«حمى المضاربة» على الأسهم الصينية تشتعل رغم «مخاوف ترمب»

حركات شراء محلية كثيفة مقابل بيع أجنبي

مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)
مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)
TT

«حمى المضاربة» على الأسهم الصينية تشتعل رغم «مخاوف ترمب»

مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)
مشاة وسط العاصمة الصينية بكين يمرون أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ف.ب)

تشتعل حمى المضاربة في الأسهم الصينية وتلفت انتباه بعض الصناديق العالمية، التي تعتقد أن حركة الأموال المحلية تستحق المتابعة في قطاعات السوق المحمية من الرسوم الجمركية، ومن المرجح أن تستفيد من التعافي الاقتصادي في نهاية المطاف.

وأطلقت سلسلة من تعهدات التحفيز الاقتصادي من جانب الصين في سبتمبر (أيلول) الماضي العنان لأكبر ارتفاع في «أسهم هونغ كونغ» خلال نحو 30 عاماً، وأرسلت أسهم البر الرئيسي إلى أعلى مستوياتها في عامين.

ولكن الافتقار اللاحق إلى الإنفاق الضخم خفف من النشوة، حيث سحب كثير من المستثمرين الكبار أموالهم بدلاً من انتظار انتعاش يتطلب صبراً أطول، خصوصاً مع تعيين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، «صقوراً» معارضين للصين في الإدارات العليا بالولايات المتحدة.

ومع ذلك، في حين تراجعت «أسهم هونغ كونغ»، فقد غيرت الأسهم في البر الرئيسي مسارها، وسلطت الأموال المتدفقة من حسابات توفير الأسر الضوء على أعلى جيوب الأسواق سخونة.

وقال لو ديلونغ، وهو مستثمر تجزئة في شمال شرقي الصين، إنه يمتلك مليوني يوان (275 ألف دولار) في الأسهم، وإنه حقق ربحاً بنسبة 40 في المائة منذ أواخر سبتمبر الماضي، وأضاف: «ستتدفق الأموال على أي أسهم تحت دائرة الضوء المضاربية». ويراهن ولو على مكاسب أسهم التكنولوجيا، حيث تعمل الصين على عزلها عن القيود الأميركية المحتملة، بشراء «مجموعة سور الصين العظيم» للتكنولوجيا وشركة «فيجنوكس» للتكنولوجيا الموردة لشركة «هواوي»، والتي تضاعفت أسهمها منذ أواخر سبتمبر الماضي. وقال: «بالنسبة إلى أسهم التكنولوجيا، لا يمكن إثبات فشل الابتكار في المراحل المبكرة، وبالتالي خلق مجال للمضاربة».

وقد دفعت التجارة المضاربية التمويل الهامشي المستحق، أو الأموال المقترضة من سماسرة البورصة لشراء الأسهم، إلى أعلى مستوى في 9 سنوات عند 1.85 تريليون يوان (256 مليار دولار)، وفقاً لمزود البيانات «داتايز».

وبلغ متوسط ​​الحجم اليومي لـ«مؤشر شنغهاي المركب» 2.5 مرة لمتوسط 10 سنوات، خلال الشهرين الماضيين، وتشير تحركات الأسعار إلى مزيد من الزيادات.

وارتفع مؤشر «بي إس إي 50» للشركات الناشئة المدرجة في بكين بنسبة 112 في المائة منذ أواخر سبتمبر الماضي، مقارنة بالمكسب الذي جاء بنسبة 12 في المائة والمتبقي لـ«مؤشر شنغهاي المركب» بعد ارتفاعه المذهل.

وقالت لي باي، مؤسسة «مركز إدارة الاستثمار» في «شنغهاي بانكسيا»، برسالة إلى المستثمرين: «لا يزال المضاربون والمستثمرون الأفراد الذين لا يهتمون بالأساسيات في حالة حمى شرائية».

وزادت لي صافي حصتها من الأسهم إلى أعلى مستوى في 9 أشهر عند نحو 50 في المائة خلال سبتمبر الماضي، وتركز على شركات البناء المملوكة للدولة وقطاع العقارات، الذي انهار في السنوات الأخيرة وبدأ يجذب الرهانات على التعافي.

وتمتد الحماسة إلى المشتقات المالية، مع ارتفاع خيارات الرهانات على ارتفاع الأسعار أيضاً، وفقاً لديفيد وي، المدير العام لشركة «شينزن شينغيوان إنفستمنت كونسلتينغ كو» التي تساعد المستثمرين على شراء مثل هذه المنتجات من شركات الوساطة.

ويتناقض هذا التراكم مع البيع الأجنبي. ولم تعد الصين تنشر بيانات التدفقات في البر الرئيسي خلال الوقت الفعلي، لكن الإحصاءات الصادرة عن «غولدمان ساكس» أظهرت تدفقات خارجية بقيمة 16.9 مليار دولار على مدى الأسابيع الأربعة الماضية مع تذبذب الأسهم القيادية وارتفاع خطر التعريفات الجمركية.

وفي هونغ كونغ، التي تجتذب كثيراً من الأجانب حيث لا توجد ضوابط لرأس المال، يشير انخفاض بنسبة 15 في المائة بـ«مؤشر هانغ سينغ» من أعلى مستويات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أيضاً إلى حركة البيع الكثيفة.

وقال جورج إفستاثوبولوس، مدير المحفظة في «فيديليتي إنترناشيونال»، في إشارة إلى الأسهم بالبر الرئيسي، والقطاع الذي تفوق بسهولة على الأسهم القيادية: «لقد تحولنا إلى سوق الأسهم من الفئة (أ)، وبشكل خاص إلى سوق الأسهم متوسطة القيمة. ومن ناحية أخرى، لا تتمتع الأسهم من الفئة (أ) بحساسية كبيرة تجاه أسعار الفائدة الأميركية، وبدلاً من ذلك فهي أكثر ميلاً إلى السيولة المحلية في الصين وإلى التحفيز المالي».

وأيد استراتيجيو البنوك الاستثمارية الحركة على نطاق واسع، حيث فضلت: «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» و«إتش إس بي سي» الأسهم في البر الرئيسي، وذلك في مذكرات بحثية معمقة نُشرت خلال الأيام الأخيرة، مستشهدة بالتعرض للتحفيز واتجاهات الاستثمار المحلية.

وكتب استراتيجيو «إتش إس بي سي»، بقيادة هيرالد فان دير ليندي، في مذكرة يوم الثلاثاء: «في البر الرئيسي للصين، يوجد أكثر من 20 تريليون دولار في الودائع المصرفية، وهذا ضعف القيمة السوقية لسوق الأسهم من الفئة (أ)... ويخصَّص بعض هذه الأموال تدريجياً للأسهم».

ويرى المستثمرون الأجانب والمحليون أن إحدى عواقب تصاعد التوترات التجارية هي التحول إلى الاكتفاء الذاتي في الصين، وقد اشتروا شركات تصنيع الرقائق على وجه الخصوص تحسباً لكسبهم إيرادات كانت لتتدفق إلى الخارج في السابق.

ووجد استطلاع أجراه «بنك أوف أميركا» في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لمديري صناديق الاستثمار بآسيا، أن 8 في المائة فقط من 120 مشاركاً إقليمياً عدّوا أنفسهم «مُعَرّضين بالكامل»، مع توازن الباقين بين الصعود والهبوط، ونحو الثلث راضون عن انتظار مزيد من الدعم.

وقال مايكل براون، مدير الاستثمار في «مارتن كوري»، وهي جزء من «فرنكلين تمبلتون»، وهي شركة إدارة صناديق مختصة في الأسهم تدير نحو 100 مليون دولار من صناديق الاستثمار في آسيا: «أنا متأكد من أنه ستكون هناك حزمة أو حزمتان تحفيزيتان أخريان في الصين»، متابعاً أن «تجارة الأسهم في الصين قد تكون الأمر الذي سيفاجئ الجميع».


مقالات ذات صلة

الصين بصدد قواعد استثمارية أكثر صرامة لتصنيع الطاقة الشمسية

الاقتصاد حقل للطاقة الشمسية في مقاطعة نينغشيا هوي الصينية (أ.ف.ب)

الصين بصدد قواعد استثمارية أكثر صرامة لتصنيع الطاقة الشمسية

وضعت وزارة الصناعة الصينية، الأربعاء، إرشادات استثمارية لمشروعات تصنيع الطاقة الشمسية الكهروضوئية في محاولة لكبح جماح الطاقة الفائضة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال توقيع عقد إنشاء منطقتين تعليميتين وفنيتين ضمن «مشروع الدرعية»... (واس)

بـ1.5 مليار دولار... «الدرعية» تضع حجر الأساس لحي القرين الثقافي و«المنطقة الشمالية»

أعلنت شركة «الدرعية»، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، عن إنشاء منطقتين تعليميتين وفنيتين ضمن «مشروع الدرعية»، بعقد بلغت قيمته 5.8 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رجل في أحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ب)

اليابان في «الأمتار الأخيرة» لإقرار حزمة تحفيز بـ87 مليار دولار

اتفق الائتلاف الحاكم في اليابان، الأربعاء، مع حزب معارض رئيس على مسودة حزمة تحفيز اقتصادي تبلغ قيمتها 87 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)

خبراء يرجحون فرض ترمب تعريفات بنسبة 40 % على الصين مع بداية 2025

أظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوماً جمركية بنحو 40 % على الواردات من الصين في أوائل العام المقبل

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منظر عام يُظهر منطقة الأعمال المركزية بوسط مدينة نيروبي (رويترز)

كينيا تستهدف خفض عجز الموازنة 3.8 % في السنة المالية المقبلة

أعلنت كينيا استهدافها خفض عجز الموازنة بنسبة 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2025-2026، الممتدة من يوليو (تموز) 2025 - يونيو (حزيران) 2026

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية بأكثر من التوقعات

مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية بأكثر من التوقعات

مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مشهد جوي لمصفاة تكرير نفط تابعة لشركة «إكسون موبيل» بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، (الأربعاء)، إن مخزونات الخام والبنزين في الولايات المتحدة ارتفعت، بينما انخفضت مخزونات المقطرات في الأسبوع المنتهي، الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني).

وقالت إدارة معلومات الطاقة، إن مخزونات الخام ارتفعت 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل الأسبوع الماضي مقارنة بتوقعات المحللين، في استطلاع أجرته «رويترز»، لزيادة قدرها 138 ألف برميل.

وقالت إدارة معلومات الطاقة إن مخزونات الخام في مركز التسليم في كوشينغ بولاية أوكلاهوما انخفضت 140 ألف برميل في الأسبوع. وأوضحت الإدارة أن استهلاك المصافي من الخام انخفض 281 ألف برميل يومياً، بينما انخفضت معدلات تشغيل المصافي 1.2 نقطة مئوية في الأسبوع.

أضافت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات البنزين في الولايات المتحدة ارتفعت 2.1 مليون برميل في الأسبوع إلى 208.9 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع أجرته «رويترز»، بزيادة قدرها 0.9 مليون برميل.

وأظهرت البيانات أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة، انخفضت 0.1 مليون برميل في الأسبوع إلى 114.3 مليون برميل، مقابل توقعات بتغير ضئيل نسبياً.

وذكرت الإدارة أن صافي واردات الخام الأميركية ارتفع الأسبوع الماضي بمقدار 237 ألف برميل يومياً.