تحضيرات المؤتمر الوطني السوري: إعلان دستوري وحكومة تكنوقراط

قبلاوي لـ«الشرق الأوسط»: دعوة أجسام سياسية تشكلت في الخارج ظلم للداخل السوري

متظاهرون في دوما على مشارف دمشق الشرقية الأربعاء في وقفة احتجاجية للكشف عن مصير نشطاء اختطفوا في ديسمبر 2013 (أ.ف.ب)
متظاهرون في دوما على مشارف دمشق الشرقية الأربعاء في وقفة احتجاجية للكشف عن مصير نشطاء اختطفوا في ديسمبر 2013 (أ.ف.ب)
TT
20

تحضيرات المؤتمر الوطني السوري: إعلان دستوري وحكومة تكنوقراط

متظاهرون في دوما على مشارف دمشق الشرقية الأربعاء في وقفة احتجاجية للكشف عن مصير نشطاء اختطفوا في ديسمبر 2013 (أ.ف.ب)
متظاهرون في دوما على مشارف دمشق الشرقية الأربعاء في وقفة احتجاجية للكشف عن مصير نشطاء اختطفوا في ديسمبر 2013 (أ.ف.ب)

ربما ان السؤال الأكثر إلحاحاً للمتابعين لتطورات الملف السوري في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد وتسلم إدارة جديدة الأمور في سوريا، بقيادة أحمد الشرع، ترقب تفاصيل عن أعمال المؤتمر الوطني السوري الذي أعلن عنه الشرع في تصريحات إعلامية، والبدء بتشكيل لجنة تحضيرية وتوجيه الدعوات ومعاييرها بعد أن كثر الحديث عمن يدعى أو يستبعد بحسب الشروط التي ستعتمد، والتوقيت المتوقع للمؤتمر؟

د.مؤيد غزلان قبلاوي المطلع على التحضيرات للمؤتمر الوطني العام في سوريا، وهو كاتب وباحث سياسي سوري، أجاب على تساؤلات «الشرق الأوسط» في هذا السياق.

شدد قبلاوي على أن «الشخصيات ستدعى إلى المؤتمر الوطني السوري لتاريخها النضالي الحاضر أو الماضي، وبسبب مواكبتها للقضية السورية ونشاطها الثوري. موضحاً أن هناك سياسياً لم يمارس الثورة، وكما أن هناك ثورياً لم يمارس السياسة مثل الحراك الثوري. لافتاً إلى أهمية فئة الشباب وفئة المرأة، وفئة المنشقين وفئة المعتقلين. الفئات كثيرة». وبمزيد من الشرح، يقول: «حددنا مثلاً 15 فئة حتى الآن وبقيت فئات لم تصنف بعد. قد يصل العدد إلى عشرين فئة، يمكن دمج فئات مع أخرى».

وهو يؤكد على أن التصنيف الفئوي بالنسبة للمجتمع السوري، ما قبل الثورة وبعد الثورة، دائماً ما سيضفي إشكالية معينة. موضحاً: «لذا اعتبرنا أن المؤتمر هو انطلاقة لمساحات التفاهم والتواصل بين هذه الأطياف المجتمعية، (المجتمع السياسي الذي يتشكل الآن)، لأن التشكيل لم يكن مسموحاً به في سوريا خلال خمسة عقود، كان ممنوعاً. الفكر كان مأسوراً والتشكيل كان مجرّماً».

جانب من لقاء الائتلاف السوري للمعارضة ووفد الخارجية الأميركية في أنقرة سبتمبر الماضي (الائتلاف السوري)
جانب من لقاء الائتلاف السوري للمعارضة ووفد الخارجية الأميركية في أنقرة سبتمبر الماضي (الائتلاف السوري)

«هذه هي الانطلاقة». ويوضح قائلاً: «لذا، لن نستطيع دعوة مكونات تشكلت في الخارج بينما الداخل لم تتح له الفرصة لتشكيل مكوناته السياسية، ولا أن يتمترس وراء آيديولوجيا معينة ينطلق منها نحو سوريا المستقبل».

«الداخل كان محروماً من هذه التشكيلات»، والكلام لقبلاوي، «أما الخارج، بالمؤسسات السياسية التي تشكلت، مثل (إعلان دمشق) و(الائتلاف الوطني) و(المجلس الوطني) وغيرها، عانت الانقسامات الكثيرة، وعانت الفئوية في الرئاسة والانتخابات، ولم تكن مشرعنة من الشارع. لهذا تفادينا دعوة أجسام سياسية كانت ظروف تشكيلها مختلفة تماماً عن الظروف الحالية».

ويعود ليشدد: «الآن، ستبدأ المكونات بالإعلان عن أهدافها في سوريا الجديدة، وستقول: أنا مكون من طائفة معينة، أو مكون من طيف سياسي معين، أو فكر سياسي معين، هذه طلباتي وهذا مساري الذي أريد أن يتم احترامه وإدراجه. أما المكونات التي تأسست في الخارج، فقد اعتادت المحاصصة، كانت المحاصصة موجودة في كينونة وبنية المؤسسات المعارضة. هذا كان واضحاً». فـ(المجلس الوطني) (تأسس في أكتوبر «تشرين الأول» 2011 في إسطنبول)، وشهد تحاصص الفئات السياسية المشكلة منذ عشرات السنين، مثل الإخوان المسلمين، والتيار الوطني الديمقراطي، وإعلان دمشق، حيث تحاصصت فيما بينها وفقاً لثقلها في القضية السورية، وبقي الحراك الثوري ببعض نشاطه مهمشاً، وبقيت القبائل العشائرية (مراقباً)، ولم يكن لها ثقلها في الممارسات السياسية. وحتى الفئة العسكرية، مثل الفصائل، لم تحظ بتمثيل يوافق وزنها على الأرض».

لذا، يخلص منسق المؤتمر الوطني السوري إلى أن «تمثيل السياسيين الذين غابوا عن سوريا ثلاثين وأربعين سنة، غير مقبول، لأن تلك الأجسام التي شكلوها لا يمكن اعتبارها (مكوناً)، وفي ذلك ظلم للشعب السوري الذي بقي في الداخل ولم يتسن له - لأنه لم يسمح له - بأي ممارسة سياسية. إذن لا يمكن أن تحضر أجسام تشكلت في الخارج إلى المؤتمر بواقع المحاصصة السياسية».

كان الشرع قال في تصريحات سابقة إن الدعوات ستوجه لأشخاص وليس لأجسام معارضة... إذن هل توجه الدعوة لشخصيات منها، الائتلاف مثلاً؟

يجيب قبلاوي قائلاً: «طبعاً الدعوات ستكون لأفراد وليس لكيانات المعارضة. بعض الشخصيات من الائتلاف وجهت لها الدعوة. كأفراد؛ لأن أهداف تلك الكيانات السياسية أساساً كانت في مرحلة ما، وتغيرت الآن. قبل الثورة ليس كما بعد الثورة. كما أن تلك الكيانات، أساساً تضم في داخلها مكونات أخرى مثل فصائل وأحزاب سياسية وتيارات حزبية. (التمثيل سيتكرر)، لذا، قررنا أن ندعو أفراداً فقط، لو أردنا ممثلين عن الأكراد، لدينا مثلاً المجلس الوطني الكردي، هل ندعو ممثلين عن المكون الكردي في الداخل إلى الائتلاف؟ ستكون هناك ازدواجية في مفهوم الدعوة حتى بالنسبة للشخص الموجهة إليه».

انتهاء الصلاحية

يلفت قبلاوي إلى أن أحد الأهداف التأسيسية المصرح بها عند تشكيل كيانات المعارضة، أصلاً، أنه إذا انتصرت الثورة لن يعود لهذه الكيانات من وجود. هذا تصريح صدر في أكثر من مناسبة، أنه إذا انتصرت الثورة وسقط النظام فسيحلون أنفسهم. إذن هذه «الكيانات» الآن خارج سياق الزمن وخارج السياق المرحلي.

في تصريحات لك، الثلاثاء، قلت إنه ستتم دعوة إدارة العمليات العسكرية بوصفها ممثلاً للقوى العسكرية، في سوريا. في الحقيقة يشعر عسكريون انشقوا عن النظام في مستهل الثورة السورية ودفعوا ثمناً معيشياً ومعنوياً، أنه تم تجاهلهم تماماً عن سوريا ما بعد الأسد، ليس فقط أنه لم يطلب منهم الانضمام للجيش أو وزارة الدفاع، بل إن المؤتمر الوطني السوري نفسه لن يدعوهم لمناقشة سوريا الجديدة؟

يوضح الباحث المطلع على المؤتمر المقبل أن «المنشقين عن الجيش سيتم اعتبارهم ضمن وزارة الدفاع، لكن هذه مرحلة لم تنجز حتى الآن، لأن هناك الكثير من الأمور اللوجيستية التي يجري إعدادها. المنشقون سيتم ضمهم إلى وزارة الدفاع، فهم ليسوا مكوناً سياسياً أو مكوناً عسكرياً منفصل كي يُدعون بصفتهم مستقلين، هم سيكونون منضوين تحت إدارة العمليات العسكرية».

شروط مسبقة

ما هي معايير الوصول لمختلف الفئات السورية؟ ما هو معيار الدعوات؟

يشدد قبلاوي على أنه «مهما حاولنا أن نكون منصفين أو تقنيين، فلن ننصف الجميع ولن نرضي الجميع. إذا أردنا تصنيف الشعب السوري، وحتى نكون عادلين في التصنيف، فهو يتوزع على الحراك الثوري، والمناضل الثوري، والمفكر السياسي الذي لم يمارس ثورة على أرضها، والمنتمي إلى منطقة معينة، وكل المكونات الإثنية والعرقية الموجودة في سوريا. هناك أيضاً مكونات موزعة بين عدة محافظات، كل تلك المكونات، ستنتقى منها الشخصيات المناسبة لحضور المؤتمر. إذن بهذا الشكل، نكون غطينا المناطقية وغطينا التنوع الاجتماعي، وغطينا الشباب والمعتقلين والمناضلين السياسيين فكرياً وثورياً، هذا صراحة يعتبر نوعاً ما شاملاً». ولكن هل يكون منصفاً مائة في المائة لكل سوريا؟ يقول: «طبعاً لا يمكن. لا يوجد مؤتمر في العالم منصفاً مائة في المائة في معايير الدعوة. مع ملاحظة أنه في هذا السياق، غير مطلوب منا الحيادية. المطلوب منا التفكير بمصلحة سوريا المستقبل».

لقاء جمع أحمد الشرع مع الفصائل العسكرية نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة (القيادة العامة)
لقاء جمع أحمد الشرع مع الفصائل العسكرية نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة (القيادة العامة)

شكل الحكومة القادم

وكان رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، قد أقر بأن الحكومة الحالية هي من لون واحد (هيئة تحرير الشام)، ومع الحديث عن قرب انعقاد المؤتمر، يخطر في البال تساؤلات أن الحكومة القادمة ستنبثق عن المؤتمر الوطني نفسه، وهل من تشديد مسبق بأنها ستكون «حكومة تشاركية». أيضاً هل سيحدد المؤتمرون شكل نظام الحكم المقبل، هل سيكون رئاسياً أم برلمانياً؟

«المؤتمر لن يحدد شكل نظام الحكم المقبل»، يجيب قبلاوي، «فالمؤتمر ليس هيئة تشريعية». ويضيف أن «البرلمان» هو جزء من الإجراءات التي يمكن أن تتمخض عنها الدراسات والأوراق التي سيعدّها المؤتمر.

يضيف أن هناك لجنة استشارية تُنتخب مثل «أمانة عامة»، و«لجنة مصغرة من المؤتمر»؛ لأن «المؤتمر ولجانه العدد كبير بهما، فيمكن انتقاء لجان مصغرة تقوم بوضع محددات نظام الحكم. وطبعاً سيتم اقتراح نظام الحكم أو المصادقة عليه. بعد ذلك تنتهي الأعمال الحالية وتبدأ حكومة يفترض أن تكون حكومة تكنوقراط لمرحلة حساسة جداً». ويؤكد: «بالنسبة لمستقبل سوريا، فهذا يُحدده الشعب السوري وتبلور أفكاره خلال المؤتمر الوطني الذي يُعتبر انطلاقة للنقاشات. كل هذه المؤشرات ستحدد كيفية نظام الحكم في سوريا. من جهة أخرى، والأهم، هو ملء الفراغ الدستوري الذي سيتمخض عنه المؤتمر بلجنة مختصة، تقوم بإعلان دستوري مؤقت يسد الفراغ الدستوري الموجود حالياً».

توقيت المؤتمر

هل سنشهد انعقاد المؤتمر قريباً أم لا يزال الأمر يحتاج للتريث؟ وهل ستحدد اللجنة التحضيرية من يدعى للمؤتمر الوطني العام؟ يجيب د. قبلاوي أن «اللجنة التحضيرية ستبدأ عملها بعد تلقي الموافقات من الجهات المعنية. أما بالنسبة للتاريخ، فبعد أن تشكل اللجنة التحضيرية، ستأخذ الوقت الكافي للتواصل مع الشخصيات والأطياف المدعوة، وقد تحتاج العملية إلى أسبوع أو ربما 9 أيام لحسم الأمور».

عناصر من جيش النظام السابق واقفون على صورة الأسد أثناء اصطفافهم للتسجيل في مراكز تحديد المصالحة في حمص بسوريا يوم 1 يناير (أ.ب)
عناصر من جيش النظام السابق واقفون على صورة الأسد أثناء اصطفافهم للتسجيل في مراكز تحديد المصالحة في حمص بسوريا يوم 1 يناير (أ.ب)

وينوه محدثنا إلى أن «اللجنة التحضيرية ليست من تضع معايير الدعوات. هي عبارة عن لجنة تيسر إجراءات لوجيستية للدعوات في الداخل وفي الخارج، وتتناقش معهم باختصار أنهم مدعوون للمؤتمر، وإن كانوا سيحضرون أم لا. إذن، هي لجنة تيسير وتسيير مسبق للوجيستيات اللازمة لمرحلة ما قبل المؤتمر، وليست لجنة قرارات للمخرجات ولا لمعايير الدعوات».

وأيضاً من الجهات التي ستقوم بالترشيحات فستكون منظمات المجتمع المدني بشكل عام، و«من الطبيعي أن النقابات ستكون من ضمنها».

معايير اختيار اللجنة

عندما سألت د. قبلاوي عن معايير اختيار أعضاء اللجنة التحضيرية أنفسهم، أجاب: «لن يكونوا أكفأ الموجودين في سوريا، لأن هذا صعب جداً، ولكن يوضع في عين الاعتبار في الشخص معرفته وإلمامه بالمحيط السياسي الثوري في الخارج وكذلك في الداخل، وفي التوزيع المناطقي».

ويضيف: «عضو اللجنة التحضيرية يجب أن تكون لديه معرفة بالمكونات، وخبرة سابقة في الثورة والمسار السياسي، ومعروف في الساحة السورية بسبب نشاطه المستمر، وتواجده المألوف بين الأوساط السياسية في سوريا، أو في خارجها طبعاً».


مقالات ذات صلة

«الحشد الشعبي» يعزز انتشاره الأمني على الحدود العراقية - السورية

المشرق العربي لافتة في منطقة البوكمال على طول الحدود العراقية - السورية (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الحشد الشعبي» يعزز انتشاره الأمني على الحدود العراقية - السورية

قالت هيئة الحشد الشعبي في العراق، اليوم (الثلاثاء)، إن قواتها عززت وجودها الأمني على الحدود مع سوريا، وذلك بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الخليج المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

عدَّ مجلس التعاون الخليجي إعادة إعمار سوريا واستقرارها «ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها»، مؤكداً استمرار دعم المبادرات التي تضعها على مسار التعافي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي جنود سوريون في قرية حوش السيد علي (أ.ب)

وزارة الصحة اللبنانية: 7 قتلى في الاشتباكات على الحدود مع سوريا

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الاثنين، مقتل سبعة أشخاص جراء أعمال العنف على حدود لبنان الشرقية مع سوريا التي اندلعت الأحد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارات إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)

مقتل شخصين في غارات إسرائيلية على محيط مدينة درعا بجنوب سوريا

استهدفت غارات إسرائيلية محيط مدينة درعا في جنوب سوريا مساء الاثنين على ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

استنفار لبناني لاحتواء التصعيد على الحدود مع سوريا

استنفرت الدولة اللبنانية لاحتواء التصعيد على الحدود مع سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

من أبرز قادة «حماس» الذين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على غزة؟

أبرز قادة حركة «حماس» الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة (صحيفة «يديعوت أحرونوت»)
أبرز قادة حركة «حماس» الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة (صحيفة «يديعوت أحرونوت»)
TT
20

من أبرز قادة «حماس» الذين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على غزة؟

أبرز قادة حركة «حماس» الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة (صحيفة «يديعوت أحرونوت»)
أبرز قادة حركة «حماس» الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة (صحيفة «يديعوت أحرونوت»)

أعلنت حركة «حماس» اليوم (الثلاثاء)، مقتل عدد بارز من قياداتها في الضربات الإسرائيلية، فجر اليوم، والتي أسفرت وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في القطاع عن أكثر من 400 قتيل.

ونعت الحركة في بيانها «كوكبة من قيادات العمل الحكومي في قطاع غزة». وفي المجمل، قُتل ما لا يقل عن خمسة من كبار مسؤولي «حماس» إلى جانب أفراد من عائلاتهم.

كانت وزارة الصحة في قطاع غزة قد قالت إن 412 فلسطينياً قُتلوا وأُصيب أكثر من 500 آخرين جراء الغارات التي شنتها إسرائيل على القطاع منذ فجر اليوم، في عملية عسكرية أعلن عنها الجيش الإسرائيلي بعد هدنة استمرت نحو شهرين.

وكان مسؤول بالجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق اليوم، أن ضربات غزة استهدفت قادة من المستوى المتوسط في «حماس» ومسؤولين في قيادتها.

وقال المسؤول، طالباً عدم نشر اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ الجيش الإسرائيلي «شنّ سلسلة ضربات استباقية استهدفت قادة عسكريين من الرتب المتوسطة، ومسؤولين قياديين، وبنية تحتية إرهابية تابعة لمنظمة (حماس) الإرهابية»، مشدداً على أنّ هذه العملية «ستستمر ما لزم الأمر، وستتوسّع لأكثر من ضربات جوية».

ماذا نعرف عن قادة «حماس» الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية؟

أعلنت «حماس» مقتل رئيس حكومتها في قطاع غزة عصام الدعليس، وهو أيضاً عضو المكتب السياسي لـ«حماس». كما استهدفت الغارة إسرائيلية منزلاً كان داخله، وقُتل ثلاثة من أبنائه واثنين من أحفاده.

عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عصام الدعليس
عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عصام الدعليس

ووُلد الدعليس في شمال شرقي غزة عام 1966، فهو عضو في حركة «حماس» منذ وقت مبكر من شبابه، ولاحقاً في مكتبها السياسي منذ مارس (آذار) 2020، وكان مستشاراً لرئيس الوزراء الأسبق إسماعيل هنية.

وشغل الدعليس رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي منذ أربعة أعوام، وهو منصب بحكم رئيس الوزراء أو رئيس الحكومة في غزة، بعد سيطرة حركة «حماس» على القطاع في 2007.

ومن أبرز من أعلنت حركة «حماس» مقتلهم في الضربات الإسرائيلية على غزة وكيل وزارة الداخلية اللواء محمود أبو وطفة.

المدير العام لوزارة الداخلية في غزة محمود أبو وطفة
المدير العام لوزارة الداخلية في غزة محمود أبو وطفة

وكان أبو وطفة قد ظهر في مقطع فيديو في يناير (كانون الثاني) الماضي -مع بدء سريان الهدنة بين إسرائيل و«حماس»- وهو يتعهد بإعادة بناء القطاع بعد الحرب.

وبين القادة الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية أبو عبيدة الجماصي، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» ورئيس لجنة الطوارئ.

وذكرت مصادر في «حماس» وأقارب أن من بين القتلى القيادي في الحركة محمد الجماصي وأفراداً من عائلته، بينهم أحفاده، الذين كانوا في منزله بمدينة غزة عندما تعرض لغارة جوية.

أبو عبيدة الجماصي عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»... (ارشيفية - رويترز)
أبو عبيدة الجماصي عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»... (ارشيفية - رويترز)

وشغل أبو عبيدة الجماصي مناصب قيادية في الحركة، وكان مسؤولاً عن التنسيق بين الأجنحة العسكرية والسياسية.

وأفادت تقارير فلسطينية بمقتل العميد بهجت أبو سلطان، رئيس هيئة التنظيم والإدارة بوزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة.

العميد بهجت أبو سلطان رئيس هيئة التنظيم والإدارة بوزارة الداخلية في غزة (وكالة شهاب الفلسطينية)
العميد بهجت أبو سلطان رئيس هيئة التنظيم والإدارة بوزارة الداخلية في غزة (وكالة شهاب الفلسطينية)

كما قُتل المستشار أحمد عمر الحتة، وكيل وزارة العدل في اللجنة الحكومية التي تديرها «حماس».

المستشار أحمد عمر الحتة وكيل وزارة العدل في غزة (وسائل إعلام محلية)
المستشار أحمد عمر الحتة وكيل وزارة العدل في غزة (وسائل إعلام محلية)

وشنت إسرائيل ضربات جوية جديدة في أنحاء قطاع غزة، متعهدةً بـ«تصعيد القوة العسكرية» بعد تعثر المحادثات مع حركة «حماس» بشأن الإفراج عن مزيد من الرهائن.

وأكد الجيش الإسرائيلي، الذي قال إنه قصف عشرات الأهداف، أن الضربات ستستمر ما دام ذلك ضرورياً، وستتجاوز نطاق الغارات الجوية، مما يزيد من احتمالات استئناف القوات البرية الإسرائيلية للحرب.

وهذه الهجمات أوسع نطاقاً بكثير من سلسلة الغارات الجوية التي قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذها على أفراد أو مجموعات صغيرة ممن يشتبه بأنهم مسلحون، وتأتي بعد فشل جهود مستمرة منذ أسابيع بهدف تمديد اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه في 19 يناير (كانون الثاني).

وفي المستشفيات التي عانت من قصف على مدى 15 شهراً، تسنَّت مشاهدة أكوام من الجثث ملفوفة بأغطية بلاستيكية بيضاء ملطخة بالدماء. وأحضرت سيارات خاصة بعض الأشخاص إلى المستشفيات المكدسة.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض برايان هيوز، إن إسرائيل تشاورت مع الإدارة الأميركية قبل تنفيذ الضربات.