الجزائر تطالب بـ«كثير من الشراكة» لمحاربة الإرهاب

دعا خبراء أمميون إلى الاطلاع على أوضاع الساحل وبحيرة تشاد

وزير خارجية الجزائر في مؤتمر أفريقي حول الأمن ومحاربة الإرهاب في 2023 (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر في مؤتمر أفريقي حول الأمن ومحاربة الإرهاب في 2023 (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر تطالب بـ«كثير من الشراكة» لمحاربة الإرهاب

وزير خارجية الجزائر في مؤتمر أفريقي حول الأمن ومحاربة الإرهاب في 2023 (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر في مؤتمر أفريقي حول الأمن ومحاربة الإرهاب في 2023 (الخارجية الجزائرية)

اقترحت الجزائر على خبراء الأمم المتحدة، العاملين في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، تنظيم زيارات إلى مناطق معينة في أفريقيا، حيث تواجه المجتمعات المحلية هناك اضطرابات بسبب الانقلابات العسكرية، وضعف التنمية وهشاشة البنية التحتية، الأمر الذي جعل منها فريسة سهلة للمتطرفين، ومكاناً مفضلاً لإقامة قواعد خلفية للإرهاب.

جاء هذا المقترح، بمناسبة جلسة عامة عقدها مجلس الأمن، الخميس، خصّصها لتقديم تقارير أعدّها رؤساء اللجان الثلاث الرئيسية المكلفة مكافحة الإرهاب، ومنع انتشار الأسلحة: «اللجنة 1267»، المعنية بتنظيم الدولة (داعش) وتنظيم «القاعدة»، و«اللجنة 1373»، لمكافحة الإرهاب التي ترأسها الجزائر، و«اللجنة 1540» الخاصة بمنع انتشار الأسلحة، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الجزائرية.

من عملية للجيش الجزائري تم خلالها اعتقال خلية إرهابية ومصادرة معداتهم بالجنوب (وزارة الدفاع)

وترأست الجلسة المملكة المتحدة، «وكانت لها أهمية خاصة في سياق يتسم بتوسع الجماعات الإرهابية في أفريقيا، وارتفاع التهديدات في أفغانستان وزيادة استخدام التكنولوجيا الحديثة لأغراض تخدم الإرهاب»، حسب الوكالة الإخبارية نفسها، التي أشارت إلى عروض قدّمها رؤساء اللجان الثلاث «تبرز تطور التهديدات بشكل مقلق، حيث شددوا على ضرورة اتخاذ إجراءات دولية منسقة بشكل يحقق فاعلية أكبر».

مندوب الجزائر بالأمم المتحدة عمار بن جامع (الخارجية الجزائرية)

وبخصوص الوضع في أفريقيا، وجّه ممثل الجزائر بالأمم المتحدة، عمار بن جامع، «نداء عاجلاً» إلى الخبراء التابعين للأمم المتحدة، جاء فيه: «اختاروا زيارة البلدان الأكثر ضعفاً والأكثر تأثراً بالإرهاب... توجهوا إلى منطقة الساحل وإلى بحيرة تشاد، وليس إلى البلدان التي لا تعاني من الإرهاب».

وتضمنت نبرة حديث بن جامع لوماً وجّهه إلى الأمم المتحدة وهياكلها، فهي في نظر الجزائر «لا تولي الأهمية اللازمة» للأوضاع جنوب الصحراء، بالنظر إلى الإرهاب، الذي استشرى فيها والانقلابات العسكرية، التي وقعت بها في السنوات الأخيرة، وهو ما زاد في تفاقم الوضع.

وقتل السبت الماضي 15 جندياً من الجيش التشادي، وأصيب 32 آخرون في هجوم لمقاتلي جماعة «بوكو حرام»، يعد الثاني في أقل من أسبوعين، حيث قتل 40 عسكرياً تشادياً على أيدي عناصر نفس التنظيم نهاية الشهر الماضي.

وقال بن جامع أيضاً: «في أفريقيا، نرى يوماً بعد يوم كيف يُستغل الفقر المدقع واليأس لتغذية التطرف، ونرى مؤسسات ضعيفة تتعرض للاختراق، وغياب فرص العيش الكريم، الأمر الذي حوّل المنطقة إلى أرض خصبة للتطرف». ودعا إلى مواجهة هذا «الوضع المقلق»، على حد تعبيره، وإلى «تقديم دعم ملموس للدول الأكثر ضعفاً، فلا وعود، بل موارد، ولا شروط، بل تعاون. من فضلكم، لا مزيد من الدروس، بل شراكة حقيقية في مكافحة الإرهاب».

آثار قصف معاقل لمتشددين بالحدود الجزائرية (الشرق الأوسط)

وتنتمي الجزائر إلى منطقة جنوب الصحراء، التي لها حدود مع مالي والنيجر حيث ينشط متطرفون. وفي الـ30 سنة الماضية، واجهت تنظيمات مسلحة كثيرة، أهمها «القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي»، و«جند الخلافة» (يتبع داعش وتم القضاء على زعيمه نهاية 2014). وتقول الحكومة إن ما بقي حالياً من هذه الجماعات «لايعدو كونه بقايا مجرمين».

وحول هذا الموضوع تحديداً، قال بن جامع في كلمته منتقداً عمل الهياكل الدولية لمكافحة الإرهاب: «لقد حاربنا الإرهاب بمفردنا في تسعينات القرن الماضي، وهذه التجربة علمتنا أن نهج مجلس الأمن غير قابل للاستدامة»، داعياً إلى «إعادة هيكلة النظام الحالي». في إشارة إلى أن الخطة المتبعة من طرف مجلس الأمن، بخصوص محاربة الإرهاب، غير مجدية، في نظر الجزائر.

كما قدّم بن جامع، خلال الجلسة، تقريراً حول أنشطة «لجنة مكافحة الإرهاب»، مشيداً بـ«التقدم الكبير الذي حقّقته أعمالها خلال العام الماضي، خصوصاً من خلال تنفيذ 9 زيارات تقييم إلى دول أعضاء مختلفة». مشدداً على «تعزيز الحوار مع منسقي الأمم المتحدة المقيمين، واعتماد المبادئ التوجيهية حول التهديدات المرتبطة بالطائرات المسيرة».


مقالات ذات صلة

إندونيسيا تدرس تخفيف عقوبات السجن لـ180 عضواً سابقاً بـ«الجماعة الإسلامية»

آسيا استنفار أمني إندونيسي عقب عملية إرهابية (متداولة)

إندونيسيا تدرس تخفيف عقوبات السجن لـ180 عضواً سابقاً بـ«الجماعة الإسلامية»

تعتزم وكالة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا التوصية بتخفيف عقوبات السجن لأعضاء «الجماعة الإسلامية» السابقين المسجونين.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا )
آسيا آصف علي زرداري (أرشيفية)

الرئيس الباكستاني يتعهد باستئصال الإرهاب من البلاد

أدان بشدة الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري «الهجوم الإرهابي الذي شهدته نقطة تفتيش في وزيرستان الجنوبية».

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
أفريقيا جنود فرنسيون يؤمِّنون المنطقة التي هاجمها انتحاري عند مدخل مدينة غاو شمال مالي في 10 فبراير 2013 (أ.ب)

مقتل أكثر من 20 مدنياً في هجمات على قرى بوسط مالي

قال مصدران إن مسلحين يشتبه بأنهم متشددون قتلوا أكثر من 20 شخصاً، في سلسلة من الهجمات على قرى في منطقة موبتي بوسط مالي، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باماكو )
مدخل مكتب قناة «آرزو» التلفزيونية في كابل (صورة أرشيفية)

كابل: إطلاق سراح 7 موظفين في قناة تلفزيونية تحت إشراف قضائي

أُطلق سراح 7 موظفين في قناة تلفزيونية أفغانية أوقفتهم سلطات «طالبان» مطلع ديسمبر، ووضعوا تحت إشراف قضائي.

«الشرق الأوسط» (كابل)
آسيا ضابط شرطة باكستاني يحمل مدفعاً رشاشاً مشاة عيار 12.7 ملم يتخذ موقعه على سطح مركز شرطة سارباند في ضواحي بيشاور يوم 9 فبراير 2023 (إ.ب.أ)

مقتل 17 جندياً باكستانياً أثناء إحباط مهاجمة مسلحين نقطة تفتيش بمقاطعة وزيرستان

قُتل 17 من أفراد قوات الأمن الباكستانية، أثناء إحباط مهاجمة مجموعة من المسلحين نقطة تفتيش، في منطقة ماكين، بمقاطعة وزيرستان الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (روالبندي - بيشاور (باكستان))

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».