إردوغان وبوتين يبحثان خلال «بريكس» إنشاء محطات للطاقة ومركز غاز في تركيا

ارتفاع التكلفة ومخاوف سياسية يعترضان خطط التعاون

بوتين مستقبلاً إردوغان قبل اجتماعهما على هامش قمة بريكس في قازان جنوب روسيا الأربعاء (إعلام تركي)
بوتين مستقبلاً إردوغان قبل اجتماعهما على هامش قمة بريكس في قازان جنوب روسيا الأربعاء (إعلام تركي)
TT

إردوغان وبوتين يبحثان خلال «بريكس» إنشاء محطات للطاقة ومركز غاز في تركيا

بوتين مستقبلاً إردوغان قبل اجتماعهما على هامش قمة بريكس في قازان جنوب روسيا الأربعاء (إعلام تركي)
بوتين مستقبلاً إردوغان قبل اجتماعهما على هامش قمة بريكس في قازان جنوب روسيا الأربعاء (إعلام تركي)

تتجه تركيا وروسيا إلى توسيع التعاون في مجال محطات الطاقة النووية، فضلاً عن وضع اتفاق إقامة مركز للغاز الطبيعي الروسي في غرب تركيا قيد التنفيذ.

وقال نائب الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، إن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان سيناقشان مشروع مركز الغاز الطبيعي المزمع إنشاؤه في تركيا، خلال لقائهما على هامش قمة مجموعة «بريكس» في مدينة قازان جنوب روسيا.

كما نقلت «وكالة الإعلام الروسية»، الأربعاء عن مصدر دبلوماسي لم تحدد اسمه، أن بناء محطات طاقة جديدة ومركز للغاز في تركيا، سيكون جزءاً من المحادثات بين بوتين وإردوغان، ومن المحتمل «تماماً» أن يعطيا تعليماتهما للإدارات المعنية لتطوير هذه المشروعات.

مصافحة بين بوتين وإردوغان على هامش قمة مجموعة بريكس (إعلام تركي)

محطات الطاقة النووية

معلوم أن شركة «روساتوم» الروسية تتولى إنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء في أككويو بولاية مرسين جنوب تركيا، ومن المخطط أن يتم تشغيل أول مفاعلاتها الأربعة قبل نهاية العام الحالي.

وتخطط تركيا لإقامة محطتين جديدتين في سينوب، بمنطقة البحر الأسود شمال البلاد، وتراقيا (غرب)، لكنها لم تستقر بعد على الجهة التي ستنفذهما، وكانت هناك عروض من شركات صينية ويابانية فضلا عن «روساتوم» الروسية.

وكان بوتين اقترح في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، خلال منتدى أسبوع الطاقة الروسي، إنشاء مركز الغاز الروسي في تركيا، قائلاً إنه سيصبح أكبر مركز إمداد للغاز لأوروبا في تركيا. ورحب إردوغان بهذا الاقتراح، وقال في اليوم التالي إنه أمر وزارة الطاقة والموارد الطبيعية التركية بالعمل على خطط إنشاء المركز.

محطة أككويو النووية التي تنفذها «روساتوم» الروسية في مرسين جنوب تركيا (الشرق الأوسط)

وقوبل المقترح برد فعل أوروبي سلبي في ظل التوجه إلى تقليص اعتماد أوروبا على موارد الطاقة الروسية.

وكانت روسيا تتيح ما يقرب من 40 في المائة من إمدادات أوروبا من الغاز قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير (شباط) 2022، لكنها خفضت التدفق بسبب ما قالت إنه مشكلات فنية نتيجة للعقوبات الغربية. واتهمتها الحكومات الأوروبية باستغلال الطاقة كسلاح سياسي.

تعقيدات وعقبات

ويبدو أن هناك الكثير من التعقيدات التي تحيط بإنشاء مركز الغاز الروسي، الذي حدد إردوغان منطقة تراقيا في غرب تركيا لتكون مقراً له. إذ سبق للمتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن قال في مارس (آذار) 2023 إنه من الواضح أن مشروع مركز تصدير الغاز معقد للغاية، وبالطبع لا يمكن تنفيذه دون حدوث بعض التأخيرات بالنسبة للوقت، بالإضافة إلى مشكلات أخرى ذات طبيعة فنية.

وأضاف بيسكوف: «مثل هذه الحالات لا مفر منها، ولكننا سنواصل تنفيذ المشروع والتعاون مع الشركاء الأتراك».

بوتين وعدد من قادة دول مجموعة بريكس خلال إحدى الجلسات الأربعاء (أ.ب)

وغيرت روسيا طرحها حول المركز واقترحت أن ينفذ من خلال «منصة إلكترونية» لتداول الغاز، مرجعة ذلك بالأساس إلى وقوع تركيا على حزام نشط للزلازل، وارتفاع تكلفة إنشاء مركز للغاز الطبيعي والبنية التحتية الداعمة له، مثل خطوط الأنابيب، فضلاً عن التقلبات في العلاقات السياسية بين موسكو وأنقرة أحياناً.

وفي 29 يوليو (تموز) 2023، قال بوتين إن إنشاء مركز للغاز في تركيا لا يزال على جدول الأعمال، لكنه أوضح أنه لن يكون على هيئة منشآت ضخمة لتخزين الغاز على الأراضي التركية، ولكنه منصة تجارة إلكترونية لتنظيم التداولات التجارية، لافتاً إلى أن الجانب التركي يدرك ذلك الأمر.

وعزز من المقاربة الروسية الجديدة توقف إمدادات الغاز إلى 11 ولاية تركية في جنوب وشرق البلاد ضربها زلزالا كهرمان ماراش المدمران في 6 فبراير 2023، اللذان أثرا على خط كيليس للغاز الطبيعي.

وتضم الولايات التي ضربها الزلزال نحو 150 منشأة صناعية كبرى، العدد الأكبر منها في غازي عنتاب (جنوب تركيا)، وغالبيتها مدرجة بقوائم أفضل الشركات الصناعية في تركيا.

استثمارات ضخمة

وأكد خبراء أن إنشاء مركز للغاز الروسي في تركيا يتطلب استثمارات ضخمة قد تفوق قدرة البلدين اللذين يشهدان تراجعاً لاقتصاديهما، لا سيما أن عملية إنشائه قد تستغرق سنوات، فضلاً عن ضرورة إنشاء خطوط أنابيب جديدة لضخ إمدادات الغاز من تراقيا، في غرب تركيا، إلى بلغاريا المجاورة، ومنها إلى أوروبا، وهو ما يواجَه بمنافسة من قبل اليونان التي دشنت في يوليو (تموز) 2022 خط أنابيب غاز جديداً مع بلغاريا لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال الأميركي.

بوتين يضع توقيعه على خط الغاز الروسي المتجه إلى تركيا في 2016 (أرشيفية)

بالإضافة إلى ذلك، وقعت تركيا وبلغاريا اتفاقاً في يناير (كانون الثاني) 2023، تستورد الأخيرة بموجبه ما يقرب من 1.5 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 13 عاماً من محطات التصدير والمرافق التركية، بما يقلص من جدوى إنشاء خط أنابيب بين البلدين.

وبرزت مسألة إدارة المركز، الذي سيصبح المكان الذي يتشكل فيه سعر الغاز وتحديد وجهته، كإحدى العقبات والنقاط الخلافية بين موسكو وأنقرة، فموسكو لا ترغب في تسليم السيطرة عليه بشكل كامل للجانب التركي.

وبرر خبراء، من بينهم رئيس مركز أبحاث استراتيجيات وسياسات الطاقة في تركيا، أوغوزهان أكبينار، الموقف الروسي بتفضيل موسكو تجنب التكهنات في المستقبل حول استخدام تركيا سيطرتها على المركز ورقة ضغط حال حدوث أي خلاف بينهما، لكنهم لم يستبعدوا في الوقت ذاته إمكانية التغلب على مشكلة الإدارة عبر تطبيق نموذج مشابه لما يجري العمل به في مشروع محطة «أككويو» النووية، التي تنفذها «روساتوم» الروسية في جنوب تركيا.


مقالات ذات صلة

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري كيف يؤثر الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على نزاع «سد النهضة»؟

رغم أن «بريكس» هو تجمع لتكامل قدرات وإمكانات الدول المنخرطة فيه، لكن ذلك لم يمنع ظهور إشارات على عمق الخلاف المصري - الإثيوبي خلال القمة التي استضافتها روسيا.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في قمة «بريكس بلس 2024» بمدينة قازان الروسية (الخارجية السعودية)

وزير الخارجية السعودي: استمرار العدوان الإسرائيلي يشكل خطراً إقليمياً ودولياً

أعرب وزير الخارجية السعودي عن قلق الرياض من تصاعد التوترات العالمية، مؤكداً أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة يشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (قازان)
الاقتصاد بوتين يعرض الورقة النقدية الرمزية التي تحاكي عملة المجموعة (نوفوستي)

عملة موحّدة لـ«بريكس»... هل هي قابلة للتطبيق؟

رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورقة نقدية رمزية تحاكي عملة «بريكس» خلال قمة المجموعة؛ فهل هذه العملة المشتركة قابلة للحياة؟.

«الشرق الأوسط» (قازان - واشنطن)

وزير المالية السعودي: يجب دعم الدول التي تواجه مشكلات في السيولة

الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك (أ.ف.ب)
الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك (أ.ف.ب)
TT

وزير المالية السعودي: يجب دعم الدول التي تواجه مشكلات في السيولة

الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك (أ.ف.ب)
الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك (أ.ف.ب)

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن هناك الكثير من التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، داعياً إلى دعم الدول التي تواجه مشكلات في السيولة.

أضاف الجدعان، في مؤتمر صحافي مشترك من واشنطن مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، بعد ترؤسه اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة للصندوق: «نحن نواجه الكثير من التحديات التي تقابل النظام المالي العالمي، ومنهجناً في المقام الأول هو أن نتوصل إلى أرضية مشتركة لتحقيق مصلحة الجميع».

وزير المالية السعودي في المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

وأوضح أن «أعضاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية يسرّهم أن يقولوا إن الاقتصاد العالمي اقترب من الهبوط الآمن؛ النمو مطرد، والتضخم يتراجع. ولكن التقدم كان غير متوازن وغير متماثل عبر البلدان الأعضاء، وهناك بعض المخاطر. وبلغ الدين العام مستويات قياسية».

وأضاف: «في الفترة المقبلة، سوف نعمل على تأمين الهبوط الآمن، مع تعزيز إصلاحاتنا للانتقال من مسار النمو المنخفض والدين المرتفع»، مرحّباً باستكمال مراجعة الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر الذي يضمن مساندة الصندوق للبلدان منخفضة الدخل في مشكلات بموازين المدفوعات لديها.

ودعا الجدعان إلى دعم البلدان التي تواجه مشكلات في السيولة، وقال: «ندعم جهود الصندوق من أجل المساعدة الفنية، وأن يُؤمّن التمويل اللازم لها».

وقال: «أكدنا التزامنا بصندوق النقد الدولي القوي المستند إلى الحصص والموارد الكافية. وبذلنا جهوداً لتأمين الموافقات المحلية لزيادة الحصص في المراجعة العامة السادسة عشرة للحصص بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) هذا العام».

محافظو البنوك ووزراء المالية يشاركون في الاجتماع العام لـ«اللجنة النقدية والمالية الدولية» في واشنطن (أ.ب)

ورحّب بالكرسي الجديد الخامس والعشرين في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي لجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، مما سيعزّز صوت المنطقة وتمثيلها. كما رحّب بالعضو الجديد، ليختنشتاين، ليكون العضو رقم 191؛ «مما يجعل صندوق النقد الدولي تقريباً عالمياً».

وقالت غورغييفا من جهتها: «نحن في عالم أكثر عرضة للصدمات، وهذا يتطلّب مزيداً من المرونة في الاقتصادات». ونبهت من أن مخاطر السيولة قد تتحول إلى مشكلات كبيرة في عدم القدرة على سداد القروض.