«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

تُعرَض ضمن «القاهرة للمونودراما» مستلهِمةً أغنية «كوكب الشرق»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
TT

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

حين أطلق صُنّاع أغنية «ودارت الأيام» تحفتَهم الغنائية الخالدة عام 1970 لتصبح واحدة من روائع «كوكب الشرق» أمّ كُلثوم، ربما لم يخطر على بالهم أنها سوف تصبح اسماً لواحد من العروض المسرحية بعد مرور أكثر من نصف قرن.

وبينما تحفل الأغنية الشهيرة التي كتبها مأمون الشناوي، ولحّنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالتفاؤل والنهاية السعيدة لجفوة قديمة بين حبيبَين التقيا بعد سنوات من الفراق، فإن المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وتُعرَض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما الدّولي»، تحمل أجواءً حزينة مِلؤها الحسرة والأسى لزوجة تكتشف بعد فوات الأوان أنها خسرت كل شيء، وأن تضحياتها الزوجية عبر أحلى سنوات العمر ذهبت أدراج الرياح.

حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأةً على نبأ وفاة زوجها، بيد أن المصيبة هذه لم تأتِ بمفردها، بل جرّت معها مصائب متلاحقة، ليُصبح الأمر كابوساً متكامل الأركان، فالزوج لم يَمُت في بيت الزوجية، بل في بيت آخر مع زوجة أخرى اقترن بها سراً قبل نحو 15 عاماً، لتكتشف البطلة أنها عاشت مخدوعة لسنوات طوال.

محاولة لاستعادة الماضي بلا جدوى (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تلك الصّدمة العاطفية الكُبرى شكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية للعرض المسرحي الذي أخرجه فادي فوكيه، حين تأخذ البطلة التي جسّدت شخصيتها الفنانة وفاء الحكيم، في استرجاع ذكريات رحلتها الزوجية التي اتّسمت بتنازلها عن كثيرٍ من حقوقها بصفتها زوجة وأنثى، كما تروي مواقف عدّة، تقبّلت فيها معاملة زوجها المهينة ونظرته الدُّونية لها، وأنانيته وتغطرسه؛ إذ لم يكن يفكر إلا في نفسه، وكان يتعامل مع زوجته كأنها خادمة مسخّرة لتلبية رغباته، وليست شريكة حياة لها حقوق كما أن عليها واجبات.

عدّ الناقد المسرحي د. عبد الكريم الحجراوي، مسرح المونودراما الذي ينتمي إليه العمل «من أصعب أنواع القوالب الفنية؛ لأنه يعتمد على ممثّل واحد في مواجهة الجمهور، مطلوب منه أن يكون شديدَ البراعة ومتعددَ المواهب من حيث التّشخيص، والمرونة الجسدية، والاستعراض، والتحكم في طبقات صوته»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الممثل مُطالَب بالسيطرة على المتفرج، والإبقاء عليه في حالة انتباه وتفاعل طوال الوقت، ومن هنا تكمن الصعوبة، حيث لا وجود لشخصيات أخرى أو حوار.

ويضيف الحجراوي: «وجد ممثل المونودراما نفسه مطالَباً بالتعبير عن الصراع الدرامي بينه وبين الآخرين الغائبين، أو بينه وبين نفسه، فضلاً عن أهمية امتلاكه مرونة التعبير عن حالات مختلفة من المشاعر، والانفعالات، والعواطف المتضاربة التي تتدرّج من الأسى والحزن والشّجَن إلى المرح والكوميديا والسُّخرية، وهو ما نجحت فيه وفاء الحكيم في هذا العمل».

أداء تمثيلي اتّسم بالإجادة (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

ويُبرِز العمل الذي يُعدّ التجربة الأولى للمؤلفة أمل فوزي، كثيراً من محطات الخذلان والإحباط التي عاشتها الزوجة؛ فقد رفضت والدتها ذات الشخصية القوية، فكرة انفصالها عن زوجها في السنوات الأولى لحياتهما معاً، ومن ثَمّ رفضت الزوجة نفسها فكرة الانفصال بعد إنجاب أكثر من طفل، وتلوم البطلة نفسها بسبب قبولها لموضوع الزواج في سنٍّ صغيرة وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية، وعجزها عن التمرد بوجه زوجها حين رفض بإصرارٍ أن تُكمل دراستها، مخالِفاً بذلك وعدَه لها ولأسرتها أثناء فترة الخطوبة.

واللافت أن الزوجة لا تغار من الزوجة الثانية التي أنجبت هي الأخرى طفلاً من زوجهما المشترك، بل تلومُ نفسها على ضعف شخصيتها حيناً، وثقتها غير المبرّرة في زوجها أحياناً.


مقالات ذات صلة

حضور مصري لافت في مهرجان ظفار المسرحي بعمان

يوميات الشرق تكريم إلهام شاهين في حفل افتتاح مهرجان ظفار للمسرح (إدارة المهرجان)

حضور مصري لافت في مهرجان ظفار المسرحي بعمان

يشهد مهرجان ظفار الدولي للمسرح بسلطنة عمان، حضوراً مصرياً لافتاً في نسخته الأولى، المقامة حتى التاسع من شهر أكتوبر الحالي، بمسرح المروج.

«الشرق الأوسط» (ظفار (عمان))
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق فريق العمل خلال البروفة التحضيرية (المسرح القومي)

يحيى الفخراني يُعيد «الملك لير» إلى المسرح القومي المصري

يعود الفنان المصري الكبير يحيى الفخراني للوقوف على خشبة المسرح مجدداً عبر إعادة تقديم رائعة ويليام شكسبير «الملك لير»، التي ستعرض على خشبة المسرح القومي بالقاهر

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات (إنستغرام)

ندى أبو فرحات من قلب بيروت... مسرح تحت القصف

النيران تسيّج المدينة، ونارٌ من نوعٍ آخر تتّقد على خشبات مسارحها. «في انتظار بوجانغلز» جزء من هذه الفورة المسرحية البيروتية، وبطلتها الممثلة ندى أبو فرحات.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)

سائح بريطاني يحاول دفن رفات والدته بمعبد أبو سمبل

معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل (تصوير: عبد الفتاح فرج)
معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

سائح بريطاني يحاول دفن رفات والدته بمعبد أبو سمبل

معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل (تصوير: عبد الفتاح فرج)
معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أحبطت السلطات المصرية، الأحد، محاولة سائح بريطاني الجنسية دفن رفات والدته في معبد أبو سمبل الأثري بأسوان (جنوب مصر).

وقال رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور أيمن عشماوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أفراد الأمن بمعبد أبو سمبل تمكنوا من ضبط سائح بريطاني حاول دخول المعبد ومعه صندوق صغير، اشتبهوا في محتواه»، مشيراً إلى أنه «بعد تفتيش السائح تبين أن الصندوق يحتوي على رفات آدمية».

وأضاف عشماوي أن «السائح كان معه مرشد سياحي، أوضح عند سؤاله أن الرفات لوالدة السائح التي توفيت وأوصت بدفنها في مصر»، مشيراً إلى أن «السائح البريطاني جاء إلى مصر تنفيذا لوصية والدته». وفق تعبيره.

ووقّع السائح البريطاني على تعهد أكد فيه أنه «لن يحاول مجدداً دفن رفات والدته في أي مكان بمصر». بحسب عشماوي الذي أشار إلى أنه «تم السماح للسائح باستكمال زيارته للمعبد بعد منعه من دفن الرفات به».

معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل من الداخل (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ويقع معبد أبو سمبل في النوبة بالقرب من الحدود الجنوبية لمصر. وقد بناه الملك رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشرة، في الجبل، نحو عام 1264 قبل الميلاد. ويشتهر المعبد بـ4 تماثيل ضخمة جالسة تزين واجهته، انهار أحدها بسبب زلزال قديم، ولا تزال بقاياه على الأرض، وفق موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.

وتقف تماثيل الملك الضخمة على جانبي الصالة الرئيسية المؤدية إلى قدس الأقداس، حيث تجلس 4 معبودات من مصر القديمة؛ هي آمون رع، رع حورآختي، بتاح، رمسيس الثاني. ويشهد المعبد ظاهرة تتكرر مرتين في العام، حيث تتعامد الشمس على واجهته في 22 فبراير (شباط) و22 أكتوبر (تشرين الأول).

والحضارة المصرية محاطة بكثير من الغموض، ما يدفع لانتشار خرافات بشأن «لعنة الفراعنة» أو «الزئبق الأحمر»، مثيرة حالة من الهوس العالمي بشأن «أسرار الدفن في مصر القديمة».