تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى شمال سوريا وتخشى تدهور وضع إدلب

مع توسع الهجمات الإسرائيلية والتوتر بين «تحرير الشام» والجيش السوري

تركيا لا ترغب في عودة تدفق النازحين على حدودها مع سوريا من جديد (أرشيفية)
تركيا لا ترغب في عودة تدفق النازحين على حدودها مع سوريا من جديد (أرشيفية)
TT

تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى شمال سوريا وتخشى تدهور وضع إدلب

تركيا لا ترغب في عودة تدفق النازحين على حدودها مع سوريا من جديد (أرشيفية)
تركيا لا ترغب في عودة تدفق النازحين على حدودها مع سوريا من جديد (أرشيفية)

أثارت التعزيزات الضخمة التي دفعت بها تركيا إلى مواقع قواتها في مختلف المحاور في شمال غربي سوريا العديد من التساؤلات حول أسباب القيام بهذه الخطوة في هذا التوقيت.

أثارت التعزيزات الضخمة التي دفعت بها تركيا إلى مواقع قواتها في مختلف المحاور في شمال غربي سوريا العديد من التساؤلات حول أسباب القيام بهذه الخطوة في هذا التوقيت.

ولا تخفي تركيا قلقها من توسيع إسرائيل هجماتها من غزة إلى لبنان والهجوم على مواقع في سوريا، وهو ما دفع إلى عقد جلسة سرية للبرلمان، الثلاثاء الماضي، بحضور الرئيس رجب طيب إردوغان؛ لمناقشة التطورات والمخاطر على الأمن القومي في ظل تمدد الهجمات الإسرائيلية واقترابها من حدود تركيا الجنوبية.

وقدم وزيرا الدفاع، يشار غولر، والخارجية، هاكان فيدان، خلال الجلسة التي سيبقى مضمونها سرياً لمدة 10 سنوات، عرضاً حول الوضع في المنطقة في ظل الهجمات الإسرائيلية والتهديدات المحتملة على الأمن القومي التركي.

وغداة الجلسة السرية للبرلمان، حذر وزير الدفاع، يشار غولر، من جر المنطقة إلى اضطرابات كبيرة بسبب جهود إسرائيل لنشر «إرهاب الدولة» في لبنان، مؤكداً أن هذا الوضع يفرض على تركيا الاستعداد لجميع السيناريوهات المحتملة وانتهاج سياسات استباقية.

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال متابعة تدريب «فري فاير 2024» الخميس (وزارة الدفاع التركية)

وقال غولر، في كلمة خلال حضوره جانباً من فعاليات يوم المراقب المتميز لتمرين «فري فاير 2024» في ضواحي العاصمة أنقرة، إن «جهود إسرائيل لنشر إرهاب الدولة والاضطهاد في لبنان بعد فلسطين وقطاع غزة، زادت من خطر جر المنطقة الجنوبية لتركيا إلى اضطرابات كبيرة».

وأضاف أنه «في ظل هذه الأجواء الحرجة، يمكننا ضمان الردع بشكل أفضل من خلال الاستعداد لجميع السيناريوهات المحتملة وانتهاج سياسات استباقية، وفي الوقت الذي نعمل فيه على القضاء على التهديد الإرهابي خارج حدودنا (في شمالي سوريا والعراق) دفاعاً عن أمن بلادنا، ندافع في الوقت ذاته بكل عزيمة عن حقوقنا ومصالحنا في بحارنا وأجوائنا».

وعدّ أن «الصراعات الخارجية لا سيما في المنطقة القريبة من تركيا، وتهديد الإرهاب والصراعات الجيوسياسية، تحتم على الجيش التركي زيادة جاهزيته القتالية».

تعزيزات تركية إلى شمال سوريا (إعلام تركية)

وفي الوقت الذي تسعى فيه تركيا لتطبيع العلاقات مع دمشق وتشعر فيه بالقلق من التطورات في المنطقة نتيجة توسع العدوان الإسرائيلي ليشمل لبنان ومناطق في سوريا، بدأت تتحرك لمواجهة احتمال اندلاع مواجهة واسعة بين الجيش السوري و«هيئة تحرير الشام» وفصائل المعارضة المسلحة الأخرى في شمال سوريا، بما في ذلك مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا التي تمتد من اللاذقية إلى حلب مروراً بحماة وإدلب، والمعروفة باسم «منطقة بوتين - إردوغان».

ودفع الجيش التركي، خلال الأسبوعين الأخيرين، بتعزيزات عسكرية ضخمة دخلت ضمن أرتال من المعدات والجنود والإمدادات العسكرية واللوجيستية إلى مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة ومناطق «هيئة تحرير الشام».

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن تركيا أرسلت تعزيزات عسكرية ضخمة تقدر بأكثر من 190 آلية عسكرية، ما بين مدرعات ودبابات وناقلات جنود وشاحنات محملة بالإمدادات والمعدات اللوجيستية والذخيرة، وزعت على محاور استراتيجية عدة في ريفي إدلب وحلب، في ظل سعي أنقرة للحفاظ على نفوذها ومنع اندلاع مواجهات واسعة النطاق بين الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة.

وتزامنت التعزيزات التركية مع استعدادات «هيئة تحرير الشام» لشن عملية عسكرية واسعة ضد مناطق سيطرة القوات السورية بهدف توسيع نطاق سيطرتها في أرياف اللاذقية وحماة وإدلب، وفي مدينة حلب وريفها الغربي، أي في منطقة «بوتين - إردوغان».

تعزيزات للجيش السوري على محاور حلب وإدلب (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وفي المقابل، دفع الجيش السوري بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى خطوط التماس مع «هيئة تحرير الشام»، وبخاصة محاور القتال في ريفي حلب وإدلب.

وترفض تركيا بشكل قاطع العملية العسكرية المحتملة من جانب «هيئة تحرير الشام»، خوفاً من تداعياتها الإنسانية؛ لأن المنطقة المستهدفة تضم ملايين النازحين وعدداً كبيراً من مخيمات اللاجئين.

ووفقاً لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أبلغت تركيا «هيئة تحرير الشام» برفضها القاطع لأي تحرك عسكري، وحذرتها من أنها لن تسمح بنقل أي جريح من عناصرها إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج، ولن تسمح بمرور أي إمدادات عسكرية من معبر «باب الهوى» الحدودي في شمال إدلب، والذي يعد شريان الحياة للشمال السوري.

مقاتلان من «هيئة تحرير الشام» على إحدى نقاط التماس مع القوات السورية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وإلى جانب التعزيزات العسكرية المكثفة، أصدرت القيادة العسكرية التركية أوامرها لكل من قواتها والفصائل الموالية لها في شمال سوريا بالاستعداد الكامل والاستنفار ورفع الجاهزية.

وترى تركيا أن أي تصعيد عسكري في مناطق خفض التصعيد المحددة بموجب اتفاق تركي - روسي، سيؤدي إلى تداعيات كارثية على الوضع الأمني في المنطقة، وقد ينتج عنه موجة نزوح ضخمة إلى الحدود.

وقال مسؤول عسكري تركي، الخميس، إن بلاده تراقب التطورات من كثب، وإنه ليس هناك نزوح كبير إلى مناطق الحدود مع سوريا في ظل التصعيد الإسرائيلي في لبنان.

تركيا عانت من قبل من موجات نازحين ضخمة إلى حدودها مع اندلاع الحرب في سوريا (أرشيفية)

وأكد أن العمليات العسكرية للقوات التركية في شمال سوريا، تركز على هدفين؛ أولهما مكافحة التنظيمات الإرهابية، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والثاني منع أي موجات نزوح جديدة من داخل الأراضي السورية.

وفي ظل هذه التطورات، أعلنت موسكو أنها تعمل على التحضير لعقد الجولة الـ22 من مباحثات مسار آستانة للحل السياسي للأزمة السورية، بعد توقف 10 أشهر.

الجولة الـ21 لمسار آستانة عقدت في يناير الماضي (أرشيفية)

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، إنه يجري حالياً تحضير الترتيبات الخاصة لتنظيم الاجتماع في العاصمة الكازاخية، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «تاس».

وقال فيرشينين إن روسيا تعدّ «صيغة آستانة» بشأن سوريا مهمة وإيجابية للغاية.

كانت الجولة الـ21 من مفاوضات مسار آستانة عقدت في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، بمشاركة وفود الدول الثلاث الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، والوفد السوري ووفد المعارضة السورية، وحضور ممثلين للأردن ولبنان والعراق بوصفهم مراقبين، بالإضافة إلى الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران التقوا في نيويورك الشهر الماضي لبحث الأزمة السورية (الخارجية التركية)

واتفقت الأطراف على عقد الجولة الـ22 في آستانة في النصف الثاني من العام الحالي، لكنها لم تعقد حتى الآن.

وعقد وزراء خارجية تركيا هاكان فيدان، ورسيا سيرغي لافروف، وإيران عباس عراقجي، اجتماعاً في إطار صيغة آستانة على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، حذروا خلاله من موجة عنف جديدة في سوريا على خلفية التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، ودعوا، على وجه التحديد، إلى عدم التصعيد في إدلب.


مقالات ذات صلة

عُمان ولبنان ينددان بالاعتداءات الإسرائيلية ودعم الجهود الدولية لمنع التصعيد

الخليج السلطان هيثم بن طارق والرئيس اللبناني العماد جوزيف عون عقدا الأربعاء جلسة خاصة بقصر العلم في مسقط (العمانية)

عُمان ولبنان ينددان بالاعتداءات الإسرائيلية ودعم الجهود الدولية لمنع التصعيد

أعربت سلطنة عُمان ولبنان، في بيان مشترك، الأربعاء، عن قلقهما الشديد إزاء استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية واحتلال الأراضي العربية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني في بلدة علما الشعب الحدودية نوفمبر الماضي (رويترز) play-circle

هل يدفع مسار التفاوض إسرائيل إلى تبريد جبهة لبنان؟

منذ تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، شهد جنوب لبنان تبدّلاً لافتاً تمثل بوقف إسرائيل الاغتيالات مع تفاوت في التصعيد.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

«الميكانيزم» تستعد للدخول في اختبار «تبادل نيات» بين لبنان وإسرائيل

تدخل المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية برعاية لجنة «الميكانيزم» حتى موعد انعقاد اجتماعها المقبل في 19 ديسمبر الحالي بمرحلة اختبار النيات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

أعلن الجيش اللبناني، اليوم (السبت)، القبض على 6 أشخاص اعتدوا على دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بطريق الطيري-بنت جبيل جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع اسرائيل هي بمثابة «سقطة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل يطالب بضمانات أمنية أميركية للأقليات في سوريا

الشيخ موفق طريف (رويترز)
الشيخ موفق طريف (رويترز)
TT

الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل يطالب بضمانات أمنية أميركية للأقليات في سوريا

الشيخ موفق طريف (رويترز)
الشيخ موفق طريف (رويترز)

حث الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل الشيخ موفق طريف الولايات المتحدة على توفير الأمن للطائفة الدرزية لمنع تكرار أعمال العنف التي وقعت في وقت سابق من هذا العام في محافظة السويداء السورية ذات الأغلبية الدرزية في سوريا التي يهيمن عليها السنة.

وقال طريف لوكالة «رويترز»، أمس الثلاثاء، خلال زيارة رسمية إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف إن واشنطن بحاجة إلى القيام «بواجبها» لحماية حقوق الأقليات في سوريا من أجل تعزيز الاستقرار، مضيفاً أن الدعم الأميركي سيلغي أيضاً الحاجة إلى التدخل الإسرائيلي في جنوب سوريا.

وقال: «الولايات المتحدة دولة عظمى، ونأمل أن تضمن حقوق جميع الأقليات في سوريا، وأن تحميها من أي اعتداءات، حتى لا نشهد مجدداً مجازر أو مذابح بحق هذه المجموعات».

وتعهد الرئيس ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ببذل كل ما في وسعه لمساعدة سوريا على النجاح بعد محادثات تاريخية مع نظيره السوري أحمد الشرع.

اشتباكات دامية في يوليو

الدروز أقلية ينتمون لطائفة دينية لها أتباع في إسرائيل وسوريا ولبنان.

وفي يوليو (تموز) الماضي، اندلعت اشتباكات بين السكان الدروز والبدو في السويداء بعد عمليات خطف متبادلة، مما تسبب في إزهاق أرواح على مدى أسبوع وعصف بالتعايش الهش الذي استمر على مدى أجيال متعاقبة.

وتفاقمت أعمال العنف عندما اشتبكت القوات الحكومية التي أُرسلت لاستعادة النظام مع مسلحين دروز، وورود أنباء عديدة عن حدوث أعمال نهب وعمليات إعدام دون محاكمة انتهاكات أخرى.

ودخلت إسرائيل على خط المواجهة بطلب من الأقلية الدرزية، وهاجمت القوات الحكومية بهدف معلن، وهو حماية الدروز السوريين والإبقاء على حدودها بلا أي وجود للمسلحين.

وتسببت المواجهات في تهجير عشرات الآلاف من أبناء الطائفتين، وأنهت القلاقل وجود البدو في معظم أنحاء محافظة السويداء.

وفي أعقاب ذلك، دعا زعماء دروز إلى إقامة ممر إنساني من هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل إلى السويداء، وطالبوا بحق تقرير المصير، وهو ما ترفضه الحكومة.

«الحاجة إلى إعادة بناء الثقة»

ورداً على سؤال حول مقترحات الزعيم الدرزي الكبير الشيخ حكمت الهجري بفصل السويداء عن سوريا، شدد طريف على ضرورة إتاحة تقرير المصير والحقوق والأمان لجميع الأقليات.

وقال إن من غير المعقول مطالبة الدروز بتسليم أسلحتهم.

وكانت المحادثات الرامية إلى إعادة ضم قوات الشرطة السابقة في السويداء للعمل تحت سلطة دمشق، مع السماح للدروز بالاحتفاظ بحكم ذاتي محلي واسع النطاق، تحرز تقدماً مطرداً إلى أن أدت إراقة الدماء في يوليو إلى عرقلة هذه المحادثات.

وتعهد الشرع بحماية الدروز، لكن الهجري يصر على أنه يشكل تهديداً وجودياً لطائفته، ورفض في سبتمبر (أيلول) خريطة طريق من 13 نقطة توسطت فيها الولايات المتحدة لإنهاء العداء. وقاد الشرع فصائل المعارضة التي أطاحت بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان ينبغي إحياء المحادثات، قال طريف إنه تجب إعادة بناء الثقة عبر السماح للسكان بالعودة إلى منازلهم، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى السويداء.

وأضاف: «اليوم لا توجد ثقة... تجب إعادة الثقة».


قبرص تطلق عملية بحث عن يخت مفقود أبحر من إسرائيل

اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)
اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)
TT

قبرص تطلق عملية بحث عن يخت مفقود أبحر من إسرائيل

اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)
اليخت أبحر في الثاني من ديسمبر متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية (بكساباي)

أعلنت السلطات القبرصية، اليوم (الأربعاء)، إطلاق عملية بحث وإنقاذ بعد أن فُقد يخت أبحر من إسرائيل قبل أكثر من أسبوع في ظل ظروف عاصفة قبالة الجزيرة المتوسطية.

وقال مركز تنسيق الإنقاذ المشترك إنه بدأ عملية البحث، أمس، لتحديد موقع اليخت الذي أبحر في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، متجهاً إلى جزيرة كريت اليونانية.

وذكر المركز في بيان، أن آخر موقع معروف له تم تسجيله في الثامن من الشهر الجاري داخل منطقة البحث والإنقاذ القبرصية، على بعد نحو 89 ميلاً بحرياً (165 كيلومتراً) من مدينة بافوس الساحلية في غرب البلاد.

وأضاف: «تم تكليف السفن الموجودة في المنطقة بالمساعدة في تحديد موقع اليخت الشراعي المفقود»، لافتاً إلى انضمام طائرات بحث إلى العملية، الأربعاء.

يتزامن فقدان اليخت مع وصول العاصفة «بايرون» التي جلبت معها أمطاراً غزيرة ورياحاً عاتية هبّت على قبرص.

وتسببت «بايرون» في اضطرابات كبيرة في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط، مما أدى إلى تعقيد الرؤية وعمليات البحث.


كيف ستتخلص تركيا من منظومة «إس-400» الروسية لإزالة عقوبات «كاتسا»؟

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)
TT

كيف ستتخلص تركيا من منظومة «إس-400» الروسية لإزالة عقوبات «كاتسا»؟

جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

أثارت تصريحات أميركية وتركية متكررة بشأن اقتراب رفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تركيا بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا)، وإعادتها إلى برنامج تطوير مقاتلات «إف-35»، تساؤلاً حول تخليها عن منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400»، التي بسببها تعرضت للعقوبات.

وفي أحدث هذه التصريحات قال سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم براك، إن واشنطن تواصل المحادثات مع أنقرة بشأن عودتها إلى برنامج مقاتلات «إف-35»، وتأمل في أن تسفر عن انفراجة خلال الأشهر المقبلة. وفي الوقت ذاته، أوضح براك، عبر حسابه في «إكس»، أن القانون الأميركي لا يسمح لتركيا بتشغيل أو حيازة منظومة «إس-400» الروسية إذا أرادت العودة لبرنامج إنتاج وتطوير المقاتلة الأميركية.

ولفت إلى أن العلاقات الإيجابية بين الرئيس ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان هيأت أجواء جديدة من التعاون، نتج عنها محادثات هي الأكثر فائدة منذ نحو 10 سنوات فيما يتعلق بهذا الموضوع.

عقوبات واعتراضات

وأخرجت الولايات المتحدة تركيا من برنامج مقاتلات «إف-35»، التي تنتجها شركة «لوكهيد مارتن» عقب حصولها على منظومة «إس-400» في صيف عام 2019، وفرضت عليها عقوبات بموجب قانون «كاتسا» في عام 2020، فيما اعتبرته تركيا قراراً غير عادل، لا سيما أنها دفعت نحو 1.4 مليار دولار لشراء مقاتلات«إف-35».

وتعارض اليونان، الجارة لتركيا وحليفها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وكذلك إسرائيل، حصول أنقرة على المقاتلات الأميركية.

المقاتلة الأوروبية «يورفايتر تايفون» التي سعت تركيا إلى الحصول عليها بديلاً لـ«إف-35» (أ.ب)

وعلى الرغم من اتجاه تركيا للبحث عن بدائل مثل طائرات «يوروفايتر تايفون» الأوروبية أو إنتاج بدائل محلية، فإنها تواصل السعي لرفع العقوبات الأميركية والحصول على مقاتلات «إف-35».

والأسبوع الماضي، قال براك خلال مشاركته في مؤتمر «ميلكن» للشرق الأوسط وأفريقيا الذي عقد في أبوظبي، إن غالبية الملفات المهمة التي يجري التفاوض عليها بين تركيا والولايات المتحدة قد حُلت، وأن المتبقي منها سيحل خلال مدة تتراوح بين 4 و6 أشهر.

المقاتلة الأميركية «إف-35» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

وأضاف أن ترمب يرى أن العقوبات المفروضة على تركيا لا معنى لها، ويدرك أن الصناعات الدفاعية لديها تطورت وأنها تصدر طائرات مسيّرة إلى أوكرانيا، وتشتري مقاتلات «يوروفايتر تايفون»، في وقت لا تصدر فيه الولايات المتحدة إليها طائرات مقاتلة.

رسائل متكررة

ولفت براك إلى أن هناك شرطين يتعلقان بمنظومة «إس-400» الروسية التي تملكها تركيا، وهما التشغيل، وقد تم حلها، والثاني الملكية، وهو الأصعب قليلاً.

بدوره، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن مسألة عقوبات «كاتسا» ستحل خلال أشهر، دون الكشف عن خطوات أو مطالب محددة. وسبق أن أعلن إردوغان عقب لقائه ترمب بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، عن مفاوضات لعودة تركيا إلى برنامج «إف-35».

ترمب وإردوغان شهدا توقيع وزيري الخارجية الأميركي والطاقة والموارد الطبيعية التركي اتفاقية الطاقة النووية بين بلديهما خلال زيارة إردوغان لواشنطن في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

وتحدث مراقبون، عقب لقاء ترمب - إردوغان، عن تحولات جوهرية في الخيارات الجيوسياسية لتركيا، التي سبق أن حولت بوصلتها شرقاً باتجاه روسيا، في مجال الدفاع (اقتناء منظومة إس-400) والطاقة النووية (مشروع محطة أكويو النووية لتوليد الكهرباء في مرسين جنوب تركيا والمفاوضات حول بناء محطات أخرى)، لتعود مجدداً إلى التوجه غرباً من خلال فتح ملف مقاتلات «إف-16» و«إف-35»، والصفقة الضخمة لشراء طائرات «بوينغ»، واتفاقية التعاون النووي المدني الاستراتيجي، التي سيتم وضع تفاصيلها النهائية لاحقاً.

وكانت تركيا قد تحركت لاقتناء المنظومة الروسية، بسبب عدم الاستجابة لطلباتها المتكررة للحصول على بطاريات «باتريوت» الأميركية، وسحب الدول الحلفاء في «الناتو»، مثل إيطاليا وإسبانيا، بطارياتها التي تم نشرها في تركيا لتأمين الحدود الجنوبية للحلف.

عقبات متعددة

ولم تتمكن تركيا من تشغيل المنظومة الروسية، وعندما تحدث ترمب عن النظر في رفع عقوبات «كاتسا»، لم يفته استحضار قضية القس الأميركي أندرو برونسون، الذي اعتقل في تركيا بدعوى دعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي اتهمت حركة «الخدمة» التابعة للداعية الراحل فتح الله غولن بتنفيذها في 15 يوليو (تموز)، لإظهار قدرته على التصرف عبر التهديد والضغط عندما لا يحصل على ما يريد، وهو ما أثار انتقادات واسعة لإردوغان من جانب المعارضة التركية.

منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400» (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

وفي أبريل (نيسان) الماضي، كشفت تقارير عن أن تركيا تناقش مقترحاً لنقل منظومة «إس-400» إلى سوريا.

وعلى أثر ذلك وجّه عضوا مجلس النواب الأميركي، غاس بيلراكيس وبراد شنايدر، رسالةً إلى وزارة الخارجية، حذرا فيها من أن إعادة نشر هذه المنظومة الروسية سيشكل تصعيداً خطيراً، وستكون لها تداعيات واسعة النطاق على أمن إسرائيل، ومصداقية إنفاذ العقوبات الأميركية ضد تركيا، وموقف الردع الأميركي، وستكون بمثابة مكافأة لتركيا على تحديها الاستراتيجي، ورسالة مقلقة إلى الحلفاء والخصوم على حدٍ سواء. وحسب ما أعلن وقت توقيع صفقة «إس-400» عام 2017، لا يحق لتركيا بيع منظومة «إس-400» إلى دولة ثالثة، وهو ما يجعل تخلصها منها أمراً شبه مستحيل.