قاذفات «بي 2» الاستراتيجية... من رموز التفوق العسكري الأميركي

تعدّ «الطائرة الشبح» رمزاً للتفوق التكنولوجي والعسكري للولايات المتحدة (أ.ف.ب)
تعدّ «الطائرة الشبح» رمزاً للتفوق التكنولوجي والعسكري للولايات المتحدة (أ.ف.ب)
TT

قاذفات «بي 2» الاستراتيجية... من رموز التفوق العسكري الأميركي

تعدّ «الطائرة الشبح» رمزاً للتفوق التكنولوجي والعسكري للولايات المتحدة (أ.ف.ب)
تعدّ «الطائرة الشبح» رمزاً للتفوق التكنولوجي والعسكري للولايات المتحدة (أ.ف.ب)

تُعدّ قاذفات «الشبح بي2 - (B-2 Spirit)» بعيدة المدى، التابعة لسلاح الجو الأميركي، قمة الابتكار في مجال القصف الاستراتيجي، كما تُعدّ عنصراً محورياً في الحفاظ على التفوق الجوي الأميركي.

وفي عملية نوعية نفذتها «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)» ليل الأربعاء، شنت القاذفات الاستراتيجية غارات جوية استهدفت منشآت لتخزين الأسلحة تحت الأرض في مناطق خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن.

القاذفة الأميركية الاستراتيجية «بي2 (B2)» تحلق في السماء (أ.ف.ب)

وتعدّ هذه أول مرة تستخدم فيها الولايات المتحدة هذه القاذفة الشبحية لضرب أهداف حوثية، منذ إطلاق عملياتها في البحر الأحمر وخليج عدن قبل نحو عام لإضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة سلوكهم المزعزع للاستقرار، ولحماية القوات والمصالح الأميركية، في أحد أهم الممرات المائية في العالم، وفق «البنتاغون».

قدرات هائلة

تُبرز طائرة «بي2 (B2)» دورها الحيوي في تعزيز الردع الاستراتيجي الأميركي، حيث تمثل رمزاً للقوة العسكرية والتفوق التكنولوجي، بقدرتها على ضرب أي هدف في العالم مع الإفلات من أنظمة الرصد. وبذلك، توجه رسالة ردع واضحة إلى الخصوم المحتملين، وتسهم في حماية أمن الولايات المتحدة وحلفائها.

وقد صُممت هذه الطائرة الخارقة خلال فترة الحرب الباردة لتكون قاذفة ‏للصواريخ النووية، وتعدّ من أغلى الطائرات على الإطلاق، ‏حيث تتراوح تكلفة الطائرة الواحدة بين 737 و929 مليون ‏دولار.‏

ومن أبرز مميزات القاذفة «بي2 (B2)» التكنولوجيا الشبحية المتقدمة التي تجعل من عملية اكتشافها عبر الرادارات أمراً بالغ الصعوبة، فتتيح هذه الميزة لها التسلل إلى الأجواء المحصنة واستهداف المواقع الحساسة دون الكشف عنها بسهولة، وتسمح لها باختراق عمق الأراضي المعادية وتنفيذ مهامها بكفاءة عالية، مع تقليل خطر الاعتراض.

كما صُممت «بي2 (B2)» للقيام بمهام قصف بعيدة المدى، حيث تستطيع التحليق لمسافات طويلة جداً دون الحاجة إلى التزود بالوقود. وبفضل هذه الميزة، يمكنها الوصول إلى أي مكان في العالم تقريباً انطلاقاً من قواعدها في الولايات المتحدة، مما يعزز قدرتها على ضرب أهداف بعيدة دون الاعتماد على قواعد أمامية أو إعادة التزود بالوقود.

تعدّ «الطائرة الشبح» رمزاً للتفوق التكنولوجي والعسكري للولايات المتحدة (أ.ف.ب)

وكُشف عن هذه الطائرة في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1988في كاليفورنيا، وحلقت في سماء الولاية لأول مرة بعد 8 أشهر في 17 يوليو (تموز) 1989.

وتستطيع «الطائرة الشبح» حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة؛ بما فيها القنابل التقليدية والموجهة بدقة، إلى جانب الأسلحة النووية، وتبلغ قدرتها على حمل الذخائر نحو 40 ألف رطل (18 ألف كيلوغرام)، مما يجعلها عنصراً محورياً في الردع النووي الأميركي.

وشاركت الطائرة في كثير من العمليات العسكرية البارزة حول العالم، مثل قصف يوغوسلافيا في عام 1999، وكذلك العمليات في أفغانستان والعراق، مما يؤكد أهميتها في العمليات الجوية.

وتحمل القاذفة الاستراتيجية «بي2 (B2)» الرقم القياسي لأطول مهمة قتالية جوية في التاريخ، حيث نفذت رحلة استمرت 44 ساعة متواصلة في عام 2001، بعد أن انطلقت من قاعدة «وايتمان» إلى أفغانستان وعادت دون توقف، وفق موقع شركة «نورثروب غرومان».

وتُعدّ هذه الخصائص مجتمعة مصدراً رئيسياً لتفوق «الشبح بي2 (B2 Spirit)» في مجال القصف الاستراتيجي، وتجعل منها سلاحاً حاسماً في الترسانة العسكرية الأميركية.


مقالات ذات صلة

مزاعم «الاعتدال» الحوثي تتلاشى... سجون خاصة وتصفيات داخلية

العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

مزاعم «الاعتدال» الحوثي تتلاشى... سجون خاصة وتصفيات داخلية

تتكشّف وقائع جديدة تُظهر جانباً آخر من ممارسات القادة الحوثيين، وتنسف محاولات بعضهم، وفي مقدمهم محمد علي الحوثي، تقديم أنفسهم كواجهة للاعتدال

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

تزداد التحذيرات الأممية من اتساع الفجوة التمويلية في اليمن، في ظل الرغبة بدمج الاستجابة ودعم التنمية، بالتزامن مع إعلان صندوق دولي نجاح مشروعه لتعزيز الصمود.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي عناصر موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة لحج خلال مسيرة مؤيدة للمجلس (أ.ف.ب)

حراك يمني لاحتواء التوتر في الشرق وتعزيز التوافق السياسي والأمني

تكثّفت التحركات اليمنية لاحتواء تداعيات التوترات الأمنية في المحافظات الشرقية، وسط مساعٍ لإعادة ضبط المشهد السياسي، والأمني، ومنع انعكاساته على الوضع الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (عدن)
مودعون فقدوا ملايين الريالات اليمنية بسبب تواطؤ الحوثيين (رويترز)

شبح الإفلاس يلاحق شركات الصرافة في مناطق سيطرة الحوثيين

إفلاس شركات صرافة في مناطق الحوثيين يفاقم خسائر المودعين، وسط اتهامات بتواطؤ فرع البنك المركزي وقرارات حوثية خانقة أدت إلى شح السيولة وإغلاق أكثر من 14 منشأة.

محمد ناصر (تعز)
الخليج قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر نصيب مع الأردن 6 يناير (رويترز)

مشاريع «مركز الملك سلمان» في سوريا تتضاعف أكثر من 100 % خلال 2025

أظهرت تحديثات جديدة كشفت عنها المنصة الإلكترونية لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» تسجيل أرقام جديدة حول مشاريع المركز المنجزة.

غازي الحارثي (الرياض)

«بطل» شاطئ بوندي مصدر فخر لأهالي قريته في سوريا

أحمد الأحمد الرجل الذي تصدّى لأحد مهاجمي شاطئ بوندي ونزع سلاحه وهو يتحدث إلى رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (أ.ف.ب)
أحمد الأحمد الرجل الذي تصدّى لأحد مهاجمي شاطئ بوندي ونزع سلاحه وهو يتحدث إلى رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (أ.ف.ب)
TT

«بطل» شاطئ بوندي مصدر فخر لأهالي قريته في سوريا

أحمد الأحمد الرجل الذي تصدّى لأحد مهاجمي شاطئ بوندي ونزع سلاحه وهو يتحدث إلى رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (أ.ف.ب)
أحمد الأحمد الرجل الذي تصدّى لأحد مهاجمي شاطئ بوندي ونزع سلاحه وهو يتحدث إلى رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (أ.ف.ب)

في شمال غربي سوريا، يعبّر سكان النيرب عن فخرهم بشجاعة ابن قريتهم أحمد الأحمد، «بطل» شاطئ بونداي الذي تمكّن من وقف أعنف هجوم تشهده أستراليا منذ عقود، عندما جرَّد أحدَ المهاجمين من سلاحه.

وقتَل مسلّحان، هما أب وابنه، 15 شخصاً وأصابوا 42 آخرين، عندما أطلقا النار على المحتفلين بعيد حانوكا اليهودي على الشاطئ الشهير، مساء الأحد، في هجوم قالت السلطات إنه «مدفوع بآيديولوجية (تنظيم الدولة الإسلامية)».

في قرية النيرب، الواقعة بمحافظة إدلب، قال المزارع محمّد الأحمد (60 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الثلاثاء: «كنت أتصفح هاتفي، ومرّ أمامي مقطع فيديو، خُيِّل لي أنني أرى ابن شقيقي، فاتصلتُ بأبيه وأكد لي أن أحمد هو مَن أخذ السلاح».

وأوضح الرجل أن «هذه الحادثة أحدثت ضجة عالمية، فهو من سوريا ومسلم ولم يكن لديه أي دافع لفعل ذلك سوى الشهامة والبطولة والمروءة... هذا العمل فخر لنا وفخر لسوريا».

تصدَّر اسم أحمد وسائل الإعلام في أستراليا وحول العالم، بعدما ظهر في مقطع فيديو وهو يتنقل بين سيارات متوقفة ليصل إلى أحد المهاجمين من الخلف وينتزع سلاحه، قبل أن يصاب برشقات أطلقها المهاجم الثاني.

أحمد الأحمد الرجل الذي تصدّى لأحد مهاجمي شاطئ بوندي ونزع سلاحه وهو يتحدث إلى رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (أ.ف.ب)

وأشاد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بما فعله أحمد، عندما تفقّده، الثلاثاء، في المستشفى. وقال إن «شجاعته هي مصدر إلهام لجميع الأستراليين».

ووفقاً لعمه، سافر أحمد، وهو أب لطفلتين، من النيرب إلى أستراليا عام 2007، حيث عمل في البناء قبل أن يفتتح محلاً لبيع الفواكه والخضر في سيدني. ومنذ أكثر من شهرين، سافر والداه من النيرب لزيارته وما زالا هناك.

ترك أحمد خلفه منزلاً مهجوراً بلا نوافد أو أبواب، وقد تصدّع سقفه جراء القصف، وفق ما عاين مصوِّر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«رجل شجاع»

في غرفة متواضعة بالقرية التي طالها القصف مراراً خلال سنوات النزاع السوري الطويلة، تُردد جدّة أحمد المُسنّة بصوت منخفض: «الله يرضى عليه ويوفّقه»، متحدثة بصوت خافت عن اشتياقها له.

وفي شوارع القرية التي بدأ بعض سكانها إعادة إعمار منازلهم التي هدمتها الحرب، تُسمَع سيرة أحمد على كل لسان، والجميع يتمنى له الشفاء العاجل.

وقال عبد الرحمن المحمد (30 عاماً)، لـ«الوكالة الفرنسية»، بينما كان يعمل في محله لإصلاح إطارات السيارات: «نحن نفتخر بما قام به أحمد، ابن قريتنا، إنه مصدر فخر لنا، وما فعله عمل بطولي لا يستطيع أي أحد أن يقوم به»، مُشيداً به لأنه أنقذ «أرواحاً بريئة». وأضاف: «نسأل الله الشفاء العاجل له».

وأمام منزله، حيث عمل على فرز صناديق التفاح من إنتاج حديقته، استعاد يوسف العلي (45 عاماً) ذكرياته مع صديقه أحمد والسهرات الطويلة قبل سفره التي غلبت عليها أجواء الفرح والضحك.

وقال للوكالة: «عندما رأيته على (فيسبوك) مصاباً انزعجت كثيراً، لكنه قام بعمل بطولي».

وأضاف: «هو رجل شجاع منذ زمن وصاحب نخوة... إنه مَدعاة فخر لنا ولكل سوريا».


الشتاء القاسي يغرق غزة… ويعصف بخيام النازحين (صور)

فلسطينيون نازحون يدفعون سيارة عبر مياه الفيضانات عقب هطول أمطار غزيرة في مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون يدفعون سيارة عبر مياه الفيضانات عقب هطول أمطار غزيرة في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

الشتاء القاسي يغرق غزة… ويعصف بخيام النازحين (صور)

فلسطينيون نازحون يدفعون سيارة عبر مياه الفيضانات عقب هطول أمطار غزيرة في مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون نازحون يدفعون سيارة عبر مياه الفيضانات عقب هطول أمطار غزيرة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

شهد قطاع غزة، الثلاثاء، كارثة جديدة تزيد من معاناة سكانه النازحين، حيث أغرقت الأمطار الغزيرة أكبر مستشفى في القطاع وآلاف خيام الفلسطينيين، بينما طارت مئات أخرى نتيجة منخفض جوي عاصف يضرب المنطقة منذ مساء الاثنين.

وتأتي هذه الفيضانات بعد أيام فقط من مرور قطاع غزة بالمنخفض القطبي «بيرون»، الذي أودى بحياة 14 فلسطينياً وتسبب في تضرر وغرق نحو 53 ألف خيمة، ما يزيد الوضع الإنساني سوءاً ويضع ملايين المدنيين في مواجهة مخاطر جديدة.

فلسطينيون نازحون يسيرون عبر مياه الفيضانات عقب هطول أمطار غزيرة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

غرق أكبر مستشفى وتعطّل الخدمات الطبية

ووفق ما نقلت وسائل إعلام، فإن مياه الأمطار تسربت إلى أقسام في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، وخاصة قسم الاستقبال والطوارئ، ما أدى إلى تعطيل العمل فيه بشكل شبه كامل، في وقت يُعدّ فيه هذا القسم شرياناً أساسياً لإنقاذ الجرحى والمرضى في ظل استمرار العدوان وتدهور الوضع الصحي في القطاع.

رجل فلسطيني نازح يقود سيارة عبر مياه الفيضانات عقب هطول أمطار غزيرة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وقال شهود لوكالة «شهاب» إن المياه تدفقت إلى الممرات وغرف الفحص، فيما حاول الطاقم الطبي نقل المرضى إلى أماكن أكثر أماناً داخل المستشفى، وسط انقطاع للكهرباء ونقص حاد في الإمكانات اللازمة للتعامل مع الكارثة.

عائلة فلسطينية تركب عربة وسط المطر في مدينة غزة (أ.ب)

ويُعد مجمع الشفاء أكبر مستشفيات القطاع، وقد تعرض لدمار هائل خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، فيما عملت وزارة الصحة على ترميم بعض مبانيه خلال الشهرين الماضيين، إلا أن حجم الأضرار ونقص الإمكانات يحول دون عودة العمل فيه بصورة طبيعية، خاصة مع عرقلة دخول المستلزمات الطبية والأدوية من قبل الاحتلال.

أطفال يركضون تحت المطر أمام مخيم خيام في مدينة غزة (أ.ب)

مأساة خيام النازحين تتكرر

لم تكن أوضاع النازحين أفضل حالاً؛ إذ أدت الأمطار العاصفة إلى غرق مئات الخيام وتطاير أخرى في مختلف مناطق القطاع، خاصة في المناطق المنخفضة التي تحولت إلى برك واسعة من المياه والطين.

نازحة فلسطينية في خيمة غمرتها المياه في يوم ممطر بمدينة غزة (رويترز)

وتتكرر مأساة غرق خيام النازحين في غزة، حيث غمرت مياه الأمطار الخيام والشوارع في مناطق متفرقة، بما فيها ساحة الجندي المجهول وحي الشيخ رضوان شمال غربي المدينة.

ويواجه مئات آلاف النازحين هذا الواقع بخيام مهترئة لا تقيهم البرد ولا السيول، وسط غياب شبه تام لمستلزمات الشتاء ووسائل التدفئة.

نازح فلسطيني يسير في شارع غمرته المياه في يوم ممطر بمدينة غزة (رويترز)

وفي حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، انهار منزل يعود لعائلة أبو القمصان بعد أن أغرقت الأمطار أساساته المتضررة أصلاً بفعل القصف السابق، فيما أصيب عدد من النازحين في حي تل الهوى جنوب غربي المدينة، إثر سقوط جدار على إحدى الخيام نتيجة شدة الرياح المصاحبة للمنخفض.

يسير فلسطينيون نازحون قرب خيامهم عقب هطول أمطار غزيرة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحذيرات «حماس» والمجتمع الدولي

إلى ذلك، قال المتحدث باسم حركة «حماس» حازم قاسم، إن الكارثة الإنسانية تتفاقم بسبب وصول منخفض جوي جديد، مؤكداً أن خيام النازحين لا توفر أي حماية من الظروف الجوية.

فلسطينيون يسخنون الطعام بينما يحتمون من المطر في كشك لبيع الأدوات في مدينة غزة (أ.ب)

وأضاف أن التحذيرات السابقة لإدخال مواد الإيواء المناسبة لم تلقَ أي استجابة من المجتمع الدولي، الذي ظل عاجزاً عن كسر الحصار الإسرائيلي على القطاع. ودعا قاسم الوسطاء والدول الضامنة لاتفاق وقف الحرب، إلى جانب الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، للتحرك العاجل لإنقاذ سكان غزة من كارثة محققة.

طفل يستخدم دلواً ليحتمي من المطر في أثناء سيره بأحد شوارع مدينة غزة (أ.ب)

وكان مسؤولون في وزارة الصحة قد ذكروا أن الأمطار الغزيرة أدت إلى وفاة رضيعة بسبب البرد القارس، إضافة إلى غرق مئات الخيام التي تؤوي عائلات نازحة.

وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى وفاة 12 شخصاً أو وجودهم في عداد المفقودين، وانهيار 13 مبنى على الأقل، وغمر المياه 27 ألف خيمة.

فلسطينيون يسيرون في شارع تصطف على جانبيه مبانٍ متضررة من الحرب تحت المطر في مدينة غزة (أ.ب)

أعداد النازحين واحتياجات الخيام الجديدة

وأفادت الأمم المتحدة ومسؤولون فلسطينيون بوجود حاجة ماسة إلى 300 ألف خيمة جديدة على الأقل لنحو 1.5 مليون نازح في غزة. كما أكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 4 آلاف شخص يعيشون في مناطق ساحلية عالية الخطورة، ويتأثر ألف منهم مباشرة بالأمواج العاتية القادمة من البحر.

وحذرت المنظمة الدولية للهجرة من احتمال غرق مئات الآلاف من النازحين، بسبب منع دخول مواد البناء والإيواء، كما أشارت إلى خطر تفشي الأمراض بسبب غياب الصرف الصحي وإدارة النفايات، لا سيما في المناطق المنخفضة المليئة بالأنقاض، حيث يعيش نحو 795 ألف شخص تحت خطر السيول.


غزة: خطة ترمب على المحك مع تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية

يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)
يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)
TT

غزة: خطة ترمب على المحك مع تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية

يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)
يركض الناس بحثاً عن مأوى بينما يتصاعد عمود من الدخان فوق الخيام في مخيم للنازحين الفلسطينيين شمال خان يونس (أ.ف.ب)

يوماً بعد يوم تزداد الشكوك في قدرة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن قطاع غزة على الصمود في وجه التحديات، والعقبات التي يفرضها موقف كل من طرفي الصراع الرئيسين حركة «حماس»، وإسرائيل، وفق تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

فالخطة، المؤلفة من عشرين بنداً، لم تكتمل مرحلتها الأولى حتى الآن بسبب عدم تسليم الفصائل الفلسطينية المسلحة في القطاع الجثة المتبقية من جثث الرهائن الإسرائيليين، وهو الأمر الذي تتذرع إسرائيل به، بغض النظر عن السبب وراء ذلك، وتتنصل من بعض الالتزامات التي تنص عليها الخطة في مرحلتها الأولى، فضلاً عن إصرارها على عدم الانتقال إلى المرحلة الثانية حتى تتسلم تلك الجثة.

وكان يفترض بموجب خطة ترمب أن تنتهي استحقاقات المرحلة الأولى من الاتفاق في غضون 72 ساعة من توقيعه، إلا أن الفصائل الفلسطينية تقول إنها تواجه صعوبات في العثور على تلك الجثة، أو ما تبقى منها في ظل ضعف إمكانيات البحث، وصعوبة الوضع القائم في القطاع، علماً بأنها سلمت جميع ما لديها من الرهائن الأحياء، والأموات.

وفي المقابل تشن إسرائيل ضربات شبه يومية في القطاع، وتواصل سياسة الاغتيالات بحق كوادر حركة «حماس»، وسط تبادل للاتهامات بين الجانبين بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بوساطة دولية، ورعاية أميركية.

«حماس» تفكر في التراجع عن التزامات نزع السلاح

وفي ظل عدم وجود أي مؤشرات على الانتقال إلى المرحلة الثانية، بدأ بعض قادة «حماس» مؤخراً في إطلاق تصريحات تشي بتراجع الحركة عن التزام رئيس في صلب تلك المرحلة، والمتمثل في نزع سلاحها، ما يطرح العديد من التساؤلات بشأن موقف الحركة، والأوراق التي تملكها حتى تضع الاتفاق برُمّته على المحك، لا سيما بعد تسليم الرهائن الإسرائيليين.

وعلى الجانب الآخر، تتلقف تل أبيب هذه التصريحات، وتبرزها، في محاولة منها لإلقاء كل اللوم على «حماس» في عدم إحراز تقدم على صعيد تنفيذ باقي مراحل الاتفاق، وسط تلويح بين الحين والآخر باستئناف الحرب.

ويتناغم الموقف الإسرائيلي مع انتقادات أوروبية لحركة «حماس»، حيث اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن رفض الحركة نزع سلاحها «يشكل العقبة الرئيسة أمام إحراز تقدم حقيقي نحو الاستقرار في قطاع غزة».

ورأت كالاس أن أي مسار سلام جاد في القطاع «لن ينجح ما لم تعالج مسألة السلاح، باعتبارها شرطاً أساسياً للاستقرار طويل الأمد».

ضغط أميركي للحفاظ على الاتفاق

وفي سياق متصل نقلت قناة «آي 24» الإسرائيلية عن مسؤول غربي مشارك في تنفيذ الخطة تشككه البالغ، قائلاً إنه من غير الواضح ما إذا كانت «حماس» ستتخلى عن أسلحتها.

وفي معرض رده على السبب وراء عدم التخلي عن الخطة في ظل هذا الموقف من قبل «حماس»، قال المسؤول الغربي إن «موقف العديد من الدول هو دعم الخطة رغم المشكلات، لأنها لا ترى خياراً آخر. نحن والدول الغربية الأخرى نفضل عدم الانسحاب، لأننا لا نريد أن نرى إسرائيل تعود إلى القتال في غزة».

ووسط حالة عدم اليقين التي تخيم على المشهد، تواصل الولايات المتحدة أيضاً ضغوطها بغية دعم الاتفاق، والحيلولة دون انهياره.

مسلحون فلسطينيون يحرسون المكان في اليوم الذي تم فيه تسليم الرهائن المحتجزين في غزة (رويترز)

اتهامات متبادلة بين تل أبيب وواشنطن

وفي هذا السياق، نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤولين أميركيين اثنين قولهما إن البيت الأبيض وجه رسالة شديدة اللهجة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكداً أن مقتل القيادي العسكري البارز في حركة «حماس» رائد سعد مطلع الأسبوع الجاري يمثل انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار.

وأشار الموقع إلى أن هذه الرسالة «الغاضبة» من البيت الأبيض تأتي وسط تصاعد التوترات بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، وسياسة إسرائيل الإقليمية الأوسع، في إشارة لموقفها من لبنان، وسوريا.

كما كشف مسؤول أميركي رفيع المستوى أن رسالة البيت الأبيض لنتنياهو كانت: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك، وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقيات، فتفضل، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في إبرام الاتفاق في غزة».

في المقابل كشفت مصادر إسرائيلية أن حكومة تل أبيب أبلغت إدارة ترمب بأن حركة «حماس» هي من انتهكت الاتفاق «بمهاجمة الجنود، واستئناف تهريب الأسلحة».

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول إسرائيلي أن «مقتل رائد سعد، وهو إرهابي بارز كان يعمل ليل نهار على انتهاك الاتفاق واستئناف القتال، جاء رداً على هذه الانتهاكات، وكان يهدف إلى ضمان استمرار وقف إطلاق النار».

نساء فلسطينيات يمشين بين أكوام الأنقاض والمباني المدمرة في مدينة غزة (رويترز)

التحضيرات لإطلاق قوة الاستقرار الدولية في غزة

وفي محاولة لكسر حالة الجمود، والابتعاد عن دائرة الاتهامات المتبادلة بين «حماس» وإسرائيل، تعقد القيادة المركزية في الجيش الأميركي اليوم الثلاثاء مؤتمراً في قطر بمشاركة ممثلين عن 40 دولة، معظمهم ممثلون عسكريون، بهدف بلورة قائمة الدول التي ستشارك في قوة الاستقرار الدولية المزمع نشرها في غزة، ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب، وفقاً لهيئة البث الإسرائيلية.

وفي التفاصيل، أشارت هيئة البث إلى أن المؤتمر سيشهد مشاركة دول أعلنت بالفعل استعدادها لإرسال قوات إلى القطاع، إلى جانب دول ما زالت مترددة في الإقدام على هذه الخطوة، إضافة لعدد من الدول الأوروبية في مقدمتها إيطاليا.

وسيناقش المؤتمر مهام تلك القوة، وما إذا كانت ستعمل بالقوة في مناطق تخضع لسيطرة «حماس» بهدف نزع سلاحها، أم في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي.

وفيما وصف بأنه بالغ الأهمية، تعقد جلسات هذا المؤتمر من دون مشاركة إسرائيلية مباشرة، على أن يعقد مؤتمر آخر حول الموضوع بعد نحو شهرين، وفقاً لما ذكرته هيئة البث.

ومع غياب أفق واضح للمضي قدماً في خطة ترمب، تثار الكثير من التكهنات في مواجهة مسار محفوف بالمخاطر قد يقوض جهود السلام، ويدفع المنطقة نحو دائرة العنف من جديد.