تقرير دولي: الواردات إلى الحديدة استمرت بعد الضربات الإسرائيلية

ملايين الأسر أمام فجوة كبيرة في الأمن الغذائي

سفينة تجارية في ميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)
سفينة تجارية في ميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

تقرير دولي: الواردات إلى الحديدة استمرت بعد الضربات الإسرائيلية

سفينة تجارية في ميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)
سفينة تجارية في ميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)

أفاد تقرير دولي حديث بأن واردات الغذاء إلى مناطق سيطرة الحوثيين استمرت بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة، التي استهدفت البنية التحتية والمرافق الحيوية في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، وبيّن أن المؤشرات ترجّح انخفاض القلق بشأن احتمال حدوث انعدام الأمن الغذائي الحاد على ضوء تلك الضربات.

وذكر التقرير الصادر عن «شبكة الإنذار المبكر بشأن المجاعة» أنه في 29 سبتمبر (أيلول)، استهدفت إسرائيل البنية التحتية والمرافق الحيوية في الحديدة للمرة الثانية؛ رداً على هجمات الحوثيين، حيث استهدفت الغارات خزانات النفط في ميناء رأس عيسى (شمال الحديدة)، وميناء الحديدة (هدف الهجوم الأول)، ومحطتي الطاقة الرئيسيتين في المحافظة، ونقل عن المسؤولين الحوثيين قولهم إن الغارات أسفرت عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 57 آخرين.

رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)

ووفق ما أورده التقرير، فقد أدى الضرر الذي لحق بمحطتي الطاقة إلى انقطاع التيار الكهربائي في مدينة الحديدة، وأجزاء من صنعاء؛ وحتى نهاية سبتمبر، ظلت هذه المحطات غير عاملة، وبيّن أن محطة «رأس كثيب للطاقة» تلقت أكبر قدر من الضرر، حيث دمر القصف الغلايات.

وفي الوقت نفسه، أكدت الشبكة تضرر ثلاثة من أربعة خزانات نفط في ميناء رأس عيسى، وقالت إن الضرر لم يكن كبيراً. في حين أفاد مسؤولون حوثيون بأن خزانات الوقود تم إفراغها مسبقاً تحسباً للضربات الإسرائيلية. وذكرت أنه لم يتم الإبلاغ عن أضرار كبيرة في ميناء الحديدة، ونُسب إلى المسؤول الحوثي القول: «إن آثار الضربات كانت غير مهمة».

وبحسب ما جاء في التقرير، واستناداً إلى المعلومات المتاحة، فإن واردات الغذاء والوقود مستمرة بعد الهجمات، وأنها، بصفتها شبكة معنية بنظام الإنذار المبكر للمجاعة، تواصل تحديث مصادر البيانات والمعلومات المتاحة في أعقاب الضربة، وستقدم تحليلاً محدثاً لأي آثار متوقعة على انعدام الأمن الغذائي الحاد في تقرير توقعات الأمن الغذائي القادم.

ومع ذلك، أفادت الشبكة بأن التحليل المبكر يشير إلى انخفاض القلق، بشكل عام، بشأن احتمال حدوث انعدام الأمن الغذائي الحاد.

نقص الأمن الغذائي

وبشأن انعدام الأمن الغذائي، ذكرت الشبكة أنه نظراً لضعف القدرة الشرائية، واستمرار توقف المساعدات الغذائية الإنسانية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، فمن المرجح أن تستمر ملايين الأسر الفقيرة في مواجهة فجوات في استهلاك الغذاء في جميع أنحاء اليمن، مع القلق بشكل خاص بشأن النازحين داخلياً والأسر المتضررة من الفيضانات والأسر الفقيرة التي تعتمد على فرص العمل اليومي.

وتوقعت الشبكة أن تستمر الأزمة (المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) أو أسوأ من ذلك في جميع أنحاء البلاد حتى يناير (كانون الثاني) 2025.

حريق ضخم على أثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

وقالت إنه من المرجح أن تستمر بعض المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين في مواجهة نتائج حالة الطوارئ (المرحلة 4 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) وسط توقف المساعدات الغذائية، وتأثيرات الفيضانات المدمرة الأخيرة.

ونبّه تقرير الشبكة إلى أن هطول الأمطار فوق المتوسط، في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، أسهم في توفير ظروف نمو مواتية للمحاصيل وموارد المراعي (المراعي والمياه للماشية) في عدد من المناطق. ومع ذلك، أثرت الفيضانات الشديدة سلباً على إنتاج المحاصيل في المناطق المتضررة.

وبحسب تقييم سريع أجرته منظمة الأغذية والزراعة في أغسطس، تأثر نحو 99 ألف هكتار من الأراضي الزراعية. وكانت الغالبية العظمى من هذه الأراضي الزراعية المتضررة في الحديدة (77,362 هكتاراً) وحجة (20,717 هكتاراً)، وهو ما يمثل نحو 12 في المائة و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية.

وفي الوقت نفسه، أكدت الشبكة تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً للتقييم نفسه الذي أجرته منظمة الأغذية والزراعة.

واستناداً إلى ذلك التقييم، كانت محافظات الحديدة وحجة والجوف الأكثر تضرراً، حيث تأثر نحو 6 في المائة من الأغنام والماعز في الحديدة (106,361)، تليها 4 في المائة بالجوف (50,664) و4 في المائة بحجة (46,424).

أُسَر أكثر تضرراً

تعد هذه المناطق اليمنية من أهم مصادر الثروة الحيوانية والرعي، ونظاماً مهماً لسبل العيش، وخصوصاً في الجوف، حيث تقدر نسبة الأسر التي تعد الثروة الحيوانية المصدر الأساسي للدخل بنحو 20 في المائة من الأسر، وفقاً لتقييم الأمن الغذائي وسبل العيش لعام 2021.

وبسبب خسائر المصادر الرئيسية للغذاء والدخل وسط توقف المساعدات المستمر، رجّحت الشبكة أن تكون بعض الأسر الأكثر تضرراً في المناطق المتضررة بشدة قد عانت من خسائر في أصول الثروة الحيوانية وأضرار في سبل العيش.

وقالت إن الأسر الأكثر تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة.

99 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في اليمن تأثرت بالفيضانات (الأمم المتحدة)

وبحسب هذه البيانات، فإن شهر سبتمبر يشكل بداية موسم حصاد الحبوب الرئيسي في اليمن، حيث تشهد الأسر الفقيرة زيادة موسمية في توافر الغذاء من إنتاج المحاصيل، فضلاً عن الدخل من فرص العمل على طول سلاسل إنتاج المحاصيل والتسويق.

لكن الفيضانات الأخيرة أدت -وفق الشبكة- إلى إتلاف المحاصيل القائمة وتدميرها، ولهذا من المتوقع أن يؤدي الحصاد المحلي الأقل من المتوسط إلى تقييد فرص العمل الزراعي في المناطق المتضررة بشدة.

وطبقاً لما أوردته الشبكة المعنية بالإنذار المبكر من الجوع، فإن موسم الحصاد في اليمن يجلب بعض التحسينات الموسمية، إلا أن إنتاج المحاصيل لا يسهم إلا بشكل طفيف في استهلاك الأسر الزراعية للغذاء، والمنافسة على فرص العمل الزراعي.

وعلى هذا النحو، حتى في موسم الحصاد، ستستمر الأسر اليمنية الفقيرة في مواجهة الاعتماد الكبير على السوق وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات بعيدة المنال.


مقالات ذات صلة

اليمن يتطلع إلى دعم أميركي أكثر فاعلية لمواجهة الحوثيين

العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية مجتمعاً مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي (سبأ)

اليمن يتطلع إلى دعم أميركي أكثر فاعلية لمواجهة الحوثيين

مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، تتطلع الحكومة اليمنية إلى تنسيق ودعم أكثر فعالية في مواجهة التهديد الحوثي على الصعيد العسكري والأمني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي غوتيريش يتحدّث للصحافيين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك (الأمم المتحدة)

غوتيريش يطالب الحوثيين بالإفراج الفوري عن الموظفين الأمميين

أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اعتقالات الحوثيين الجديدة لموظفي المنظمة الدولية، داعياً الجماعة إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين دون شروط.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بعرقلة تبادل كافة الأسرى والمختطفين مع الحكومة اليمنية (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)

انقلابيو اليمن يطلقون 153 مختطفاً بإشراف الصليب الأحمر

أفرجت الجماعة الحوثية عن 153 مختطفاً من سجونها في صنعاء، السبت، بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في خطوة وصفها مسؤولون في الحكومة الشرعية بـ«الدعائية»

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الناقلة اليونانية «سونيون» بعد تعرُّضها لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

روبيو يبحث مع رئيس الوزراء اليمني التعاون لوقف هجمات الحوثيين

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم، إن الوزير ماركو روبيو، اتصل هاتفياً برئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك، وبحثا التعاون لوقف هجمات الحوثيين في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

أمين عام الأمم المتحدة يدين احتجاز الحوثيين موظفين أممين في اليمن

دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، احتجاز جماعة الحوثي اليمنية لسبعة من موظفي المنظمة الدولية أمس الخميس، ودعا إلى إطلاق سراحهم فوراً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

محطة مؤقتة في مصر لـ70 محرّراً فلسطينياً

أسرى فلسطينيون بعد خروجهم من سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
أسرى فلسطينيون بعد خروجهم من سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

محطة مؤقتة في مصر لـ70 محرّراً فلسطينياً

أسرى فلسطينيون بعد خروجهم من سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
أسرى فلسطينيون بعد خروجهم من سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

تسلّمت السلطات المصرية، السبت، 70 أسيراً فلسطينياً أفرجت عنهم السلطات الإسرائيلية، وتقرّر إبعادهم عن الأراضي الفلسطينية «لفترة مؤقتة، 3 سنوات أو أكثر»، حسب ما قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط».

الأسرى السبعون كانوا ضمن 200 آخرين أخرجتهم إسرائيل من سجونها في ثانية صفقات تبادل الأسرى والرهائن مع حركة «حماس» ضمن بنود وقف إطلاق النار؛ حيث عاد 120 أسيراً ممن كانت تتراوح أحكام السجن عليهم بين 10 و15 سنة إلى بيوتهم وعائلاتهم في الأراضي الفلسطينية.

وسلّمت حركة «حماس» في قطاع غزة، السبت، أربع رهائن إسرائيليات إلى «الصليب الأحمر الدولي»، بعد ظهورهن على منصة وسط أحد الميادين. وكانت الرهائن الأربع، وجميعهن مجنّدات، يرتدين ملابس عسكرية، وكنّ محتجزات في قطاع غزة منذ اقتيادهن إلى هناك إبان هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

أسرى فلسطينيون لدى تسليمهم إلى مصر في معبر رفح (قناة الغد)

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، من المقرر أن تستمر المرحلة الأولى من الصفقة المكونة من ثلاث مراحل، ستة أسابيع مع إعادة 33 رهينة من غزة، مقابل نحو 1900 معتقل فلسطيني.

وكشف المصدر المطلع الذي تحدّث مع «الشرق الأوسط»، عن أن الأسرى الذين تسلّمتهم مصر من «المحكوم عليهم بمدد طويلة، سواء مؤبد أو سجن مدى الحياة وتصنّفهم إسرائيل من الخطرين؛ لذا طلبت إبعادهم عن الأراضي الفلسطينية».

ونوه إلى أن السلطات المصرية تسلّمت الأسرى المبعدين في حافلتَيْن من «معبر كرم أبو سالم بعد ختم جوازاتهم من جانب ممثلين للسلطة الفلسطينية تمّ إحضارهم لهذا الغرض فقط، ونُقلوا إلى معبر رفح في الجانب المصري؛ حيث تمّ الكشف عليهم طبياً تمهيداً لنقلهم وسط حراسة أمنية مشددة إلى القاهرة، في حين معبر رفح من الجانب الفلسطيني لم يعد إلى العمل بعد».

وكانت وكالة «رويترز» نقلت «أنه تمّ تجهيز عدد من النقاط على الجانب الفلسطيني من معبر رفح لختم جوازات الأسرى وتصاريح السفر من قِبل السلطة الوطنية الفلسطينية، بالتزامن مع انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من محيط معبر رفح، فيما عدا نقطة تفتيش ومراقبة قرب المعبر»، وهو ما نفاه المصدر المصري، مؤكداً «استمرار سيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر حتى الآن».

المصدر شدّد كذلك على أن «الأسرى لن يبقى أي منهم في مصر، فقط سيمكثون فترة مؤقتة لن تزيد على 10 أيام؛ لحين ترتيب أوضاعهم، وسيغادرون إلى وجهاتهم في دول عدة، بالتنسيق مع ممثلين من السفارة الفلسطينية».

معبر رفح لم يشهد دخول مساعدات السبت (الشرق الأوسط)

وكشف المصدر عن أن «بعض الأسرى المستبعدين أبدوا رغبتهم في البقاء بغزة، وتجري دراسة إمكانية ذلك من عدمه، خصوصاً أن جميعهم من سكان الضفة الغربية والقرار الإسرائيلي يخص استبعادهم من الضفة».

وتحدّثت تقارير إعلامية عن أن هؤلاء الأسرى سيغادرون القاهرة إلى تركيا وتونس والجزائر وقطر، لكنّ أياً من تلك الدول لم تعلن أي موقف رسمي بهذا الخصوص حتى الآن.

«ولم يشهد معبر رفح، السبت -وهو سابع أيام الهدنة- دخول أي شاحنات مساعدات، لأنه يوم عطلة رسمية في إسرائيل، وموظفو الجمارك المدنيون لا يحضرون إلى المعابر في هذا اليوم؛ لذلك تمّ اختياره لتسليم الأسرى فيه»، حسب ما أكد المصدر.

وأفادت إحصاءات رسمية، مساء الجمعة، بأن نحو ألفي شاحنة مساعدات دخلت إلى غزة عبر معبر رفح المصري مروراً بالعوجة وكرم أبو سالم، في أول 6 أيام من الهدنة، فضلاً عن الشاحنات التي تدخل من معبرَيْن في شمال القطاع بمعرفة الأمم المتحدة.