«يريدون طردنا»... حي فلسطيني في القدس الشرقية مهدد بالهدم

فلسطينيون من عائلة أبو دياب يتفقدون أنقاض منزلهم بعد هدمه من قبل القوات الإسرائيلية في حي البستان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)
فلسطينيون من عائلة أبو دياب يتفقدون أنقاض منزلهم بعد هدمه من قبل القوات الإسرائيلية في حي البستان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)
TT

«يريدون طردنا»... حي فلسطيني في القدس الشرقية مهدد بالهدم

فلسطينيون من عائلة أبو دياب يتفقدون أنقاض منزلهم بعد هدمه من قبل القوات الإسرائيلية في حي البستان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)
فلسطينيون من عائلة أبو دياب يتفقدون أنقاض منزلهم بعد هدمه من قبل القوات الإسرائيلية في حي البستان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)

ينحني فخري أبو دياب على الأرض ويلتقط حجراً من بين أنقاض منزله الذي هدمته بلدية القدس الإسرائيلية في حي البستان بالقدس الشرقية المحتلة بحجة بنائه من دون رخصة، ويقول: «يريدون طردنا من المنطقة».

في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) وبينما كان الأميركيون ينتخبون رئيساً، قامت جرافات بلدية القدس بهدم 7 منازل في الجزء الشرقي من الحي، بينهم منزل الناشط أبو دياب الذي هُدم للمرة الثانية.

ويقول أبو دياب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الإسرائيليين «يريدون تصفية وجودنا وطردنا من المنطقة... إنه تطهير عرقي. لكن سنبقى في أراضينا في البستان، في خيمة أو تحت شجرة».

القوات الإسرائيلية تهدم منزلاً لعائلة أبو دياب الفلسطينية في حي البستان بالقدس (أ.ف.ب)

«مناطق خضراء»

وتُعدّ هذه المنازل بين نحو 115 مسكناً آخر يقطنها نحو 1500 فلسطيني مدرجة على لائحة للهدم ضمن مخطط لبلدية القدس «يوفّر حلاً لمشكلة البناء غير القانوني، ويسمح ببناء البنية التحتية المناسبة والمباني العامة الجديدة لسكان الحي، كما تعيد معظم المنطقة إلى هدفها الأصلي، منطقة خضراء لرفاهية الجمهور في الحي».

ويقع حي البستان وسط بلدة سلوان جنوب البلدة القديمة، أزقته متلاصقة فيها أشجار وأسوار خُطّت عليها رسوم غرافيتي بعضها تطالب بـ«إنقاذ سلوان».

وتشير جمعية «عير عميم» الحقوقية الإسرائيلية المناهضة للاستيطان إلى أن تصنيف المناطق الخضراء التي لا تمنح فيها تراخيص بناء أمر «شائع» في القدس الشرقية، وهدفه «قمع التنمية السكنية بين الفلسطينيين مع تمكين الاستيلاء على أراضيهم لصالح المصالح الإسرائيلية».

أما السكان الفلسطينيون فيعبّرون عن قناعة بأن البلدية تسعى إلى ربط الحي بمدينة داوود التي تقع فوقه، بالبؤر الاستيطانية في حي بطن الهوى على الطرف المقابل للحي.

بدأ الاستيطان في سلوان من ثمانينات القرن الماضي. ويعتبر المجتمع الدولي الاستيطان غير قانوني في المناطق التي تحتلها إسرائيل، وبينها القدس منذ عام 1967، وقد ضمتها في عام 1980.

ويقول المستوطنون إن علاقاتهم توراتية بالمكان، مؤكدين أن الملك داوود كان قد أقام مدينته فيه قبل 3 آلاف عام.

ويعيش مئات المستوطنين بين نحو 50 ألف فلسطيني في سلوان، ويمكن تمييز منازلهم من خلال الأعلام الإسرائيلية المرفوعة على الأسطح والنوافذ ومن خلال كاميرات المراقبة المزروعة عليها.

ويعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن ولا تمنحهم البلدية الإسرائيلية أذونات بناء إلا بنسب قليلة جداً لا تتوافق مع الزيادة السكانية.

جرافة تابعة للقوات الإسرائيلية تهدم منزلاً لعائلة أبو دياب الفلسطينية في حي البستان (أ.ف.ب)

«خوفاً من الانتقام»

وكان منزل أبو دياب قد هُدم مرة أولى في فبراير (شباط) الماضي، فأعاد بناءه.

ويقول بأسى: «هذه المرة أتعبوني»، مضيفاً: «البيت القديم مبني منذ خمسينات القرن الماضي، ولدت وترعرعت وتزوجت وأنجبت أولادي هنا».

اليوم، يعيش أبو دياب في كرافان بجانب أنقاض منزله. ويقول «حتى الكرافان مهدّد بالهدم، أولادي استأجروا خارج سلوان».

ويوضح أن البلدية عرضت على السكان الفلسطينيين منحهم أراضي في حي بيت حنينا (شمالاً)، لكنهم رفضوا.

في الجوار، كان عمر الرويضي يجلس حول موقد نار مع ابنه بجانب أنقاض منزله ومنازل 4 من أشقائه هدمتها جرافات البلدية.

ويقول الرويضي متعباً: «نحو 30 شخصاً أصبحوا بلا مأوى بينهم 12 قاصراً».

ويتابع: «منذ عام 2004، نخوض المحاكم ودفعنا عشرات الآلاف، لكن دون جدوى».

وحاولت «وكالة الصحافة الفرنسية» التواصل مع عائلات تلقت قرارات هدم من بلدية القدس، لكنها رفضت «خوفاً من الانتقام»، على حدّ تعبيرها.

تقول «عير عميم» إنه منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وصلت عمليات هدم المنازل في جميع أنحاء القدس الشرقية إلى مستويات غير مسبوقة، وتم ما بين 1 يناير (كانون الثاني) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2024، هدم 154 منزلاً.

«جريمة»

في 13 نوفمبر، هدمت الجرافات جمعية البستان التي ينتسب إليها 1500 فلسطيني من أعمار مختلفة معظمهم من المراهقين إلى جانب خيمة التضامن مع أهالي الحي التي تقع على سطحها وشقة سكنية.

ويقول مدير الجمعية، قتيبة عودة، إن الجمعية كانت تقدّم خدمات عدة لمنتسبيها، مثل بناء وتعزيز المهارات والقدرات والتدريبات الرياضية والثقافية وكانت منصة للفرص مع شراكة مع أكثر من 21 مدينة وبلدية فرنسية وغيرها من الخدمات.

ويضيف عودة أنها كانت «الملاذ الآمن والمتنفس الحضاري في ظل عدم وجود أي مركز خدماتي مجتمعي» في الحي.

ويعبّر عن حزنه على هدم الخيمة التي أقامها السكان في عام 2009 بهدف المطالبة بوقف الاستيطان، والتي «استقبلت وفوداً دبلوماسية ومتضامنة على مدار 20 عاماً وكانت مكاناً لأهالي البستان ليقولوا من خلاله لا لهدم منازلنا».

ويقول عودة: «هم لم يهدموا مبنى، هدموا ذكرياتنا، أحلامنا، تعبنا. حتى اليوم، يمرّ الأطفال أثناء عودتهم من المدرسة ويقفون قرب أنقاض» الجمعية التي كان من بين أنشطتها المسرح الخشبي والألعاب التعليمية.

ويرى عودة أن «ما يحصل هنا جريمة حرب ونقل قسري».

وفي أعقاب هدم الجمعية، طلبت فرنسا التي موّلت أنشطة للجمعية تفسيراً من السلطات الإسرائيلية.

وكانت كندة بركة (15 عاماً) من بين الذين يرتادون الجمعية. وتقول إنه بهدمها، فقدت «البيت الآمن».

وتضيف: «شعرت بعد هدم الجمعية بأنهم يمكن أن يهدموا منزلي. بكيت كثيراً».

وتواصل السير مع صديقاتها في أزقة حي البستان، قبل أن تشير كندة بركة إلى قناعتها بأن هدف الهدم هو أنهم «يريدون تقليص عدد السكان الفلسطينيين لصالح المستوطنين»، وجعل سلوان «ذات أغلبية يهودية».

أما عمر الرويضي فيؤكد: «نحن لن نخرج من المنزل، لن نخرج من سلوان، خارج سلوان نختنق».


مقالات ذات صلة

متورط بمخطط لتنفيذ هجوم... اعتقال إسرائيلي في القدس تجسس لصالح إيران

شؤون إقليمية قوات الأمن الإسرائيلية تجري دورية في مكان وقوع إطلاق نار بالقرب من نقطة تفتيش (أ.ف.ب)

متورط بمخطط لتنفيذ هجوم... اعتقال إسرائيلي في القدس تجسس لصالح إيران

كشفت قوات الأمن الإسرائيلية اليوم أنها اعتقلت إسرائيلياً مقيماً بالقدس للاشتباه في أنه على اتصال بعملاء للمخابرات الإيرانية في إطار مخطط لتنفيذ هجوم.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي عمليات هدم إسرائيلية لمبانٍ في القدس (أرشيفية)

عمليات هدم إسرائيلية لأبنية في القدس الشرقية تثير قلق فلسطينيين وناشطين وحكومات

نفّذت إسرائيل عمليات هدم لمبان في حي بالقدس الشرقية يقع بالقرب من بعض أهم الأماكن المقدسة في المدينة، ما أثار قلق السكان الفلسطينيين إضافة إلى ناشطين وحكومات.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية رجال شرطة إسرائيليون يعتدون الخميس على عنصر أمني فرنسي عند مدخل مجمع «إليونا» الديني في القدس (أ.ف.ب)

تحذير فرنسي شديد اللهجة لإسرائيل بشأن القدس

حذر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إسرائيل من تكرار واقعة دخول قوات أمن إسرائيلية إلى المواقع التي تديرها في القدس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عقب إلغاء زيارته المقرّرة لمجمّع «الإيليونة» في القدس (أ.ف.ب)

ماذا نعرف عن ممتلكات فرنسا في القدس الشرقية وإسرائيل؟

خيّم إشكال دبلوماسي جديد بين إسرائيل وفرنسا على زيارة وزير الخارجية الفرنسي، بعد دخول عناصر من الشرطة الإسرائيلية «دون إذن» لموقع ديني في القدس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو متوسطاً وزير الداخلية الفلسطيني زياد الريح ومحافظة رام الله ليلى غنام خلال زيارة لحي في رام الله هاجمه مستوطنون إسرائيليون وأضرموا فيه النار يوم 7 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«حادث دبلوماسي» يفاقم توتر العلاقات بين تل أبيب وباريس

تسببت الشرطة الإسرائيلية بـ«حادث دبلوماسي» جديد مع فرنسا التي أدانت محاولة الدخول بالسلاح ومن غير إذن إلى موقع ديني في القدس تمتلكه فرنسا ومولجة بحمايته.

ميشال أبونجم (باريس)

زحمة وفود في دمشق... ومخاوف من عملية تركية

سوريون لدى عودتهم إلى بلادهم عبر معبر أونجوبينار الحدودي قرب مدينة كيليس جنوبي تركيا أمس (أ.ب)
سوريون لدى عودتهم إلى بلادهم عبر معبر أونجوبينار الحدودي قرب مدينة كيليس جنوبي تركيا أمس (أ.ب)
TT

زحمة وفود في دمشق... ومخاوف من عملية تركية

سوريون لدى عودتهم إلى بلادهم عبر معبر أونجوبينار الحدودي قرب مدينة كيليس جنوبي تركيا أمس (أ.ب)
سوريون لدى عودتهم إلى بلادهم عبر معبر أونجوبينار الحدودي قرب مدينة كيليس جنوبي تركيا أمس (أ.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق، أمس، زحمة وفود دبلوماسية، قدمت للقاء السلطات الجديدة التي تسعى بدورها إلى طمأنة العواصم الأجنبية بشأن قدرتها على تهدئة الأوضاع في سوريا بعد نزاع مدمر استمرّ أكثر من 13 عاماً.

ورغم رغبة دول الاتحاد الأوروبي في التزام الحذر، إزاء السلطات الجديدة ممثَّلةً في «هيئة تحرير الشام»، بانتظار أن تتحول الأقوال والوعود الصادرة عن قائدها أحمد الشرع إلى أفعال، فإنها لا تريد أن تتأخر في العودة إلى المشهد السوري، خصوصاً أن الولايات المتحدة وبريطانيا سبقتاها إلى دمشق.

بدوره، جدد مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أمس، وقوف المملكة إلى جانب الشعب السوري ودعمه بما يحقق أمنه واستقراره، كما أكد إدانة اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية وانتهاكاتها قواعد القانون الدولي.

في الأثناء، تجمعت بوادر على تحضير تركيا وفصائل موالية لعملية السيطرة على مدينة عين العرب (كوباني) في شرق الفرات. وقالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، والمكونة أساساً من الأكراد، إن أنقرة هي التي تتحمل المسؤولية، وإن تركيا لم تأخذ المفاوضات على محمل الجد.