واشنطن أبلغت بري استمرار وساطة هوكستين بـ«مباركة» الإدارة الجديدة

تل أبيب تروّج لاتفاق وشيك مع لبنان على وقع قصف متواصل للضاحية الجنوبية

لبنانيون يوثّقون الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بجوَّالاتهم (أ.ف.ب)
لبنانيون يوثّقون الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بجوَّالاتهم (أ.ف.ب)
TT

واشنطن أبلغت بري استمرار وساطة هوكستين بـ«مباركة» الإدارة الجديدة

لبنانيون يوثّقون الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بجوَّالاتهم (أ.ف.ب)
لبنانيون يوثّقون الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بجوَّالاتهم (أ.ف.ب)

كثّف الجيش الإسرائيلي غاراته على الضاحية الجنوبية لبيروت، بموازاة الترويج لتسوية وشيكة مع لبنان، يقوم على احتفاظ إسرائيل بحرية تنفيذ العمليات داخل لبنان في حالة انتهاك أي اتفاق، وهو ما يرفضه لبنان على المستوى الرسمي، وعلى مستوى «حزب الله».

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، العضو في مجلس الوزراء الأمني، إن إسرائيل «أقرب من أي وقت مضى، منذ بداية الحرب، إلى التوصل لاتفاق بشأن الأعمال القتالية مع (حزب الله)»، لكنه أضاف أن إسرائيل لا بد أن تحتفظ بحرية تنفيذ العمليات داخل لبنان في حالة انتهاك أي اتفاق.

وبينما نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي أن محادثات وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، كانت «جيدة»، وأنها «عالجت معظم الخلافات مع تل أبيب بشأن وقف إطلاق النار في لبنان»، كانت السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون تُبلغ رئيس البرلمان اللبناني باستمرار وساطة الموفد الرئاسي آموس هوكستين، مؤكدةً أن هذا الحراك «يحظى بمباركة من الإدارة الأميركية الجديدة». وعلمت «الشرق الأوسط» أن السفيرة جونسون أبلغت بري أن ما تم الاتفاق عليه (بين بري وهوكستين) سابقاً لا يزال العمود الفقري للحراك الأميركي، مشيرةً إلى وجود «صياغات» إضافية تريد الإدارة الأميركية استمزاج رأي بري فيها «من دون استعجال».

وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين (رويترز)

وذكر كوهين في مقابلة مع «رويترز»: «أعتقد أننا في مرحلة نحن أقرب فيها من أي وقت مضى إلى التوصل لترتيب منذ بداية الحرب». وقال: «إن من نقاط الخلاف الرئيسية بالنسبة لإسرائيل هي ضمان احتفاظها بحرية تنفيذ العمليات إذا عاد (حزب الله) إلى المناطق الحدودية التي قد يُشكل فيها تهديداً للبلدات الإسرائيلية». وتابع: «سنكون أقل تساهلاً عما سبق مع محاولات إقامة معاقل في أراضٍ قريبة من إسرائيل. ذلك ما سنكون عليه. وتلك بالتأكيد هي الكيفية التي سنتعامل بها».

وجاء تصريح كوهين، على وقع غارات جوية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، وتتواصل لليوم الثالث، بعد أن تكثّفت بشكل غير مسبوق، بمعدل إنذارات إخلاء وغارات جوية كل 5 ساعات. وبعد إنذارات مساء الأربعاء بالإخلاء، تجدّدت الإنذارات، فجر الأربعاء وصباحه، وفترة بعد الظهر، بمعدل غارات كل 5 ساعات، بما يمنع السكان من الوصول إلى المنطقة. ودمرت الغارات مزيداً من المباني في المنطقة.

آثار غارة إسرائيلية استهدفت منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، قصف نحو 30 هدفاً في الضاحية الجنوبية لبيروت على مدار الساعات الـ48 الماضية. وقال في بيان، إن الضربات هدفت إلى «تفكيك وإضعاف القدرات العسكرية لـ(حزب الله)»، موضحاً أنه استهدف «مؤخراً» مستودعات أسلحة ومراكز قيادة وبنى تحتية أخرى للحزب.

وتواصلت الغارات الجوية الإسرائيلية على أكثر من منطقة في لبنان، وذكرت الوكالة الوطنية الخميس، أن 9 أشخاص على الأقل قتلوا، وأصيب 5 آخرون في غارة إسرائيلية على مبنى في بعلبك، شرق لبنان. وأضافت أن الحصيلة أولية، وأن فرق الدفاع المدني ما زالت تقوم بأعمال الإنقاذ ورفع الركام.

الدخان يتصاعد نتيجة غارات جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

في المقابل، أعلن «حزب الله» عن استهداف قاعدة «ستيلا ماريس» البحريّة (قاعدة إستراتيجية للرصد والرقابة البحريين على مستوى الساحل الشمالي) «بصليّة صاروخية نوعية»، مشيراً إلى أنها تبُعد عن الحدود اللبنانيّة 35 كيلومتراً، شمال غربي ‏حيفا. كما أعلن عن قصف 6 مستوطنات إسرائيلية في الشمال على الأقل، بصواريخ ومسيّرات انقضاضية.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)

سلام: الدولة اللبنانية وحدها يمكنها امتلاك السلاح داخل أراضيها

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن لبنان يواجه انهياراً شبه كامل بعد عقود من سوء الإدارة والفساد والطائفية والحروب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج السلطان هيثم بن طارق والرئيس اللبناني العماد جوزيف عون عقدا الأربعاء جلسة خاصة بقصر العلم في مسقط (العمانية)

عُمان ولبنان ينددان بالاعتداءات الإسرائيلية ودعم الجهود الدولية لمنع التصعيد

أعربت سلطنة عُمان ولبنان، في بيان مشترك، الأربعاء، عن قلقهما الشديد إزاء استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية واحتلال الأراضي العربية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني في بلدة علما الشعب الحدودية نوفمبر الماضي (رويترز) play-circle

هل يدفع مسار التفاوض إسرائيل إلى تبريد جبهة لبنان؟

منذ تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، شهد جنوب لبنان تبدّلاً لافتاً تمثل بوقف إسرائيل الاغتيالات مع تفاوت في التصعيد.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

«الميكانيزم» تستعد للدخول في اختبار «تبادل نيات» بين لبنان وإسرائيل

تدخل المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية برعاية لجنة «الميكانيزم» حتى موعد انعقاد اجتماعها المقبل في 19 ديسمبر الحالي بمرحلة اختبار النيات.

محمد شقير (بيروت)

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون «أن التفاوض لا يعني استسلاماً، ونعمل على تثبيت الأمن والاستقرار، والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم».

وأتت مواقف عون خلال استقباله المجلس الجديد للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بقصر بعبدا، حيث كان له لقاء أيضاً مع رئيس الوفد اللبناني إلى المفاوضات في لجنة «الميكانيزم» السفير سيمون كرم، وزوّده بتوجيهاته عشية الاجتماع المقبل للجنة المقرر الجمعة. ولجنة «الميكانيزم» هي آلية دولية أُنشئت لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية بين لبنان وإسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.

التفاوض لا يعني استسلاماً

وتحدث عون مطولاً عن المفاوضات الجارية بين لبنان وإسرائيل، والجهود التي تُبذل لإبعاد شبح الحرب، قائلاً: «نعمل من خلال التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار، خصوصاً في الجنوب، حيث تستمر الاعتداءات الإسرائيلية من وقت إلى آخر. وهذا التفاوض لا يعني استسلاماً». وأضاف: «نحن نعتمد على المواقف التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب واهتمامه بموضوع السلام، ونعمل ما علينا في هذا الاتجاه».

لبنان لا يمكن أن يذهب للحرب

وشدّد عون على «أن لبنان يُعاد بناؤه، ويعود للانتعاش من جديد، ولا يمكن له أن يذهب للحرب. وأنا، بصفتي رئيساً للجمهورية، سأسلك أي طريق يقودني إلى مصلحة لبنان، والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم، وإنعاش لبنان اقتصادياً وتطوير دولته. هذا هو هدفي، وإذا كان من أحد لديه مشكلة مع هذا الهدف فليقل لي».

وشدّد عون «على ضرورة نقل الصورة الحقيقية عن لبنان في الخارج، لأنه، وللأسف، فإن البعض من اللبنانيين فيه ينقلون الصورة السيئة»، لافتاً إلى «ضرورة أن يكون اللبنانيون مع لبنان لا مع شخص (محدد)»، عادّاً أن من يسوّق للحرب انفضح دوره، مشيراً إلى أن «ثمة من يعيش على نفَس الحرب لإجراء الانتخابات على أساسها». وتساءل: «هل يجوز لهذا البعض أن يشوّه الصورة الحقيقية، ويبث الشائعات، ويخيف اللبنانيين، ويطلب الحرب لمصلحته الانتخابية، فيما علينا التمسّك بحسنا ومسؤوليتنا الوطنية في هذا الظرف الدقيق الذي نمر به؟».

وختم الرئيس اللبناني بالثناء على ما يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، مشدداً على أن رد أموال المودعين في المصارف هو أحد أبرز أهدافه، متمنياً أن يشهد العام المقبل «ميلاد لبنان الجديد والدولة الجديدة الخالية من الفساد، وقد عادت إلينا أراضينا وعاد أهلنا إليها».

لا تعيينات جديدة في لجنة «الميكانيزم»

وإثر لقائه رئيس الجمهورية، حيث أجرى معه جولة تناولت الأوضاع السياسية الراهنة، تحدّث نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب نافياً معلومات أشارت إلى التوجه لتعيين شخصيات مدنية لبنانية جديدة في لجنة «الميكانيزم» المكلفة بالإشراف على وقف النار مع إسرائيل. وقال: «الكلام الذي صدر في الإعلام حول تعيين سفراء آخرين غير السفير كرم، لا أعتقد أن فخامته في جوّه أو أنه على علم بهذا الموضوع. هذا كلام صدر في الإعلام، ونحن نعلم أن السفير كرم لديه من الكفاءة التي تجعله يقوم بالمهمة، ولم تكن هناك أي مطالبة بإضافة آخرين على هذا الوفد، حسبما سمعت من فخامته».

ولفت بوصعب إلى أنه اطلع من رئيس الجمهورية على العمل الذي تقوم به لجنة «الميكانيزم». وقال: «هذا العمل محل تقدير؛ لأن أسئلة جميع اللبنانيين الذين هم في الخارج، تتمحور حول ما إذا كان بإمكانهم المجيء لتمضية فترة العيد في لبنان، وإذا كان هناك هدوء»، واصفاً الوضع في البلاد بـ«المطمئن».

اجتماع أمني وإجراءات لمتابعة التدابير خلال الأعياد

في موازاة ذلك، عقد وزير الداخلية والبلديات، أحمد الحجار، اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي خُصص لعرض الأوضاع الأمنية العامة في البلد، ومتابعة التدابير والإجراءات الأمنية المتخذة لمناسبة الأعياد، بهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار وسلامة المواطنين، خصوصاً في الأماكن التي ستشهد ازدحاماً مرورياً واحتفالات.

وطلب الوزير الحجار رفع الجهوزية القصوى، وتعزيز التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية والدفاع المدني، داعياً إلى «اتخاذ كل التدابير التي من شأنها ضمان سرعة الاستجابة لأي طارئ».

وأعطى الحجار توجيهاته للانتشار والتمركز في محيط الكنائس ودور العبادة، وأماكن السهر خلال عيدي الميلاد ورأس السنة، والتشدد في إجراءات حفظ الأمن والنظام، وتعزيز تدابير السير على الطرق العامة لتسهيل أمور المواطنين.

كما أكد الوزير الحجار «ضرورة تكثيف الجهد الاستعلامي الأمني لمنع أي أعمال مخلة بالأمن، لا سيما إطلاق النار في الهواء، وملاحقة المرتكبين وإحالتهم إلى القضاء المختص».

وخلال الاجتماع، أثنى الحجار على عمل الأجهزة الأمنية كافة، وعلى التدابير المتخذة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، مؤكداً أهمية مواصلة هذا الجهد «لضمان حُسن سير العمل في المطار، وتسهيل أمور الوافدين والمغادرين».


توغل إسرائيلي جديد في القنيطرة السورية

الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)
الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)
TT

توغل إسرائيلي جديد في القنيطرة السورية

الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)
الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)

توغلت قوات إسرائيلية مجدداً، مساء الأربعاء، في عدة قرى بريف محافظة القنيطرة.

وذكر مراسل وكالة «سانا» الرسمية في القنيطرة، أن «قوة تابعة للاحتلال الإسرائيلي مؤلَّفة من أربع آليات؛ واحدة مصفحة، وأخرى من نوع همر، واثنتين من نوع هايلكس، توغلت في مدينة القنيطرة المهدمة، وقامت بنصب حاجز مؤقت على دوار العلم لمدة 15 دقيقة، قبل أن تتوجه باتجاه قرية الصمدانية الشرقية وصولاً إلى تل كروم جبا في ريف القنيطرة الشمالي».

كانت قوات إسرائيلية قد توغلت، الثلاثاء، في عدة قرى وبلدات بريف القنيطرة الجنوبي.

وأوضحت«سانا» أن إسرائيل«تواصل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك عام 1974 عبر التوغل في أرياف القنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين، فيما تطالب سوريا باستمرار، بخروج الاحتلال من أراضيها، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع هذه الممارسات غير المشروعة».


إنارة شجرة الميلاد بسوريا في مواجهة شبح الإرهاب والوضع الاقتصادي

إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)
إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)
TT

إنارة شجرة الميلاد بسوريا في مواجهة شبح الإرهاب والوضع الاقتصادي

إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)
إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)

يستعد المسيحيون في سوريا للاحتفال بعيد الميلاد للمرة الثانية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد البائد، برغم سيطرة مخاوف أمنية من هجمات إرهابية محتملة، مع مواصلة السلطات السورية حملتها ضد تنظيم «داعش» الذي ارتفعت وتيرة استهدافاته لعناصر الأمن، والجيش في الأيام الأخيرة، وبرغم الأوضاع الاقتصادية المتعبة، بعد رفع أسعار الكهرباء.

وبينما زينت شجرات الميلاد كنائس العديد من المناطق وسط اهتمام رسمي وشعبي، لا تزال بعض الكنائس تتردد في إظهار البذخ بإنارة الشجرة، والزينات.

بازار في كنيسة الكيرلس في حي القصاع الدمشقي (متداولة)

في مشهد يبدو مستجداً على العاصمة دمشق، بدأت الأسواق التجارية وسط العاصمة دمشق، منها الشعلان، والحمرا، بوضع زينة الشجرة وعيد الميلاد قبل وضعها في حي القصاع المسيحي. ويقول جوزيف، وهو أحد سكان الحي، إنها المرة الأولى التي يتأخر فيها «سوق القصاع» بتزيين الشجرة في حين أن حيي «باب توما» و«باب شرقي» المسيحيين، علقا الزينات منذ بداية الشهر الجاري. وردّ الأسباب إلى عاملين، الأول: هو حالة الخوف التي لا تزال تسيطر على عدد كبير من المسيحيين منذ تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، واحتمال استهداف الاحتفالات، وخاصة أن هناك متشددين ما زالوا يقومون بأعمال استفزازية بين حين وآخر. والسبب الثاني: اقتصادي بعد رفع أسعار الكهرباء في ظل وضع معيشي سيئ.

وأشار جوزيف إلى ما حصل لدى تزيين شجرة الدويلعة قبل عشرة أيام، حين مرّ شخصان يركبان دراجة نارية قريباً من الاحتفال وهما يرفعان «علم التوحيد» احتفالاً بعيد التحرير مع هتاف التكبير، ما أثار الذعر، والظن بأنهما سيفجران الشجرة، وحصل تدافع ورعب شديدان. وقال: «هذه الحادثة كشفت عن حالة الذعر لدى الأهالي التي عززها تفجير الكنيسة قبل أشهر».

محافظ حلب خلال افتتاح «القرية الميلادية» في المدينة (متداولة)

وتعرضت كنيسة مار إلياس في الدويلعة لهجوم انتحاري في يونيو (حزيران) الماضي، أدى إلى مقتل 25 شخصاً، وإصابة 60 آخرين، واتهمت السلطات السورية تنظيم «داعش» بالمسؤولية عن التفجير.

حنين يوسف من الدويلعة قال «إن مخاوف المسيحيين هذا العام تختلف عن العام الماضي، فقبل عام وفور سقوط النظام، كان الخوف من المجهول القادم قوياً جداً، لكن الآن، هناك جهات أمنية، وحكومة ننسق معها، وتقدم الحماية للتجمعات، والخوف هو من العناصر المتشددة، والمنفلتة التي تهدد الجميع».

وأعلنت وزارة الداخلية السورية ليل الثلاثاء-الأربعاء عن تفكيك خلية تتبع تنظيم «داعش» في إدلب، وقالت إن زعيم الخلية قتل فيما تم القبض على ثمانية آخرين في عملية نوعية نفذتها بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة في محافظة إدلب.

وجاءت العملية بعد عدة هجمات استهدفت عناصر الأمن، ودوريات الطرق، والجمارك في ريفي حلب وإدلب، وبعد هجوم استهدف جنوداً أميركيين في تدمر قبل أيام.

المخاوف من الإرهابيين والمتشددين لم تمنع المسيحيين من إقامة الاحتفالات، وكان لافتاً هذا العام احتفال البلدات المسيحية في ريف إدلب بعيد الميلاد، حيث تزينت شوارع وكنائس بلدتي اليعقوبية، والقنية اللتين عاد إليهما قسم كبير من المهجرين الصيف الماضي، كما أعيد افتتاح كنيسة اليعقوبية... وفي مدينة السقيلبية ذات الغالبية المسيحية بريف حماة الغربي، التي تعرضت شجرة الميلاد فيها العام الماضي إلى اعتداء وحرق من قبل مجهولين، قام العميد محمد الجاسم قائد «الفرقة 62» في الجيش السوري بحماة، بالتبرع لدعم تزيين الشجرة هذا العام، في تأكيد على الدعم الرسمي للاحتفالات.

ونقلت «وكالة سانا» الرسمية عن عدد من أهالي السقيلبية التأكيد على أن «الاحتفال هذا العام يحمل رمزية مضاعفة، إذ يجمع بين فرحة الميلاد وذكرى التحرير»... وفي مدينة محردة ذات الغالبية المسيحية بريف حماة أيضاً، جرى احتفال رسمي لإنارة شجرة الميلاد وقال مطران حماة نيقولاوس بعلبكي: «فرحتنا اليوم مضاعفة؛ فرحة الميلاد، وفرحة مرور عام على ولادة سوريا الجديدة». وفي مدينة القصير بريف حمص، أثار مسلمون من أهالي المدينة جدلاً حول أسباب تأخر إنارة الشجرة، وقدموا اقتراحات بإنارة شجرة في ساحة المدينة إن لم ترغب الكنيسة بإنارتها هذا العام، وردت الكنيسة ببيان أوضحت فيه أنها لم تتأخر وأنها اعتادت إنارة الشجرة قبل العيد بأربعة أو خمسة أيام.

«القرية الميلادية» في حلب (فيسبوك)

وكانت الكنائس في مدينتي اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري سباقة في بدء الاحتفالات بعيد الميلاد بحضور رسمي. وقال مطران اللاذقية أثناسيوس فهد في كلمة ألقاها في أحد الاحتفالات: «نيّتنا كسوريين أن نزيّن بلدنا كما نزيّن شجرة الميلاد، بكل إمكانياتنا ومواهبنا، لتبقى سوريا شامخة، وللجميع». كما شهدت حلب احتفالاً مميزاً بافتتاح «القرية الميلادية» في «دير الأرض المقدسة»، بحضور محافظ حلب ومسؤولين بالحكومة، وعدد من رجال الدين، والرهبان، والراهبات.

ويعتبر المسيحيون في سوريا العيد فرصة للمشاركة في نشاطات اجتماعية وثقافية داعمة للأسر من خلال حفلات الفرق النحاسية، والبازارات الخاصة بترويج الأعمال اليدوية المنزلية، والمشاريع الصغيرة، ومشاريع الدعم، والرعاية للشرائح الضعيفة.

ميليسيا عيسى، أخصائية في العلاج النفسي الحركي من مركز «يد الرب» التابع لكنيسة السريان، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن عيد الميلاد، والبازارات، والأنشطة التي ترافقه «مناسبة لعرض مشروع دعم ذوي الإعاقة من كل الحالات، والأعمار، ومن كل الأطياف، بهدف دمجهم في المجتمع، باعتبار ذلك رسالة سلام للجميع».

وقالت «إن العمل مع ذوي الإعاقة يعلمنا النظر للإنسان ككيان، ومشاعر بغض النظر عن الانتماء الطائفي، وهذا يذكرنا بأننا أكبر من أي شحن طائفي، وقادرون على الحب وخدمة بعضنا البعض، فالأطفال ذوو الإعاقة هم رسالة تحتاج لعيون تقرأها».