تدشين حزب مصري يضم مسؤولين سابقين يُثير تساؤلات

يُعلَن عنه الاثنين

سياسيون ومسؤولون مصريون سابقون أثناء المشاورات التحضيرية للحزب الجديد (الشرق الأوسط)
سياسيون ومسؤولون مصريون سابقون أثناء المشاورات التحضيرية للحزب الجديد (الشرق الأوسط)
TT

تدشين حزب مصري يضم مسؤولين سابقين يُثير تساؤلات

سياسيون ومسؤولون مصريون سابقون أثناء المشاورات التحضيرية للحزب الجديد (الشرق الأوسط)
سياسيون ومسؤولون مصريون سابقون أثناء المشاورات التحضيرية للحزب الجديد (الشرق الأوسط)

أثار الإعلان عن تدشين حزب سياسي جديد في مصر، الاثنين، باسم «الجبهة الوطنية» يضم مسؤولين سابقين وشخصيات عامة، تساؤلات بشأن تمويله، ومؤسّسيه، ومدى ارتباطه برئيس «اتحاد القبائل والعائلات المصرية»، إبراهيم العرجاني.

ويبلغ عدد الأحزاب المشهرة قانوناً في مصر نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهوري» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ووفق إفادة لوزير الإسكان المصري السابق، أمين عام «اتحاد القبائل والعائلات المصرية»، عاصم الجزار، فإن «تدشين الحزب يأتي بعد عقد سلسلة من اللقاءات والمشاورات المكثفة، بهدف إثراء الحياة الحزبية والسياسية»، لافتاً إلى أنه تم «التوافق على أعضاء الهيئة التأسيسية للحزب».

وقال الجزار إن «الحزب الجديد يحمل رسالة وطنية، ويؤسس رؤيته على نهج متوازن يحتفظ بمسافة واحدة بين الموالاة والمعارضة تحقيقاً للمصلحة الوطنية»، مشيراً إلى أن الحزب «يستهدف اقتحام أي مشاكل أو أزمات تواجه الوطن والمواطنين وتقديم حلول حقيقية لها».

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، أجرى مسؤولون سابقون، بينهم الجزار، ووزير الزراعة المصري السابق السيد القصير، ورئيس مجلس النواب (البرلمان) السابق علي عبد العال، إلى جانب المنسق العام لـ«الحوار الوطني» ضياء رشوان، سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع شخصيات سياسية وحزبية وإعلامية واقتصادية، وممثلين للقبائل وكبار العائلات المصرية، للاستماع لمختلف الآراء بشأن «أولويات العمل السياسي».

ويستهدف الحزب الجديد «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة»، وفق الجزار الذي أشار إلى أن «الحزب يسعى لصياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، معتبراً أن «هدف الحزب، هو لمّ الشمل السياسي، في فترة لا تحتمل التشتت»، كما «يسعى لإيجاد أرضية مشتركة تجمع كل التوجهات والتيارات الوطنية لمواجهة التحديات الراهنة».

ومن المقرر إجراء انتخابات مجلس النواب المصري (البرلمان) في نهاية عام 2025، قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلس الحالي في يناير (كانون الثاني) 2026؛ وذلك تطبيقاً لنص المادة (106) من الدستور المصري.

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في القاهرة (رويترز)

وحول الجدل المثار بشأن طبيعة الحزب وتمويله وصفة مؤسّسيه، قال مصدر مطلع على اجتماعات الحزب الجديد، إن «الحزب سيكون مختلفاً في فكرته ورؤيته عن الأحزاب القائمة»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الهيئة التأسيسية ستضم شخصيات سياسية تمثل فئات وشرائح مجتمعية متنوعة».

وأشار المصدر إلى أن «تمويل الحزب سيعتمد على رجال أعمال سيشاركون فيه، وليس بالضرورة أن يكون بينهم إبراهيم العرجاني»، نافياً «وجود أي صلة للحزب بـ(اتحاد القبائل والعائلات المصرية) الذي يرأسه العرجاني».

وأثار «اتحاد القبائل والعائلات المصرية» جدلاً في الساحة السياسية المصرية منذ إعلان تأسيسه في مايو (أيار) الماضي، برئاسة العرجاني، وعزز الاتحاد وجوده بتنظيم احتفالية بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر (تشرين الأول) 1973 في العاصمة الإدارية نهاية أكتوبر الماضي، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشاركة موسعة من سياسيين وحزبيين وحشد جماهيري من مختلف المحافظات.

ولا تقتصر الهيئة التأسيسية للحزب الجديد على مسؤولين سابقين فقط، بحسب السياسي الوفدي السابق، أحد المشاركين في تأسيس الحزب، محمد مصطفى شردي الذي أشار إلى «مشاركة شخصيات سياسية تمثل اتجاهات مختلفة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب الجديد يسعى لتلبية احتياجات المواطن المصري»، مشيراً إلى أن «الحزب لا يستهدف الاستئثار بمقاعد البرلمان في الانتخابات المقبلة، لكن المساهمة في حل المشاكل التي يواجهها المواطن».

وتباينت الآراء بشأن جدوى تأسيس حزب جديد في مصر الآن، وبينما يعتقد المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، أن الحزب الجديد «سيشكل إضافة للحياة السياسية في مصر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب لن يخصم من رصيد الأحزاب القائمة»؛ يرى رئيس حزب «الجيل» بمصر، ناجي الشهابي، أن «الحياة السياسية المصرية ليست في حاجة لحزب جديد»، مشيراً إلى أن «بعض الأحزاب القائمة يمثل ظهيراً سياسياً للنظام المصري»، مرجحاً «عدم وجود اختلاف بين الحزب الجديد والأحزاب القائمة بالفعل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الاختبار الحقيقي لشعبية الحزب وقاعدته الجماهيرية في الشارع سيكون خلال منافسته في الانتخابات المقبلة».

أيضاً يتحدث أستاذ العلوم السياسية، حسن سلامة، عن أن إعلان تدشين حزب «الجبهة الوطنية» يثير تساؤلات بشأن حقيقة دوره، وبرنامجه، وأدوات عمله في الشارع، مضيفاً: «لا نريد حزباً يشكل عبئاً إضافياً على الحياة السياسية، في وقت نحتاج فيه لتقليل عدد الأحزاب القائمة، بسبب تقارب وتشابه أفكارها».

ولا يتوقع سلامة أن يشكل الحزب الجديد اختلافاً جوهرياً عن أحزاب الأغلبية في البرلمان الحالي مثل «مستقبل وطن»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المجتمع المصري يحتاج لأنظمة حزبية فعالة تستطيع استقطاب أعضاء، وتضع رؤى لتحسين الأوضاع داخلها».


مقالات ذات صلة

مصر: اشتراطات جديدة بشأن دخول سوريين

شمال افريقيا السفارة السورية بالقاهرة أعلنت عن تيسيرات لأعضاء الجالية الراغبين في مغادرة مصر (مؤسسة سوريا الغد)

مصر: اشتراطات جديدة بشأن دخول سوريين

في حين وضعت مصر اشتراطات جديدة بشأن «دخول سوريين إلى البلاد»، أعلنت السفارة السورية في القاهرة، الخميس، عن «تيسيرات» لأعضاء الجالية الراغبين في مغادرة مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس» أثار قلقاً في مصر (الشرق الأوسط)

مصر: ما إجراءات الوقاية من «متلازمة فيكساس» المناعية؟

أعلن فريق مصري من كلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة عن تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس».

محمد السيد علي (القاهرة )
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (أرشيفية - رويترز)

تفاعل في مصر مع نفي رسمي لـ«ادعاءات» سقوط صاروخ في أسوان

أثار مقطع فيديو، جرى تداوله على صفحات بمواقع التواصل الاجتماعي، مخاوف بين مصريين خلال الساعات الماضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي انتقادات «رسوم» الجوال المستورد تتواصل بين المصريين (أرشيفية - رويترز)

مصر: الاعتراضات «السوشيالية» تتواصل على «رسوم» الجوال المستورد

رغم المحاولات الحكومية المصرية لتوضيح وتبرير قرار فرض رسوم على الجوالات المستوردة، لم تهدأ الاعتراضات «السوشيالية»، وواصل مصريون التعبير عن غضبهم.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا راكب يتفاوض مع سائق «توك توك» على الأجرة في منطقة الهرم (الشرق الأوسط)

«التوك توك» ما زال «يشاغب» في شوارع مصر... رغم منع استيراده

يفرض «التوك توك» نفسه في شوارع مصر، بعدما شق طريقه في ضواحٍ شعبية وأخرى متوسطة، وداخل قرى ونجوع، مثبتاً قدرته على تلبية حاجة تنقلية تتلاءم مع طبيعة الشوارع.

رحاب عليوة (القاهرة)

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، احتجزت أخيراً، 5 نساء تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع»، مِن بينهن محامية، مشيرة إلى امتلاء المعتقلات والسجون بأعداد كبيرة من السجناء والسجينات بالتهم نفسها.

وأفادت عضو المكتب التنفيذي لهيئة «محامو الطوارئ»، رحاب مبارك، بأن الخلية الأمنية بمدينة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد، ألقت القبض على النساء، يوم الاثنين الماضي؛ لأسباب «جهوية وعرقية بحتة». وقالت، لــ«الشرق الأوسط»، إن النساء معتقلات في «وضع سيئ جداً ويمارَس بحقِّهن الابتزاز والتهديد بالسجن لفترة لا تقل عن 10 سنوات؛ لإجبارهن على الاعتراف قسراً بتعاونهن مع قوات (الدعم السريع)».

وأضافت أن الجيش السوداني ظل يرفض كثيراً من طلبات اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة المعتقلات، علماً بأن غالبيتهن أمهات لا يجري السماح بزيارتهن. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من المتحدث باسم الجيش حول هذه الاتهامات.

تجدد الاشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش أجبرت آلاف السودانيين على الفرار من مساكنهم (أ.ف.ب)

وعدَّت القانونية ما يحدث للنساء في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق وغيرها من مناطق السودان، أنه «يدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية ترتكبها الاستخبارات العسكرية والخلية الأمنية التابعة للجيش، وفقاً لتصنيفات عرقية». وقالت رحاب مبارك إن المعتقلين بمزاعم التعامل مع «الدعم السريع» يتجاوز عددهم المئات، حيث تصدر يومياً في محاكم الطوارئ والمحاكم الجنائية بمختلف ولايات البلاد أحكام بالإعدام والسجن المؤبد أو السجن لفترة تتراوح بين 6 و10 سنوات.

محاكمات سياسية

وأكدت مبارك أن هذه الأحكام، التي صدرت بحق المئات من المواطنين السودانيين، «محاكمات سياسية» لا يتوفر فيها أدنى مقومات الشفافية والعدالة بحقِّ مَن يجري اعتقالهم بهذه التهم.

وألقت السلطات الأمنية القبض على المئات من السودانيين في المناطق التي استردّتها من قوات «الدعم السريع»، ووجَّهت لهم تُهماً تحت مواد من القانون الجنائي تتعلق بالتعاون مع «منظومة إرهابية».

ويواجه الجيش السوداني والميليشيات التي تُقاتل في صفوفه اتهامات بارتكاب أعمال قتل خارج نطاق القانون، وانتهاكات واسعة ضد المدنيين العُزل في مناطق النزاع.

ورصدت هيئات حقوقية مستقلة، خلال الأشهر القليلة الماضية، توسع السلطات السودانية في إصدار أحكام الإعدام شنقاً حتى الموت ضد عشرات من الرجال والنساء؛ لإدانتهم، بموجب المواد 50 و51 و65 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، المتعلقة بإثارة الحرب ضد الدولة، والمشاركة مع قوات «الدعم السريع» في ارتكاب جرائم جنائية ضد المدنيين.

وقال قاضي درجة أولى، لــ«الشرق الأوسط»، إن «أغلب الأحكام يتأسس على بلاغات بالتعاون أو التخابر، أو شخص جرى تجنيده من قِبل (الدعم السريع)، بالإضافة إلى الأشخاص الذين تثبت عليهم تُهم الاشتراك في أعمال العنف أو النهب، مثلما حدث في كثير من مناطق النزاعات».

وأضاف القاضي، الذي طلب حجب هويته، أن كثيراً من هذه الأحكام تسقط في درجات الاستئناف، وقد لا تجد التأييد في المحاكم العليا. وأوضح أنه إذا لم تثبت للنيابة بيِّنة لانخراط المتهم في موجبات الاتهام فوق مرحلة الشك المعقول لنشاطه مع قوات «الدعم السريع»، يُخلى سبيل المتهم دون محاكمة. وقال القاضي إن أغلب البلاغات والأحكام، التي صدرت ضد الأشخاص بالتعاون مع «الدعم السريع»، سُجّلت في ولايات البحر الأحمر ونهر النيل والولايات الشمالية.

القضاء الحالي غير معتمد

بدوره قال قانوني وخبير في حقوق الإنسان إن العقوبات الصادرة من القضاء الحالي لا يُعتدّ بها قانوناً؛ لكونها تتلقى الأوامر من الأجهزة الرسمية والحكومية. وأضاف القانوني، الذي فضل عدم ذكر اسمه لوجوده داخل البلاد، «أن هذه الأحكام ذات طابع سياسي، وأصبحت من أدوات الحرب، وطالت كثيراً من الأبرياء». وأشار إلى أنه منذ اندلاع الحرب، درجت السلطات الأمنية، التابعة للجيش السوداني، على القبض بالاشتباه على الفارّين من العاصمة الخرطوم وغيرها من الولايات، مما عرّض كثيراً من الأشخاص للاعتقال والتعذيب دون وجه حق.

وقال إن الغرض من هذه الأحكام مخاطبة الخارج بالانتهاكات التي ترتكبها قوات «الدعم السريع»، لتحقيق مكاسب سياسية، وليس لها أي علاقة بالقانون والعدالة. وأشار، في هذا الصدد، إلى البلاغات «الكيدية ذات الطابع السياسي»، التي سبق أن دوَّنتها النيابة العامة في مواجهة قادة «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، التحالف السياسي الأكبر في البلاد، وخاطبت الإنتربول الدولي بالقبض عليهم.

وأصدر قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في مطلع أغسطس (آب) من العام الماضي، قراراً بتشكيل لجنة لجرائم الحرب وانتهاكات «الدعم السريع» برئاسة النائب العام، وعضوية ممثلين عن القوات المسلحة، والمخابرات العامة، والداخلية، والشرطة، ومفوضية حقوق الإنسان، ووزارتي العدل والخارجية.