أوجلان «مستعد للمساهمة» في عملية السلام مع أنقرة

TT

أوجلان «مستعد للمساهمة» في عملية السلام مع أنقرة

مواطنة كردية في تركيا ترفع صورة لأوجلان خلال مظاهرة تطالب بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)
مواطنة كردية في تركيا ترفع صورة لأوجلان خلال مظاهرة تطالب بإطلاق سراحه (أ.ف.ب)

أبلغ زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين، عبد الله أوجلان، وفداً من حزب «المساواة وديمقراطية الشعوب» زاره، السبت، في سجنه قرب إسطنبول، أن تعزيز الأخوة التركية الكردية هو «مسؤولية تاريخية»، مؤكداً استعداده للمساهمة في عملية السلام مع أنقرة، وفق ما أكد الحزب، الأحد.

وجاء في بيان للحزب، أن «إعادة تعزيز الأخوة التركية الكردية ليست مسؤولية تاريخية فحسب... لكن أيضاً (مسألة) عاجلة لكل الشعوب»، وذلك غداة قيام اثنين من أعضائه بزيارة مؤسس «حزب العمال الكردستاني» الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة.

عبد الله أوجلان أثناء محاكمته عام 1999 (أرشيفية)

والتقى وفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد في تركيا، أوجلان للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، في مستهل عملية جديدة تهدف للتوصل إلى حل سياسي للمشكلة الكردية، والتخلي عن العمل المسلح.

مؤيدون لمؤسس «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان يرفعون صوره في إسطنبول يوم 17 مارس الماضي (رويترز)

في الوقت نفسه، عقد حزب «الشعب الجمهوري» - أكبر أحزاب المعارضة التركية - تجمعاً حاشداً في العاصمة أنقرة، للمطالبة باستقالة الرئيس رجب طيب إردوغان وحكومته، والتوجه إلى انتخابات مبكرة، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

والتقى النائبان من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، سري ثريا أوندر (نائب إسطنبول) وبروين بولدان (نائبة وان، شرق تركيا)، أوجلان، السبت، في سجن إيمرالي شديد الحراسة، الواقع في جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة التي تتبع ولاية بورصة، ويبعد مسافة 55 كيلومتراً عن مدينة إسطنبول في غرب تركيا.

سجن إيمرالي شديد الحراسة حيث يقبع أوجلان (إعلام تركي)

وجرى نقل النائبين اللذين سبق لهما عقد لقاءات مماثلة، والمشاركة في مفاوضات السلام الداخلي للحل الكردي في 2013، إلى سجن إيمرالي من مرسى للسفن في إسطنبول، رفقة حراس أمن؛ إذ لا يمكن الوصول إلى السجن إلا عن طريق البحر بسبب حظر الطيران فوق جزيرة إيمرالي والصيد قرب سواحلها.

وقال وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، الجمعة، إن وزارة العدل وافقت على طلب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المقدَّم قبل شهر للقاء أوجلان، وأعلن الحزب أن سوء الأحوال الجوية عطَّل إتمام الزيارة.

وأتت الزيارة بعد شهرين من قيام دولت بهجلي، زعيم حزب «الحركة القومية التركية» اليميني المتشدد والمعادي لحزب العمال، والمنضوي في الائتلاف الحاكم، بدعوة أوجلان للحضور إلى البرلمان لإعلان حل الحزب الذي تصنّفه أنقرة «إرهابياً»، مقابل إطلاق سراحه.

وتلقى الخطوة دعم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ونقل البيان عن أوجلان قوله: «لديَّ الأهلية والتصميم للقيام بمساهمة إيجابية في المثال الجديد الذي أطلقه السيد بهجلي والسيد إردوغان».

وقال الزعيم الكردي إن الوفد الذي زاره سينقل موقفه إلى الدولة التركية والأطراف السياسية الأخرى، مضيفاً: «في ضوء ذلك، أنا مستعد لاتخاذ الخطوات الإيجابية الضرورية».

«حان الوقت»

رأى الزعيم الكردي أن الجهود المبذولة «ستأخذ البلاد إلى المستوى الذي تستحقه» وستصبح «دليلاً قيماً للغاية للتحول الديمقراطي»، وأكد: «حان الوقت لتركيا والمنطقة لتنعم بالسلام والديمقراطية والأخوة».

و«حزب العمال الكردستاني» مصنّف منظمة إرهابية في تركيا وفي الدول الغربية الحليفة لها، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

أُوقِفَ أوجلان في 15 فبراير (شباط) 1999 في نيروبي إثر عملية لقوات الأمن التركية بعدما أمضى سنوات هارباً، ونُقل إلى تركيا؛ حيث جرت محاكمته، وصدر حكم بإعدامه.

ورغم عدم تنفيذ الحكم بحقه، بعدما ألغت تركيا عقوبة الإعدام عام 2004، أمضى بقية حياته في عزلة داخل زنزانة في سجن جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة جنوب إسطنبول، وكثير من الأكراد يرونه بطلاً.

أسس أوجلان (75 عاماً) «حزب العمال الكردستاني» الذي قاد تمرداً أودى بعشرات آلاف الأشخاص في ظل سعيه لنيل الاستقلال.

وانخرط لسنوات حتى عام 2015، في محادثات مع السلطات، عندما دعا إردوغان، وكان آنذاك رئيساً للوزراء، إلى إيجاد حل لما يُطلق عليه غالباً «المشكلة الكردية» في تركيا.

وانهارت عملية السلام والهدنة في عام 2015؛ ما أدى إلى تجدُّد العنف، خصوصاً في جنوب شرقي البلاد ذي الغالبية الكردية.

وتأتي مبادرة الحكومة التركية حيال أوجلان بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) إثر هجوم غير مسبوق للفصائل المسلحة.

وتستهدف تركيا بانتظام المقاتلين الأكراد في شمال سوريا والعراق.

من جهته، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، إنّه «لا يمكن السماح لمنظمة (حزب العمال الكردستاني) و(وحدات حماية الشعب) الإرهابية بالاحتماء في سوريا»، بحسب ما أعلنت أنقرة.

وبحسب بيان الحزب، رأى أوجلان أن التطورات في سوريا أظهرت أن التدخل الخارجي لن يؤدي إلا إلى تعقيد المشكلة، وأن الحل لم يعد من الممكن تأجيله.


مقالات ذات صلة

دستور تركيا الجديد يظهر في حراك الحوار مع أوجلان

شؤون إقليمية إردوغان وحليفه دولت بهشلي يصران على وضع دستور جديد لتركيا يفتح الطريق لترشيحه للرئاسة مجدداً (الرئاسة التركية)

دستور تركيا الجديد يظهر في حراك الحوار مع أوجلان

ظهرت تلميحات إلى الدستور الجديد لتركيا في سياق الحوار الذي بدأ مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي مستقبِلاً وفد الحوار مع أوجلان بالبرلمان التركي (حساب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب في «إكس»)

تركيا: خطوات متسارعة على طريق الحوار مع أوجلان

تشهد مبادرة الحوار مع زعيم «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان حول حل الحزب وإعلان انتهاء الإرهاب في تركيا، خطوات متسارعة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات أمن سورية خلال دورية في حمص لتعقب فلول الأسد (أ.ف.ب)

تركيا تخطط لإقامة «علاقات استراتيجية» مع إدارة سوريا الجديدة

أكدت تركيا أنها ستعمل على إقامة علاقات استراتيجية مع الإدارة السورية الجديدة وسيتم إعداد خريطة طريق لتلبية احتياجات الدفاع والأمن في المرحلة الانتقالية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد في ألمانيا خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان مارس 2023 (د.ب.أ)

انقسام حول قدرة أوجلان على حلّ «الكردستاني»... وتشكيك في نيات إردوغان

فجّر الحوار مع عبد الله أوجلان انقساماً حول قدرته على إقناع حزب «العمال الكردستاني» بحلّ نفسه وجدلاً حول نيات حكومة إردوغان من تكرار تجربة الحوار معه

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مظاهرة تطالب بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

حليف لإردوغان: الحوار مع أوجلان ليس مبادرة لحل المشكلة الكردية

أيد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان ونفى حليفه دولت بهشلي وجود مبادرة لحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رسالة أميركية صارمة لـ «متشددي» إيران

TT

رسالة أميركية صارمة لـ «متشددي» إيران

المفاعل النووي الإيراني وأعمدة الكهرباء في بوشهر بجنوب العاصمة طهران (أرشيفية - أ.ب)
المفاعل النووي الإيراني وأعمدة الكهرباء في بوشهر بجنوب العاصمة طهران (أرشيفية - أ.ب)

نقل موقع «أكسيوس»، الخميس، عن مسؤولين أميركيين قولهم إنَّ مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، قدم للرئيس جو بايدن في اجتماع عُقد قبل أسابيع، وظل سرياً حتى الآن، خيارات وسيناريوهات مختلفة لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، في حال تحركت طهران نحو إنتاج سلاح نووي قبل تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترمب مقاليد الرئاسة.

وكتب ريتشارد نيفيو، نائب المبعوث الخاص لإيران في إدارة بايدن، مقالة مطولة في مجلة «فورين أفيرز» بعنوان «فرصة أخيرة لإيران... على أميركا أن تعطيَ الدبلوماسية فرصة أخيرة... بينما تستعد لاستخدام القوة العسكرية».

فيما عدّ ماثيو ليفيت، كبير الباحثين في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، هذا التسريب رسالة صارمة من واشنطن لطهران، موجَّهة بشكل خاص للتيار المتشدد، الذي يصرُّ على المواجهة بما فيها تغيير العقيدة النووية الإيرانية.