كوماندوز إسرائيلي يختطف «مسؤولاً بحرياً» في «حزب الله»

عماد أمهز يدرس العلوم البحرية… ونشاط سابق للإسرائيليين في المنطقة

TT

كوماندوز إسرائيلي يختطف «مسؤولاً بحرياً» في «حزب الله»

عَلم لـ«حزب الله» مرفوع قرب موقع استهداف إسرائيلي لمبانٍ في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
عَلم لـ«حزب الله» مرفوع قرب موقع استهداف إسرائيلي لمبانٍ في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

نفذت قوات «كوماندوز» بحرية إسرائيلية عملية إنزال في منطقة البترون في شمال لبنان، واختطفت مواطناً لبنانياً، قبل أن تنسحب من المكان، حسبما أكد مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط».

وقال المصدر إن الإنزال الإسرائيلي حصل فجر الجمعة، واستهدف شخصاً يُدعى عماد فاضل أمهز، وتم اختطافه من المكان، قبل أن تنسحب المجموعة البحرية الإسرائيلية من الشاليه البحري الواقع بمحاذاة الشاطئ في البترون بشمال لبنان.

وقال مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن أمهز عضو في «حزب الله»، من دون أن يحدد موقعه التنظيمي، رافضاً تأكيد أو نفي معلومات عن أنه مسوؤل كبير في الوحدة البحرية للحزب. لكن المصدر كشف أن أمهز طالب يدرس العلوم البحرية التي تؤهله ليكون قبطاناً.

وأضاف المصدر أن المنطقة التي شهدت الإنزال شهدت نشاطاً سابقاً للإسرائيليين، إذ تشتبه السلطات اللبنانية بأنه يتم إجراء لقاءات بين إسرائيليين وعملائهم قبل الحرب.

قوة من 25 فرداً نفذت العملية

ووفقا لمعلومات «الشرق الأوسط»، فإن أمهز يقيم في منطقة القماطية الجبلية قرب عالية، وقد تقدمت زوجته أمس ببلاغ إلى القوى الأمنية باختفائه وعدم عودته إلى المنزل.

وكشفت مصادر أمنية لبنانية أن «عملية الخطف المزعومة حصلت في مكان لا يبعد عن شاطئ البحر أكثر من 50 متراً فقط. وكان صاحب مشروع الشاليهات هو أول من كشف القوة التي قدمت إلى المكان والمؤلفة من نحو 25 شخصاً بعضهم بلباس مدني وبعضهم ملثم، وكلهم مسلحون. وقد أمره هؤلاء بالعودة إلى غرفته وإقفال الباب قائلين له «نحن دولة»، أي عناصر امنية لبنانية، ثم تابعو باتجاه غرفة أمهز واقتادوه بعيدا نحو البحر.

واللافت أن «حزب الله» امتنع عن التواصل مع القيادات الأمنية اللبنانية التي حاولت الاستفسار عما إذا كان أمهز بالفعل عضوا في الحزب.

بطاقة عماد فاضل أمهز في معهد علوم البجار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»

من جانبه، أكد وزير الأشغال علي حمية في تصريحات صحافية أن المختطف هو قبطان بحري لسفن مدنية وتجارية ويتلقى تعليمه في معهد مدني وأن ما ورد في الفيديو المتداول صحيح كما أن الأجهزة الأمنية تقوم بالتحقيقات اللازمة، فيما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الأجهزة الأمنية تحقق في واقعة الاختطاف.

ويعد هذا الإنزال البحري الأول من نوعه الذي يجري اكتشافه والإعلان عنه منذ بدء الحرب الإسرائيلية الواسعة على لبنان في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتعليقا على عملية الإنزال في البترون، أكدت قوات «اليونيفيل» أنها «لم تشارك في تسهيل أي عملية اختطاف أو أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

ونقل مراسل لموقع «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن البحرية الإسرائيلية اعتقلت أمس «عضواً كبيراً في القوة البحرية لحزب الله، يدعى عماد أمهز، في عملية بشمال لبنان».

«حادث خطير»

ووصف إعلام مقرب من «حزب الله» هذا الحادث بـ«الخطير»، وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية اللبنانية (الجيش وقوى الأمن الداخلي) تحقق فيه.

وتحدث إعلاميون مقربون من الحزب عن أن «القوة الخاصة الإسرائيلية» تشكلت من 25 جندياً (بحارة وغواصون)، ونفّذت عملية إبرار (إنزال بحري) على شاطئ البترون، وانتقلت بكامل أسلحتها وعتادها إلى شاليه قريب من الشاطئ، إذ اختطفت شخصاً لبنانياً كان موجوداً لوحده في المكان، واقتادته إلى الشاطئ، وغادرت بواسطة زوارق سريعة إلى عرض البحر.

وقال هؤلاء إن الشبهة «تشير إلى أن العملية نفذتها قوة خاصة إسرائيلية (شيطت 13 أو سيريت متكال)».

ونشر هؤلاء مقطع فيديو للحظة انسحاب القوة الاسرائيلية، واقتيادها شخصاً كان مقيماً في الشاليه البحري.


مقالات ذات صلة

توغل إسرائيلي يثير مخاوف لبنانية من تجدد الحرب

المشرق العربي يقف أفراد من الجيش اللبناني بالقرب من الأنقاض في قرية الخيام (رويترز)

توغل إسرائيلي يثير مخاوف لبنانية من تجدد الحرب

صعّدت تل أبيب بتوغلها، الخميس، في مناطق بعيدة عن الحدود، وبالتحديد في وادي الحجير الذي له رمزية بالنسبة لـ«حزب الله» وإسرائيل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي آليات عسكرية تابعة لقوات «يونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الـ«يونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل المناطق السكنية بجنوب لبنان

أكدت قيادة «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)»، اليوم الخميس، أن «أي أفعال تهدد الوقف الهش للأعمال العدائية، يجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنديان إسرائيليان خلال عمليات تمشيط جنوبي لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

عمليات نسف إسرائيلية لمنازل في يارون وكفركلا بجنوب لبنان

أقدمت القوات الإسرائيلية على نسف عدد من المنازل، مساء الأربعاء، في بلدتَي يارون وكفركلا في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صور لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت ضمن مبانٍ مدمّرة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز) play-circle 01:09

تململ في بيئة «حزب الله» من بطء التعويضات

بدأ التململ في بيئة «حزب الله» يتوسع تدريجياً نتيجة التباطؤ في عملية دفع التعويضات عن خسائر الحرب، والمحسوبيات في توزيعها.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني أمام مبنى مدمر في بلدة الخيام في جنوب لبنان (رويترز) play-circle 02:51

تململ داخل بيئة «حزب الله» نتيجة البطء في دفع التعويضات والمحسوبية

رغم التطمينات التي يحاول «حزب الله» بثّها في أوساط جمهوره فإن التململ من التباطؤ في دفع التعويضات والمحسوبيات بدأ يتوسّع تدريجياً في بيئته.

كارولين عاكوم (بيروت)

«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل، الذي يطالب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بحدوثه قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، خصوصاً أنها تأتي بعد عودة وفد التفاوض الإسرائيلي من الدوحة عقب مشاورات بشأن وقف إطلاق النار.

التصريحات الإسرائيلية عدّها خبراء، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مناورات وضغوطاً ستُعمق «مخاوف إخفاق التوصل لاتفاق قريب»، خصوصاً أنها تأتي مع اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى، وأجواء «غير مشجعة» على حسم صفقة قبل نهاية العام.

وتوقعوا أن يذهب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى الاتفاق «متأخراً» قبل تنصيب ترمب، مع إشغال الرأي العام الداخلي عن الأزمة بتصعيد مع الحوثيين، في ظل تزايد الانتقادات الداخلية مع طلب الرئيس إسحاق هرتسوغ بالذهاب لـ«صفقة»، وصدور فتوى من الحاخام الأكبر دافيد يوسيف، تُشجع على إبرامها بأي ثمن.

وخلال وجوده في «محور فيلادلفيا» بغزة، الأربعاء، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن «الأمن (بالقطاع) سيبقى في يد الجيش الإسرائيلي، وسنتأكد أيضاً من أنه ستكون هناك مناطق عازلة ومواقع سيطرة في غزة، وبهذا نحن سوف نعمل على إطلاق سراح جميع المختطفين».

وعقب سماع كلمات وزير الدفاع، عبّرت مصادر في فريق التفاوض الإسرائيلي، عن قلقها لأنها «ترى صفقة الاختطاف تتحرك بعيداً»، وفق ما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الأربعاء.

وترى المصادر ذاتها أن «أيام اتخاذ القرار الحاسمة تتطلب المرونة وحسن النية، ومن ثم لا يجب أخذ نقطة حاسمة بإعلان عدم إنهاء الحرب، أو أن الجيش سيسيطر على غزة»، مؤكدة أن «هذه التصريحات تسببت في أضرار جسيمة».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية على مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وقال نتنياهو في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الأسبوع الماضي: «لن أوافق على إنهاء الحرب قبل أن نجتث (حماس)، لن تُترك لها السلطة في غزة على بُعد 30 ميلاً من تل أبيب. هذا لن يحدث».

وتزامنت تصريحات كاتس مع إصدار «حماس»، الأربعاء، بياناً، قالت فيه إن «الاحتلال وضع قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، ما أجَّل التوصل إلى الاتفاق الذي كان متاحاً»، في حين كذّب مكتب نتنياهو ذلك، واتهم الحركة بأنها «تنسحب من التفاهمات التي تم التوصل إليها، وتواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات».

وتصريحات «المناطق العازلة»، بعد أخرى من نتنياهو «تُعمّق مخاوف الإخفاق في التوصل لاتفاق لدى الرأي العام»، وفق الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، عادّاً إياها «دغدغة مشاعر للرأي العام الإسرائيلي، وضغوطاً ومساومة لـ(حماس) والوسطاء، خصوصاً أنها تصريحات يمكن التراجع عنها وليست قرارات».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن تلك التصريحات جزء من مناورات المفاوضات، ويجب ألا تُشكل ضغطاً ولا إحراجاً، عادّاً تلك الأحاديث أدوات في يد نتنياهو، يُخاطب بها الداخل لقبض أفضل ثمن المحادثات، مثلها مثل اقتحام المسجد الأقصى، الخميس، من جانب وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

فلسطيني جريح في غارة إسرائيلية ينتظر بالمستشفى الأهلي في غزة خلال وقت سابق (رويترز)

ويضاف لتلك التصريحات ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، عن مسؤولين إسرائيليين بشأن «دراستهم تنفيذ هجوم كبير في عمق اليمن»، خاصة بعد إطلاق الحوثيين ليلة الثلاثاء-الأربعاء صاروخاً باليستياً للمرة الرابعة خلال أسبوع.

ويؤيد نتنياهو مسار توجيه ضربة، قائلاً، مساء الأربعاء، «الحوثيون سيتعلمون أيضاً ما تعلمته (حماس) و(حزب الله) ونظام (بشار) الأسد وآخرون، حتى لو استغرق الأمر وقتاً».

وذلك التلويح يُعد وفق أنور «جزءاً من مناورات نتنياهو لاستنزاف الوقت، ومحاولة إشغال الرأي العام، بعيداً عن جدل مفاوضات الهدنة في الداخل الإسرائيلي، في ظل انتقادات ومطالب رئاسية ودينية بإبرام الصفقة».

ووجّه رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، اتهامات جديدة إلى نتنياهو، قائلاً: «إنه لا يريد حقّاً صفقة الرهائن. لو كان مصمماً على التوصل إلى صفقة، لذهب إلى القاهرة أو قطر بنفسه. كان سيحشد المجتمع الدولي بأكمله، ويتوصل إلى اتفاق بالفعل».

وحثّ الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال إضاءة شمعة عيد الأنوار اليهودي، الأربعاء، على إبرام اتفاق، قائلاً: «أتوق وأعمل وأصرخ بكل طريقة ممكنة من أجل العودة الفورية للرهائن»، مضيفاً: «أدعو قيادتنا إلى العمل بكل قوتها، باستخدام كل أداة تحت تصرفنا، لتأمين صفقة، هذه مسؤوليتكم، وأنتم تتمتعون بدعمي الكامل لتحقيق ذلك».

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

وأصدر الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في إسرائيل، دافيد يوسيف، فتوى في مقابلة مع موقع ديني يهودي، أشار فيها إلى أنه «مسموح ويجب إطلاق سراح الإرهابيين، حتى القتلة الذين تلطخت أيديهم بالدماء، في مقابل الرهائن».

وبرأي أنور، فإن تلك الانتقادات والتصريحات تُعزز مسار الاتفاق، وتمهد الفتوى أيضاً بشكل ديني شرعي الطريق لإبرام الصفقة، وهذا ما يريده نتنياهو، ألا يكون وحده مَن سعى لذلك حتى لا يلام، وذلك حرصاً على مصالحه السياسية فقط لا غير.

ويتفق مطاوع أيضاً على أن التصريحات الرسمية والفتوى نوع من التمهيد لنتنياهو، ليقدم على الصفقة بتنازلات في الوقت المناسب دون أن تُشكل عليه أي لوم سياسي مستقبلي حال الذهاب لاتفاق.

ولم تكشف وسائل إعلام إسرائيلية أي سيناريوهات محتملة لنتائج اجتماع الكابنيت، الخميس، بشأن الاتفاق، ولم يحسم مستشار رئيس الوزراء القطري، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، موعداً للصفقة، قائلاً: «لا يمكن لأحد التنبؤ بوقت زمني محدد للوصول إلى اتفاق هناك»، مؤكداً أن «المفاوضات ما زالت جارية بين القاهرة والدوحة».

ويرجح مطاوع أن «يذهب نتنياهو متأخراً للصفقة للحصول على أفضل المكاسب دون أن يتجاوز مهلة ترمب»، مؤكداً أنه «غير مضطر للذهاب المبكر، في ظل إحساسه بالانتصار وعدم اكتراثه بالرهائن».

كما يعتقد أنور أن تحذير ترمب لا يزال عامل ضغط قوياً على طرفي الحرب، متوقعاً ألا يتجاوز نتنياهو موعد المهلة، خصوصاً مع دخول المفاوضات مرحلة التفاصيل النهائية، وظهور عوامل مشجعة لقبول الاتفاق مثل الفتوى الدينية.