واردات الوقود إلى الحديدة تتراجع 73% بعد الضربات الإسرائيلية

الغارات دمرت المستودعات في المواني الخاضعة للحوثيين

الضربات الإسرائيلية شلت قدرة مواني الحديدة عن العمل (أ.ف.ب)
الضربات الإسرائيلية شلت قدرة مواني الحديدة عن العمل (أ.ف.ب)
TT

واردات الوقود إلى الحديدة تتراجع 73% بعد الضربات الإسرائيلية

الضربات الإسرائيلية شلت قدرة مواني الحديدة عن العمل (أ.ف.ب)
الضربات الإسرائيلية شلت قدرة مواني الحديدة عن العمل (أ.ف.ب)

أدّت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت ثلاثة موانٍ يديرها الحوثيون في غرب اليمن إلى تراجع واردات الوقود إلى مناطق سيطرتهم بنسبة 73 في المائة وفق بيانات أممية حديثة، بيّنت أيضاً أن ميناء الحديدة لم يستقبل أي سفينة وقود منذ الضربات الإسرائيلية التي دمرت مخازن الوقود قبل أربعة أشهر.

ووفق ما جاء في تقرير لبرنامج الأغذية العالمي بشأن «حالة الأمن الغذائي» لشهر ديسمبر (كانون الأول)، فإن واردات الوقود عبر ميناء الحديدة الذي يديره الحوثيون انخفضت بنحو 73 في المائة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الذي سبقه.

كما تظهر البيانات الأممية أن ميناء الحديدة لم يستقبل أي شحنة وقود بعد الهجوم الإسرائيلي الأول في أواخر يوليو (تموز) الماضي، باستثناء كمية محدودة للغاية دخلت في أكتوبر (تشرين الأول).

ومع تأكيد مصادر ملاحية في الحديدة استمرار توقف عمل المواني الثلاثة (الحديدة، الصليف، رأس عيسى) منذ الضربات الإسرائيلية الأسبوع الماضي بسبب تدمير زوارق قطْر السفن، ذكر برنامج الأغذية أن كل واردات الوقود التي وصلت إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين كانت عبر ميناءي الصليف ورأس عيسى.

الحوثيون يسعون لإقامة خزانات إضافية في ميناء رأس عيسى (إعلام حوثي)

وأكد البرنامج الأممي استمرار المخاوف بشأن مستويات مخزون الوقود في مناطق الحوثيين بسبب تدمير البنية التحتية للتخزين في مواني الحديدة ورأس عيسى خلال الهجمات قبل الأخيرة، حيث تراجعت السعة التخزينية في ميناء الحديدة من 150 إلى 50 ألف طن متري فقط.

وضع حرج

وخلال شهر نوفمبر الماضي أكّد البرنامج أن وضع الأمن الغذائي في اليمن ظل مثيراً للقلق بشكل حرج على مستوى البلاد، حيث عانى نحو 61 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع من صعوبات في الوصول إلى الغذاء الكافي، وهو ما يمثل انخفاضاً طفيفاً بنسبة واحد في المائة من شهر إلى شهر ولكنه لا يزال يمثل زيادة كبيرة بنسبة 31 في المائة مقارنة بشهر نوفمبر 2023.

وحدد البرنامج التحديات الاقتصادية ونقص التمويل وتعليق المساعدات الغذائية في معظم مناطق سيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى الأنشطة المدرة للدخل المحدودة، باعتبارها المحركات الرئيسة لانعدام الأمن الغذائي، فيما بلغ انتشار الاستهلاك غير الكافي للغذاء 64 في المائة بين الأسر التي تعيش في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وكانت هذه النسبة 59 في المائة في مناطق الحوثيين.

توزيع أدوات المأوى والأغطية على النازحين في شمال الحديدة (الأمم المتحدة)

وبحسب التقرير، تجاوزت كل محافظات اليمن العتبة «المرتفعة جداً» البالغة 20 في المائة لاستهلاك الغذاء الرديء، باستثناء مدينة صنعاء والمحويت، حيث لوحظ تحسن بنسبة سبعة في المائة في الاستهلاك غير الكافي للغذاء مقارنة بأغسطس (آب) الماضي، وربما يُعزى ذلك إلى استئناف توزيع الغذاء.

وتدهورت الأوضاع الاقتصادية في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، حيث انخفضت قيمة الريال اليمني بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي وخسر 72 في المائة من قيمته مقابل الدولار الأميركي على مدى خمس سنوات. وساهم هذا الانخفاض في ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية وارتفاع تكلفة سلة الغذاء الدنيا طوال عام 2024.

تقليص المساعدات

وبحسب البرنامج الأممي، انخفضت واردات الوقود بشكل طفيف بنسبة ثلاثة في المائة خلال الـ11 شهراً الماضية مقارنة بنفس الفترة في عام 2023، بينما ارتفعت واردات الغذاء بنسبة 14 في المائة على أساس سنوي.

واستجابة لقيود التمويل، خفّض برنامج الأغذية العالمي أهداف المساعدات الغذائية في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً من 3.6 مليون إلى 2.8 مليون مستفيد خلال دورة المساعدات الغذائية الرابعة لعام 2024. وفي مناطق الحوثيين بدأت الدورة الأولى من برنامج المساعدات الغذائية الطارئة في أوائل نوفمبر وانتهت بحلول نهاية الشهر ذاته.

نقص التمويل حرم ملايين اليمنيين من المساعدات الغذائية (الأمم المتحدة)

وكشفت عمليات الرصد بعد التوزيع عن تحسن في مستويات استهلاك الغذاء، حيث انخفضت نسبة الأسر المستفيدة التي تعاني من سوء استهلاك الغذاء من 52 في المائة في أغسطس إلى 37 في المائة في نوفمبر.

ورأى برنامج الأغذية العالمي أن هذا الاتجاه يعكس التحسن الذي لوحظ بعد توزيع المساعدات الغذائية في سبتمبر (أيلول) 2024، ويتماشى مع المستويات المسجلة في نوفمبر 2023 قبل توقف المساعدات.


مقالات ذات صلة

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

العالم العربي مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال لتمويل احتفالاتها بما تسميه «جمعة رجب».

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

بعد مصادرة أرباح الودائع أطلقت الجماعة الحوثية وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين في البنوك على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال 17 عاماً

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عنصر حوثي يحمل مجسماً لصاروخ وهمي في صنعاء خلال تجمع لأتباع الجماعة (أ.ف.ب)

الحوثيون يتبنون أولى هجمات السنة الجديدة باتجاه إسرائيل

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران أولى هجماتها في السنة الميلادية الجديدة باتجاه إسرائيل، الجمعة استمرارا لتصعيدها الذي تزعم أنه يأتي لمناصرة الفلسطينيين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

بدأ العام الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل اليمن على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

سكان صنعاء يتخوفون من انهيار معيشي جراء التصعيد مع إسرائيل

تزداد مخاوف السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء يوماً بعد آخر من التدهور للأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».