل فيه الوردي أحد الألوان المفضلة لديه (فالنتينو)

إذا كان بيتشيولي يتعامل مع الأقمشة والخطوط بشاعرية، فإنه يتعامل مع الألوان برؤية رسام. يستعملها بشجاعة لأنه يعرف كيف يضعها في السياق الصحيح، بدءاً من اللون الأحمر الذي ورثه عن المؤسس فالنتينو، إلى الوردي الذي ابتكر درجة صارخة منه منذ سنوات قليلة، وهذا يعني أن «بالنسياغا» في عهدها الجديد، ستكتسب حيوية مستمدة من ألوان، مثل الوردي والأخضر والأحمر والأزرق والأصفر. لكنه لن يتجاهل الأسود والألوان الداكنة التي اشتهرت بها الدار في الخمسينات من القرن الماضي.

أحجام وأشكال فنية

تأخذ الأحجام في تصاميم بييرباولو أيضا أبعاد ثلاثية تتجلى في ورود متفتحة (فالنتينو)

مثل كريستوبال، يعشق بيتشولي اللعب بالأحجام الهندسية وما شابهها من مفردات ظهرت في قبعات كبيرة وأكمام منفوخة وتنورات مستديرة واكبت توجهات الموضة في الخمسينات من القرن الماضي، ولا تزال تلهم مصممين شباب إلى حد اليوم. بالنسبة لبيتشيولي، تأخذ هذه الأحجام أيضاً أشكالاً متنوعة وأبعاداً ثلاثية تتجلى تارة في فساتين تتفتح كالورود، وتارة في تنورات بذيول من الريش، أو تطريزات سخية أو رسمات مطبوعة على الأقمشة.