العراق يدشن اتصالات مع دول غربية لمنع ضربة إسرائيلية محتملة

مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط»: انطلاق حوار جاد مع قادة فصائل

السوداني يترأس اجتماعاً عسكرياً في بغداد (إعلام حكومي)
السوداني يترأس اجتماعاً عسكرياً في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق يدشن اتصالات مع دول غربية لمنع ضربة إسرائيلية محتملة

السوداني يترأس اجتماعاً عسكرياً في بغداد (إعلام حكومي)
السوداني يترأس اجتماعاً عسكرياً في بغداد (إعلام حكومي)

تسعى الحكومة العراقية بقوة لتجنيب بلادها تداعيات الحرب المشتعلة في المنطقة بين إيران وإسرائيل، وكشفت مصادر عن أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني فعّل 3 مسارات داخلية وخارجية لمنع ضربة إسرائيلية محتملة.

ويتخوف مراقبون من تصاعد المخاطر بعد أن شنت إيران، ليل الثلاثاء، هجوماً بمئات الصواريخ على إسرائيل عبرت الأجواء العراقية، بينما تواصل الفصائل الموالية لطهران هجمات ضد أهداف إسرائيلية وأميركية.

وقال مسؤول بارز في مكتب السوداني، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة العراقية «تتحرك وبسرعة عالية على ثلاثة مسارات متزامنة؛ بهدف تفادي تداعيات الحرب وإبعاد البلاد عن تبعاتها الخطيرة».

وتتركز المسارات الثلاثة على «الجهود الدبلوماسية والحكومية للحديث مع حلفاء العراق الغربيين المؤثرين في الأحداث، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا؛ بهدف إقناعهم بموقف العراق البعيد عن الحرب، وتالياً قيامهم بالضغط على إسرائيل في حال فكرت باستهداف العراق».

كانت مصادر خاصة أبلغت «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، عن تفاصيل تحركات السوداني، وأكدت أنه «قام مؤخراً بتكليف 3 شخصيات مؤثرة وتحظى بالقبول، بينها شخصية دينية سياسية، لإجراء اتصالات واجتماعات عاجلة مع زعماء وقادة بعض الفصائل بهدف إقناعها بالنأي عن النفس في هذه المرحلة نظراً لخطورة الأوضاع».

السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)

ويتفق المصدر الحكومي مع ذلك، وذكر أن «الحكومة تتحرك فعلاً عبر المسارين المتبقيين على قادة وزعماء الأحزاب والكتل السياسية، إلى جانب تحركها على بعض قيادات الفصائل المسلحة».

ومع ذلك، يستبعد محللون إمكانية تأثير حكومة السوداني على بعض الفصائل المسلحة «المتشددة» بوقف التصعيد ضد إسرائيل، لكنهم بذات الوقت يلاحظون أن تلك الفصائل تستهدف بعض الأهداف الإسرائيلية من خارج العراق.

ويخشى كثيرون من «تمادي» الفصائل مع تطور حالة الصراع إلى العودة إلى مهاجمة المصالح والقواعد الأميركية في العراق، خاصة بعد أن قامت بمهاجمة قاعدة فكتوريا قرب مطار بغداد التي يعتقد أن قوات أميركية توجد فيها.

وأعلنت «المقاومة الإسلامية» في العراق استهداف ما وصفتها بـ«مناطق حيوية» في إسرائيل، الأربعاء، في مؤشر على استمرارها بمسار التصعيد.

اجتماع أمني

عشية الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، مساء الثلاثاء، أجرى رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، زيارة إلى مقرّ قيادة العمليات المشتركة في العاصمة بغداد.

والتقى السوداني بعدد من القيادات الأمنية العليا، طبقاً لبيان حكومي، «واطلع على الوضع الأمني في مختلف قواطع المسؤولية العسكرية، وسير تنفيذ الخطط الأمنية والتحديات التي تواجه الأجهزة والتشكيلات العسكرية بمختلف صنوفها، ومستوى الجهوزية، لدرء أي مخاطر وكل ما من شأنه أن يعكر صفو الأمن والاستقرار».

ووجه السوداني «جميع القادة الأمنيين ببذل أقصى الجهود اللازمة لضبط الأمن في جميع أرجاء البلاد، كما شدد على مواصلة تعزيز قدرات القوات الأمنية، وتطوير آليات التدريب التي تساهم في رفع مستوى الجهوزية أمام المخاطر التي قد تهدد البلد».

ويميل خبراء أمن إلى الاعتقاد بعدم قدرة القوات الأمنية العراقية على التصدي لأي هجوم جوي إسرائيلي محتمل بالنظر لضعف و«انعدام» قدراتها الدفاعية الأرضية.

كانت «الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية»، هددت بعد بدء الهجوم الإيراني على إسرائيل، مساء الثلاثاء، بقصف القواعد والمصالح الأميركية في العراق في حال مهاجمة إيران.

وقالت التنسيقية، في بيان، إنه «إذا ما تدخل الأميركان في أي عمل عدائي ضد الجمهورية الإسلامية، أو في حال استخدم العدو الصهيوني الأجواء العراقية لتنفيذ أي عمليات قصف لأراضيها، فستكون جميع القواعد والمصالح الأميركية في العراق والمنطقة هدفاً لنا».


مقالات ذات صلة

السوداني يدعو إلى مراقبة دقيقة لحزب البعث المنحل الموجود في العراق

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء ببغداد في 28 أكتوبر 2022 (رويترز)

السوداني يدعو إلى مراقبة دقيقة لحزب البعث المنحل الموجود في العراق

جدد رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، اليوم (الخميس)، موقف الحكومة بشأن المراقبة الدقيقة لوجود حزب البعث العربي الاشتراكي المنحل على الساحة العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الشرع مستقبلا الوفد العراقي (أ.ف.ب)

أول تواصل عراقي معلن مع الإدارة السورية الجديدة

«خطوة في الاتجاه الصحيح قامت بها حكومة الرئيس محمد شياع السوداني، من خلال فتح حوار مباشر مع القيادة السورية الجديدة».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي برج مراقبة تابع للجيش العراقي لجزء من الحدود العراقية مع سوريا التي يبلغ طولها 600 كيلومتر (أ.ف.ب)

وفد عراقي التقى في دمشق الإدارة السورية الجديدة

التقى وفد عراقي يرأسه رئيس جهاز المخابرات العراقية، حميد الشطري، في دمشق الإدارة السورية الجديدة، وفق ما قال المتحدث باسم الحكومة العراقية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الرياضة كاساس (الشرق الأوسط)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، قبل مواجهة السعودية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عالمية فرحة لاعبي البحرين بالفوز على العراق (خليجي 26)

«خليجي 26»: البحرين تهزم العراق… وتبلغ نصف النهائي

حجزت البحرين المقعد الأول في الدور قبل النهائي ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) المقامة في الكويت، بعدما تغلبت 2 - صفر على العراق، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)
رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)
رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

توفي 3 أطفال حديثي الولادة، نتيجة اشتداد البرد القارس وانخفاض درجات الحرارة، في آخر 48 ساعة، ممن تقطن عوائلهم في خيام للنازحين بمنطقة مواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة، الأمر الذي يكشف عن تفاقم معاناة سكان الخيام في ظل الأجواء الشتوية الباردة مع دخول فصل الشتاء فعلياً منذ أيام الأراضي الفلسطينية.

وقال أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، خلال تصريحات صحفية، إن هؤلاء الأطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و21 يوماً، مؤكداً أنهم توفوا نتيجة البرد الشديد وانعدام الأمن الغذائي بين الأمهات، وعدم القدرة على الوصول إلى مأوى دافئ، الأمر الذي زاد من خطورة حالة الأطفال ووفاتهم، وظهور حالات مرضية جديدة قد تؤدي إلى مزيد من الوفيات.

وأعلن أطباء عن وفاة الرضيعة سيلا الفصيح (التي تبلغ من العمر أسبوعين)، بعد أن توقف قلبها داخل خيمة عائلتها في مواصي خان يونس، وهي آخر حالة تسجَّل بين الحالات الثلاث.

أفراد من عائلة الرضيعة سيلا التي قتلها البرد ينظرون إلى جثمانها في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

وقالت والدتها، ناريمان، لعدد من الصحافيين الذين وثَّقوا معاناتها في مجمع ناصر: «ماتت سيلا من البرد، كنت أقوم بتدفئتها واحتضانها، لكن لم تكن لدينا ملابس إضافية لتدفئتها».

وسبقت سيلا الفصيح، حالتان أخريان لطفل يبلغ 4 أيام وطفلة تبلغ من العمر 20 يوماً.

ويعاني نحو مليوني نازح، تعيش غالبيتهم العظمى في خيام بمناطق ممتدة من مواصي رفح جنوباً وصولاً إلى خان يونس المجاورة حتى شواطئ دير البلح والزوايدة والنصيرات وسط القطاع، ظروفاً قاسية، خصوصاً أن هذا هو فصل الشتاء الثاني على التوالي الذي يعيشونه في ظروف مماثلة، لكنَّ الفصل الحالي أكثر اشتداداً مع تكدسهم في تلك المناطق، بعد أن سيطرت إسرائيل على غالبية مدينة رفح التي كانت بأكملها إلى جانب خان يونس مأوى لهؤلاء السكان.

وغالبية العوائل النازحة من سكان مدينة غزة ومحافظة شمال القطاع، الذين فروا من جحيم الحرب في تلك المناطق، إلى جنوب القطاع بطلب من الجيش الإسرائيلي الذي كان يدعوهم للتوجه إلى تلك المناطق بزعم أنها مناطق إنسانية آمنة، قبل أن ينضم إليهم آخرون من مناطق شرق القطاع، وكذلك رفح بشكل شبه كامل.

يقول الغزي مجد ياسين (26 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى خان يونس، إنه يعيش في خيمة لا تتعدى الأمتار الثلاثة، وتعرضت للغرق عدة مرات بمياه الأمطار في شتاء العام الماضي، ومرة واحدة خلال الشتاء الحالي، مما أدى إلى تضررها عدة مرات، الأمر الذي أثَّر عليه وعلى زوجته التي كانت حاملاً ورُزقت قبل أشهر بطفل يبلغ حالياً من العمر 8 أشهر.

ويخشى ياسين كما يقول لـ«الشرق الأوسط» من أن يتأثر طفله كثيراً بالأجواء الباردة والقارسة خلال فصل الشتاء الجاري، مشيراً إلى أنه منذ نحو أسبوعين لا يتوقف طفله عن البكاء نتيجة البرد الشديد الذي أصابه دون جدوى أو فائدة من الأدوية التي استطاع الحصول عليها بصعوبة من بعض المستشفيات الميدانية الموجودة في منطقة المواصي لعلاجه.

عائلة فلسطينية تتدفأ داخل خيمتها في دير البلح الثلاثاء (د.ب.أ)

فيما أشارت زوجته تسنيم إلى أن نزلات البرد الشديدة أصابت طفلها عدة مرات، وهو الحال ذاته الذي ينطبق على آلاف الأطفال ممن يعيشون في الخيام، مشيرةً إلى أن أكثر من يتضررون بشكل أكبر هم الرضع الذين يصابون بشكل أسرع وأخطر بأمراض فصل الشتاء، خصوصاً أنهم بحاجة إلى الدفء ولا توجد وسائل تدفئة آمنة متوفرة في ظل ظروف الحرب.

كانت الأمم المتحدة قد حذَّرت مؤخراً من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة في غزة قد لا يصمدون في الشتاء، مشيرةً إلى حاجة ما لا يقل عن 945 ألف شخص إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في القطاع، معربةً عن خشيتها من أن تتفشى الأمراض المعدية، التي انتشرت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع سوء التغذية.

وقالت المواطنة ختام أبو إسماعيل، وهي من سكان بني سهيلا، شرق خان يونس، والنازحة من تلك المنطقة إلى غرب المدينة بعد تدمير منزلها، إن 3 من أطفالها يعانون من نزلات برد، أصغرهم يبلغ من العمر شهراً ونصف الشهر، والآخرون ما بين عامين وأربعة، مشيرةً إلى أنه بعد تدمير منزلها وعيشها في خيمة، لم تعد تملك أي وسيلة تدفئة، وينقصها كثير من «الفراش» و«الأغطية» وحتى الملابس الشتوية، التي قالت إنها حتى وإن توفرت فلن تستطيع شراءها بسبب ثمنها المرتفع جداً.

وأشارت ختام أبو إسماعيل إلى أنها مثل نحو مليون نازح، تعاني بشدة من عدم توفر الأغطية وغيرها من العوامل التي تساعد على تدفئة الأطفال وكذلك حتى الكبار، مشيرةً إلى أن هناك نقصاً حاداً جداً في توفر الملابس والأغطية وغيرها، كما أنه لا تتوفر الكهرباء أو الغاز أو عوامل بديلة تساعد على تدفئة الخيام.

ويقول المواطن فايز صقر، النازح من جباليا إلى دير البلح وسط قطاع غزة، إنه لا يتوفر لديهم سوى الخشب والحطب الذي يتم إيقاده بشكل أساسي للطبخ وتسخين المياه للاستحمام، وفي حال كان المواطن مقتدراً يستطيع شراء كمية أكبر منه للتدفئة، ولكن ليس الجميع بمقدوره ذلك.

وبيَّن صقر أن كيلوغرام الخشب أو الحطب يتراوح حسب جودته من 3 إلى 5 شواقل (بمعدل دولار إلى دولار ونصف)، مشيراً إلى أن كل عائلة بحاجة إلى كميات كبيرة حتى تستطيع تدبر أمورها.

وقال بلغة عامية غلب عليها القهر والوجع: «إحنا مش قادرين ندفّي حالنا، ولا ندفّي أطفالنا، كل شيء فينا عاجز حتى عن أبسط الأشياء في حياتنا».

وقال بيان لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إن أطفال قطاع غزة يعانون من البرد والمرض والصدمة، ويستمر الجوع وسوء التغذية، وظروف المعيشة المزرية على نطاق أوسع، في تعريض حياة الأطفال للخطر، مشيراً إلى أنه وعلى مدى أكثر من 14 شهراً، كان الأطفال على حافة الكابوس خصوصاً بعد التقارير التي تؤكد مقتل أكثر من 14500 طفل وإصابة الآلاف.

وقالت مسؤولة الاتصالات في «يونيسيف» روزاليا بولين: «لقد حلَّ الشتاء الآن على غزة. الأطفال يشعرون بالبرد وحفاة الأقدام. ولا يزال كثير منهم يرتدون ملابس الصيف. ومع نفاد غاز الطهي، يبحث كثيرون بين الأنقاض عن قطع بلاستيكية لإحراقها. وتدمر الأمراض أجساد الأطفال الصغيرة، في حين تعاني المستشفيات من الفقر وتتعرض للهجوم المستمر. والرعاية الصحية في حالة يرثى لها».