رئيس مؤسّسة الحفاظ على الشُّعب المرجانية: تمتدّ لـ2600 كيلومتر في السواحل السعودية

الأصفهاني قال لـ«الشرق الأوسط» إنّ البحر الأحمر يحتضن 15 % من أنواع الأسماك

تتميّز السواحل السعودية على البحر الأحمر بجمال الشُّعب المرجانية (صور المؤسّسة)
تتميّز السواحل السعودية على البحر الأحمر بجمال الشُّعب المرجانية (صور المؤسّسة)
TT

رئيس مؤسّسة الحفاظ على الشُّعب المرجانية: تمتدّ لـ2600 كيلومتر في السواحل السعودية

تتميّز السواحل السعودية على البحر الأحمر بجمال الشُّعب المرجانية (صور المؤسّسة)
تتميّز السواحل السعودية على البحر الأحمر بجمال الشُّعب المرجانية (صور المؤسّسة)

تبنَّت السعودية قضية الحفاظ على البيئة، منها البحرية، فأطلقت أول مؤسّسة على مستوى العالم تُعنى بالمحافظة على الشُّعب المرجانية والسلاحف في البحر الأحمر، لامتداد هذه الشُّعب على 2600 كيلومتر من أقصى شمال المملكة إلى أدنى جنوبها.

ومن الخطوات التي سارعت المؤسّسة في تنفيذها، إطلاق «المؤتمر الدولي الأول لحماية السلاحف البحرية في البحر الأحمر»، الذي تحتضنه مدينة جدة، الأحد، بحضور نخبة من الخبراء والمهتمّين في البيئة البحرية لمناقشة موضوعات بيئية، في مقدّمتها واقع السلاحف في البحر المذكور.

في هذا السياق، قال الرئيس التنفيذي لـ«المؤسّسة العامة للحفاظ على الشُّعب المرجانية والسلاحف في البحر الأحمر» (شمس)، الدكتور خالد الأصفهاني، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ المؤسسة تأسّست بقرار من مجلس الوزراء في نهاية عام 2022، بهدف الإشراف على الشُّعب المرجانية والسلاحف وأماكنها في البحر الأحمر، وإدارتها وإنمائها واستدامتها، والعمل على إعادة تأهيل تلك المتدهورة.

وأضاف أنّ عمل السعودية تُوِّج باختيارها لرئاسة «المبادرة العالمية للشُّعب المرجانية» للأعوام الـ3 المقبلة، وذلك خلال الاجتماع العام الـ38 لها، وهذا دليل على ثقة المجتمع الدولي بالمملكة في هذا المجال.

شواطئ البحر الأحمر من أهم الوجهات السياحية (واس)

وتحدّث الأصفهاني عن استراتيجية استدامة البحر الأحمر التي ركّزت على 15 نشاطاً اقتصادياً أزرق، منها: السياحة الساحلية، والأنشطة البحرية، واستخراج النفط، والتعدين، واستخراج الغاز، وتحلية المياه... ومن الأهداف، تلك الاستراتيجية ضمن 3 محاور تتمثّل في «الاستراتيجية الوطنية للبيئة»، و«الوطنية لاستدامة البحر الأحمر»، و«استراتيجية الزراعة»، والأخيرة تنبثق منها الأسماك والمصائد والاستزراع المائي.

وتابع أنّ البحر الأحمر وحده يحتضن نحو 15 في المائة من أنواع الأسماك الموجودة حصرياً فيه؛ وهذه النسبة من إجمالي 1200 نوع، مضيفاً أنه يوجد أيضاً 300 نوع من الأسماك المرجانية فيه؛ ترتبط ببيئة الشُّعب المرجانية وتعيش فيها؛ «لذلك ينبغي تحقيق التوازن البيئي للحفاظ عليها».

وعن التنمية الاقتصادية التي يشملها الصيد، قال إنّ أسراً تعيش على هذا الدخل، والسعودية تُصدّر بعض هذه الأسماك، مؤكداً أنّ «العمل يتواصل لتحقيق الاستدامة البيئية لضمان الثروة الوطنية للأصول الطبيعية التي تنتقل من جيل إلى آخر كما انتقلت إلينا عبر الأزمنة».

من أحد الاجتماعات مع خبراء دوليين (صور المؤسّسة)

وأيضاً، أكّد الأصفهاني أنّ الهدف من مؤتمر السلاحف البحرية استقطاب المهتمّين المحلّيين والإقليميين والدوليين، فيتناول تحديد نقاط القوّة والتهديدات والتحدّيات، مقدّماً أبرز الخبراء والباحثين في مجال حماية البيئة البحرية، ومستكشفاً أساليب مبتكرة لمعالجة التحدّيات المرتبطة بحماية هذه السلاحف.

وإذ وصف المؤتمر بالحدث الأبرز، لكونه سيشهد إطلاق برنامج المؤسّسة الشامل لحماية السلاحف البحرية على امتداد الساحل السعودي، وتكوين شبكة تعاون فعّالة بين الجهات المعنيّة، أكّد: «المؤسّسة هدية السعودية إلى العالم؛ لِما لديها من خبراء أكفّاء».

المخاطر التي تواجه الشُّعب

يمثّل التغيُّر المناخي التحدّي الأكبر للشُّعب المرجانية على مستوى العالم، خصوصاً مع ارتفاع درجات حرارة سطح الأرض. ووفق الأصفهاني، فإن «هذا الارتفاع غير المسبوق يُفقد الشُّعب القدرة على التكيُّف، لتنتشر ظاهرة ابيضاض المرجان. وإن استمرّ الضغط الحراري في فترة الصيف فقد يتسبَّب بوفاة المرجان، علماً أنّ هذه الشُّعب هي بيئة بحرية تتدخّل الطحالب في تكوينها».

جمال البحر وتنوُّع الشُّعب المرجانية ملاذان للاستجمام (واس)

من خليج العقبة شمالاً، إلى حدود السعودية مع اليمن جنوباً، وعلى طول سواحل 2600 كيلومتر، تتراءى الشُّعب المرجانية على شكل شريط ممتد. وأوضح الأصفهاني أنّ شمال البحر الأحمر هو أفضل بيئة للشُّعب، يليها منتصفه، وبعد ذلك جنوبه، وفق درجات الحرارة.

وأضاف: «ثمة أنظمة بيئة في حاله صحّية جيّدة جداً، ونريد الحفاظ عليها. وهناك أخرى تدهورت. والمؤسّسة تعمل على مسارين متوازيين؛ الحفاظ على الشُّعب المتبقّية على حالها، وحصر البيئات المتدهورة لإعادة إحيائها»، مشيراً إلى أنّ «المسبِّبات الطبيعية مثل ارتفاع درجات الحرارة لا يمكن تغييرها، لكن نعمل على الظواهر المُصاحبة من خلال تغيُّر الأنشطة التي تتسبَّب في تدهور الشُّعب والقابلة للتعامل معها».

أكمل حديثه مع «الشرق الأوسط» بالتوقّف عند ممارسات الصيد الجائر، فقال: «ثمة رقابة كبيرة على البحر الأحمر بخلاف الجُزر، ومن المُحال مراقبة جميع هذه المساحة. وعند ضبط الممارسات المخالِفة يُطبَّق النظام»، مضيفاً أنّ المؤسّسة ترصد وتقوِّم، وتتابع عملية الضبط بالتعاون مع الجهات المعنية.

مخلّفات السفن

ورأى الأصفهاني أنّ «ثمة تأثيراً لأي نشاط في البحر، لكنّ حدّته ومداه يختلفان وفق التخطيط والتنظيم. وللسفن مساراتها المحدّدة من الجهات المعنيّة، والمؤسّسة توضح لهذه الجهات أنها ستُهدِّد الشُّعب المرجانية لو اقتربت من مساراتها، لذلك نقترح بقاءها على مسافة من هذه المسارات لضبط تدهور هذه البيئات».

وتابع: «الضوضاء الناتجة عن المحرّكات تؤثّر في الشُّعب المرجانية التي تحتضن كائنات؛ وهذه حلقة متكاملة تتطلّب جهود جميع الجهات والمستثمرين؛ للحفاظ على التوازن البيئي وتنمية الاقتصاد وضمان الاستدامة».

مما لا يمكن التهاون فيه، وفق الأصفهاني، استخدام مادة الديناميت، إذ أكّد أنها تُنهي حياة الشُّعب المرجانية بهدف الحصول على أسماك، فطرق الصيد هذه «مرفوضة، ومنها أيضاً الأقفاص الحديدية، والصيد بالرمح، مما يخلّ من توازن الصيد، بالإضافة إلى الصيد الصناعي الذي له تأثيره».

الدكتور خالد الأصفهاني أكّد أهمية الحفاظ على الشُّعب المرجانية (الشرق الأوسط)

وأشار إلى أنّ ثمة 7 أنواع من السلاحف البحرية عالمياً؛ 5 منها تستخدم البحر الأحمر ممراً وهجرةً، و2 منها يقيمان في السواحل السعودية؛ هما: «السلاحف الخضراء»، و«السلاحف منقارية الصقر»، فكشف الأصفهاني أنّ المؤسّسة نجحت حتى الآن في تأكيد 183 موقعاً لإقامة السلاحف على مستوى البحر الأحمر، موضحاً أنّ هذه السلاحف تعود بعد 40 عاماً إلى موقع ولادتها وتضع بيضها بعد النضوج، فإنْ تغيَّرت ملامح المنطقة بسبب المناخ أو التغيُّر العمراني، فلن تضع ذلك البيض، مما يؤثّر في تكاثرها.

وقال: «تُوازي التنمية الاقتصادية تلك البيئية بهدف ضمان الاستدامة للشُّعب المرجانية التي يمكن منها استخراج مستحضرات تجميل وأدوية، من بينها تلك المتعلّقة بعلاج السرطان بمعدّل 400 ضعف مقارنةً بالنباتات الأخرى، وهذا له أثر اقتصادي».

وختم: «نعمل من خلال كفاءات استقطبتها المؤسّسة، ونتطلّع في المستقبل إلى إسناد هذه المهمّات إلى جهات أخرى مدرَّبة ومؤهَّلة للقيام بهذا الدور، ونطمح أن تكون ثمة شركات خاصة وأخرى غير ربحية تتولّى إعادة التأهيل»، لافتاً إلى أنّ «العمل جارٍ على تدشين موقع إلكتروني يتيح لمرتادي البحر والغواصين تحديد إحداثيات المكان حيث الشُّعب المرجانية أو السلاحف ورفعها ليتعامل معها الفريق المتخصِّص؛ مما يعزّز أهمية المشاركة المجتمعية التي تُعدّ الخطّ الأول لتزويدنا بالبيانات».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يصل إلى الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي الوزاري لمجلس التعاون

الخليج وزير الخارجية السعودي يصل إلى الكويت والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي في مقدمة مستقبليه (واس)

وزير الخارجية السعودي يصل إلى الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي الوزاري لمجلس التعاون

وصل الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، الخميس، إلى الكويت، للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي الـ(46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عالمية فرحة لاعبي البحرين بالفوز على العراق (خليجي 26)

«خليجي 26»: البحرين تهزم العراق… وتبلغ نصف النهائي

حجزت البحرين المقعد الأول في الدور قبل النهائي ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) المقامة في الكويت، بعدما تغلبت 2 - صفر على العراق، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الدكتور سعد البراك خلال مشاركته إبان توليه حقيبة النفط في الكويت بندوة «أوبك» الدولية في فيينا بالنمسا بشهر يوليو 2023 (إ.ب.أ) play-circle 02:09

رجل الأعمال الكويتي سعد البراك: استثمرت في تقنيات المستقبل... وتكامل الخليج ضرورة استراتيجية

رجل الأعمال الكويتي وزير النفط والشؤون الاقتصادية والاستثمار السابق بالكويت الدكتور سعد البراك يأمل في ايجاد تقنيات تواجه تحديثات المستقبل

مساعد الزياني (الكويت)
الخليج من الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة الخليجية التي استضافتها الكويت مطلع ديسمبر الجاري (مجلس التعاون)

اجتماع وزاري خليجي الخميس لبحث تطورات سوريا

ذكرت مصادر مطلعة أن وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي سيلتقون يوم الخميس في الكويت لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال استقباله الشيخ فهد بن يوسف سعود الصباح في الرياض الأحد (واس)

مباحثات سعودية – كويتية تناقش سبل تعزيز التعاون الأمني

ناقش الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، والشيخ فهد بن يوسف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي، الأحد، سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

اليوغا تُحسِّن صحة العين

اليوغا تعزّز التوازن بين الجسم والعقل (جامعة ميريلاند)
اليوغا تعزّز التوازن بين الجسم والعقل (جامعة ميريلاند)
TT

اليوغا تُحسِّن صحة العين

اليوغا تعزّز التوازن بين الجسم والعقل (جامعة ميريلاند)
اليوغا تعزّز التوازن بين الجسم والعقل (جامعة ميريلاند)

وجدت دراسة هندية أن ممارسة اليوغا قد تلعب دوراً مهماً في تحسين صحة العين وعلاج بعض الحالات البصرية مثل الغلوكوما (المياه الزرقاء)، وقِصر النظر، وارتفاع ضغط العين.

وأوضح الباحثون من جامعة «تاميل نادو» الطبية، أن دراستهم تضيء على دور اليوغا بوصفها علاجاً تكميلياً محتملاً لتعزيز صحة العين. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «European Journal of Integrative Medicine».

واليوغا ممارسة قديمة تهدف إلى تعزيز التوازن بين الجسم والعقل من خلال التمارين البدنية والتنفس العميق والتأمل. وتشمل مجموعة تقنيات تساعد على تقوية الجسم، وتحسين المرونة، وتقليل التوتر، علماً بأن وضعياتها تضم تمارين التنفس، والتركيز البصري، وتمارين الاسترخاء.

واعتمدت الدراسة على مراجعة شاملة لنتائج 29 بحثاً شمل 1938 مشاركاً تراوحت أعمارهم بين 10 و86 عاماً، من بينهم أشخاص أصحاء، وآخرون يعانون حالات بصرية.

وأظهرت النتائج أن اليوغا أسهمت في تقليل ضغط العين الداخلي، وتحسين قوة البصر، وتقليل إجهاد العين لدى المشاركين.

وأوضح الباحثون أن وضعيات اليوغا التي تُمارَس ببطء في بيئة هادئة، مع التركيز على التنفس العميق، تساعد على تحسين القوة والمرونة، بينما تسهم تمارين التنفس في تحقيق التوازن بين الجسم والعقل من خلال تنظيم النَّفَس.

كما تساعد تمارين التركيز البصري على تعزيز التركيز الذهني عبر النظر إلى نقطة ثابتة، وتعمل تمارين العين الاسترخائية على تخفيف توتر العينين وتحسين الدورة الدموية، ما يقلّل الإجهاد الناتج عن الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية.

وأشارت الدراسة إلى أن اليوغا تُعزّز صحة العين من خلال تقليل إجهاد العين وتحسين تدفق الدم إلى منطقة العين، ما يساعد في تقوية العضلات المحيطة بها وتقليل التعب. كما أظهرت النتائج أن تقنياتها قد تسهم في خفض ضغط العين الداخلي، مما يُعد عاملاً أساسياً في الوقاية من أمراض مثل الغلوكوما.

ونوَّه الباحثون بأن اليوغا قد تكون خياراً تكميلياً مفيداً في العناية بصحة العين، لكنهم شدَّدوا على أهمية إجراء مزيد من الدراسات للتحقق من سلامة هذه الممارسات وفاعليتها بشكل أكبر.